روايات

رواية خي.انة الد.م الفصل الخامس والسادس بقلم الكاتبه إلهام عبد الرحمن حصريه وجديده

عثمان: “يا ترى راغب عارف أني جربت من الحجيجة؟ ودلوك بيحاول يستدرچني لحاجة أكبر؟”.

في تلك الليلة، قرر عثمان مواجهة راغب، لكن في الوقت نفسه، كان يخطط للذهاب إلى اللقاء الذي حدده المتصل. كان يعلم أن اللعب بالنار خطير، لكنه أيضًا لم يعد يخشى الاحتراق.

عثمان قرر أن يبدأ بمقابلة راغب أولًا، ولكنه كان على يقين أن الحوار لن يكون وديًا. وضع مسجلًا صغيرًا في جيبه لتوثيق أي شيء قد يدين راغب، فقد كان الشك يملأ قلبه تجاهه.

في منزل العائلة، دخل عثمان قاعة الجلوس حيث كان راغب يجلس متكئًا على الأريكة الفاخرة، وكان يمسك سيجارة مشتعلة في يده ونظرة امتعاض في عينيه.

راغب (بنبرة سخرية): شايفك بتمشي في البيت كأنك مالكه!

عثمان (بهدوء مليء بالحدة): وجودي في البيت ده حجي، مش هبة ولا فضل منيك يا راغب.

راغب ضحك بتهكم وأشار بيده نحو عثمان:
راغب: حجك؟ حجك كان في الزنزانة اللي طلعت منها! على الأجل كنت مريحنا هناك.

عثمان تقدم بخطوة للأمام، محاولًا السيطرة على أعصابه:
عثمان: أنا مش چاي أسمع كلامك اللى زى السم ده. أنا هنا عشان أفهم… كنت تعرف مين اللي جتل أبونا؟

راغب جلس ببطء وابتسامة ساخرة ترتسم على وجهه:
راغب: فاكرنى بوليس تحجيج ولا إيه؟ لو عندك شكوك، روح اشتكي.

عثمان: واضح إنك بتلف وتدور. بس خليني أوضح حاچة… لو اكتشفت إن ليك يد في الموضوع، حياتك مش هتبقى زي ما هي.

راغب أشعل سيجارة مرة أخرى ونفث الدخان في الهواء:
راغب: تهديداتك ما بتخوفنيش. وعلى فكرة، لو كنت شاكك إني عارف حاجة، ليه ما سألت نفسك ليه آنى ماجولتهاش وجتها للبوليس.

عثمان (بصوت منخفض مليء بالشك): يمكن لأنك كنت خايف… خايف تنكشف.

ارتفع حاجبا راغب بتهكم، لكنه لم يرد.

رن هاتف عثمان فجأة، قاطعًا التوتر. كان الرقم الغريب يتصل مرة أخرى.

راغب: مين اللي بيتصل عليك؟

عثمان: ولا يخصك.

خرج عثمان من القاعة للرد:
المتصل: چاهز؟

عثمان: مستعد، جولي فين؟

المتصل: الچسر الجديم، الساعة 10 بالليل. لو چبت حد معاك، اعتبر العرض لاغي.

أغلق عثمان المكالمة بسرعة وعاد إلى القاعة. كان راغب يراقبه بعينين مليئتين بالشك.

راغب: أنت متورط في حاچة؟

عثمان: زي ما جولت… مش شغلك.

ترك عثمان المنزل دون أن ينتظر رد راغب، لكنه كان يعلم أن المواجهة مع راغب لم تنتهِ بعد.

اللقاء عند الجسر

عند الساعة العاشرة تمامًا، وصل عثمان إلى الجسر القديم. كان المكان موحشًا، والظلام يغطي كل شيء إلا بقعة صغيرة مضاءة بضوء القمر. وقف عثمان يتلفت حوله، محاولًا تمييز أي حركة.

ظهر رجل ملثم من بين الظلال، مرتديًا ملابس سوداء بالكامل، يحمل حقيبة صغيرة في يده.

عثمان: وين الدليل اللي وعدتني بيه؟

الرجل: معايا. بس الأول، الفلوس.

عثمان: وريني الدليل الأول.

الرجل أخرج هاتفًا محمولًا من الحقيبة وفتح فيديو. ظهر فيه مكتب صفوان، وظهر نفس الشخص الغامض الذي في الصورة. الرجل الغامض رفع يده ليكشف عن ساعة فضية تلمع في معصمه.

