روايات

رواية نصيبي من الحب الفصل الاول حتى الفصل الثاني والعشرون بقلم الكاتبه بتول عبد الرحمن حصريه وجديده 

رواية نصيبي من الحب الفصل الاول حتى الفصل الثاني والعشرون بقلم الكاتبه بتول عبد الرحمن حصريه وجديده 

قالت نور بتردد ” في حاجات مفهمتهاش في الشرح، ممكن توضحهالي لو سمحت؟”
قال بهدوء “طبعًا، قولي اللي مش فاهماه ايه ؟”
قالتله اللي مكانتش قادره تفهمه وهو بدأ يشرح لها كل حاجة بالتفصيل، بدأت تحس إنها بتفهم أكتر وتربط الامور ببعضها، خلص شرحه وسألها ” محتاجه حاجه تانيه ؟!”
شكرته وبدأت تلم حاجتها وهو سألها باهتمام ” انتي جديده هنا ؟!”
ردت بخجل “أه لسه محولة من القاهرة، ده اول يوم ليا هنا ”
ابتسم بتفهم “أهلاً وسهلاً بيكي هنا، دي بداية جديدة وإن شاء الله هتتأقلمي بسرعه، لو احتجتي أي حاجة أنا موجود في مكتبي لو حبيتي تسألي”
نور ابتسمت وهي بتشكره، خرجت من القاعة وهي بتحاول تسترجع المعلومات اللي كتبتها، الدكتور شافها وهي بتخرج وابتسم ابتسامة خفيفة، خلصت محاضراتها وخرجت لقت ادم في انتظارها وروحوا بصمت كان اليوم طويل، نهال سألتها عن يومها في الكليه وهيا ردت عليها بإيجاز، كانت متحمسه لوصول داليا ومستنياها توصل بفارغ الصبر، وصلت داليا بعد فترة، ونور كانت متحمسة تشوفها، بمجرد ما شافتها، سلموا على بعض بحرارة وفيه نوع من الفرح في عيونهم، قعدت معاها وبدأت تحكيلها كل اللي حصل معاها ومن جوانا مرتاحه أن في حد معاها في حياتها الجديده
نور دخلت أوضتها بعد ما سابت داليا ترتاح، قفلت الباب بهدوء ولفت ناحية مكتبها، خدت نفس عميق وبعدها فتحت كُشكول المحاضرات وبدأت تراجع اللي أخدته النهارده، عينها كانت ماشية على السطور بتحاول تفهم وتستوعب، لكن عقلها كان سرحان في حاجات كتير، نقلت نظرتها من الكشكول للموبايل اللي كان مرمي على المكتب، فكرت لحظة إنها تبعت لآدم تسأله عن نقطة مش واضحة لكنها تراجعت وقررت تحاول تفهمها لوحدها الأول، مرت الدقايق وهي غرقانة في المذاكرة، بتكتب ملاحظات وتقلب الصفحات، لكن كل شوية تلاقي نفسها سرحانة، رجعت تكمّل مذاكرة ومصمّمة تفهم كل نقطة، وقررت إنها بكرة هتسأل الدكتور لو فضلت مش فاهمه ،بعد شوية سابت القلم وسندت ضهرها على الكرسي، وفكرت في يوسف، اختفى طول اليوم، لا شافته الصبح ولا حتى بعد ما رجعت، كان واضح إنه اتأخر، بس ليه؟ وفجأة، سألت نفسها “هو أنا ليه بفكر فيه كده؟”
هزت راسها كأنها بتطرد الأفكار دي، وقامت وقفت عند الشباك، بصت للشارع وللهدوء اللي كان مسيطر على الجو، في وسط تفكيرها شافته داخل بعربيته، نزل منها ودخل البيت علطول وهيا حست أنه تعبان أو مرهق، فكرت تنزل تتكلم معاه شويه بس اتراجعت، حست بنعاس بعد يوم طويل، راحت على السرير وأول ما حطت راسها على المخدة حست بجسمها بيخف، وبسرعة راحت في النوم من غير ما تحس

بارت 7

صباح يوم جديد، صحيت الصبح بالعافيه وكانت محتاجه لنوم اكتر خاصة أنها نايمه متأخر، فاقت وقامت من على سريرها بكسل وقررت تنزل تساعد نهال في تحضير الفطار زي ما وعدتها امبارح نزلت ودخلت المطبخ بابتسامة وقالت بحماس “صباح الخير يا طنط، تحبي أساعدك في حاجة؟”
نهال بصتلها بود وقالت “صباح النور يا حبيبتي، انا خلاص خلصت فاضل بس أرص الأكل، اطلعي نادي العيال اللي بره دول ”
خرجت الصالة ولقت البنات قاعدين بيتكلموا، فسألتهم بحماس “بتخططوا لإيه؟”
ندى ردت وهي بتضحك” هما اللي بيخططوا، لسه شوية طلبه يعيني ”
بصتلها نور وسألتها ” وانتي مش طالبه؟! ”
قالت بفرحه” الحمد لله خلصت، اللهم ديمها نعمه”
” خلصتي؟!! مش انتي يا بنتي مع ساره ”
صححت ” كنت، لكن انا خلصت السنه التربوي بعد الأربع سنين وخدت العلقه مره واحده، لكن ساره اجلتها فبتحصد نتيجة تأجيلها”
هزت راسها بتفهم وافتكرت نهال فقالتلهم وكلهم قاموا معاها، بعد ما رصوا السفره طلعت تنادي داليا، نور خبطت على باب أوضة داليا، داليا فتحت لها، دخلت بابتسامة وسألتها ” صباح الخير؟ نمتى كويس ولا معرفتيش تنامي؟!”
داليا قعدت وابتسمت بخفه ” بحاول اهرب من واقعي بس غصب عني مش عارفه، بابا عمره ما هيعرف اني في اسكندريه بس لو عرف مش عارفه ممكن يعمل ايه ؟!”
نور قعدت جنبها “متقلقيش، كله هيبقى تمام مع الوقت، وهو مش هيعرف انك هنا ومش هيعرف يوصلك، ولو وصلك حتى فانتي صح يا داليا، هو بيجبرك على حاجه انتي مش عايزاها، كفايه أنه منعك تروحي كليتك، وماشي ورا مراته اللي معندهاش دم دي ”
داليا بترتجف شوية وقالت “مش عارفة أعمل إيه، هو حلف عليا أتجوز مصطفى وهيا السبب، ازاي بتملى دماغه كده ونجحت تخليه زي الخاتم في صباعها، لو لقاني انا واثقه أنه مش هيرحمني”
نور قربت منها أكثر وحطت إيدها على كتفها وقالت “أنتِ مش لوحدك في دا، وأنا معاكِ لو احتجتي أي مساعدة ومتنسيش ده ، ولو حتى مجرد حد تسمعي منه كلام حلو، أنا هنا ومفيش حد يقدر يضغط عليكي ولازم دايمًا تحطي نفسك رقم واحد مهما كان، في فرصة دايمًا إنك تلاقي حريتك وتعملي اللي يناسبك”
بصتلها بامتنان وقالت ” مش عارفه من غيرك كنت هعمل ايه، انا ربنا بيحبني أنه خلاكي في حياتي ”
نور ابتسمت وقالت ” إحنا هنا لبعض، ودلوقتي انزلي افطري معانا، وأنا واثقة إن اليوم هيمر أحسن بكتير والظروف هتتعدل وتبقى احسن ”
نزلت معاها وقعدوا كلهم يفطروا ونهال كانت بتحاول تهزر مع داليا وتخرجها من المود
نور كانت كل شوية تبص ناحيته كرسي يوسف واستغربت ليه منزلش يفطر وقالت في نفسها ممكن يكون لسه نايم لانه راجع متأخر، ساره سألت نهال “هو يوسف لسه نايم ولا ايه ؟! ده محدش شافه امبارح يعني”
ردت بنفى “لاء مش نايم، نزل من بدري وقال إن عنده شغل ”
سألت هبه باستنكار” يعني هو نازل عشان شغله بقا ؟!”
” يا بنات متسألونيش انا، هو صحي بدري وخرج علطول حتى من غير ما يفطر، قالي أن عنده ضغط شغل، اتحايلت عليه يفطر بس رفض ”
هزوا راسهم بتفهم وكملوا فطار، بعد ما خلصوا الفطار، بدأ كل واحد يستعد ليومه نور مسكت شنطتها ونادت على آدم “يلا نتحرك قبل ما نتأخر”

يوسف كان قاعد في مكتبه قدامه كومة ملفات وعلامات الإرهاق ظاهرة على وشه. تيمور كان قاعد قدامه هو كمان مشوش، لكن مش نفس توتر يوسف، الجو في المكتب كان كئيب والورق اللي قدامهم كله بيأكد إن وضع الشركة أصعب مما كانوا متخيلين، يوسف مسح وشه بإيده وبص لتيمور بعتاب “أنا متضايق جدًا من اللي حصل، كان لازم نكون فاهمين الوضع قبل ما يتعقد بالشكل ده”
تيمور زفر ببطء وقال بصدق “أنا كنت بحاول أفهم بس الموضوع أكبر مما كنت متخيل، في حاجات كتير مش واضحة وحسيت إن في حاجة غلط، بس مقدرتش أوصل لحاجة أكيدة، كلها مجرد شكوك”
يوسف سكت لحظة وهو بيفكر بسرعة وبعدين رفع عينه لتيمور وقال بحزم “خلاص هتصرف، ابعتلي كل الموظفين المهمين، المدير المالي، مدير العمليات، أي حد عنده صلاحيات كبيرة في الشركة، عايز أقابلهم كلهم النهاردة، قولهم إن في اجتماع مهم كمان نص ساعه”
تيمور هز راسه بسرعة وقال “حاضر، هبلغهم حالًا”
يوسف سحب ملف تاني وفتحه، وهو عارف إن اللي جاي مش سهل، بس كان لازم يسيطر على الموقف قبل ما الأمور تخرج عن السيطرة أكتر، على الأقل لسه في فرصه ، يوسف كان مركز في الملفات اللي قدامه، لكن فجأة رفع عينه لتيمور وسأله بجدية “إيه اللي وصلنا لكده؟ إيه اللي خلّى وضع الشركة يتأزم بالشكل ده فجأة؟”
تيمور أخد نفس عميق وقال وهو بيحاول يرتب أفكاره “بصراحة الأمور كانت ماشية تمام، مكنش في أي مشاكل واضحة، لكن فجأة الشركات اللي كانت متعاقدة معانا لغت العقود بتاعتها واحدة ورا التانية.”
يوسف عقد حواجبه وقال بشك “لغوها ليه؟ ايه السبب برضو مش فاهم”
تيمور زفر وقال “لأنهم كلهم راحوا للدمنهوري.”
يوسف شد عضلات فكه، وعينيه لمعت بغضب “الدمنهوري؟!”
تيمور هز راسه بجدية “أيوه، كل الشركات اللي انسحبت من عندنا مضوا معاه، وكأن حد كان بيشتغل علينا في السر وبيسحب العملا من تحت إيدينا”
يوسف سكت لحظة، عقله بيشتغل بأقصى سرعة وبعدين قال بصوت منخفض لكنه مليان غضب “يبقى الموضوع مش صدفة، حد كان بيخطط لده من زمان.”
شد يوسف نفس عميق ورمى القلم اللي كان ماسكه على المكتب وهو بيحاول يسيطر على أعصابه، بص لتيمور بحدة وقال “لازم نعرف إيه اللي بيحصل بالظبط، مين اللي بيلعب علينا بالطريقة دي!”
تيمور هز راسه بتأكيد وقال “أنا كنت بفكر في نفس الحاجة، بس لحد دلوقتي مفيش أي دليل واضح، بس اللي متأكد منه إن الموضوع مترتب له كويس.”
يوسف ضرب بإيده على المكتب وقال بحسم “مش هستنى الدليل ييجي لوحده، لازم نتحرك.”
بص لتيمور وسأله “إحنا عندنا أي عقود شراكة لسه قايمة ولا كله طار؟”
تيمور فتح ملف قدامه وقال “لسه في شركتين مترددين، مجمدين العقود بس مفسخوش بشكل رسمي.”
يوسف ابتسم بسخرية “يبقى مش هيعدي كتير وهما كمان هيروحوا للدمنهوري، عشان كده لازم اتحرك بسرعه والا العواقب هتبقى وخيمه”
سكت لحظة وهو بيفكر وبعدين قال بحدة “أنا عايز اجتماعات مع مديري الشركات دي في أسرع وقت، ولازم أعرف كل تفصيلة عن اللي بيحصل.”
تيمور سأل بحذر “وأنت ناوي تعمل إيه؟”
يوسف نظر له بثبات وقال “أكشف اللعبة اللي بتتلعب علينا وأوقف النزيف ده قبل ما الشركة تنهار”
يوسف سكت لحظة وهو بيحاول يربط الخيوط ببعضها ورفع عينه لتيمور وقال بجدية “إحنا مش بس بنخسر عملاء، إحنا بنخسرهم لصالح الدمنهوري تحديدًا، ده معناه إن في حد جوه عندنا بيسرب معلومات، والحد ده تبع الدمنهوري”
تيمور اتفاجئ لكنه بعد لحظة فكر وقال “بصراحة دي وجهة نظر منطقية، كل حاجة كانت ماشية طبيعية وفجأة كل الصفقات اتلغت في وقت واحد! حد لازم يكون بيبلغهم بتفاصيل شغلنا.”
يوسف شد نفس عميق وقال بحزم “يبقى أول خطوة لازم نعرف مين اللي بيلعب علينا من جوه. هات لي تقارير عن كل المديرين الكبار في الشركة وخاصة اللي ليهم علاقة مباشرة بالصفقات اللي خسرناها.”
تيمور هز رأسه بتأكيد “تمام، هشتغل على ده فورًا.”
يوسف سكت لحظة وهو بيحرك القلم في إيده، بعدين قال بصوت واطي لكن كله تصميم “واللي خان مش هيطلع منها بسهولة.”

بعد ما خلصت نور محاضرتها بدأت تحس إنها بدأت تتأقلم مع الوضع الجديد حتى لو لسه في شوية صعوبات، كانت بتحاول تستوعب المواد بالرغم من إن بعض التفاصيل كانت معقدة عليها ومع الوقت حست إن الأمور بدأت توضح شوية.
في نص اليوم قررت تاخد استراحة فقعدت في الكافيتيريا مع آدم اللي كان واضح عليه إنه مجهز حاجة ليها
فجأة طلع من شنطته مجموعة ورق وحطها قدامها بابتسامة، وهي بصت لهم باندهاش
سألته وهي بتقلب في المحاضرات “إيه ده كله؟ جبتهم منين؟”
ضحك بخفة وقال “من واحدة زميلتي، طلبت منها تجمعهم بما إنك لسه جديدة ومحتاجه تلحقي اللي فاتك”
نور رفعت عينيها له بامتنان حقيقي، ابتسمت وقالت بإخلاص “بجد متشكرة يا آدم، كنت محتاجة ده جدًا.”
رد عليها ببساطة “لا شكر على واجب، المهم إنك تظبطي الدنيا بسرعة.”
حست بسعادة خفيفة جواها، وعرفت إن وجود آدم جنبها في الكلية هيخلي الموضوع أسهل عليها بكتير

تيمور خرج بسرعة علشان يبدأ في تنفيذ طلب يوسف وسابه غرقان في تفكيره. كان حاسس بالغضب، بس الأهم كان الإحساس بالخيانة، إنه يدي ثقته للناس وفي الآخر يلاقى حد منهم بيطعنه في ضهره، مسك الملفات اللي قدامه وبدأ يقلب في العقود القديمة ويراجع كل تفصيلة، يمكن يلاقي حاجة تساعده. بس وسط تركيزه موبايله رن، بص للشاشة ولقي اسم سارة
أخذ نفس ورد بسرعة “أيوه يا سارة؟”
صوتها جاله فيه عتاب واضح “أنت فين يا يوسف؟ مختفي فين كده، من ساعة ما رجعت من السفر وانت غرقان في الشغل!”
يوسف سكت لحظة وحس فعلًا إنه مشغول عنهم، بس كان مضطر، مسح على وشه بإيده وقال بصوت هادي “عارف بس عندي ضغط شغل”
سارة قالت بإصرار “ماشي، بس ده مش معناه إنك تختفي! انت جاي علشان الشغل ؟!”
حس بالعجز ومش عارف يوزن بين شغله واخواته فاتنهد وقال ” غصب عني بجد، مكنتش عامل حسابي ان الوضع هيكون صعب كده، حقكوا عليا ”
سارة سكتت لحظة وبعدين قالت بصوت أهدى ” ماشي يا يوسف بس مش للدرجادي، احنا متفقناش على كده، انا لسه مش قادره اصدق انك متعرفتش على اسلام”
ابتسم بخفوت وقال ” اظن نهال قالت إنها عازماه الخميس، يوم الخميس هفضي نفسي وهستقبله بنفسي، اوعدك”
نهى المكالمه وبص للورق اللي قدامه لكنه فقد تركيزه للحظة، كلام سارة خلى إحساس التقصير يسيطر عليه، لكنه في نفس الوقت عارف إنه لازم يخلص اللي وراه الأول لأن شركته لو وقعت، كل حاجة هتتأثر، فتح الموبايل ولقى رسالة صوتية من هبة، ضغط على الرسالة وسمع صوتها “أنت فين يا يوسف؟ مش قادرين نشوفك، ودايمًا غرقان في شغلك بالرغم انك لسه جاي، المفروض تكون موجود معانا اكتر من كده، كل ما اسأل عنك مش بلاقيك”
يوسف حط الموبايل على جنبه وحس بهم كبير على عاتقيه، رجع تاني للرسالة وأخذ نفس عميق قبل ما يرد عليها
فتح الرسالة وكتب لها ” هبه، عارف اني مقصر بس لسه مكلم ساره وقولتلها اني هحاول افضي نفسي، انتي عارفه أن مفيش حاجه تمنعني عنكوا بس غصب عني ”
قفل الفون وزفر بضيق ورجع لشغله تاني
وبعد دقايق فونه رن وكانت نهال، اتنهد بضيق قبل ما يفتح عليها، ردت بابتسامه ” يوسف، قدامك قد ايه ؟!”
بص للملفات قدامه وقال بجهل ” مش عارف، بس لسه شويه ”
” المهم أن الكل مستني وصولك، حتى جدك هنا واول ما جه سأل عليك، فقولي هتيجي امتى علشان اظبط معاد الغدا على رجوعك”
يوسف حَسّ بالضغط خصوصا أنه مش قادر يرفض، هو مش هينفع يرفض اساسا، أخذ نفس عميق وقال “طيب، هاجي الساعه 7 كده”
“تمام، بس متتأخرش عن 7 الكل هيكون موجود ”
قفل معاها وبيفكر هيراجع كل الملفات دي ازاي، قاطع تفكيره دخول السكرتيره وبلغته أن قاعة الاجتماعات جاهزه، خرج من مكتبه وكان قلبه مشغول، عارف إنه لازم يعرف إيه اللي بيحصل في شركته، خاصة بعد اللي اكتشفه من تيمور عن التعاقدات اللي توقفت فجأة مع الشركات، دخل غرفة الاجتماعات والجو كان مشحون، كل الوجوه كانت جادة، وكل واحد منهم كان في وضعية انتظار، بدأ يتصفح الوجوه عشان يحاول يحدد مين فيهم ممكن يكون خاين أو مش واضح، لكن زي ما كان متوقع، مفيش حاجة بتوضح، كل واحد كان بيظهر قدام يوسف وكأنه بريء، ما فيش حد بيعكس أي شبهة خيانة، بس كان في حاجة جوا يوسف بتقول له إن في حد فيهم مش صريح، قعد في مقدمة الترابيزه وابتدى يوزع النظر على كل الحضور، بيحاول يقرأ بين السطور، حاول يطرح أسئلة بشكل عادي عن الوضع الحالي في الشركة وعلاقاته مع الشركات الأخرى، لكن الإجابات كانت بمعني واحد من الكل “إحنا في مرحلة صعبة، بس هنعديها مع بعض”
بعد الاجتماع فضل يوسف قاعد في مكانه شوية، مش قادر يحدد بالظبط مين فيهم ممكن يكون متورط أو خاين، هو متأكد أن في حد منهم خاين ، وإنه لازم يكتشف الحقيقة مهما كانت الصعوبة
بارت 8

يوسف دخل البيت وكان الكل في انتظاره.
رحب بجده وجدته وقال لهم بابتسامة ” السلام عليكم”
قرب منهم وسلم عليهم وباس أيديهم وهما كانوا فرحانين بشوفته، نهال خرجت من المطبخ لما سمعت صوته ولما شافته قالته بابتسامة ” حالا الأكل هيكون جاهز ”
بصلها وقال ” تمام ”
استأذن منهم ” بعد اذنكوا هطلع اغير هدومي بسرعه ونازل ”
طلع اوضته ولاحظ أن البنات كلهم قاعدين في صالة الدور اللي فوق، دخل يسلم عليهم وهبه وساره جريوا عليه بلهفه
ساره قالتله” اخيرا شرفت ”
” شوفتي ”
وزع نظراته على الكل وشاف نور وسطهم فابتسملها، نور ردت ابتسامته بخفة، عينه جات على داليا اللي قاعده جنبها فسأل ” دي داليا صح ؟!”
نور ابتسمت وقالتله ” اه ”
بصلها وقال بترحيب ” اهلا بيكي ”
ردت ” شكرا ”
واكتفت إنها ترجع تركز مع البنات اللي كانوا بيتكلموا بحماس يوسف قعد على الكنبة وهو بيبص لهم باستغراب وقال بنبرة ساخرة “واضح إن في اجتماع سري وأنا اللي اقتحمت عليكم المكان!”
هبة ضحكت وقالت “بالعكس يا يوسف، أنت الضيف اللي كنا مستنينه!”
ندى أضافت بمزاح “أيوة، بس بعد ما وقعت في إيدنا مش هتقدر تهرب بسهولة”
يوسف رفع حاجبه وقال “طيب ربنا يستر”
سارة قربت منه وقالت بحماس “كفاية غياب بقى، إحنا مفتقدينك بجد، حتى وإحنا بنهزر عايزينك معانا”
بص للبنات بابتسامة دافية وقال “عارف يا سارة، وأنتوا كمان وحشتوني أكتر مما تتخيلوا”
ملك ابتسمت وقالت “هو إيه اللي مخليك مشغول بالشكل ده؟ مش معقول كل ده شغل!”
نور بصت ليوسف وكانت حاسة إنه تعبان ومشغول، بس مش بيحب يبين ده قدامهم.
يوسف مسح على وشه وقال “الشغل، المسؤولية، حاجات كتير بس خلونا ننسى الكلام ده شوية ونتكلم عنكم، إيه الأخبار؟”
البنات بدأوا يحكوا عن يومهم في الكلية وهو بيسمعهم باهتمام، نهال نادتلهم فيوسف راح اوضته يغير هدومه بسرعه قبل ما ينزل، بعد شويه الكل كان قاعد والصمت مالي المكان
محمد بص ليوسف وقال بهدوء ” ايه يا يوسف؟ عامل إيه في الشغل؟”
“تمام، الحمد لله، مفيش جديد.”
بصله وحس أنه متوتر فقال بلهجه خفيفه “سمعت إن وضع الشركة مش زي الأول، الأمور شوية متوترة.”
نفى بسرعه “لا الحمد لله، في شوية تحديات لكن إحنا شغالين على حلها.”
ماكانش مقتنع من كلامه فحذره “خلي بالك يا يوسف، الحياة مش دايمًا بتكون سهلة، وأنا معاك في أي حاجة تحتاجها.”
اكتفى بابتسامة خفيفه وقال ” شكرا ، هقدر أتعامل مع الموضوع.”
“أنا مش عايز أخوفك يا يوسف، بس لو وضع الشركه استمر كده هتخسر حاجات كتير وممكن متعرفش تلحق الوضع، انت عارف ان الشركات الكبيره اللي زي دي بتبقى محتاجه متابعه باستمرار، ولو احتاجت اي حاجه انا موجود”
يوسف اتنفض من كلامه واتغيرت نبرته وحس إنه مش مستعد يسمع الكلام ده دلوقتي، فكر ينسحب يمكن ينهي الجدال بس أتراجع علشان جده اللي كان متابع الحوار بصمت فرفع صوته وقال بحدة “أنا عارف شغلي كويس، أنا مش طفل عشان تكلمني بالطريقة دي! وأنا عارف أنا بعمل إيه، الشركة دي بتاعتي، ومش هسمح لأي حد يهددها!”
محمد اتفاجئ من رد فعله، حاول يهدئ الموقف وقال بصوت أخف “مش ده قصدي يا يوسف، انا بس قلقان عليك، بس لو عندك خطة أو فكرة لحل الوضع، لازم تشتغل عليها بسرعة.”
يوسف تنفس بعمق وحاول يسيطر على عصبيته وقال “أيوة عندي خطة ”
محمد بصله وقرر يخفف عنه شوية وقاله “أنا معاك يا يوسف، بس لازم تخلّي بالك، إنت مش لوحدك، لو محتاج مساعدة، قول.”
يوسف هز راسه وقال بإيجاز “مش هقدر أطلب مساعدة من حد دلوقتي، ده موضوع لازم أتعامل معاه بنفسي.”
عبد الحميد بص ليوسف ” انا واثق فيك يا يوسف، وخليك متأكد أن كلنا وراك لو احتاجت اي حاجه، لكن متضغطش على نفسك ولوحدك ”
يوسف بصله وقال بإيجاز وهو بينهي الموضوع ” شكرا يا جدو ”

بعد الغداء يوسف خرج من البيت وفضل يدور في دماغه على الخطوة الجاية، بيفكر في أي حل ممكن يعمله علشان يرجع شركته تاني لوضعها القديم، هو مش هيسمح أن شركته تقع مهما كان

البنات كانوا قاعدين مع بعض وكل واحد بيفكر في حاجه مختلفه
سارة قالت بحزن ” مكنتش اعرف ان يوسف مضغوط اوي كده، لاء وكلمته قولتله أنه مقصر معانا، بدل ما نسانده عاتبناه ”
ملك سكتت شوية وبعدين اتنهدت وقالت
” الكل حسسه بالذنب وحسستوه أنه مقصر مع انكوا عارفين أنه في وضعه الطبيعي مبيقصرش ابدا ”
ندى هزت راسها ببطء وقالت بصوت هادي ” هو فعلا عمره ما قصر مع حد فينا كلنا، بس محدش كان عارفه أنه مضغوط كده ”
هبة قاطعتها وقالت بأسف “وأنا كمان كنت عايزه اعرف ازاي شغله اهم بس مكنتش اعرف ان الوضع صعب ”
سارة عقدت إيديها وقالت بحزن
“أنا اللي بدأت وعاتبته، وكمان هاجمته، وأنا أصلا مش عارفة هو بيمر بإيه!”
ملك زفرت بضيق وقالت “هو مش هيقول حاجة، حتى لو كان تعبان أو مضغوط، دايمًا بيداري كل حاجة لوحده”
وهما قاعدين سمعوا صوت عربية، هبة قامت بسرعة ناحية البلكونة علشان تشوف مين اللي وصل، قلبها كان حاسس إنه يوسف، بس أول ما بصّت لتحت لمحت آدم وهو نازل من عربيته
ندى سألتها “يوسف؟”
هبة هزت راسها وقالت “لاء، آدم ”
ساره سألتهم ” هو ادم يعرف حاجه عن يوسف؟ ”
ندى ردت ” معتقدش، تعالوا ننزل نقوله يمكن وجوده جنب يوسف يخفف عليه ”
قاموا كلهم ونزلوا على الصالة، في اللحظة اللي كان آدم داخل فيها
أول ما شافهم كلهم متجمعين، رفع حاجبه وقال
“إيه ده؟ مالكوا”
ردت ملك وقالت” كنا بنحسبك يوسف ”
سألها ” ليه هو فين ؟!”
سارة تنهدت وقالت “خرج بعد الغدا، واضح إنه كان مضغوط”
آدم كشر وقال بحدة “مضغوط من إيه؟”
” بابا كلمه عن الشغل وقاله إنه سمع إن الشركة وضعها مش مستقر ، بس يوسف كابر وقاله أنه عارف هو بيعمل ايه، وخرج علطول بعدها ”
ملامح آدم شدت وصوته بقى حاد وهو بيقول “وهو ليه معرفنيش أي حاجة؟! اصلا من ساعة ما جه وهو واخد جنب مش فاهم ليه”
ندى حاولت تهديه وقالت “يمكن مكنش عايز يزعجك وعايز يحل مشكلته بنفسه، انت عارف أنه مش بيحب يحسس اللي حواليه باللي بيمر بيه ”
آدم زفر بانفعال وقال “يوسف عنيد، بس مش للدرجة دي، كان لازم يكلمني! ده لو كان بيعتبرني اخ فعلا ”
سكت شويه وبعد كده قال “أنا مش هفضل قاعد، هطلع أكلمه بنفسي.”
سارة قالت بتردد “هو أصلاً مشغول اليومين دول يا آدم، يمكن م…”
بس قبل ما تكمل كان آدم خلاص طالع السلم بخطوات سريعة وهو ماسك موبايله، دخل أوضته وقفل الباب وطلع رقم يوسف واتصل بيه
أول ما رد عليه قال بعصبية “يوسف، أنت بتهزر؟! هو أنا آخر واحد لازم يعرف إن شركتك في خطر؟!”
اتنهد بضيق “مش كده يا آدم، كنت ناوي أحكيلك بس كنت محتاج أفهم الدنيا الأول، انا لسه مش فاهم حاجه”
آدم قال بانفعال “تفهم الدنيا الأول؟! يعني أنا مش محسوب عليك ولا إيه؟”
يوسف سكت لحظة، بص قدامه بشرود وقال بصوت هادي لكن فيه تعب ” ادم متنساش انك لسه بتدرس والمفروض تركز في كليتك، حافظ على تقديرك احسن ومتشغلش نفسك بيا، انا عارف اظبط اموري”
آدم ضحك بسخرية وقال “برافو، برافو عليك، يعني تشيل لوحدك وتخسر أعصابك وبتكابر! ده تفكير منطقي جدًا يا يوسف!”
يوسف مسح وشه بإيده وقال بحسم “أنا هتصرف يا آدم، انت عارف اني لو محتاج مساعده انت اول حد هطلب منه، وانت عارف اني كنت هقولك اصلا ”
آدم قال بجدية “وأنا معاك في أي حاجة، بس بطل تتصرف لوحدك، فاهم؟”
يوسف ابتسم وقال “فاهم يا آدم”
بعد ما قفلوا المكالمة، آدم تنهد وشبك إيديه ورا راسه، هيفضل لحد امتى كده، ليه دايما حاسس بالنقص، نفض تفكيره تماما ومسمحش لنفسه يفكر وقام يشوف وراه ايه ”

البنات تحت قعدوا مكانهم، جت نهال شافتهم وقالت ” انتوا قاعدين كده ليه ؟ معندكوش مذاكره وكليات ؟!”
ساره قالتلها ” مستنيين يوسف ”
” وانتي عارفه هو هييجي امتى، ممكن يرجع متأخر ”
مكملتش لسه كلمتها وسمعوا صوت عربيته، أول ما سمعوا صوت العربية، كلهم بصوا لبعض وقاموا بسرعة ناحية الباب. سارة كانت أول واحدة اتحركت، وهبة وندى وملك مشوا وراها، ونور وداليا فضلوا قاعدين مكانهم
نهال هزت راسها وقالت وهي بتضحك “يا بنات اهدوا شوية، كأنه جاي من السفر تاني!”
سارة فتحت الباب قبل ما يوسف حتى ينزل من العربية، وقفت مستنياه وهو بينزل وهو باين عليه الإرهاق، لكنه أول ما شافهم ابتسم بخفة وقال “إيه، مستنينني على الباب؟!”
هبة عقدت إيديها وقالت “طبعًا، احنا عندنا كام يوسف يعني ”
يوسف ابتسم أكتر وقال بهدوء ” وانا عندي كام هبه يعني، بس برضو مش فاهم ليه متجمعين كده ”
سارة زفرت وقالت “احنا كنا قلقانين عليك، مش بس قلقانين، إحنا حاسين بالذنب، المفروض نساندك مش نضغط عليك أكتر.”
يوسف هز راسه وقال ” خالو هوّل الأمور بس مش اكتر، لكن انا عارف اتصرف متقلقوش، الموضوع محتاج شوية وقت مش اكتر ”
اتدخلت ملك وقالت “كلنا فينا مشكلاتنا، بس المهم إنك متحسش إنك لوحدك، إحنا هنا جنبك، حتى لو الموضوع مش في أيدينا ”
يوسف شاف نظراتهم الحنونة وابتسم بخفة وقال “أنا متشكر ليكم، واوعدكم اني هحاول اكون معاكوا اكتر بمجرد ما أحل مشكلتي ”
نهال طبطبت على كتفه وقالت “أوعى تبقى قاسي على نفسك يا يوسف، احنا كده موجودين علشانك ”
ابتسملهم بحب وشكرهم على اهتمامهم

يوسف كان قاعد في الجنينة مغمور في أفكاره، عيونه مثبتة على نقطة بعيدة لكن عقله كان مليان بالضغوط والمشاكل، نور نزلت وهي حاسة إنه مش في حالته الطبيعية، قربت منه بهدوء وقالت بنبرة خفيفة “يوسف، أنا محتاجة أخرج أجيب شوية حاجات من بره، تيجي معايا؟”
رفع عينه ليها وكان تعبان وملامحه مرهقة، لكنه قال بهدوء “دلوقتي ؟!” مش ممكن تأجليهم للصبح؟ بعد الكلية مثلًا؟”
نور هزت رأسها بإصرار “لاء محتاجاهم ضروري، ومش هينفع يتأجلوا”
“طب خلاص، قوليلي إيه اللي محتاجاه وأنا أجيبه”
نور رفعت حاجبها “طب وليه متجيش معايا وخلاص؟ التغيير مش هيضر، بالعكس ممكن يفيدك، الا بقا لو مش عايز تيجي معايا، عادي هخرج لوحدي ”
يوسف بص لها للحظة وبعد تفكير بسيط قال وهو بيقف “تمام، يلا بينا ”
نور ابتسمت بانتصار خفيف، ومشيت معاه وهي متأكدة إن الخروجة دي ممكن تفرق في حالته حتى لو هو مش حاسس دلوقتي، يوسف كان مستعجل ورايح ناحية عربيته لكن قبل ما يمد إيده ويفتح الباب نور وقفته وقالت بسرعة
“تعالى نتمشى، المكان مش بعيد عن هنا.”
” ماشي، براحتك ”

يوسف كان ماشي جنب نور ملامحه مشدودة وعينيه فيها شرود واضح، كأنه عايش جوه دماغه أكتر ما هو موجود في الشارع
نور حسّت إنه مخنوق، وحاولت تفتح معاه كلام، سألت عن أي حاجة خفيفة عن يومه، عن حاجات عادية، لكنه كان بيرد بإجابات قصيرة.
بعد شوية وهي بتحاول تقرب من تفكيره، قالت فجأة “على فكرة، لو محتاج مساعدة في حاجة تخص الشركة، قولي يمكن أقدر أساعدك.”
يوسف لف وشه ليها بسرعه وقال “نور، انتي مش هتعرفي تساعديني في حاجة، أكيد المجال ده بعيد عنك.”
نور رفعت حاجبها وقالت بثقة “متنساش إني مهندسة، يعني ممكن أفهم حاجات ليها علاقة بشغلك.”
يوسف ابتسم بسخرية خفيفة وقال “بس متنسيش إنك ميكانيكا، يعني مالكيش علاقة مباشرة بالشغل اللي عندي، وبعدين انا مش محتاج مساعده، انا رافض حد يتدخل، انا عارف احل اموري ”
نور وقفت فجأة في مكانها وبصت له بتركيز وقالت “طب احكيلي الأول وبعدها قرر، يمكن اقدر اساعدك حتى لو بالكلام”
يوسف فضل باصص لها للحظة، مكانش عايز يتكلم عن مشاكله وكان عايز يحلها بنفسه، شافت تردده فبصتله وقالت بهدوء
“بص، إنت جوه المشكله، لكن لما تكون بره المشكله هتشوف افكار تانيه خالص عن أفكارك وأنت صاحب المشكله، فقولي يمكن اقدر اساعدك في حاجه تايهه عنك”
يوسف رفع حاجبه وهو بيبصّلها بشك “إنتي شايفة إنك ممكن تلاقي حل أنا مش شايفه؟”
نور هزّت كتفها وقالت بثقة “ليه لأ؟ أنا مش جوه المشكلة زيك، ومخي مش مشغول بمليون تفصيلة زي دماغك دلوقتي، فممكن أشوف حاجة إنت مش واخد بالك منها.”
بارت 9

أخد نفس عميق وبعد لحظة صمت قال بصوت هادي لكنه مشحون ” الوضع مش بالسوء اللي ممكن تتخيليه، بس مش مستقر يعني، الشركات اللي كنا متعاقدين معاهم بدأت تنسحب واحدة ورا التانية وبدون أي سبب واضح، دي المشكله ”
نور كانت بتسمعه بتركيز، فكرت شويه وقالت “أكيد في سبب، الشركات مبتلعبش كده وخلاص، خصوصًا لو كان بينكم تعاملات كويسة قبل كده.”
يوسف هز راسه وقال بجديه ” ما انا عارف أن اكيد في سبب لكن مش قادر احدده بالظبط، والمشكلة إن معظمهم بيتجهوا لشركة معينه ”
نور رفعت حاجبها وقالت بتفكير ” يعني فسخوا عقودهم معاكم علشان شركه تانيه ؟ صح كده ؟!”
يوسف شدد حواجبه وقال “بالظبط، وكأن في حد بيشتغل من تحت لتحت علشان يوقعنا لصالحهم، اكيد في خاين في الشركه بيوصل معلومات ”
نور بصّتله بجدية وقالت “إنت متأكد إن في حد بيخونك جوه الشركة؟”
يوسف اتنهد وقال بحزم “أيوه حاسس بده، ومتأكد إن فيه حد من جوه بيسرب معلومات أو بيلعب من ورايا، بس المشكلة إني مش قادر أحدد مين بالضبط.”
نور فكرت للحظة قبل ما تقول “طب وإنت بتفكر ازاي حاليا ؟”
يوسف قال بحدة واضحة في صوته “بفكر أغير كل الموظفين دفعة واحدة، أجيب ناس أنا واثق فيهم، وبكده أقطع الشك باليقين.”
نور رفعت حاجبها بدهشة وقالت بسرعة “إيه! تغيّر كل الموظفين مرة واحدة؟ يوسف ده مش حل، ده ممكن يدمّر الشركة بدل ما ينقذها!”
يوسف زفر بضيق وقال ” عارف بس كانت مجرد فكره غبيه مني، بس عايز اكشف الخاين في اسرع وقت ”
نور شبكت إيديها قدامها وبصّت ليوسف بتركيز وهي بتقول “طب إنت فكرت إن ممكن أصلاً ما يكونش فيه خاين من الكبار؟ يعني مش شرط يكون حد من المديرين الكبار هو اللي بيسرب المعلومات.”
يوسف عقد حواجبه وقال “أمال مين؟ محدش عنده صلاحيات زيهم أنه يعرف معلومات عن اي صفقه بنعملها ”
نور حركت إيديها وهي بتوضح فكرتها “ممكن يكون حد من الموظفين العاديين، حد ليه صلاحية يدخل مكاتب الإدارة أو حتى ينضفها، حد بيشتغل في الخلفية محدش بياخد باله منه، ولو كده يبقى مش بيبيع المعلومات مباشرة، ممكن يكون زرع أجهزة تسجيل صوتي صغيرة أو حتى كاميرات مراقبة في المكاتب، وده اللي بيخلي أي حد يقدر يعرف اجتماعاتكم وقراراتكم قبل ما تتحركوا.”
” فكرت جديا في كده، بس انا واثق أنه مش حد من الموظفين، ولا حتى حد من الاداره الماليه، راجعت امبارح كل حاجه بنفسي واتأكدت، وخلال يومين هكشف الخاين بنفسي”
نور سألته وهي مركزة مع كلامه “طب الشركات كلها انسحبت؟ ولا لسه في حد متعاقد معاك؟”
يوسف هزّ رأسه وقال “لا، لسه في شركتين ما فسخوش العقود بشكل نهائي، ومعتقدش انهم هيفسخوها، لأنهم هيتعاملوا معايا انا مباشرة ”
نور ابتسمت وقالت بحماس “دي فرصة كويسة جدًا! لازم تستغلها بأحسن طريقة ممكنة، وتثبت لهم إن شركتك أقوى مما يفتكروا، ولو قدرت تكسب ثقتهم، مش بس هتحافظ عليهم، ممكن كمان ترجع شركتك زي ما كانت واللي فسخوا يرجعوا يتعاقدوا معاك تاني ”
بصلها وقال ” ومين اللي قالك اني هرجع اتعاقد معاهم تاني اساسا، هما انسحبوا بمزاجهم اه، بس مش هيرجعوا غير بمزاجي ”
نور ضحكت بخفة وقالت “ثقة عالية أوي، بس مش غلط، المهم إنك تفضل ماسك أوراق اللعبة في إيدك.”
يوسف ابتسم جانبيا، كان عارف إن كلامها فيه منطق بس برضه عنده كبرياؤه، مش سهل عليه ينسي اللي حصل، خد نفس عميق وقال”أنا مش بلعب، دي شركتي وسمعتي، واللي سابوني وقت الأزمة، مش هرحب بيهم لما أقف على رجلي تاني”
نور هزت راسها بتفهم وقالت بهدوء “مش بقولك ترجعهم، بس خليك دايماً الشخص اللي الخيارات في إيده، مش اللي الظروف بتتحكم فيه.”
رد بإيجاز “عندك حق”
وقف وسألها ” احنا مش بنوصل ليه ؟ فين المكان اللي قولتي عايزه تجيبي منه حاجتك”
نور ابتسمت وقالت “لا أنا مكنتش عايزه حاجه، بس قلت أخرج معاك شوية علشان أحاول أخفف عنك شوية أو على الأقل نتكلم مع بعض.”
يوسف وقف في مكانه وبصلها وقال بنبرة هادية “يعني استدرجتيني عشان تخرجيني من المود اللي أنا فيه؟”
نور ضحكت بخفة وقالت وهي بترفع كتفها بلا مبالاة “ولو فرضنا إن ده حصل، هتزعل؟”
يوسف هز راسه بابتسامة صغيرة، حس إنه رغم كل الضغط اللي عليه نور قدرت تخفف عنه حتى لو بكلمة، وده شيء كان محتاجه أكتر مما هو متخيل
“بالعكس، شكراً.” قالها بصوت هادي لكنه صادق
بصتله وقالت بهدوء “عارفة إنك مش بتحب تشارك مشاكلك مع حد، بس أوقات لما تطلع اللي جواك حتى لو مجرد كلام، بيكون أخف على قلبك.”
يوسف أخد نفس عميق وهو بيبص قدامه، كان عارف إنها عندها حق بس هو مش متعود يشارك حد همومه بسهولة ولا حتى يقول لحد خططه، بس معرفش ازاي وقع بلسانه قدامها، أخد خطوة لقدام وقال”يلا نرجع؟”
نور ابتسمت وهزت راسها بالإيجاب، ومشيوا جنب بعض، الجو كان هادي بينهم والصمت سيطر عليهم للحظات قطعته لما سألته بترقب “اختفيت فين بعد الغدا صحيح ؟ اختفيت ومحدش شافك يعني ”
يوسف رد بهدوء “كان مشوار خاص.”
نور سألت بتعجب “مشوار خاص؟”
هز راسه فسألته ” يعني كنت مع بنت ؟!”
يوسف ضحك ورد بثقة “لا مكنش كده، كان مشوار تاني بعيد عن كل ده”
نور سألت بتساؤل أكبر “يعني مكنتش بتقابل بنت؟ اصلك بتقول مشوار خاص.”
يوسف رد بهدوء “لا طبعا مش فاضي للارتباط حاليا، عندي مسؤوليات تانية أهم، وبعدين ايه علاقة المشوار الخاص بالبنات يعني ؟!”
” هيا معروفه كده، يعني المشوار الخاص بيكون مقترن ببنت انت مرتبط بيها ”
هز راسه بنفي ” ملهاش علاقه لاء ”
سيطر صمت بسيط بينهم لثواني وبعدين يوسف قرر يطمنها وقال ” لما بحس أن الدنيا جايه عليا واني مش عارف افكر في حل مشاكلي متعود اني اتبرع بمبلغ صغير ”
نور بصتله بإعجاب وقالت ” تحفه، بجد تفكيرك كويس جدا ”
يوسف ابتسم وكمل “ده بيساعدني أرتاح شوية، يعني متعود اصلا لما اقع في ازمه اعمل كده ”
نور هزت رأسها بإعجاب، كملوا مشيهم في هدوء
سألها “وأنتِ عاملة إيه؟ الكلية أخبارها إيه معاكِ؟”
نور بصت له وابتسمت بخفة وقالت “الحمد لله، بحاول اذاكر اللي فاتني لأن الميدتيرم قرب، بس طبعا في حاجات كتير مبكونش فاهماها، بس ادم جابلي كل المحاضرات اللي ناقصاني ”
يوسف هز راسه بتفهم وقال
” هندسة مش سهلة، بس انتي قدها ”
نور ابتسمت وقالت ” إن شاء الله خير والسنه دي تعدي على خير ”
يوسف ابتسم وهو سامع كلامها، كان واضح إنها بتحب دراستها رغم تعبها، فسألها “بتحبي مجالك بجد ولا دخلتيه وخلاص؟”
نور بصت قدامها للحظات وقالت بصوت فيه صدق “لاء بحبه فعلا يمكن يكون صعب ومتعب، بس كل مرة بخلص حاجة لوحدي أو بفهم حاجة جديدة بحس إني بعمل حاجة ليها قيمة.”
يوسف هز راسه وهو سامع كلامها، حس إنها فعلًا شغوفة بمجالها وده خلى عنده فضول يعرف أكتر، بس قبل ما يسألها حاجة تانية رن تليفونه، طلع فونه وبص على الشاشة، كان تيمور اللي بيتصل، رد بسرعة وهو بيقول “خير يا تيمور؟”
قاله بحماس “يوسف، عندي خبر مهم ليك.”
يوسف وقف في مكانه وسأله بترقب “إيه الموضوع؟”
” شركه من الشركتين قرروا يكملوا معانا، مش هيتعاقدوا مع الدمنهوري”
يوسف عقد حواجبه وسأل بسرعة “إزاي؟ مش كانوا مترددين في الأول؟”
“أيوه، كانوا، بس قرروا يثبتوا ”
يوسف أخد نفس عميق، حس إنه رغم كل اللي حصل، فيه حاجات بتتعدل لصالحه.
سأل بتركيز “تفاصيل العقد؟ فيه تغييرات؟”
“بنسبة كبيرة نفس الشروط، بس في بعض التفاصيل اللي هنناقشها في اجتماع رسمي بكرة”
يوسف فكر لثواني قبل ما يرد بحزم “تمام، متبلغش حد بالاجتماع ده يا تيمور، عايزه يكون سري، يكفي نسرين وسيف بس”
قفل معاه ونور سألته “إيه الأخبار؟”
يوسف لف ناحيتها وقال ” في شركه قررت تكمل معانا ”
نور ابتسمت بسعادة وقالت بحماس
“شايف! كنت لسه بقولك إن الوضع هيتحسن”
يوسف ابتسم بخفة وقال بصوت هادي لكنه واثق “آه، ولسه اللي جاي أحسن.”

تاني يوم كان يوسف في شركته وقدامه كل المديرين اللي طلبهم، بص في وشوشهم كلهم وهو متأكد اني في حد فيهم خاين، بدأ يتكلم في أمور عامه وهو مركز في كل واحد منهم، كان شاكك في كذا حد وجمعهم مخصوص علشان يختار اللي شاكك فيهم منهم ويعرفه بطريقته، لكنه قرر يركز على الاجتماع الأول، بعدها لكل حادث حديث.

في القاعة، كان تيمور ونسرين وسيف قاعدين مستنيين، وعلى الطرف التاني كان “زين عابدين” صاحب الشركة اللي قررت تجدد العقد.
بمجرد ما يوسف دخل، وقف زين بابتسامة هادية ومد إيده يسلم عليه
“يوسف البنا! مكنتش متوقع انك اللي ماسك الشركة دي، بقالنا سنين متقابلناش.”
يوسف رمش بعينه للحظة، افتكر الاسم كويس وبعد ثانية رد الابتسامة وقال “زين عابدين، صدفة غريبة فعلاً.”
زين قعد على كرسيه وهو بيقول “أنا لما عرفت إنك المسؤول عن الشركة، حسيت إن التجديد معاك هو القرار الصح، عارف إنك شخص يعتمد عليه.”
يوسف رفع حاجبه وسأل بجدية “طيب لو كده، ليه كنتوا مترددين في الأول؟”
زين ضحك بخفة وقال “بصراحة، كان في ناس بتحاول تقنعنا إن التعامل مع شركتك بقى مخاطرة، لكن لما دققنا في الأرقام والمشاريع اللي نفذتوها، اكتشفنا إنكم أقوى مما كانوا بيحاولوا يوصلوا.”
يوسف اتضايق، كان متأكد إن في حد بيحاول يوقعه فعلاً، لكنه قرر يركز على النقطة الأهم حالياً.
“وأنا شاكر ثقتك، خلينا ندخل في تفاصيل العقد.”
بدأ الاجتماع، يوسف كان حاضر بكل تركيزه، بيدرس مش بس الكلام، لكن كمان لغة الجسد، كل حركة، كل نظرة، وكل كلمة.
كان عايز يفهم أكتر مين اللي بيحاول يوقعه، وإزاي يقدر يقلب الطاولة عليهم ، تيمور بدأ يعرض بنود العقد الجديد، يوسف كان مستمع بتركيز، لكنه كان بيراقب زين كمان، بيحاول يفهم دوافعه أكتر. زين كان بيتكلم بثقة وكأنه متأكد إن الشراكة دي هتكون مربحة للطرفين.

انت في الصفحة 4 من 9 صفحات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
0

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل