روايات

رواية خي.انة الد.م الفصل الخامس والسادس بقلم الكاتبه إلهام عبد الرحمن حصريه وجديده

تنهد راغب وأمسك رأسه كأنه يعاني من ثقل كبير:
راغب: يمكن أكون غلطت كتير، بس صدجني، ما كنتش أجصد أأذيك واصل. يمكن كان في بينا مشاكل بسبب شغل أو بسبب اختلافاتنا… بس كل ده ملوش جيمة دلوك.

عثمان (بحدة): المشاكل دي ما كانتش بسبب اختلافات، كانت بسبب طمعك وحجدك… والحجايج مش هتتغير بكلام معسول.

قام راغب من مكانه وبدأ يتحرك في الغرفة كأنه يبحث عن الكلمات المناسبة:
راغب: ماشي… عارف إنك مش هتصدج بسهولة. عشان كده چايبلك حاچة ممكن تغير رأيك.

أخرج راغب ظرفًا بنيًا من جيبه، ووضعه على الطاولة أمام عثمان.
راغب: دي معلومات عن شخص كان بيهدد أبونا. كنت مخبيها لأني كنت خايف أتكلم وأتسبب في مشاكل أكتر.

عثمان نظر إلى الظرف بريبة، ثم أخذه وفتحه بحذر. وجد بداخله مجموعة أوراق تتحدث عن معاملات تجارية مشبوهة بين صفوان ورجل يُدعى “شاكر العوامي”، وهو تاجر معروف بسجله الإجرامي.

عثمان (بصوت يشوبه الشك): شاكر العوامي؟ إيه علاجة أبوى بيه؟

راغب: أبوى كان مضطر يتعامل معاه في صفجة كبيرة، لكن شاكر خان الاتفاق وكان بيهدد أبوى لو ما نفذش طلباته. أنا كنت أعرف عن الموضوع ده، لكن ما جدرتش أواچهه وجتها.

عثمان (بلهجة حادة): وإيه اللي يمنعك دلوك؟ ليه جررت تتكلم فچأة؟

راغب (بصوت يبدو صادقًا): لأني خايف عليك، يا عثمان. عارف إنك بتدور وبتحفر، وده ممكن يعرضك للخطر. شاكر شخص خطير، ولو عرف إنك بتحاول توصله، ممكن يأذيك.

نظر عثمان إلى راغب، يحاول قراءة وجهه. على الرغم من كلمات راغب العاطفية، شعر أن هناك شيئًا مريبًا.

عثمان: غريبة جدوى إنك فچأة اكده بجيت خايف عليّ. دايمًا كنت بتحاول تتخلص مني، والنهارده عامل فيها الأخ الحنون؟

راغب (بتظاهر بالانكسار): عثمان… صدجني، آنى بس عاوز أحميك. يمكن غلطت في حاچات كتير، بس مش معجول أأذي أخوا الوحيد.

عثمان (بهدوء مخيف): لو كنت صادج فعلاً، مش هتمنعني من الوصول للحجيجة… حتى لو كانت ضدك.

راغب صمت لوهلة، ثم وضع يده على كتف عثمان بلطف:
راغب: الحجيجة أحيانًا بتكون مؤلمة أكتر مما تتخيل. بس آنى معاك… لو احتچت حاچة، هتلاجيني چارك

ثم خرج راغب من الغرفة، تاركًا عثمان ينظر إلى الأوراق بتفكير عميق.

جلس عثمان مع الأوراق لساعات، يدرس كل كلمة بعناية. رغم أنها بدت منطقية في الظاهر، إلا أن شيئًا ما في داخله لم يكن مرتاحًا.

بدأ يبحث في سجلات قديمة عن اسم “شاكر العوامي”، ليكتشف أنه كان شريكًا سابقًا لراغب في بعض الأعمال المشبوهة. عندها، أدرك أن الأدلة التي قدمها له راغب ليست إلا خطة لإبعاده عن الحقيقة.

وقف عثمان، ممسكًا بالأوراق، وعيناه مليئتان بالغضب:
عثمان: راغب… مش بس كنت كذاب، لكن كمان بتحاول تلاعبني؟ المرة دي مش هسكت. الحجيجة أجرب مما تتخيل.

ترك عثمان الغرفة، عازمًا على كشف خطة راغب واستكمال طريقه نحو العدالة.

