
صفحة من المذكرات
“ابني راغب… كنت فاكر أن چواه بذرة خير، لكن الأيام أثبتتلي عكس اكده. طموحه مالوش حدود ، بس طموحه ده اتحول لطمع. شوفته كيف بيبص لكل حاچة بمتلكها وكأنه عاوز كل حاچة لنفسه. مكنتش متصور أن ياچى اليوم اللى أحس فيه بالخطر من فلذة كبدي.”
—
عثمان توقف عن القراءة للحظة، كأن الكلمات كانت خنجرًا في قلبه. أكمل القراءة بشغف أكبر، بحثًا عن المزيد من التفاصيل.
—
“راغب بدأ يظهر عداءً واضحًا ناحية أخوه عثمان. كان بيحاول دايما إنه يبعده عن جرارات الشغل، وكان بيبصله بصات مليانة كراهية. آنى ماأستبعدش أنه يعمل أي حاچة عشان ياخد اللى هو عاوزه. أحيانًا بحس أنه بيراجبني، كأني عجبة في طريجه. آنى خايف من اللى ممكن يعمله بعد موتى…”
—
عثمان أغلق الدفتر للحظة، وأخذ نفسًا عميقًا. ثم عاد وفتحه لقراءة الصفحات الأخيرة.
—
“لو كنت بكتب الكلمات دى ومعتش موچود، فاعرف ياولدى أني حاولت بكل جوتي انى أحمى كل اللى بنيته، ولكن يظهر أن العدو كان من الداخل. عثمان، إن كنت بتجرا كلامى ده ، فعشان خاطريياولدى حافظ على شجايا وتعبى . متسيبش الطمع يدمر اللى عشت عمرى ابنيه. راغب مش هيتردد في فعل أي حاچة عشانيحجج هدفه. حاذر ياولدى منيه وخلى بالك على حالك… واعرف أنني دايما چارك حتى لو مبجتش عايش فى الدنيا.”
—
أغلق عثمان المذكرات بيدين مرتعشتين، وعيناه ممتلئتان بالغضب والحزن. تذكر كل المواجهات مع راغب وكل الأفعال التي أثارت شكوكه. أدرك الآن أن والده كان يحذره منه طوال الوقت.
وقف عثمان، واضعًا المذكرات في جيبه، وقرر مواجهة راغب بالحقيقة. هذه المرة، لن يترك الأمور تسير كما يريد راغب.
—
في مواجهة راغب
عاد عثمان إلى المنزل، متوجهًا مباشرة إلى القاعة الرئيسية، حيث كان راغب يجلس متكئًا على الأريكة.
عثمان (بغضب): كنت دايمًا شاكك إنك سبب كل المصايب… والنهارده اتأكدت.
راغب (بابتسامة باردة): اتأكدت من إيه؟
عثمان (يخرج المذكرات ويلوح بها): ده كلام أبوي، اللي كنت بتحاول تسرج كل حاچة منيه… كلامه عن طمعك وخيانتك.
لأول مرة، ظهر التوتر على وجه راغب، لكنه حاول أن يخفيه بابتسامة مصطنعة:
راغب: كلام ورج؟ ده اللي معتمد عليه؟
عثمان: الكلام ده كفاية يدينك جدام أي حد. وأقسم بالله، يا راغب، لو كنت السبب في موت أبويا، مش هيكونلك مكان بيناتنا.
راغب وقف بغضب، موجهًا إصبعه نحو عثمان:
راغب: وإنت فاكر إن حد هيصدجك؟ ده كلام ميت! أبوك مش اهها عشان يدافع عن نفسه.
عثمان (بنبرة واثقة): بس آنى اهنه… وأبوي سابلي دليل يكفي أفضحك جدام الكل.
ترك عثمان الغرفة وهو يسمع صراخ راغب من خلفه. كان يعرف أن المواجهة الحقيقية لم تبدأ بعد، لكنها قادمة لا محالة.
فى صباح اليوم التالى
داخل القصر، في قاعة الجلوس
جلس عثمان على الأريكة، يقرأ بعض الأوراق التي عثر عليها في مكتب والده، يحاول ربط الخيوط. في تلك اللحظة، دخل راغب بهدوء غير معهود، مرتديًا ملابس منزلية بسيطة، وملامح وجهه تبدو نادمة ومليئة بالشفقة المصطنعة.
راغب (بصوت منخفض): عثمان… ممكن نتحدت اشوية؟
رفع عثمان عينيه بحذر، ونظر إلى راغب ببرود.
عثمان: لو عندك حاچة مفيدة جولها… ما عنديش وجت أضيعه.
اقترب راغب وجلس على كرسي مقابل له، متجنبًا النظر في عينيه مباشرة:
راغب: بصراحة، أنا مليت من العداوة اللي بيناتنا. إحنا إخوات يا عثمان… والدم ما يتحولش لعداوة مهما حصل.
عثمان (بجفاء): عداوة؟ أنا ما شوفتش إلا كره منك طول حياتي، دلوك فاكر إني هصدج كلامك؟
تنهد راغب وأمسك رأسه كأنه يعاني من ثقل كبير:
راغب: يمكن أكون غلطت كتير، بس صدجني، ما كنتش أجصد أأذيك واصل. يمكن كان في بينا مشاكل بسبب شغل أو بسبب اختلافاتنا… بس كل ده ملوش جيمة دلوك.
عثمان (بحدة): المشاكل دي ما كانتش بسبب اختلافات، كانت بسبب طمعك وحجدك… والحجايج مش هتتغير بكلام معسول.
قام راغب من مكانه وبدأ يتحرك في الغرفة كأنه يبحث عن الكلمات المناسبة:
راغب: ماشي… عارف إنك مش هتصدج بسهولة. عشان كده چايبلك حاچة ممكن تغير رأيك.
أخرج راغب ظرفًا بنيًا من جيبه، ووضعه على الطاولة أمام عثمان.
راغب: دي معلومات عن شخص كان بيهدد أبونا. كنت مخبيها لأني كنت خايف أتكلم وأتسبب في مشاكل أكتر.
عثمان نظر إلى الظرف بريبة، ثم أخذه وفتحه بحذر. وجد بداخله مجموعة أوراق تتحدث عن معاملات تجارية مشبوهة بين صفوان ورجل يُدعى “شاكر العوامي”، وهو تاجر معروف بسجله الإجرامي.
عثمان (بصوت يشوبه الشك): شاكر العوامي؟ إيه علاجة أبوى بيه؟
راغب: أبوى كان مضطر يتعامل معاه في صفجة كبيرة، لكن شاكر خان الاتفاق وكان بيهدد أبوى لو ما نفذش طلباته. أنا كنت أعرف عن الموضوع ده، لكن ما جدرتش أواچهه وجتها.
عثمان (بلهجة حادة): وإيه اللي يمنعك دلوك؟ ليه جررت تتكلم فچأة؟
راغب (بصوت يبدو صادقًا): لأني خايف عليك، يا عثمان. عارف إنك بتدور وبتحفر، وده ممكن يعرضك للخطر. شاكر شخص خطير، ولو عرف إنك بتحاول توصله، ممكن يأذيك.
نظر عثمان إلى راغب، يحاول قراءة وجهه. على الرغم من كلمات راغب العاطفية، شعر أن هناك شيئًا مريبًا.
عثمان: غريبة جدوى إنك فچأة اكده بجيت خايف عليّ. دايمًا كنت بتحاول تتخلص مني، والنهارده عامل فيها الأخ الحنون؟
راغب (بتظاهر بالانكسار): عثمان… صدجني، آنى بس عاوز أحميك. يمكن غلطت في حاچات كتير، بس مش معجول أأذي أخوا الوحيد.
عثمان (بهدوء مخيف): لو كنت صادج فعلاً، مش هتمنعني من الوصول للحجيجة… حتى لو كانت ضدك.
راغب صمت لوهلة، ثم وضع يده على كتف عثمان بلطف:
راغب: الحجيجة أحيانًا بتكون مؤلمة أكتر مما تتخيل. بس آنى معاك… لو احتچت حاچة، هتلاجيني چارك
ثم خرج راغب من الغرفة، تاركًا عثمان ينظر إلى الأوراق بتفكير عميق.
جلس عثمان مع الأوراق لساعات، يدرس كل كلمة بعناية. رغم أنها بدت منطقية في الظاهر، إلا أن شيئًا ما في داخله لم يكن مرتاحًا.
بدأ يبحث في سجلات قديمة عن اسم “شاكر العوامي”، ليكتشف أنه كان شريكًا سابقًا لراغب في بعض الأعمال المشبوهة. عندها، أدرك أن الأدلة التي قدمها له راغب ليست إلا خطة لإبعاده عن الحقيقة.
وقف عثمان، ممسكًا بالأوراق، وعيناه مليئتان بالغضب:
عثمان: راغب… مش بس كنت كذاب، لكن كمان بتحاول تلاعبني؟ المرة دي مش هسكت. الحجيجة أجرب مما تتخيل.
ترك عثمان الغرفة، عازمًا على كشف خطة راغب واستكمال طريقه نحو العدالة.
يتبع