
الفصل الخامس
فى صباح اليوم التالى كان راغب يجلس فى مكتبه يقوم بمراجعة بعض الاوراق حينما دخلت عليه احدى الخادمات….
راغب: خير يازينب فى حاچة؟!
زينب بتردد: ايوا ياسيدى البيه كنت عاوزة أجولك على حاچة حُصلت امبارح من سيدى أكرم بيه ولازم تعرف بيها دى بردك سمعة العيلة وآنى متربية فى الدار اهنه وحجكم عليا ان دبة النملة اوصلهالك يا سي راغب.
راغب بنفاذ صبر: اخلصى يازينب وبطلى لت وعچن وجولى الكلام اللى حداكى آنى مفاضيش للت الحريم ده ورايا أشغال مهمة.
زينب بتأتأة: أ… أصل… يعنى
راغب بحدة: ماتنطجى يابت انتى.
زينب: حاضر ياسيدى البيه هجول اها آنى امبارح بالليل كنت راچعة من عند ستى ورد وكانت موصيانى أشوف الفرسة بتاعتها ولدت ولا لسة ولما روحت اللسطبل لاجيت سيدى أكرم بيه واجف مع البت زهرة بنت عبد الرحيم السايس وكانوا… كانوا يعنى…..
راغب بحدة: ماتنطجى يابت المركوب انتى ايه اللى حصل؟!
قصت زين كل ماسمعته من حوار أكرم وزهرة فضيق راغب عينيه وأصدر صوت همهمة ثم قال لها…
راغب بغضب: طيب اخفى دلوك من جدامى وحسك عينك كلمة تطلع منيكى لمخلوج والا يبجى نهاية عمرك فاهمة.
زينب بخوف: حاضر ياسيدى راغب مش هنطج كلمة والله.
وهمت بالرحيل ولكن راغب استوقفها قائلا…
راغب: عاوز عينك تبجى على البت دى ودبة النملة توصلنى فاهمة ياواكلة ناسك.
زينب: حاضر حاضر.
راغب وهو يشير لها بالخروج: يلا اخفى من جدامى.
جلس راغب يفكر فيما سمعه من تلك الخادمة ولان شخصيته معقدة ومليئة بالتناقضات فقد شعر بالغضب والتهديد من مشاعر اكرم تجاه زهرة، فهو لايهمه الحب أو الصدق بقدر مايهمه الحفاظ على السيطرة والنفوذ داخل العائلة. فقد رأى راغب فى تصرفات أكرم نوعا من التمرد الذى قد يعرض مصالحه وسلطته للخطر وأنه يريد أن يتحدى النظام الذى وضعه بنفسه فى العائلة، فقرر مواجهة أكرم ففى أحد الامسيات عندما كان أكرم يجلس فى حديقة المنزل دخل راغب الحديقة بوجه ملئ بالغضب وتحدث بصوت عالى وملئ بالسخرية…
راغب: أكرم بتهيألى إن عندى حاچة مهمة لازم تعرفها، سمعت إنك بتدور على فضيحة چديدة للعيلة؟!
يرفع أكرم رأسه وينظر الى راغب بثبات، فهو يعلم أن المواجهة كانت آتية لا محالة فرد عليه قائلا…
أكرم: لو بتتحدت عن زهرة يبجى مفيش فضيحة ولا حاچة، بس فى حب حاچة مش هتفهمها أبدا ياراغب.
راغب وهو يضحك بسخرية ويقترب من أكرم ويواجهه بعينيه بتهديد: حب!! انت بتتحدت عن حب لبت السايس؟ انت عايز تچرچر اسم العيلة فى الطين عشان شوية مشاعر مراهجة؟
أكرم وهو يحاول الحفاظ على هدوئه ولكنه يشعر بالغضب وداخله يشتعل: المشاعر دى مش شوية مشاعر مراهجة زى مابتجول. آنى بحب زهرة، وهعمل أى حاچة عشان أكون معاها حتى لو كان التمن إنى أواچهك وأواچه العيلة كلها.
اقترب راغب من أكرم وأخفض صوته ولكنه كان ملئ بالغضب المكتوم وقال….
راغب: انت مفاهمش ياأكرم آنى مش هسمحلك تضعف العيلة بالشكل ده انت طول عمرك بتحاول تتمرد لكن المرة دى مش هتفلت منيها بسهولة.
أكرم بتحدى وهو يرفع صوته بثبات: آنى مش محتاچ إذنك ياراغب، زهرة مش مچرد بت السايس، وهى تستحج الحب والاحترام زى أى حد تاني وآنى مش هسمح لأى حد حتى انت إنه يهينها.
شعر راغب بالاهانة من كلام أكرم وقبض على يديه بغضب: آنى كنت دايما الجوى اللى فى العيلة وانت عمرك ماكنت كد المسئولية لو كت فاكر انى هسيبك تدمر كل اللى بنيته تبجى غلطان.
أكرم بصوت ملئ بالاصرار وكأنه يعلن الحرب: آنى مش خايف منيك ياراغب طول عمرك بتحاول تسيطر على الكل لكن مش هتسيطر على حياتى ولو حبى لزهرة بيهددك تبجى دى مشكلتك مش مشكلتى.
تراجع راغب بخطوات بطيئة وعينيه تمتلئان بالغضب والتصميم، ثم قال بحزم….
راغب: أوعاك اتفكر انى هسيبك تعمل اللى فى دماغك ياأكرم انت هتبعد عن البت دى والا محدش هيندم غيرك حط عجلك فى راسك تعرف خلاصك ياواد عمى.
ثم ترك الفناء وصوت خطاه القوية يتردد فى الارجاء مشيرا الى ان هذه ليست نهاية المواجهة بل بدايتها، شعر أكرم بالقلق لكنه ايضا شعر بالقوة لوقوفه ضد راغب فى سبيل الحب الذى يؤمن به.
دخل راغب الى المنزل ووجهه لايبشر بالخير فصعد على الدرج متوجها الى حجرته ولكنه توقف على نهاية الدرج حينما وجد عثمان قبالته….
راغب: بَعِد من وشى السعادى يا عثمان آنى عفاريت الدنيا بتتنطط جدامى.
عثمان بسخرية: وايه اللى مخليها تتنطط ياولد ابوى ماتهدى أعضائك اشوية.
راغب بحدة: عثماااان آنى مطايجش حالى دلوكيت بعد عنى وسيبنى فى حالى.
عثمان باستفزاز: لا اهدى كدا ووفر حمجتك دى لبعدين للمرار اللى هتشوفه على يدى.
راغب بنفاذ صبر: بوووووه بعد عنى بدل ماأجتلك بيدى دلوك.
ذهب راغب الى حجرته وهو يتوعد لأكرم وعثمان بالهلاك.
حينما دخل راغب الحجرة وجد سما تجلس أمام المرآة تمشط شعرها الطويل ببطء وكأنها غير مهتمة بما يحدث حولها. نظرت اليه عبر انعكاس المرآة بهدوء ثم قالت بنبرة عادية….
سما: صوتك واصل للبيت كله خير ايه اللى حصل المرادى؟!
اقترب منها راغب ببطء وعينيه تشتعلان بالغصب والضيق….
راغب: اللى حصل عاوزة تعرفى اللى حصل؟ هجولك عثمان وأكرم ناويين معايا على نهايتهم.
سما بقلق: ايه اللى حصل عملوا ايه؟!
راغب بغضب: دول ناس مش عارفة مكانها فين كل واحد فيهم مفكر نفسه يجدر يلعب معاي..
سما دون أن تدير وجهها إليه، وضعت المشط على الطاولة واستدارت لتواجهه…
سما: وانت مش شايف انك بتكبر اعدائك؟ عثمان خرج من السجن ومش هيسكت وهيفضل يدور على اللى يثبت بيه برائته واكرم انت دايما بتعامله على انه لسة طفل صغير مش من حقه يعمل حاجه هو عاوزها عاوز الكل تحت طوعك الكل ينفذ اومرك وبس انت فاكر ان خططك كلها هتمشى زى ماانت عاوز؟!
راغب وهو يضحك ضحكة خافتة لكنها كانت تحمل تهديدا مبطنا واقترب منها اكثر:
راغب: وانتى بجى ناوية تبجى زييهم وتجفى فى وشى؟!
نظرت سما فى عينيه بثبات، ثم قالت ببرود: أنا ماليش دعوة بحربك بس خلى بالك كل لعبة وليها نهاية وأحيانا اللاعب الأقوى هو اللى بيخسر.
وقف راغب أمامها وعينيه تتفحص وجهها بحثا عن اى تحدى، ثم مد يده ليلمس خصلات شعرها بصوت خافت لكنه ملئ بالتحذير وقال…
راغب: أوعاكى تنس انك مرتى وان اى حد فى حياتى عدوك زى ماهو عدوى واللى هيجف جدامى حتى لو كان عثمان… نهايته الهلاك.
شعرت سما بالخوف والقلق على عثمان ولكنها حاولت عدم اظهار أى تأثر بحديثه واستدارت لتواجه المرآة مرة أخرى وقالت بنبرة جافة…
سما: زى ماقولتلك خلى بالك من النهاية.
تركته واقفا خلفها يحمل فى عينيه غضبا يكاد يفجره لكنه لم يجد ردا. ظل واقفل خلفها للحظات يحدق فى انعكاسها فى المرآة، فرغم كلماته المليئة بالتهديد الا انه سعر بشئ غريب فى نبرتها، كأنها لم تعد تخشى غضبه كما كانت من قبل.
اقترب منها أكثر ووضع يده على كتفها وضغط قليلا كأنه يريد فرض سيطرته عليها لكنها لم تتحرك ولم تبد اى ردة فعل تشعره بالانتصار.