الفصل السادس
عثمان ظل ينظر إلى الشاشة بذهول، نبضاته تتسارع وعقله يحاول استيعاب ما يراه. كانت الصورة قاتمة، لكنها واضحة بما يكفي لإظهار والده وهو جالس على كرسي مكتبه، والدماء تغطي صدره. في زاوية الصورة، ظهر ظل رجل يقف خلفه، لكن ملامحه لم تكن واضحة؛ كل ما استطاع رؤيته هو ظهره وملامح غامضة لملابسه.

عثمان بحيرة: “مين ده؟ ويا ترى الصورة دى حجيجية؟”

أغلق عثمان الشاشة بسرعة، وكأنه يخشى أن يظهر الشبح من خلفه. وقف، يمرر يده على وجهه ويحاول تنظيم أنفاسه. ثم أمسك بهاتفه واتصل بالرقم الذي أرسل له الرسالة، لكن المتصل لم يرد.

جلس على كرسيه مرة أخرى، وعيناه معلقتان بالشاشة. عاد وفتح الصورة، محاولًا التركيز على أي تفاصيل يمكن أن تساعده. لاحظ شيئًا صغيرًا على يد الرجل الظاهر في الصورة: ساعة فضية تلمع في معصمه. كان هذا كل ما استطاع تمييزه، لكن هذه التفاصيل زادت من غموض الأمر بدلاً من حله.

رن الهاتف فجأة، قاطعًا تفكيره. التقطه بسرعة:
عثمان: ألو!

المتصل بصوت ساخر: الصورة عچبتك، مش اكده؟

عثمان بغضب: مين ده اللي في الصورة؟ إنت عاوز مني إيه؟

المتصل ببرود: اهدى يا عثمان بيه، أنا اللي عندي الأچوبة… بس أنت لسه ما جدمتش المطلوب.

عثمان: أنت بتلعب بالنار. لو عرفت إنت مين، هخليك تندم على كل كلمة جلتها!

المتصل ضاحكًا: تهديداتك مش هتفيدني. زي ما شوفت، عندي حاچات أكتر ممكن تغير كل حاچة. چهز الفلوس، وأنا أجولك كل اللي أنت عاوزه.

عثمان بصوت يحمل حدة وتوتر: لو طلع اللي عندك كذب، هخليها آخر كذبة تجولها في حياتك.

المتصل: خلي كلامك لنفسك. بكرا الساعة عشرة بالليل، هتاچي لحالك بالمبلغ اللي طلبته، وهبعتلك مكان المجابلة جبلها بساعة. ولو حاولت تعمل أي حركة، مش هتشوف أكتر من اللي شوفته في الصورة.

انتهت المكالمة، وعاد الصمت يسيطر على المكان. عثمان أغلق الهاتف بقبضة مرتجفة، ثم ضرب بقبضة يده على الطاولة بقوة. “مين البنى آدم ده؟ ويا ترى ممكن يكون حد جريب مننا؟”.

بدأ الشك يتسلل إلى عقله، لكنه لم يستطع استبعاد أي احتمال. كان يعلم أنه يقترب من الحقيقة، لكن الطريق كان محفوفًا بالخطر.

في اليوم التالي، كان عثمان يسير في أرجاء المنزل كمن يبحث عن إجابة بين الجدران. فجأة، وجد نفسه واقفًا أمام مكتب والده المغلق منذ سنوات. دفع الباب ببطء، وكأن عبق الماضي تسلل إلى أنفه. كان المكتب مليئًا بالذكريات، لكنه لم يأتِ للذكريات، بل للبحث عن أي دليل ربما أغفل عنه في الماضي.

بدأ يفتح الأدراج ويبحث بين الأوراق. فجأة، وجد دفترًا صغيرًا مكتوبًا بخط يد والده. كان يحتوي على ملاحظات وأسماء، لكن اسمًا واحدًا لفت انتباهه: “راغب”. إلى جانب الاسم، كانت هناك جملة قصيرة مكتوبة: “لا أثق به… يتلاعب بالحقائق”.

أغلق الدفتر بيدين مرتجفتين، وعيناه تتسعان. “هل كان والدي يعرف أن راغب يخفي شيئًا؟”

رن الهاتف مرة أخرى، لكنه هذه المرة كان رقمًا مألوفًا… راغب.