عثمان: ده مش كفاية. مين ده؟

الرجل: الفيديو يكمل لو دفعت.

عثمان قرر الضغط عليه:
عثمان: ولو ما دفعتش؟

الرجل (بصوت مهدد): لو ما دفعتش، مش هتشوف أكتر من اللي شوفته.

في تلك اللحظة، سمع عثمان صوت خطوات قادمة من خلفه. التفت بسرعة ليجد راغب يقف بعيدًا، يحمل سلاحًا في يده ووجهه يعلوه غضب قاتم.

عثمان (بصدمة): إنت بتعمل إيه هنا؟

راغب (بنبرة حادة): ما تسألش أسئلة مالكش إچابة عليها. إنت اللي عملت في نفسك اكده لما دخلت في حاچات أكبر منيك.

الرجل الملثم بدأ يتراجع بخطوات بطيئة، لكن راغب رفع السلاح نحوه:
راغب: ولا خطوة… سلم اللي معاك!

الرجل ضحك بصوت عالٍ:
الرجل: إنتو الاتنين أغبياء… فاكرين إنكم ممكن تمسكوا حاچة؟

في تلك اللحظة، أطلق راغب رصاصة أصابت الحقيبة التي يحملها الرجل، فأسقطها وهو يركض في الظلام.

عثمان انحنى بسرعة وأمسك بالحقيبة. عندما فتحها، وجد بداخلها أدلة أخرى: مفتاح إلكتروني وبعض المستندات. لكن قبل أن يتمكن من فحصها بدقة، سمع صوت راغب يقترب منه.

راغب (بصوت منخفض وملامح مليئة بالكراهية): أنت ليه لسه عايش يا عثمان؟ لو كنت مكانك، كنت فضلت في السچن للأبد… مكانك اهناك، مش اهنه.

عثمان نظر إليه ببرود، ثم رفع الحقيبة أمام وجهه:
عثمان: لو عاوز تعرف مين اللي هيخرچ من حياتنا جريب، استعد… الحجيجة قربت تظهر.

ترك راغب واقفًا في الظلام، وعاد إلى سيارته، مصممًا على كشف الحجيجة، مهما كان الثمن.

بعد ليلة طويلة مليئة بالقلق والتفكير، قرر عثمان أن يبحث في مكتب والده القديم. كان يشعر دائمًا أن هناك شيئًا مفقودًا، وأن الحقيقة ربما مخبأة بين أوراق صفوان، والده الراحل.

في مكتب صفوان

دخل عثمان المكتب مرة أخرى ليكمل البحث فيه وأغلق الباب خلفه بإحكام. كان الجو خانقًا، مليئًا برائحة الأثاث القديم والغبار. تحركت عيناه بين رفوف الكتب وأوراق متناثرة على المكتب. بدأ في سحب الأدراج واحدًا تلو الآخر، يبحث عن أي شيء قد يكون مفيدًا.

بين الأوراق المبعثرة في الدرج السفلي، وجد دفترًا جلديًا بني اللون، مزينًا بحواف ذهبية. بدا الدفتر قديمًا ولكنه محفوظ بعناية. على غلافه كان مكتوبًا بخط والده الواضح:
“صفحات حياتي… لمن يأتي بعدي”

شعر عثمان بوخزة في قلبه وهو يفتح الدفتر. تصفح الصفحات الأولى، حيث تحدث والده عن أحلامه وتطلعاته، وعن بناء الإمبراطورية التي أراد أن تكون إرثًا لعائلته.

ولكن بينما كان يقرأ الصفحات التالية، بدأ يلاحظ تغيرًا في نبرة الكتابة…

صفحة من المذكرات

“ابني راغب… كنت فاكر أن چواه بذرة خير، لكن الأيام أثبتتلي عكس اكده. طموحه مالوش حدود ، بس طموحه ده اتحول لطمع. شوفته كيف بيبص لكل حاچة بمتلكها وكأنه عاوز كل حاچة لنفسه. مكنتش متصور أن ياچى اليوم اللى أحس فيه بالخطر من فلذة كبدي.”

عثمان توقف عن القراءة للحظة، كأن الكلمات كانت خنجرًا في قلبه. أكمل القراءة بشغف أكبر، بحثًا عن المزيد من التفاصيل.

“راغب بدأ يظهر عداءً واضحًا ناحية أخوه عثمان. كان بيحاول دايما إنه يبعده عن جرارات الشغل، وكان بيبصله بصات مليانة كراهية. آنى ماأستبعدش أنه يعمل أي حاچة عشان ياخد اللى هو عاوزه. أحيانًا بحس أنه بيراجبني، كأني عجبة في طريجه. آنى خايف من اللى ممكن يعمله بعد موتى…”

عثمان أغلق الدفتر للحظة، وأخذ نفسًا عميقًا. ثم عاد وفتحه لقراءة الصفحات الأخيرة.

“لو كنت بكتب الكلمات دى ومعتش موچود، فاعرف ياولدى أني حاولت بكل جوتي انى أحمى كل اللى بنيته، ولكن يظهر أن العدو كان من الداخل. عثمان، إن كنت بتجرا كلامى ده ، فعشان خاطريياولدى حافظ على شجايا وتعبى . متسيبش الطمع يدمر اللى عشت عمرى ابنيه. راغب مش هيتردد في فعل أي حاچة عشانيحجج هدفه. حاذر ياولدى منيه وخلى بالك على حالك… واعرف أنني دايما چارك حتى لو مبجتش عايش فى الدنيا.”

أغلق عثمان المذكرات بيدين مرتعشتين، وعيناه ممتلئتان بالغضب والحزن. تذكر كل المواجهات مع راغب وكل الأفعال التي أثارت شكوكه. أدرك الآن أن والده كان يحذره منه طوال الوقت.

وقف عثمان، واضعًا المذكرات في جيبه، وقرر مواجهة راغب بالحقيقة. هذه المرة، لن يترك الأمور تسير كما يريد راغب.

في مواجهة راغب

عاد عثمان إلى المنزل، متوجهًا مباشرة إلى القاعة الرئيسية، حيث كان راغب يجلس متكئًا على الأريكة.

عثمان (بغضب): كنت دايمًا شاكك إنك سبب كل المصايب… والنهارده اتأكدت.

راغب (بابتسامة باردة): اتأكدت من إيه؟

عثمان (يخرج المذكرات ويلوح بها): ده كلام أبوي، اللي كنت بتحاول تسرج كل حاچة منيه… كلامه عن طمعك وخيانتك.

لأول مرة، ظهر التوتر على وجه راغب، لكنه حاول أن يخفيه بابتسامة مصطنعة:
راغب: كلام ورج؟ ده اللي معتمد عليه؟

عثمان: الكلام ده كفاية يدينك جدام أي حد. وأقسم بالله، يا راغب، لو كنت السبب في موت أبويا، مش هيكونلك مكان بيناتنا.

راغب وقف بغضب، موجهًا إصبعه نحو عثمان:
راغب: وإنت فاكر إن حد هيصدجك؟ ده كلام ميت! أبوك مش اهها عشان يدافع عن نفسه.

عثمان (بنبرة واثقة): بس آنى اهنه… وأبوي سابلي دليل يكفي أفضحك جدام الكل.

ترك عثمان الغرفة وهو يسمع صراخ راغب من خلفه. كان يعرف أن المواجهة الحقيقية لم تبدأ بعد، لكنها قادمة لا محالة.

فى صباح اليوم التالى

داخل القصر، في قاعة الجلوس

جلس عثمان على الأريكة، يقرأ بعض الأوراق التي عثر عليها في مكتب والده، يحاول ربط الخيوط. في تلك اللحظة، دخل راغب بهدوء غير معهود، مرتديًا ملابس منزلية بسيطة، وملامح وجهه تبدو نادمة ومليئة بالشفقة المصطنعة.

راغب (بصوت منخفض): عثمان… ممكن نتحدت اشوية؟

رفع عثمان عينيه بحذر، ونظر إلى راغب ببرود.
عثمان: لو عندك حاچة مفيدة جولها… ما عنديش وجت أضيعه.

اقترب راغب وجلس على كرسي مقابل له، متجنبًا النظر في عينيه مباشرة:
راغب: بصراحة، أنا مليت من العداوة اللي بيناتنا. إحنا إخوات يا عثمان… والدم ما يتحولش لعداوة مهما حصل.

عثمان (بجفاء): عداوة؟ أنا ما شوفتش إلا كره منك طول حياتي، دلوك فاكر إني هصدج كلامك؟

انت في الصفحة 3 من 5 صفحات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
0

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل