
راغب بصوت منخفض وبارد: انتى متغيرة جوى ياسما زمان كنت بتخافىمن أى كلمة دلوك بجت نبرة صوتك مختلفة. اوعاكى تكونى فاكرة نفسك بجيتى جوية عشان عثمان رچع اهنه.
رفعت يما عينيها لتقابله فى المرآة وقالت بهدوء: أنا مش قوية ولا حاجه لكن فى نفس الوقت مش لعبة فى ايدك تعمل فيها اللى انت عاوزه، فى حاجات كتير كنت بعملها عشان احمى نفسى واحمى بنتى لكن خلاص انا عارفة انى لازم اواجهك فى يوم من الايام.
راغب وهو يضحك بسخرية: تواچهينى؟! تواچهينى كيف؟! آنى اللى چبتك اهنه آنى اللى خليتك فى المكانة اللى بجيتى فيها انتى بجيتى مرت الكبير كبير عيلة البحيرى اللى اى بت فى البلد بس تتمنى تراب رچليه ولا نسيتى اياك انتى كنتى ايه وبجيتى ايه.
استدارت سما هذه المرة لتواجهه مباشرة وكانت نظرتها مليئة بمزيج من الغضب والتحدى…
سما: وانا عارفه كويس انت مين انت واحد انانى خان اخوه ودمر حياته واستولى على مراته وبنته لكن اوعى تفتكر ان الشر دايم حتى اقوى الناس بييجى وقت وبيقعوا وانت قربت من الوقت دا ياراغب.
كلمتها الاخيرة جعلت راغب يتراجع خطوة للخلف دون ان يدرك كانت نظرتها ثابتة وقوية بطريقة لم يعهدها من قبل لكنه سرعان ماايتعاد توازنه وأخذ خطوة للامام محاولا ان يعيد سعور السيطرة…
راغب: انتى فاكرة انك هتجدرى تجفى جدامى؟ لو فكرتى للحظة انك ممكن تجفى ضدى هتشوفى منى وش عمرك ماشوفتيه.
سما وهى تبتسم بسخرية: أنا شوفت كل وشوشك ياراغب الخوف، الكذب، التهديد، حتى وش الغدر عيشته معاك مفيش حاجه جديدة ممكن تخلينى أخاف اكتر.
شعر راغب لاول مرة بضعف خفى فكلمات سما كانت تضربه فى اماكن لم يتوقعها لكنه اخفى ارتباكه وابتسم ابتسامة باردة…
راغب: كويس انك فاكرة كل ده عشان لما اتصرف متبجيش تستغربى بس خليكى فاكرة حاچة واحدة لو فكرتى تخونى رغباتى أو تحاولى تساعدى عثمان هتكون نهايتك اسرع مما تتخيلى.
تركها راغب ودخل الحمام قا الباب خلفه بعنف تاركا سما امام المرآة تنظر لانعكاسها.
بعد لحظات تنهدت وامسكت بمشطها مرة أخرى لكن يدها كانت ترتجف قليلا همست لنفسها بصوت بالكاد يسمع….
سما: انتهى وقت الخوف… لازم اتحرك قبل فوات الاوان.
فى احدى الليالى شعر عثمان بالارق فتوجه خارجا من حجرته الى حديقة المنزل عله يستطيع محو الارق الذى يلازمه بسبب كثرة تفكيره فى كيفية الوصول الى اى دليل يساعده على معرفة قاتل ابيه.
كانت سما فى ذلك الوقت تقف فى شرفة غرفتها تشم الهواء العليل عله يريح قلبها ولكن كيف للقلب ان يرتاح ومعذب قلبها يجلس امامها، لا تستطيع حتى النظر اليه، فهربت من عيناها دمعة متمردة حينما وجدته على تلك الحالة وكأنه شخص يائس وعاجز فخرجت منها آهة مهمومة وتنهدت بحزن وعقلها يسترجع احدى الذكريات بينهما….
flash back….
فى غرفة المعيشة فى منزلهما الصغير كانت سما ترتدى فستانا بسيطا باللون الازرق الفاتح وعبق الورد يملأ الغرفة. دخل عثمان للتو من العمل يحمل بين يديه باقة من الزهور. نظرت له سما بابتسامة مشرقة وهى ترتب بعض الكتب على الرف وتحدثت قائلة….
سما: عثمان حمدالله على السلامة ياحبيبى ايه الورد الجميل دا ياروحى انا كدا هيبقى عندى جنينة من كتر الورد اللى بتجيبهولى.
عثمان وهو يقترب منها بخطوات واثقة ويضع الزهور على الطاولة: انتى تستحجى ورود العالم كله ياجلب عثمان بكفاية انى كل يوم بصحى على أچمل وش فى الدنيا واسمع همس أروع صوت اللى أچمل من صوت الكنارى.
شعرت سما بالخجل ونظرت الى الارض وهى تضحك بخفة وتقول….
سما بخجل: انت دايما بتعرف تخلينى احس باجمل احساس فى الدنيا وكانى بطلة من بطلات الروايات الخيالية.
اقترب منها عثمان وامسك يديها ونظر فى عينيها بعمق وقال بهمس….
عثمان: بس انتى أكتر من اكده ياروحى انتى كل حاچة أنا محتاچها فى حياتى تعرفى؟ لما بكون فى المستشفى وأبجى مع العيانين بفضل أفكر واجول ياترى لو كان العالم كله فيه ناس زيك كان هيبجى كيف؟ أكيد هيكون زى الچنة.
سما وهى تضع يدها على وجهه برقة: أنا فعلا اكتر ست محظوظة فى الدنيا عارف انا بحب اوى اشوفك وانت بتتكلم بحماسك عن احلامك وعن مرضاك وعن العالم اللى انت عاوز تغيره.
عثمان وهو يقترب منها اكثر ويضع يديه على خصرها برقة: لكن آنى جدرت أحجج أهم حلم من احلامى وهو انك بجيتى مرتى وعلى اسمى، انى أجدر اتطلع فى عنيكى كل يوم وآنى خابر انى الراچل الوحيد اللى فى جلبك.
أغمضت سما عينيها بخجل عينيها بخجل للخظة قبل ان ترفع رأسها وتنظر إليه: ولو قولتلك انى انا اللي حققت الحلم، من ساعة مادخلت حيانى حسيت وكانى ماشية فى طريق كله سعادة مبتنتهيش.
ضيق عثمان المسافة بينهما وهمس بالقرب من أذنها: أوعدك ياجلب عثمان إن السعادة دى متنتهيش واصل من حياتنا.
وضعت سما راسها على صدره واستمعت الى دقات قلبه: وانا مصدقاك وحيات كل دقة من قلبك لأعيشك فى هنا وسعادة.
ضمها عثمان بين ذراعيه برقة وحنان وطبع قبلة رقيقة على جبينها وهو يهمس بحب: ودايما هتفضلى أميرتى وچوه جلبى.
عادت سما من ذكرياتها، ودموعها تملأ عينيها وهى تتساءل كيف تحولت هذه اللحظات السعيدة إلى ألم وخيانة.
فى الحديقة قطع رنين الهاتف شرود عثمان فاعتدل فى جلسته وامسك هاتفه ونظر الى هذا الرقم الغريب الذى يتصل به باستغراب وقام بالرد عليه…
عثمان: السلام عليكم مين معاى.؟!
المتصل: كيفيك ياعثمان بيه؟
عثمان: مليح الحمدلله مين حضرتك؟!
المتصل: مش مهم تعرف آنى مين دلوك المهم انك تعرف مين اللى جتل الحاچ صفوان.
هب عثمان واقفا وتحدث بلهفة: انت مين وتعرف اللى جتل ابوى كيف؟! انطج جول ساكت ليه؟!
المتصل: اهدى بس ياعثمان بيه الامور متتاخدش اكده نتفج الاول وبعدين اجولك على كل حاچة.
عثمان باستغراب: تجصد ايه؟!
المتصل: كلك نظر يابيه المعلومات اللى عندى هتريح بالك وتخليك تبطل تفكير وتعرف الحجيجة اللى بسببها جضيت خمس سنين من عمرك فى السچن.
عثمان بقوة: طلباتك؟
المتصل: خمسة مليون چنيه وآنى هجولك على كل المعلومات اللى عندى.
عثمان بتفكير: بس المبلغ دا كتير جوى وآنى مهجدرش اوفرهولك دلوك.
المتصل بسخرية: بجى عثمان بيه عين اعيان الصعيد مهيعرفش يچهز مبلغ اصغير كيف ده؟ لا دى هزلت.
عثمان بضيق: اجفل خشمك خلاص هچهزهولك عاوزه ميته؟!
المتصل: هتصل عليك بكرا وأجولك.
ثم اغلق الهاتف سريعا ولم ينتظر جواب عثمان عليه.
عثمان وقف مكانه للحظات بعد إغلاق المكالمة، يحاول أن يهدئ أعصابه ويستوعب ما حدث. كانت الأفكار تتسارع في رأسه وأخذ يحدث نفسه
عثمان: “ياترى دى فرصة عشان أعرف الحجيجة؟ ولا مچرد محاولة لابتزازي؟”.
عاد إلى مقعده في الحديقة، محاولًا جمع شتات أفكاره، لكنه شعر كأن الحديقة بأكملها تضيق عليه.
في تلك اللحظة، لاحظت سما من شرفتها تغير حال عثمان. لم تستطع مقاومة رغبتها في معرفة ما حدث. أمسكت بوشاحها الخفيف وخرجت بهدوء إلى الحديقة. حين اقتربت منه، ترددت للحظة ثم قالت بصوت خافت:
سما: عثمان… انت كويس؟
رفع رأسه ونظر إليها، وفي عينيه خليط من القلق والغضب، لكنه حاول أن يخفيهما:
عثمان: آه، كويس… مالك؟ ليه نازلة فى الوجت المتأخر ده؟
سما بصوت هادئ: شوفتك مهموم، قولت يمكن محتاج حد تتكلم معاه.
عثمان ابتسم بخفوت، لكنه لم يقل شيئًا. وقفت سما أمامه للحظات، ثم جلست على المقعد المقابل له، وعيناها تتابعان حركاته المرتبكة.
سما: لو في حاجة ممكن أساعدك بيها، قولي.
عثمان وهو يشبك يديه ويخفض رأسه: مفيش حاچة، مچرد تفكير في اللي فات… وفى اللي چاي.
لم تصر سما على سؤاله أكثر، لكنها لم تستطع أن تمنع نفسها من الشعور بالقلق عليه. كانت تعلم أن عثمان يخفي شيئًا، ولكنها اختارت أن تصمت، ربما لأن صمتها هو الطريق الوحيد لتبقيه قريبًا منها.
بعد دقائق من الصمت، رفع عثمان رأسه وقال فجأة:
عثمان: سما… لو حد جالك إنه يعرف حاچة ممكن تغير حياتك كلها، بس هيطلب منك تمن كبير… تعملي إيه؟
سما وقد شعرت بالارتباك: على حسب… إيه الحاجة اللي هيقولها؟ وهى مهمة قد إيه؟
عثمان وهو ينظر في عينيها بجدية: لو كانت الحجيجة… الحجيجة اللي طول عمرك بتدوري عليها.
صمتت سما لبرهة، ثم قالت بنبرة حزينة: الحقيقة دايمًا ليها تمن، بس في حاجات مينفعش نشتريها، حتى لو كانت الحقيقة.
نظر عثمان بعيدًا، وكأن كلامها أزعجه أو جعله يعيد التفكير. ثم نهض فجأة وقال:
عثمان: شكرا يا سما… أنا محتاچ أكون لحالى شوية.
وقبل أن ترد، كان قد تركها وعاد إلى داخل المنزل. بقيت سما في مكانها، تنظر إلى المقعد الفارغ الذي كان يجلس عليه. شعرت أن هناك عاصفة تقترب، وأن عثمان في قلبها، ولكنها لا تعرف إن كانت ستستطيع مساعدته، أو إن كان يريد مساعدتها من الأساس.
—
في صباح اليوم التالي، كان عثمان ينتظر بفارغ الصبر المكالمة التي وعده بها المتصل. عندما رن الهاتف، التقطه بسرعة:
عثمان: أيوة؟
المتصل: چهزت الفلوس؟
عثمان: هچهزها… بس محتاچ أعرف إنك مش بتلعب معايا.
المتصل بضحكة قصيرة: مش أنا اللي بلعب يا عثمان بيه… جبل ما نتجابل، هبعتلك دليل اصغير يطمنك.
عثمان بلهفة: دليل؟ دليل إيه؟
المتصل: هتشوف بنفسك… افتح إيميلك بعد ساعة.
وأغلق الهاتف مرة أخرى دون أن يعطي عثمان فرصة للرد.
بقي عثمان متوترًا، يراقب عقارب الساعة حتى مرت الساعة كاملة. فتح حاسوبه ودخل إلى بريده الإلكتروني. وجد رسالة تحمل عنوانًا: “الحقيقه تبدأ هنا”. فتح الرسالة، ليجد فيها صورة… صورة لوالده وهو يجلس في مكتبه، والدماء تغطي صدره، لكن الغريب أن الشخص الذي ظهر في زاوية الصورة لم يكن سوى… .
ياترى عثمان هيعرف مين القاتل ولا لسة فى مفاجآت تانية هستنى توقاعتكم فى الكومنتات.الفصل السادس
عثمان ظل ينظر إلى الشاشة بذهول، نبضاته تتسارع وعقله يحاول استيعاب ما يراه. كانت الصورة قاتمة، لكنها واضحة بما يكفي لإظهار والده وهو جالس على كرسي مكتبه، والدماء تغطي صدره. في زاوية الصورة، ظهر ظل رجل يقف خلفه، لكن ملامحه لم تكن واضحة؛ كل ما استطاع رؤيته هو ظهره وملامح غامضة لملابسه.
عثمان بحيرة: “مين ده؟ ويا ترى الصورة دى حجيجية؟”
أغلق عثمان الشاشة بسرعة، وكأنه يخشى أن يظهر الشبح من خلفه. وقف، يمرر يده على وجهه ويحاول تنظيم أنفاسه. ثم أمسك بهاتفه واتصل بالرقم الذي أرسل له الرسالة، لكن المتصل لم يرد.
جلس على كرسيه مرة أخرى، وعيناه معلقتان بالشاشة. عاد وفتح الصورة، محاولًا التركيز على أي تفاصيل يمكن أن تساعده. لاحظ شيئًا صغيرًا على يد الرجل الظاهر في الصورة: ساعة فضية تلمع في معصمه. كان هذا كل ما استطاع تمييزه، لكن هذه التفاصيل زادت من غموض الأمر بدلاً من حله.
رن الهاتف فجأة، قاطعًا تفكيره. التقطه بسرعة:
عثمان: ألو!
المتصل بصوت ساخر: الصورة عچبتك، مش اكده؟
عثمان بغضب: مين ده اللي في الصورة؟ إنت عاوز مني إيه؟
المتصل ببرود: اهدى يا عثمان بيه، أنا اللي عندي الأچوبة… بس أنت لسه ما جدمتش المطلوب.
عثمان: أنت بتلعب بالنار. لو عرفت إنت مين، هخليك تندم على كل كلمة جلتها!
المتصل ضاحكًا: تهديداتك مش هتفيدني. زي ما شوفت، عندي حاچات أكتر ممكن تغير كل حاچة. چهز الفلوس، وأنا أجولك كل اللي أنت عاوزه.
عثمان بصوت يحمل حدة وتوتر: لو طلع اللي عندك كذب، هخليها آخر كذبة تجولها في حياتك.
المتصل: خلي كلامك لنفسك. بكرا الساعة عشرة بالليل، هتاچي لحالك بالمبلغ اللي طلبته، وهبعتلك مكان المجابلة جبلها بساعة. ولو حاولت تعمل أي حركة، مش هتشوف أكتر من اللي شوفته في الصورة.
انتهت المكالمة، وعاد الصمت يسيطر على المكان. عثمان أغلق الهاتف بقبضة مرتجفة، ثم ضرب بقبضة يده على الطاولة بقوة. “مين البنى آدم ده؟ ويا ترى ممكن يكون حد جريب مننا؟”.
بدأ الشك يتسلل إلى عقله، لكنه لم يستطع استبعاد أي احتمال. كان يعلم أنه يقترب من الحقيقة، لكن الطريق كان محفوفًا بالخطر.
في اليوم التالي، كان عثمان يسير في أرجاء المنزل كمن يبحث عن إجابة بين الجدران. فجأة، وجد نفسه واقفًا أمام مكتب والده المغلق منذ سنوات. دفع الباب ببطء، وكأن عبق الماضي تسلل إلى أنفه. كان المكتب مليئًا بالذكريات، لكنه لم يأتِ للذكريات، بل للبحث عن أي دليل ربما أغفل عنه في الماضي.
بدأ يفتح الأدراج ويبحث بين الأوراق. فجأة، وجد دفترًا صغيرًا مكتوبًا بخط يد والده. كان يحتوي على ملاحظات وأسماء، لكن اسمًا واحدًا لفت انتباهه: “راغب”. إلى جانب الاسم، كانت هناك جملة قصيرة مكتوبة: “لا أثق به… يتلاعب بالحقائق”.
أغلق الدفتر بيدين مرتجفتين، وعيناه تتسعان. “هل كان والدي يعرف أن راغب يخفي شيئًا؟”
رن الهاتف مرة أخرى، لكنه هذه المرة كان رقمًا مألوفًا… راغب.
عثمان تحدث بلهجة باردة: أيوا يا راغب.
راغب بصوت هادئ: عثمان، كنت عاوز أكلمك عن موضوع مهم.
عثمان وهو يحاول كتم أعصابه: اتفضل.
راغب: مش وقته على التليفون. لازم نتجابل وش لوش
عثمان: تمام… جولي فين وميته؟
راغب: بعد العشا هستناك فى المكتب بتاعى.
أغلق عثمان المكالمة، لكن قلبه كان يمتلئ بالشكوك وأخذ يردد فى نفسه