عثمان تحدث بلهجة باردة: أيوا يا راغب.

راغب بصوت هادئ: عثمان، كنت عاوز أكلمك عن موضوع مهم.

عثمان وهو يحاول كتم أعصابه: اتفضل.

راغب: مش وقته على التليفون. لازم نتجابل وش لوش

عثمان: تمام… جولي فين وميته؟

راغب: بعد العشا هستناك فى المكتب بتاعى.

أغلق عثمان المكالمة، لكن قلبه كان يمتلئ بالشكوك وأخذ يردد فى نفسه

عثمان: “يا ترى راغب عارف أني جربت من الحجيجة؟ ودلوك بيحاول يستدرچني لحاجة أكبر؟”.

في تلك الليلة، قرر عثمان مواجهة راغب، لكن في الوقت نفسه، كان يخطط للذهاب إلى اللقاء الذي حدده المتصل. كان يعلم أن اللعب بالنار خطير، لكنه أيضًا لم يعد يخشى الاحتراق.

عثمان قرر أن يبدأ بمقابلة راغب أولًا، ولكنه كان على يقين أن الحوار لن يكون وديًا. وضع مسجلًا صغيرًا في جيبه لتوثيق أي شيء قد يدين راغب، فقد كان الشك يملأ قلبه تجاهه.

في منزل العائلة، دخل عثمان قاعة الجلوس حيث كان راغب يجلس متكئًا على الأريكة الفاخرة، وكان يمسك سيجارة مشتعلة في يده ونظرة امتعاض في عينيه.

راغب (بنبرة سخرية): شايفك بتمشي في البيت كأنك مالكه!

عثمان (بهدوء مليء بالحدة): وجودي في البيت ده حجي، مش هبة ولا فضل منيك يا راغب.

راغب ضحك بتهكم وأشار بيده نحو عثمان:
راغب: حجك؟ حجك كان في الزنزانة اللي طلعت منها! على الأجل كنت مريحنا هناك.

عثمان تقدم بخطوة للأمام، محاولًا السيطرة على أعصابه:
عثمان: أنا مش چاي أسمع كلامك اللى زى السم ده. أنا هنا عشان أفهم… كنت تعرف مين اللي جتل أبونا؟

راغب جلس ببطء وابتسامة ساخرة ترتسم على وجهه:
راغب: فاكرنى بوليس تحجيج ولا إيه؟ لو عندك شكوك، روح اشتكي.

عثمان: واضح إنك بتلف وتدور. بس خليني أوضح حاچة… لو اكتشفت إن ليك يد في الموضوع، حياتك مش هتبقى زي ما هي.

راغب أشعل سيجارة مرة أخرى ونفث الدخان في الهواء:
راغب: تهديداتك ما بتخوفنيش. وعلى فكرة، لو كنت شاكك إني عارف حاجة، ليه ما سألت نفسك ليه آنى ماجولتهاش وجتها للبوليس.

عثمان (بصوت منخفض مليء بالشك): يمكن لأنك كنت خايف… خايف تنكشف.

ارتفع حاجبا راغب بتهكم، لكنه لم يرد.

رن هاتف عثمان فجأة، قاطعًا التوتر. كان الرقم الغريب يتصل مرة أخرى.

راغب: مين اللي بيتصل عليك؟

عثمان: ولا يخصك.

خرج عثمان من القاعة للرد:
المتصل: چاهز؟

عثمان: مستعد، جولي فين؟

المتصل: الچسر الجديم، الساعة 10 بالليل. لو چبت حد معاك، اعتبر العرض لاغي.

أغلق عثمان المكالمة بسرعة وعاد إلى القاعة. كان راغب يراقبه بعينين مليئتين بالشك.

راغب: أنت متورط في حاچة؟

عثمان: زي ما جولت… مش شغلك.

ترك عثمان المنزل دون أن ينتظر رد راغب، لكنه كان يعلم أن المواجهة مع راغب لم تنتهِ بعد.

اللقاء عند الجسر

عند الساعة العاشرة تمامًا، وصل عثمان إلى الجسر القديم. كان المكان موحشًا، والظلام يغطي كل شيء إلا بقعة صغيرة مضاءة بضوء القمر. وقف عثمان يتلفت حوله، محاولًا تمييز أي حركة.

ظهر رجل ملثم من بين الظلال، مرتديًا ملابس سوداء بالكامل، يحمل حقيبة صغيرة في يده.

عثمان: وين الدليل اللي وعدتني بيه؟

الرجل: معايا. بس الأول، الفلوس.

عثمان: وريني الدليل الأول.

الرجل أخرج هاتفًا محمولًا من الحقيبة وفتح فيديو. ظهر فيه مكتب صفوان، وظهر نفس الشخص الغامض الذي في الصورة. الرجل الغامض رفع يده ليكشف عن ساعة فضية تلمع في معصمه.

عثمان: ده مش كفاية. مين ده؟

الرجل: الفيديو يكمل لو دفعت.

عثمان قرر الضغط عليه:
عثمان: ولو ما دفعتش؟

الرجل (بصوت مهدد): لو ما دفعتش، مش هتشوف أكتر من اللي شوفته.

في تلك اللحظة، سمع عثمان صوت خطوات قادمة من خلفه. التفت بسرعة ليجد راغب يقف بعيدًا، يحمل سلاحًا في يده ووجهه يعلوه غضب قاتم.

عثمان (بصدمة): إنت بتعمل إيه هنا؟

راغب (بنبرة حادة): ما تسألش أسئلة مالكش إچابة عليها. إنت اللي عملت في نفسك اكده لما دخلت في حاچات أكبر منيك.

الرجل الملثم بدأ يتراجع بخطوات بطيئة، لكن راغب رفع السلاح نحوه:
راغب: ولا خطوة… سلم اللي معاك!

الرجل ضحك بصوت عالٍ:
الرجل: إنتو الاتنين أغبياء… فاكرين إنكم ممكن تمسكوا حاچة؟

في تلك اللحظة، أطلق راغب رصاصة أصابت الحقيبة التي يحملها الرجل، فأسقطها وهو يركض في الظلام.

عثمان انحنى بسرعة وأمسك بالحقيبة. عندما فتحها، وجد بداخلها أدلة أخرى: مفتاح إلكتروني وبعض المستندات. لكن قبل أن يتمكن من فحصها بدقة، سمع صوت راغب يقترب منه.

راغب (بصوت منخفض وملامح مليئة بالكراهية): أنت ليه لسه عايش يا عثمان؟ لو كنت مكانك، كنت فضلت في السچن للأبد… مكانك اهناك، مش اهنه.

عثمان نظر إليه ببرود، ثم رفع الحقيبة أمام وجهه:
عثمان: لو عاوز تعرف مين اللي هيخرچ من حياتنا جريب، استعد… الحجيجة قربت تظهر.

ترك راغب واقفًا في الظلام، وعاد إلى سيارته، مصممًا على كشف الحجيجة، مهما كان الثمن.

بعد ليلة طويلة مليئة بالقلق والتفكير، قرر عثمان أن يبحث في مكتب والده القديم. كان يشعر دائمًا أن هناك شيئًا مفقودًا، وأن الحقيقة ربما مخبأة بين أوراق صفوان، والده الراحل.

في مكتب صفوان

دخل عثمان المكتب مرة أخرى ليكمل البحث فيه وأغلق الباب خلفه بإحكام. كان الجو خانقًا، مليئًا برائحة الأثاث القديم والغبار. تحركت عيناه بين رفوف الكتب وأوراق متناثرة على المكتب. بدأ في سحب الأدراج واحدًا تلو الآخر، يبحث عن أي شيء قد يكون مفيدًا.

بين الأوراق المبعثرة في الدرج السفلي، وجد دفترًا جلديًا بني اللون، مزينًا بحواف ذهبية. بدا الدفتر قديمًا ولكنه محفوظ بعناية. على غلافه كان مكتوبًا بخط والده الواضح:
“صفحات حياتي… لمن يأتي بعدي”

شعر عثمان بوخزة في قلبه وهو يفتح الدفتر. تصفح الصفحات الأولى، حيث تحدث والده عن أحلامه وتطلعاته، وعن بناء الإمبراطورية التي أراد أن تكون إرثًا لعائلته.

ولكن بينما كان يقرأ الصفحات التالية، بدأ يلاحظ تغيرًا في نبرة الكتابة…

انت في الصفحة 4 من 5 صفحات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
0

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل