روايات

رواية نصيبي من الحب الفصل الاول حتى الفصل الثاني والعشرون بقلم الكاتبه بتول عبد الرحمن حصريه وجديده 

رواية نصيبي من الحب الفصل الاول حتى الفصل الثاني والعشرون بقلم الكاتبه بتول عبد الرحمن حصريه وجديده 

يوسف رجع خطوتين، إداله نظرة واحدة، نظرة باردة خلت عبد الرحمن يحس إن الحياة خلاص انتهت بالنسباله، قرب من الراجل وهمسله في ودنه بصوت مسموع خلت عبد الرحمن يصرخ بأعلى صوته وهو بيتوسل وبيطلب الرحمه، راسه اتحركت بسرعة وهو بيهزها بالنفي، صوته طلع متقطع وهو بيصرخ “يوسف لا! لااااااا! والنبي، حرام عليك، حرام، متعملش كده!”
“خده” قالها يوسف ببرود وبنبره مفيهاش اي تردد
الراجل قرب، سحب عبد الرحمن بسهولة وهو بيصرخ ويتوسل، يوسف لف ظهره، مش عايز يسمع، مش عايز يحس بأي شفقة تجاهه. كان عارف إن اللي بيعمله ده نقطة اللاعودة… لكنه كان مستعد.
بعد لحظات، سمع صوت باب العربية بيتقفل، وبعدها صوت الموتور وهو بيختفي، وقف مكانه، خد نفس عميق وهو بيحاول يهدّي البركان اللي جواه
وبدون ما يبص وراه، ركب عربيته واتحرك، الهدف التاني

نهال رفعت راسها وبصّت للبنات اللي كانوا قاعدين حوالين هبة، نظراتهم مليانة قلق وخوف، بس مكانوش عارفين يعملوا حاجة، خدت نفس عميق وقالت بصوت حاسم، لكنه هادي عشان ميضغطش على هبة أكتر “إنتوا عندكم امتحانات، قعدتكم هنا مش هتقدم ولا هتأخر، أنا قاعدة معاها.”
الرفض كان واضح على وشوشهم، ملك رفضت وقالت” انا هبقى معاها”
” قعدتك معاها هتعمل ايه يعني؟!”
” معلش سيبيني على راحتي”
ندى قالت” انا معنديش حاجه اساسا، هنفضل معاها”
ردت داليا وقالت” وأنا كمان”
نهال سكتت قدام اصرارهم وبصت لايمان ونور وقالت ” انتوا روحوا ذاكروا، مش عندكوا ميدتيرم، يلا البنات قاعدين معاها، وأنا هقوم اكلم محمد وأعمل شوية شوربه وحتة فرخه يسندوها”
خرجت تشوف شغلها، وإيمان ونور طلعوا على أوضهم
نور دخلت الأوضة وقفلت الباب وراها، وقفت في نص الاوضة لثواني، حاسة إن أنفاسها مش منتظمة، قلبها لسه بيدق بسرعة، ومخها مش قادر يوقف التفكير، كل المشاعر اللي كتمتها بدأت تهاجمها
مشيت ببطء لغاية السرير وقعدت، حطّت وشها في إيديها، وكأنها بتحاول تهرب من كل اللي بيحصل. دماغها كانت مليانة، يوسف وطريقته العنيفة، هبة وصدمتها، الشعور بالعجز اللي سيطر على الكل… وكلام يوسف الأخير اللي كان زي الtعنة، بدأت تفتكر كلامه، افتكرت إيده وهو بيبعدها بعنف، البرود اللي كان في تصرفاته، وكلامه القاسي اللي خلّاها تحس بالعجز لأول مرة “بطلي دور الضمير الحي… وفّري نصايحك لحد تاني.”
شهقت بضعف، حست بغصة في قلبها، كأن حاجة جوّاها اتكسرت مع كلماته، استهون بيها وكأنها ولا حاجة، وكأن مشاعرها ورأيها ملهمش أي قيمة.
نامت على السرير، بصت للسقف وهي بتحاول تهدي دموعها اللي بدأت تتجمع، بس معرفتش، الدموع خذلتها نزلت بصمت، وهيا بقت حاسه انها انسانه متطفله

يوسف وصل لآدم اخيرا وادم اول ما شافه نزل من عربيته
“ليه كل التأخير ده؟!”
يوسف تجاهل سؤاله وسأل ” فكك مني، قولي مين اللي فوق؟”
“هيا بس، عملت زي ما قولتلي وحاولت اوزع كل اللي في البيت”
ابتسم بشر وهو بيتجه لجوا العماره وادم وراه

17

طلع السلم بخطوات سريعه واول ما وصل للباب ضغط على الجرس باستمرار، سمع صوتها بتبرطم”هو انا ورا الباب؟ حاضر…حاضر” الباب اتفتح وظهرت قدامه،
وقفت قصاده، ملامحها كانت باردة، لكنها رفعت حاجبها باستغراب “أنت مين؟”
يوسف زق الباب برجله ودخل وهيا اتخضت من اللي حصل، بس قبل ما تفوق من صدمتها قال “أنا يوسف، أخو هبة” قالها بصوت واطي لكنه كان تقيل
ريهام اتغيرت ملامحها، رجعت خطوة لورا، والخوف بدأ يظهر في عيونها “عايز إيه؟”
يوسف قرب ناحيتها، نبرته بقت أشد، مشاعر الغضب والغدر والوجع كانت كلها في صوته “عايز حقي”
بلعت ريقها بسرعة، ورجعت خطوة كمان لورا، ضهرها خبط في الترابيزه ، حسّت بضهرها بيترعش وهي بترفع إيديها بحركة دفاعية
“أنا مليش دعوة!” صوتها كان مهزوز، لكنها حاولت تخليه ثابت، حاولت تبين إنها مش خايفة.
يوسف مكنش بيتحرك، لكن نظرته كانت سيف مرفوع
“ملكيش دعوة؟” قالها بصوت هادي، لكنه كان أخطر من الصريخ، قرب خطوة بطيئة، عنيه مثبتة عليها، مليانة بغضب مكبوت، قعد على الكنبه وحط رجل على رجل وادم دخل وقفل الباب وراه، ريهام رجعت خطوة تانية، قلبها بيدق بجنون. حست إنها محاصرة، الحيطة وراها، وعيونه قدامها
“لو قربت مني ه…” حاولت تهدده، لكن صوتها خانها، خرج متقطع، ضعيف.
يوسف ابتسم بسخرية، ابتسامة خالية من أي رحمة “هتعملي إيه؟ هتصرخي؟” نبرته كانت شبه الهمس، لكنها وصلت لودانها بوضوح مخيف”جربي.”
ريهام عضّت شفايفها، عقلها بيحاول يدور على أي حاجة، أي مخرج، لكن مفيش، شكله مش ناوي يسيبها، ومش ناوي يعديها بالساهل
“أنا… أنا مش السبب، صدقني!” نطقت بسرعة، تحاول تبرر، تحاول تهرب من النظرة اللي بتحاسبها “أنا، مكنتش… مكنتش أعرف إن الموضوع هيكبر كده!”
يوسف شد نفس بطيء، رفع حاجبه كأنه مش مصدق كلمة من اللي بتقوله” وكنتي فاكره ايه؟ سامعك”
عنيها لمعت بدموع محبوسة، لكن يوسف مكانش متأثر، ريهام حسّت إن الدم انسحب من وشها، قلبها بيخبط في ضلوعها بعنف، حاولت تبلع ريقها، بس حلقها كان ناشف كأنها بلعت رمل
“أنا مليش دعوة!” نطقتها بسرعة، بصوت مرتعش
يوسف مكانش بيتحرك، لكنه كان بيتفرج عليها بعينين ضيقة، مليانة احتقار وغضب بارد، عينيه سلاح، كلماته كانت رصاص مستني يخرج في اللحظة المناسبة
“مليش دعوة؟” صوته كان هادي، بس فيه تهديد واضح، وقف قرب خطوة بطيئة، عنيه مثبتة عليها “نسيتي؟ نسيتي إنتي عملتي إيه؟”
“أنا… أنا مكنتش عارفة! أقسم بالله مكنتش عارفة إن الموضوع هيكبر كده!”
ضحك ضحكة قصيرة، باردة، بدون أي أثر للمرح “مكنتيش عارفة؟” عنيه اسودّت وهو بيقرب أكتر، صوته بقى أخطر وهو يضغط على كل كلمة “إنتي اللي خدرتيها، إنتي اللي سلمتيها، وبكل بساطة دلوقتي بتقولي مكنتش عارفة؟”
ريهام شهقت، دموعها لمعت في عنيها، بس يوسف كان زي الصخر، مفيهوش أي تعاطف
“أنا…” صوتها كان ضعيف، زي واحد بيغرق وبيحاول يمسك أي حاجة.د “أنا كنت مجبورة… كان لازم…”
يوسف قرب أكتر، المسافة بينهم بقت شبه معدومة، نبرته كانت كلها اشمئزاز “كان لازم؟ كان لازم تدمري حياة بنت ملهاش أي ذنب؟”
ريهام حاولت تهرب بنظرها بعيد، بس مفيش مهرب، حست إن الدنيا بتضيق حواليها، نفسها بقى تقيل، وعرق بارد سرى في ضهرها
“كان لازم؟” كرر الكلمة، كأنه مستني يسمع تفسير منطقي، تفسير مستحيل “كان لازم تخدريها؟ كان لازم تسيبيها لمصيرها؟ كان لازم تبيعي صاحبتك؟”
ريهام هزت راسها بعنف، الدموع بتنزل على خدها، صوتها مرتعش “أنا مكنتش عارفة هيحصل كده… أقسم بالله! أنا… أنا كنت فاكراه هزار”
ضحك بصوته كله وقال” هزار؟ ده بجد؟ حلو الهزار ده، ايه رأيك لو هزرت معاكي نفس الهزار؟!”
ريهام شهقت، عينيها وسعت من الخوف، دموعها بتنزل بس يوسف مكنش متأثر،
رفع إيده ببطء ومسح على دقنه وهو بيبصلها بنظرة باردة، كأنها مجرد شيء تافه تحت رجله “هزار، صح؟” قالها بصوت منخفض، لكنه مليان تهديد “طب تعالي نجربه مع بعض، نشوفه كده هيكون ازاي”
ريهام حركت راسها بعنف، رجليها بترتعش، حست بقلبها بيدق جامد وهي بتحاول ترجع خطوة تانية، بس مفيش مكان تروحله “والنبي… أرجوك!” صوتها كان ضعيف، مهزوز، كانت عارفة إنها وقعت في شر أعمالها، ودلوقتي لازم تواجه العواقب، يوسف اتنهد ببطء، كأنه بيحاول يسيطر على غضبه، لكنه فشل، في لحظة، مسك إيدها بعنف وجرها ناحيته، صرخت، حاولت تفلت منه بس إيده كانت حديد.
“عارفة أنا جيت ليه؟” قالها وهو بيضغط على دراعها، نبرته مفيهاش أي رحمة “جيت أديكي طعم الخيانة اللي دوقتيه لهبة”
ريهام كانت بتترعش، دموعها بتنزل بدون توقف، حاولت تبعد عنه لكن مكنش في فايدة
“أنا غلطت… أنا ندمانة!” صرخت بيأس، لكن يوسف مكنش بيسمع، كان الغضب ماليه، اتنفس ببطء، قرب وشه منها وقال بصوت واضح “ندمانة؟ الندم مش كفاية، لازم تدفعي التمن.”
وفجأة ساب إيدها، وريهام وقعت على الكنبة وهي بتنهج، عنيها مليانة فزع.
“أنا مش هلمسك حتى” يوسف قالها بسخرية “بس اللي مستنيكي مش هيكون بسيط”
لف لآدم اللي كان واقف عند الباب بيتابع بصمت “اتصل بالشخص اللي كلنا عارفين إنه هيفرح قوي لو عرف مستنيه ايه الليلادي”
ريهام رفعت عينيها بخوف “لاء… لاء، أرجوك!”
يوسف مالت شفايفه بابتسامة باردة، وهو بيقول آخر كلماته
“متخافيش، ده هزار بس… مش كده؟”
ريهام شهقت، غطت وشها بإيديها وهي بتترجّاه “أنا آسفة! والله العظيم أنا آسفة! مكانش قصدي”
يوسف شد نفسه لورا خطوة، أخد نفس طويل كأنه بيحاول يهدي الغليان اللي جواه، لكن عنيه فضلت مثبتة عليها، كلها احتقار” هقبل اسفك ماشي”
عينيها لمعت فكمل” بس لو عرفتي ترجعي الزمن وتمحي اللي حصل من ذاكرتي انا وهبه، وقتها هقبل اسفك، هل هتقدري؟!”
ريهام رفعت عنيها ليه بخوف، قلبها بيدق بسرعة “تقصد إيه؟”
ابتسم ابتسامة باردة جدًا ” يعني لو مش هتقدري ترجعي الزمن يبقى وفري اعتذارك، لانه ورقه محروقه دلوقتي”
حاولت تتكلم أو تبرر بس خوفها سيطر عليها، مش عارفه تخلص نفسها ازاي
“عارفة الفرق بيني وبينك يا ريهام؟” سألها بصوت هادي، سخريته تقيلة زي السكينة على رقبتها “أنا مش بغدر، ولا بخون، ولا ببيع اللي وثق فيا، بس… لما حد يأذي اللي مني، مبشوفش، مبسمعش، وبنسى كل حاجة متربي عليها، بنسى الاصول وبنسي تربيتي، بنسى القيم والمبادئ والأخلاق ومش بفتكر غير حاجه واحده بس، اني ارجع حقي، ومبيفرقش معايا لو كان اللي قدامي واحد أو واحده ”
قالت بصوت مبحوح” طب انت عايز ايه طيب وانا هعمله؟!”
ابتسامته وسعت، لكنها كانت مرعبة أكتر من أي تهديد نطقه “أنا؟ ولا حاجة، مجرد درس صغير، وعد مني، مش هتعرفي تبصي في وش حد بعد دلوقتي”
دقات قلبها بقت طبول حرب، إيديها بترتعش
“وهخلي أستاذ نبيل” نطق الاسم باستمتاع، عارف تأثيره عليها، عارف إن ذكر والدها في المعادلة كفاية يكسرها “موطي راسه طول عمره على تربيته الوسخة، هتشوفي بنفسك اللي هيحصل”
الصدمة عقدت لسانها، عنيها وسعت، رعب صافي غطى ملامحها، الباب خبط وادم فتحه، دخل شخص طويل وعريض وشكله بشع، وقف مكانه وهو مستني الأمر، حاولت تترجاه للمره الألف بس بص لرعبها وخوفها باستمتاع وقال “خدها”
كانت كلمته الوحيدة، نطقها ببرود قاتل، كأنه بيطلب حاجة عادية
ريهام شهقت، عرفت إن الفرصة الوحيدة للهروب راحت خلاص، حاولت تتحرك، تبعد، بس إيديها كانت بتترعش وجسمها اتخدر من الرعب، الشخص اللي دخل قرب منها، مسك دراعها بقوة كأنها مجرد شيء بيتنقل من مكان لمكان
صرخت بقوه” استنى… أرجوك، اسمعني!” صوتها كان بيترجف، بتحاول تتمسك بأي فرصة أخيرة للخروج من اللي هي فيه
يوسف لف ناحيتها بخطوة بطيئة، ملامحه كانت مظلمة
“أسمعك؟” قالها بضحكة قصيرة مليانة سخرية” قولتلك انا مش جاي اسمع، بس مستعد اسمعك لو عرفتي ترجعي الزمن وتصلحي اللي حصل، غير كده لاء”
ريهام شهقت لما شدها الشخص اللي مسكها ناحيته، حسّت إن فرصتها الأخيرة في النجاة بتتبخر
” أنا غلطت! بس… بس كنت مجبورة!” قالتها بسرعة وهيا بتحاول توصل لأي حاجة توقف اللي بيحصل لكن يوسف مسح على دقنه ببطء، كأنه بيفكر للحظة، قبل ما عيونه تلمع بنظرة قاسية”مجبورة؟ ده اللي هتقوليه؟ طيب تمام… أنا كمان مجبر.”
أشار للشخص اللي مسكها “طلعها برا.”
ريهام صرخت، حاولت تقاوم، بس كانت ضعيفة قدام القوة اللي بتشدها لبرا، قلبها كان بيخبط في صدرها بسرعه وهي مش عارفة مصيرها هيبقى إيه
يوسف وقف في مكانه، أخد نفس طويل وملى صدره بالهوا كأنه بيحاول يطفي النار اللي جواه، حس إنه رجّع حق أخته، حتى لو مش كفاية، حتى لو لسه الغل جوّاه مش راضي يهدى
عينه جات على الباب اللي خرجت منه ريهام، سمع صوت خطواتها وهي بتبعد، وحس للمرة الأولى إنها فعلاً تحت رحمة غضبه، وإنها مش هتقدر تنسى اللي حصل النهاردة طول عمرها
ادم قرب منه وربت على كتفه وقال بهدوء ” مش هينسوا الدرس”
يوسف لف ناحيته، عنيه لسه مليانة غضب، لكن فيه هدوء خبيث بدأ يحل محله، أخد نفس عميق وقال بصوت واطي لكنه تقيل “وأنا كمان مش هنسى اللي حصل”

ساره رجعت البيت لقته هادي، دورت على نهال والبنات بس ملقتش حد، طلعت لفوق وقررت تروح تشوف هبه، دخلت الاوضه ولقتهم حواليها فخافت تكون هبه تعبت اكتر، حسّت قلبها بينقبض، الجو التقيل في الأوضة كان كافي يقول إن فيه كارثة حصلت، وقفت في وسطهم وهي بتبص في وشوشهم، تدور على إجابة، لكن كلهم كانوا بيتجنبوا النظر فيها
“إيه اللي بيحصل هنا؟” صوتها طلع متوتر، لكن محدش رد
بصت لنهال اللي كانت عيونها مليانة دموع محبوسة لكنها فضلت ساكتة. سارة لفّت على بقية اللي في الأوضة الكل كان متجمد في مكانه كأنهم مش عارفين يقولوا إيه.
“أنا بكلمكوا! حد يفهمني في إيه؟!” صوتها علي، النبرة الحادة اللي فيه كانت مليانة قلق وخوف.
نهال أخدت نفس طويل وقالتلها اللي حصل، رد فعلها كان لا يقل عن رد فعلهم، اتصدمت ومصدقتش اللي حصل لاختها، بصت في وشوشهم كلهم، بمجرد ما بصت في وشوشهم عرفت ان اللي حصل بجد
عينيها اتحولت بسرعة لهبة اللي كانت قاعدة على السرير، وشها شاحب وعينيها غارقة في الفراغ شكلها كان مكسور بطريقة عمرها ما شافتها قبل كده، حسّت بقلبها بيتفتت، قعدت قدامها ومسكت إيديها المرتعشة، حسّت بعجز قاتل، لأول مرة في حياتها مش قادرة تعمل حاجة، مش قادرة تنقذ أختها، مش قادرة حتى تواسيها، دموعها نزلت وهيا بتحاول تستوعب اللي حصل

يوسف نزل وادم نزل وراه لقى تيمور تحت مستنيه، تيمور اول ما شافه قرب عليه وقال ” في حد مضايقك ولا ايه لكل ده؟!”
يوسف هز راسه بنفي وقال “مفيش حد يقدر يضايقني، بس في ناس كان لازم تعرف حجمها الحقيقي.”
تيمور ضحك ضحكة خفيفة بس كان متابع يوسف بنظرة فاحصه “طب تمام، هتعمل ايه دلوقتي، اخدت حقك مستني ايه ”
يوسف بصله وقال ” التنفيذ”
اتحرك ناحية عربيته وكل واحد ركب عربيته ومشيوا وراه

يوسف كان سايق بسرعة، عينيه ثابتة قدامه، آدم وتيمور وراه، كل واحد في عربيته، متابعين تحركاته من غير كلام، الدنيا كانت هادية، فجأة، يوسف داس فرامل بقوة، العربية وقفت في نص الطريق، آدم شد دراع الفرامِل وخرج بسرعة، تيمور برضه نزل وراهم، نظراتهم كلها قلق واستغراب
آدم قرب منه بخطوات سريعة “يوسف، في إيه؟!”
يوسف مردش، بصلهم لحظة بعينين ميتة، وبهدوء مريب بدأ يقلع الجاكت بتاعه، أول ما التيشيرت الأبيض ظهر، الصدمة سكنت ملامح آدم وتيمور، الدم كان مغرقه، مش بس نقطة ولا اتنين، لا… التيشيرت كله متغرق باللون الأحمر
تيمور شهق “إنت إزاي سايق كده وإنت نازف بالشكل ده؟!”
يوسف بصله، ابتسامة خفيفة مالت شفايفه، ابتسامة مفيهاش أي حياة، وقال بصوت هادي لكنه تقيل زي الجحيم “كنت مشغول بحاجة أهم.”
آدم زعق فيه “يوسف، إنت لازم تروح مستشفى دلوقتي، ليه بتعمل في نفسك كده”
يوسف اتنهد، مسح إيده على رقبته كأنه بيحاول يفوق وقال ببرود “هنروح.. بس مش دلوقتي.”
جسمه تمايل لحظة، كأنه فقد توازنه، بس مسك نفسه، عيونه بدأت تغيم، بس هو عنيد.
آدم قرب أكتر، مسك يوسف من دراعه وهو بيهزه بعصبية”إنت بتهزر؟ مش دلوقتي إيه؟ إنت هتموت على بعضك!”
تيمور كان واقف متوتر، مش قادر يستوعب إن يوسف استحمل كل النزيف ده من غير ما ينهار، قرب هو كمان وقال بحزم “مش هنسألك اصلا، هنروح المستشفى غصب عنك.”
يوسف بصلهم بعيون تعبانة، بس لسه فيها العناد اللي يعرفوه كويس، بفُضَاحَة شال إيد آدم من على دراعه وقال بصوت هادي لكن مفيهوش أي مجال للنقاش “أنا اللي هحدد إحنا رايحين فين الأول.”
تيمور انفجر فيه “يوسف! كفاية بقا! إنت فاكر نفسك حديد؟ جرحك مفتوح بقاله فتره، جسمك هيستسلم غصب عنك.”
يوسف سابهم يتكلموا، وهو رفع إيده على الجرح، ضغط عليه شوية، الألم ضرب جسمه، بس هو ماظهرش عليه أي رد فعل، بعد لحظة صمت قال وهو بيبص قدامه “فيه حاجة لازم أخلصها الأول…”
آدم جز على سنانه بغضب، خلاص بدأ يفقد أعصابه، شد يوسف من دراعه تاني ” انا اه معاك في كل حاجه ومش بعارضك بس مش هسيبك تتهور أكتر من كده، لو مش هتيجي برجلك، هنشيلك وندخلك المستشفى بالعافية.”
يوسف ضحك ضحكة قصيرة وناشفة، بص لآدم بعيونه اللي كانت بتقل مع الوقت وقال “جرب…”
قبل ما حد يرد عليه، يوسف حس الدنيا بتلف حواليه، رجليه خانته، وكل حاجة حواليه بدأت تبقى ضبابية… آخر حاجة سمعها كانت صوت آدم وهو بينده باسمه، وبعدها وقع على الأرض، آدم لحقه قبل ما يخبط دماغه في الأرض، مسكه بسرعة وهو بينادي عليه بعصبية “يوسف! يوسف!”
تيمور قرب بسرعة، لمس رقبته يدور على النبض، لقاه ضعيف جدًا، بص لآدم بقلق “لازم نتحرك حالًا! جسمه استسلم خلاص.”
آدم شال يوسف بصعوبة وتيمور ساعده، حطوه في العربيه واتحركوا

في المستشفى…
كانوا واقفين مستنيين بقلق والصمت تقيل، مرّت الدقايق تقيلة لحد ما الباب اتفتح وخرج دكتور، نضارته نازلة على طرف مناخيره وهو بيبص عليهم بنبرة رسمية “هو كويس حاليًا، قدرنا نوقف النزيف، بس فقد كمية دم كبيرة، وده خلاه يدخل في حالة إرهاق شديد.”
آدم قرب خطوه “يعني هيصحى؟”
الدكتور أخد نفس وقال” اه عادي، ويقدر يخرج لما المحلول يخلص، بس يستحسن بلاش مجهود”
أخد نفس بارتياح ودخلوا الاوضه يتطمنوا عليه، تيمور وقف عند الباب ساكت، بس ملامحه كانت بتقول كل حاجة، آدم قرب من يوسف وقعد على الكرسي جنبه
“إنت غبي… فاهم؟ غبي بمعنى الكلمة”
يوسف بصله ببرود وتجاهل كلامه ” محدش من البيت يعرف اني كنت هنا، فاهم؟!”
” قولي بس ايه سبب الجرح ده؟!”
يوسف بص لتيمور وقال” عايزك توصل ريكاردو بسيستم الشركه ”
تيمور قرب وقال باستفسار” ليه؟ ”
“طالب منه شويه حاجات وعايزه ينفذها”
تيمور هز راسه بتفهم وادم سأل ” يوسف! ايه سبب جرحك؟!”
” ادم، مش قادر اتكلم حرفيا، سيبني في حالي دلوقتي ”
سابه على راحته ولما خلص المحلول خرج، تيمور روح باوبر وادم اخد يوسف وروحوا، قبل ما يدخلوا يوسف قال ” ادخل انت، هعمل مكالمه”

ادم دخل ويوسف طلع فونه واتصل بريكاردو، ريكاردو رد بسرعة، لكن نبرة صوته كانت مستغربة “جوزيف! ايه اخبارك؟!”
يوسف دخل في الموضوع من غير مقدمات، صوته كان هادي لكن حاد “ريكاردو، محتاج نوع مضمون ينزل الحمل، حاجة سريعة ومن غير آثار جانبية واضحة”
ريكاردو سكت لحظة، كأنه بيحاول يستوعب الكلام، بعدين قال بحذر “جوزيف!… إنت متأكد من اللي بتقوله؟ الموضوع مش هزار، وبيختلف من حالة للتانية.”
يوسف ضيق عينه ونفَسُه كان تقيل “ما سألتش رأيك، سألت عن الحاجة نفسها، عندك ولا لأ؟”
ريكاردو فضل ساكت لحظة، كأنه بيقيس الموقف، بعدين قال بصوت هادي بس فيه حدة”عندي، بس مش هديك حاجة من غير ما أفهم إنت بتعمل كده ليه، مين اللي عايزه تنزل حملها؟”
يوسف شد على مسكة الموبايل، نبرته بقت أخشن “ريكاردو، متحاولش تدخل في حاجة ملهاش دعوة بيك، قولي عندك إيه وخلاص.”
ريكاردو ضحك بسخرية خفيفة وقال “عارف إنك عنيد، بس برضه الموضوع كبير، اللي بتطلبه ده مش حاجة ينفع تتجاب كده وخلاص، في حاجات أقوى بس ليها مضاعفات، وفي حاجات بتاخد وقت، إنت مستعجل؟”
يوسف لف وشه ناحية الشارع، عينه كانت باردة وهو بيرد “مستعجل جدًا.”
ريكاردو أخد نفس بطيء، كأنه بيفكر قبل ما ينطق، وبعد لحظة قال “تمام، عندي حاجة تخلص الموضوع بسرعة، بس آثارها الجانبية مش سهلة، وإنت أكيد مش غبي عشان متبقاش عارف ده.”
يوسف صوته كان حاسم وهو بيرد “مش مهم، هاتها.”
ريكاردو فضل ساكت لحظة، وبعدها قال
“هتلاقيها عندك بكرة الصبح، بس جوزيف… متعملش حاجة تندم عليها بعدين.”
يوسف ضحك ضحكة قصيرة بس مفيهاش أي روح وقال ببرود “ندم؟ الكلمة دي بطلِت تبقى في قاموسي من زمان.”
ونهى المكالمة قبل ما يسمع أي رد

طلع لهبة لقاها قاعدة وسرحانة وساره وندى معاها ، أول ما شافته رفعت عينيها له باستفهام، مستنية تفهم هو عمل ايه
قرب منها وقعد جنبها بهدوء، ابتسامة خفيفة كانت على وشه وهو بيقول “متقلقيش… حقك رجع”
ندى وساره بصوله باستفسار، كلامه كان واضح، لكن في نفس الوقت غامض، كأنه قاصد ما يدخلش في تفاصيل
هبة ضيقت عينيها وهي بتراقب ملامحه، تحاول تفهم أكتر “إزاي؟” سألت باهتمام، لكنها ما أخدتش غير رد قصير منه “مش مهم إزاي، المهم إنه رجع.”
سكتت لحظة، كأنها بتحاول تقرأ اللي في باله، بعدها سألت بهدوء “في إيه؟ عايز تقول حاجة؟”
بص لندى وساره وطلب منهم يسيبوه معاها، خرجوا وهو أخد نفس صغير، وبعدين سألها مباشرة “حملك… إنتِ عايزاه؟”

18

#نصيبي_في_الحب

“حملك… إنتِ عايزاه؟”
هبة اتجمدت للحظة، متوقعتش السؤال، وكأنها كانت بتتجنب تفكر في الموضوع ده رغم إنه مش سايبها في حالها، قالت بعد تردد “مش عايزاه…” سكتت لحظة وبعدين كملت بصوت أهدى “بس خايفة أعمل أي عملية، مش عايزة أدخل في حاجة زي دي”
يوسف لاحظ الارتباك في صوتها، لكنه معلقش، قال بثقة
“ماتقلقيش، أنا هتصرف”
كلامه كان قاطع، كأنه فعلاً عارف هو هيعمل إيه، وده خلّاها تحس براحة صغيرة، حتى لو لسه مش مستوعبة الحل اللي في باله، بس سألته بتوجس “هتتصرف؟ تقصد إيه؟”
يوسف سكت لحظة كأنه بيختار كلامه وبعدين قال بصوت هادي “قصدي هتخلصي منه من غير عمليات، من غير تعب ولا خوف، حاجة آمنة، طبعا في آثار جانبية بس حاجه مضمونه”
هبة حسّت صدرها بينقبض، مش عارفة ليه رغم إنها بنفسها مش عايزة الحمل، بس فكرة إنه هينتهي كده ببساطة كانت تقيلة على قلبها
“إنت متأكد…؟” سألت بصوت واطي، وكأنها خايفة من ردّه.
يوسف بصّلها بثبات وقال “متأكد، متقلقيش الأمور هتكون بخير، طالما انتي مش عايزاه ”
هبة عضّت شفايفها بتوتر، عينها اتحركت بعيد كأنها بتحاول تستوعب كلامه، بعد لحظات هزت راسها ببطء وقالت “أيوه… مش عايزاه.”
يوسف وقف كأنه اعتبر الموضوع انتهى، وبصّ لها بجدية “خلاص، اعتبريه مشي من حياتك. ركّزي في دراستك، وفي نفسك، اللي حصل انتهى.”
هبة رفعت عينيها له، وبدون ما تفكر سألت “إنت عملت إيه فيهم؟”
يوسف ابتسم، بس ابتسامته كانت خالية من أي مشاعر ” متفكريش فيهم، انسي اللي حصل وانسيهم هما كمان، كده كده مش هتشوفيهم تاني طول حياتك”
قال كلامه وخرج من عندها وهو حاسس بثقل غريب على صدره، كأنه شايل حمل تقيل مش قادر يتخلص منه، دخل أوضته وقفل الباب وراه، وقف لحظة مكانه، عينه سرحانة، ودماغه بتلف في اللي حصل، إمتى بقى بالشكل ده؟ إمتى بقى قاسي للدرجة دي؟
بس الرد كان واضح، هو مستعد يعمل أي حاجه عشان اخواته، مستعد ينتقم من الدنيا بحالها لو شعره واحده بس اتأذت منهم
بأنفاس مرهقة، قلع الجاكيت ورماه على الكرسي، فك أول زرار في القميص، وبعده التاني والتالت، لحد ما صدره بقى مكشوف، لمس جرحه بخفه وافتكر نور، افتكرها وهي واقفة قدامه الصبح، عينيها اللي كان فيها حاجة مختلفة، مزيج من العتاب والخذلان، طريقته معاها كانت حادة، ردوده كانت جافة، ليه أتعامل معاها كده، سحب نفس طويل وهو بيتجه للسرير، رمى نفسه عليه بإرهاق، عينه مثبتة في السقف، وأفكاره شغالة بدون توقف، مدّ إيده ناحية موبايله، فتحه وبصّ في الشاشة، فكر يبعتلها رسالة، يكتب أي حاجة بس عشان تكلمه… بس تراجع، زي ما جرحها بكلامه وهيا قدامه، هيعتذر منها وهيا قدامه، زفر بضيق وهو بيرمي الموبايل جنبه، غمض عينيه بتعب وهو حاسس بالضيق، في وسط أفكاره الباب خبط، يوسف كان لسه مغمض عينه، بيحاول يبعد دماغه عن كل حاجة، لكن خبط الباب خلاه يفتح عينه بتثاقل، مسح على وشه بايده وقفل قميصه وهو بيقول بصوت مرهق”ادخل”
الباب اتفتح ودخلت نهال، لما شافها واقفة قدامه بعينين مليانة قلق، سألها بنبرة متعبة “في إيه؟”
وقفت قصاده وكتفت إيديها وهي بتبصله “أنا اللي أسأل، في إيه؟ كنت فين وعملت ايه؟!”
يوسف سكت لحظة، بصلها من غير ما يرد، نهال زودت المسافة اللي بينها وبينه، وقفت جنب سريره، دراعها متشابك قدامها وهي مستنية إجابة
” جبت حق أختي ” قالها ببرود، صوته مفيهوش أي انفعال، كأنه بيقول حاجة عادية.
نهال رفعت حاجبها ” عملت فيهم ايه يعني؟”
يوسف سحب نفس هادي، وقعد مستريح بضهره على السرير
” يعني خليتهم يجربوا اللي عملوه فيها”
نهال فضلت ساكتة لحظة، بصتله وقالت ” إزاي يعني؟!”
قام وقف ودخل الحمام وهو بيقول ” هسيبك تتخيلي”
سابها ودخل وهيا عقلها شغال بيفكر في كلامه

يوم جديد، نور في كليتها، كانت قاعدة في آخر الصف، عينيها على الدكتور بس عقلها في حتة تانية خالص، كان كلامه بيدخل ودنها ويخرج من التانية، ولا كلمة ثابتة، ولا معلومة مترتبة، دماغها مشغولة بحاجه تانيه
البنت اللي جنبها همست وهي بتزق كوعها بخفة “نور… الدكتور بينادي عليكي!”
فجأة، فاقت من شرودها، رفعت عينيها لقت الدكتور واقف، عينه عليها، ملامحه جدية بس فيهم لمحة استغراب
“اتفضلي يا باشمهندسه، اشرحي الجزئية دي لزمايلك.”
اتوترت للحظة، حست بقلبها بيخبط في صدرها، بس بسرعة لمّت نفسها، قامت وراحت وقفت جنبه وهيا معندهاش ادنى فكره هتشرح ايه، عينيها عدت بسرعة على السطور المطلوبة، قرأتها في ثواني، وبعدها بدأت تشرح، في الأول كلامها كان مش واضح ، بس لما اندمجت، التوتر اختفى، صوتها بقا واضح، الكلام طالع منها بطلاقة، كأنها ما كانتش سرحانة من دقايق، كأن عقلها كان حاضر ومستعد طول الوقت، خلصت شرحها، بصّت للدكتور مستنية أي تعليق، سألها بهدوء”اسمك الثنائي؟”
“نور عز الدين”
هز راسه بتفكير، وبعدها سأل بصوت أوطى بالكاد هي اللي سمعته “كنتي سرحانة في إيه طول المحاضرة؟”
اتفاجئت، هو كان مركز معاها للدرجة دي؟ بسرعة أخفت ارتباكها وقالت بنبرة هادية “أنا كنت مركزة مع حضرتك.”
مروان مالت شفايفه لابتسامة خفيفة، بس عينه فضلت متفحصة، كأنه مش مقتنع “انتي كويسة؟”
حركت راسها بإيماءة سريعة، وكأنها مش عايزة تكمل الكلام، وبعدها رجعت مكانها

يوسف وقف قدام اوضة هبه وهو ماسك العلبه اللي ريكاردو بعتهاله، دخل من غير ما يخبط، قفل الباب وراه وقال وهو بيبصلها بجدية “قولتِي إنك مش عايزة الحمل ده… لسه على كلامك؟”
هبة بصتله لثواني، بعدين هزت راسها ببطء “مش عايزاه… مش قادرة.”
يوسف طلع العلبة الصغيرة اللي ريكاردو بعتها، ومدهالها من غير أي تعبير على وشه “خدي ده… وهتكوني بخير.”
هبة بصت للعلبة في إيده، وبعد لحظة تردد، خدته منه وحطته على الكومود جنبها، قلبها كان بيخبط في صدرها، مش بس من القرار، لكن من الطريقة اللي يوسف بيتعامل بيها مع الموضوع، رفعت عينيها له وسألته بخفوت ” برضو مش ناوي تعرفني عملت ايه، بردلي قلبي وعرفني”
“ما بلاش، ليه شاغله دماغك”
هبة حست بقشعريرة عدت في جسمها، لأنها فهمت إنه عمل حاجة كبيرة، بس كانت مصره تعرف عمل ايه، قعد جنبها ومسك ايديها يطمنها وحكالها باختصار، كانت مزهوله من اللي عمله لأنها كانت متخيله أنه اخد رد فعل عادي، قبل ما تتكلم قام وقف وسابها مزهوله، لف عشان يخرج، قبل ما يحط إيده على الباب قال من غير ما يبصلها “ركزي في دراستك… وانسي كل اللي حصل، وياريت تبدأي تنزلي كليتك”

المحاضرة خلصت والدكتور وقف قدام الدفعة وهو بيقول بصوته الواضح
“دي آخر محاضرة يا شباب، السكشن إن شاء الله هنغطي فيه كل الأفكار، عشان كده حضوره مهم جدًا، هيتأجل للخميس إن شاء الله، ياريت الكل يلتزم، أي حد عنده اي اسئله يجيبها في السكشن، اتفضلوا”
الطلبة بدأوا يجمعوا حاجتهم، الهمهمة عليت في المدرج، والكل بدأ يخرج على مجموعات
مروان وقف مكانه، عينه بتعدي على الوجوه، وبالصدفة لمح نور وهي خارجة، كانت ماشية جنب واحدة من صحباتها الجداد، بتتكلم معاها بهدوء، لكن فيه حاجة في ملامحها شدته… نظرة عيونها، طريقة مشيتها، كأنها في عالم تاني، فضل متابعها لثواني قبل ما يسيب المدرج ويخرج

يوسف كان قاعد في مكتبه بيراجع الشغل وفونه رن، بصّ في الشاشة، الاسم اللي ظهر كان متوقعه، ريكاردو، رفع السماعة وردّ بهدوء ” سامعك”
ريكاردو قال بدون مقدمات “عرفت الخاينين بالظبط.”
سأله بنبره بارده “مين؟”
ريكاردو بدأ يسرد الأسماء واحد واحد، ويوسف سمعهم من غير أي انفعال واضح على وشه، بعد ما خلّص ريكاردو كلامه، يوسف سأل بثبات “متأكد؟”
ريكاردو رد بسرعة وثقة “مليون في المية، عندي الأدلة وكل حاجة.”
يوسف سكت لحظة، وبعدها قال بصوت واطي لكنه حاسم “ابعتلي كل اللي عندك، وسيب الباقي عليا”
ريكاردو ضحك ضحكة قصيرة وقال بنبرة فيها خبث ” موفّق يا بنا ”
قبل ما يقفل، صوته اتغيّر شوية كأنه متردد في حاجة وقال “جوزيف، في حاجة لازم أقولهالك، بقالي ٣ أيام شغال عليها.”
يوسف عدّل قعدته، وقال بتركيز “قول.”
ريكاردو خد نفس سريع وقال “قدرت أدخل على سيستم شركة الدمنهوري، اخترقت النظام بتاعهم وأخدت معلومات ممكن تدمرهم.”
يوسف ضيّق عينه وهو بيقول ” اممممم وبعدين”
ريكاردو سكت لحظة، وبعدها قال بنبرة فيها إحباط ” اكتشفوا بسرعة إن في حد اخترق السيستم، وقفلوا كل حاجة، وغيّروه لبرنامج حماية أقوى، دلوقتي الدخول عليه صعب بس مش مستحيل، عندي معلومات دلوقتي ممكن تدمرهم”
يوسف سكت لحظة بعد كلام ريكاردو، وبعدها قال ببرود “ومين قالك إني عايز أدمره؟”
ريكاردو اتفاجئ من رده وسأل باستغراب “إنت مش عايز تستغل المعلومات دي؟ ده أنت حتى مش محتاج تبذل مجهود، عندك اللي يوقعه في لحظة!”
يوسف هز راسه وقال بحسم “سيبه يعمل اللي هو عايزه براحته، لو كنت عايز أوقعه، كنت عملت كده من زمان، أنا مش بلعب بنفس طريقته.”
ريكاردو فضل ساكت للحظة، وبعدين قال ببطء “يبقى أنا ضيعت وقتي عالفاضي؟”
يوسف ابتسم بسخرية وقال “لا، لأن مجرد إنك قدرت تخترق النظام بتاعه، معناه إنهم مش محصنين زي ما هما متخيلين… وده في حد ذاته معلومة تهمني.”
ريكاردو ضحك بخفة وقال “كعادتك، بتشوف الصورة الكبيرة.”
يوسف رد عليه بنبرة هادية لكن قاطعة “لعبة الشطرنج ما بتتلعبش بالاندفاع، وأنا ما بحبش الحركات اللي من غير حساب.”
ريكاردو اتنهد وقال “زي ما تحب، بس لو غيرت رأيك، أنت عارف أنا هنا ليه.”
يوسف أنهى المكالمة وهو عينه فيها نظرة غامضة، كأنه بيحسب كل خطوة جاية بدقة

نور قاعدة لوحدها في الكافتيريا، عينيها مركزة في الموبايل، لكن ملامحها كانت شارده آدم دخل وهو بيبص حواليه لحد ما لمحها، ابتسم وقرب منها، سحب كرسي وقعد جنبها وهو بيقول “صباحو.”
رفعت عنيها له، وابتسمت بخفة وقالت “خلصت؟”
هز راسه بالنفي وقال “لاء، لسه فاضل محاضرة.”
هزت راسها بتفهم ورجعت تبص في الموبايل، لكنه لاحظ شرودها، قال بنبرة هادية لكن مهتمه “مالك؟ حد مضايقك؟”
هزت راسها بسرعة وقالت “لاء، ليه السؤال؟”
“مش عارف، بس حاسس إنك مش زي كل يوم.”
نور أخدت نفس، وحاولت تبان عادية وهي بتقول “يمكن علشان الامتحانات قربت وأنا عايزة أركز في المذاكرة، حاسه اني مضغوطه وكده”
آدم ضيق عينيه شوية، واضح إنه مش مقتنع بالكلام ده، لكنه قرر ما يضغطش عليها، سند ضهره على الكرسي وقال بنبرة أخف “آه، عشان كده بتهربي من المحاضرات وبتقعدي هنا؟”
نور ضحكت وهي بتهز راسها “أنا مش بهرب، بس كنت محتاجة شوية هدوء، وكمان مش بحب محاضرة الدكتور ده مش بفهم منه حاجه”
آدم سند ضهره على الكرسي وقال وهو بيبص لها بتركيز ” طب إنتي متأكدة إن المذاكرة هي السبب؟”
“إنت ليه مصمم إن في حاجة؟” قالتها بنبرة حاولت تكون عادية، لكنها نفسها سمعت التوتر اللي فيها.
آدم مالت شفايفه بابتسامة خفيفة، لكنه ما زال مركز معاها “لأنك مش نور اللي أعرفها، نظرتك بتقول إن في حاجة شاغلة بالك.”
سكت لحظة، وبعدين كمل بصوت هادي لكنه واضح “لو في حاجة مضايقاكي قوليلي يمكن اقدر اساعدك”
“كل حاجة تمام يا آدم، متقلقش”
اكتفى بهزة راس بسيطة وقال “تمام، بس لو احتاجتي تحكي… أنا موجود.”
نور ابتسمت بخفة، لكنها فضلت ساكتة

في قاعة الاجتماعات، كان يوسف واقف عند راس الطاولة، نظراته حادة وجادة، وملامحه باردة كعادته، مديرين الأقسام كانوا متجمعين، بعضهم متوتر، والبعض الآخر مترقب
رفع يوسف عينه وهو بيمسح الحضور بنظرة سريعة قبل ما يتكلم بصوت ثابت
“اجتمعت بيكم النهاردة لأن في قرارات مهمة لازم تتنفذ فورًا”
بعض المديرين تبادلوا النظرات بسرعة، واضح إن الكل متوقع قنبلة في الكلام الجاي، يوسف سحب ملف من قدامه، فتحه بهدوء، وبدأ يتكلم بصوت مليان ثقة “أولًا، تم إعادة هيكلة بعض الأقسام، وفي تغييرات في المناصب هتعرفوها حالًا. ثانيا، أي عقود جديدة مش هتتم إلا بموافقتي الشخصية، ولازم أطلع على التفاصيل بالكامل. ثالثًا، ودي أهم نقطة…”
وقف لحظة، رفع عينه وبص للكل نظرة مليانة حزم قبل ما يكمل “أي تواصل بين أي حد في الشركة وبين الدمنهوري كانت تحت اشرافي، وأي محاولة للتلاعب في أي تفاصيل مالية أو إدارية هيتم التعامل معاها بدون رحمة، الرسالة دي لازم توصله بشكل مباشر.”
القاعة سكتت تمامًا، حتى صوت الأنفاس بقى مسموع، الخاينين كلهم اتوتروا، حسوا بحرارة الجو رغم التكييف، يوسف كان واضح جدًا… الحرب بينه وبين الدمنهوري بدأت رسميًا، يوسف خرج من القاعه لثواني
في اللحظة دي، ساد الصمت التام في قاعة الاجتماعات، العيون اتعلقت ببعضها في توتر، خاصة عيون اللي حسوا إن كلام يوسف مقصود بيهم، بعضهم حاول يخرج كأنه مش مهتم، لكن الصدمة نزلت عليهم لما لقوا الحراس واقفين قدام الباب بثبات، ملامحهم جامدة، وواحد منهم قال بصوت حازم “مفيش خروج لحد ما يوسف بيه يرجع.”
اللي كانوا بيحاولوا يخرجوا وقفوا مكانهم، بعضهم اتوتر وحاولوا يسيطروا على تعابيرهم
بعد دقايق يوسف رجع، خطوته كانت واثقة، وابتسامته الباردة كانت كفاية تخلي أي حد قدامه يحس إن مصيره بقى في إيده، وقف قدامهم، نزل بكفه على الطاولة بخفة
“شكلكم متوترين ليه؟”
السكوت دام، محدش رد، لكن العيون كانت بتتكلم، يوسف لمّح بنظرة سريعة كل واحد فيهم، وعارف مين اللي خان، ومين اللي خايف، ومين اللي مستني يشوف إيه اللي هيحصل، خد نفس عميق وقال بصوت هادي لكنه كان مسموع بوضوح “أنا مش هطول، بس خلوني أوضح حاجة… اللي لعب في الضلمة، هيشوف النور بطريقة مش هيحبها، واللي افتكر إنه أذكى مني، هعرفه إنه غلطان.”
عيونه سكنت على شخص معين في القاعة، شخص كان من أكتر المقربين للدمنهوري، وكان واضح إن الخيانة مش مجرد احتمالات، دي حقيقة، ابتسم يوسف ابتسامة باردة جدًا، وقال آخر جملة وهو بيستمتع بالقلق اللي شافه في عيونهم “خدوا نفس لأن اللي جاي مش سهل”
في اللحظة دي، الصمت سيطر على القاعة، والعيون اتحولت لنظرات مترقبة، مليانة خوف وقلق، الخاينين حسوا إنهم مكشوفين، إن لحظتهم الأخيرة في الشركة وربما في حياتهم المهنية كلها جات خلاص.
يوسف وقف بثبات، ملامحه جامدة، مفيهاش أي تردد، بص على كل واحد فيهم، واحد واحد، وكأنه بيسجل ملامحهم في ذاكرته للمرة الأخيرة، بعدين نطق بصوت هادي لكنه كان مليان بالهيبة والتهديد “مش هعاتب حد منكوا، ومش هسأل عن السبب… بس محدش يزعل من اللي هعمله.”
الكلمات كانت تقيلة، كأنها إعلان لحكم نهائي، مفيش فيه استئناف، بعضهم بلع ريقه بتوتر، والبعض التاني حاول يحافظ على بروده، لكن العيون كانت كاشفة للخوف اللي في قلوبهم
يوسف لف ببطء، شايف إن التأثير اللي هو عايزه اتحقق، بعدين رفع إيده بحركة بسيطة، الباب اتفتح ودخل أربعه من الحراس ملامحهم كانت جدية
“اللي في القايمة دي…” يوسف قالها وهو بيرفع ورقة في إيده، عيونه لسه مثبتة على الموجودين “شكراً على خدماتكم، بس للأسف، وقتكم هنا خلص”
بمجرد ما قالها، الحراس اتحركوا، كل واحد فيهم راح لشخص معين، حاولوا يتكلموا، يعترضوا، يبرروا، لكن يوسف رفع إيده بإشارة سريعة، فالحراس اخدوهم وخرجوا تحت صدمتهم.
لكن كان في شخص واحد لسه قاعد في مكانه، الوحيد اللي يوسف ما استبعدوش، عيونه اتقابلت مع عيون يوسف، وحاول يخفي ارتباكه، لكنه كان عارف إن وجوده هنا مش بالصدفة، يوسف قرب ناحيته، بصله بنظرة ثابتة وقال بصوت واطي، لكنه كان مليان بمعنى أعمق بكتير “إنت الوحيد اللي لسه ليك دور… فمتخلنيش أندم إني سبتك”
حس بارتياح لحظة وقال بصوت هادي لكنه متوتر “شكراً على ثقتك.”
يوسف ابتسم ابتسامة جانبية، بس مفيهاش أي طمأنينة، مجرد لمعة خفية في عيونه وهو بيرد بصوت تقيل، كل كلمة فيه محسوبة بعناية “دي مش ثقة، أنا سيبتك عشان توصل اللي أنا عايزه يوصل، لكن اللي مشيوا دول ما يلزمونيش…”
وقف لحظة، كأنه بيسيب للكلمات تأثيرها قبل ما يكمل، نبرته بقت أخف بس أخطر في نفس الوقت “وعشان أنا كريم، هسيبلك الاختيار، تكمل معايا ولا تحب تعرف حصلهم إيه؟”
أخد نفس عميق، حس إن رقبته محطوطة تحت سكينه، وإن أي كلمة غلط ممكن توديه في مكان مالوش رجوع، رفع عينه ليوسف، شاف النظرة الباردة اللي ما بتوحيش بحاجة غير السيطرة الكاملة بلع ريقه وقال بصوت ثابت رغم القلق اللي جواه “أنا معاك، وهعمل كل اللي تطلبه، وهوصّل كل حاجة زي ما انت عايز.”
يوسف ما علّقش فورًا، بس ابتسامته الجانبية فضلت على وشه، كأنه متوقع الرد ده بالضبط، هز راسه ببطء، وبص له نظرة طويلة قبل ما يقول بنبرة هادية لكنها تقيلة “عقلاني… عرفت تختار صح.”
لف وراه، ووقف ضهره للشخص اللي قدامه وهو بيكمل بصوت أخف، لكنه مليان تحذير خفي”بس خلي بالك… غلطتك الأولى هتكون الأخيرة.”

في شركة الدمنهوري، كانت الأجواء مشحونة، المكتب مليان توتر وضغط بيخنق الجو، الدمنهوري كان قاعد على مكتبه، ملامحه متعصبة وعروقه بارزة من الغضب، مسك تليفونه بعصبية وهو بيحاول يلاقي حل للمصيبة اللي وقعت عليه، ضرب بكفه على المكتب بقوة وقال بصوت جهوري مليان غضب “أنا يتلعب بيا كده؟ ومن عيل؟”
دراعه اليمين، اللي كان واقف متوتر قدامه، حاول يهدّي الموقف وقال بحذر
“لسه قدامنا فرصة يا أشرف بيه… لسه في واحد متكشفش، ولسه نقدر نصلح اللي حصل.”
أشرف بصله بحدة، وبحركة سريعة مسكه من قميصه وشده ناحيته، عنيه كانت مليانه بالغضب وهو بيسأله بصوت واطي لكنه مرعب “والنظام اللي اتهكر ده؟ انت متخيل المعلومات اللي اتاخدت؟ دي ممكن تدمر الشركة!”
الراجل بلع ريقه، حس إن أي كلمة زيادة ممكن تكون غلطته الأخيرة، فحاول يرد بثبات “في برنامج أقوى اتحط مكانه، ولسه ممكن نضيعهم قبل ما يستخدموا اللي سرقوه ضدنا”
أشرف سابه، اخد نفس عميق وهو بيحاول يستوعب المصيبة، وبعدها شاورله ناحية الباب بنبرة حادة “اخرج بره دلوقتي… مش عايز أشوف حد لحد ما أفكر في حل الكارثة دي!”
الراجل خرج بسرعة، وأشرف فضل في مكانه، عينه على السقف كأنه بيحاول يلاقي أي خيط يخرّجه من الأزمة دي، مسك الموبايل ورن على ابنه، وبعد ثواني، جاله صوت مروان من الناحية التانية “ألو؟”
أشرف قال بنبرة واضحة فيها أمر مستتر “مروان، مش ناوي تيجي الشركة بقى؟”
مروان زفر بضيق، كان متوقع المكالمة دي، فرد بنبرة اعتراض واضحة “إحنا اتكلمنا في الموضوع ده كذا مرة يا بابا، وقلتلك مليش في شغل الشركات!”
أشرف سكت لحظة، وبعدها قال بصوت فيه تعب أكتر من غضب “يبني، أومال مين اللي هيمسك كل حاجة من بعدي؟ مين اللي هيكمل مكاني؟”

انت في الصفحة 7 من 9 صفحات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
0

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل