روايات

رواية نصيبي من الحب الفصل الاول حتى الفصل الثاني والعشرون بقلم الكاتبه بتول عبد الرحمن حصريه وجديده 

رواية نصيبي من الحب الفصل الاول حتى الفصل الثاني والعشرون بقلم الكاتبه بتول عبد الرحمن حصريه وجديده 

داليا زفرت بضيق وقالت “بابا لحد دلوقتي بيدور عليا، وانتي بتقولي إن يوسف رجّع معتز، ممكن معتز يقوله مكاني.”
نور عقدت حواجبها، عارفة إن كلام داليا منطقي، معتز شخص مؤذي، وممكن جدًا يعمل كده لمجرد الانتقام، قلبها اتقبض، فكرت في يوسف، أكيد مش هيسمح بحاجه زي دي تحصل.
قالت بثقة “يوسف مش هيسمحله يعمل كده، ولو حصل، أكيد هنلاقي حل.”
داليا ضحكت ضحكة صغيرة، وقالت بمكر “وانتي بقى ازاي واثقة فيه اوي كده؟”
نور اترددت لحظة، معرفتش ترد، مجرد ما الاسم طلع في الكلام، حسّت بقلبها بيدق أسرع
قالت بتوتر “علشان انا بقيت عارفه يوسف، وطول ما هو موجود خلاص مش هيسمح لحد وخاصة معتز أنه يعمل حاجه زي دي”
داليا رفعت حاجبها بخبث وقالت “هممم… بقى عرفتي يوسف؟”
نور اتوترت أكتر، حركت إيديها بعصبية وقالت بسرعة “أقصد… عرفت هو بيتصرف إزاي، يعني مش هيسيب حد يأذي حد قريب منه، بس كده.”
داليا ضحكت بخفة وقالت “قريب منه، آه؟”
نور زفرت بضيق وقالت “داليا بطلّي! الموضوع مش كده.”
داليا قربت منها وهمست “مش كده؟ متأكدة؟ أصل نظراتك بتقول حاجة تانية خالص.”
نور اتوترت أكتر، بصّت بعيد وقالت “إحنا بنتكلم عنك، مش عني!”
داليا هزت راسها بضحكة وقالت “ماشي، هنشوف.”
نور سكتت، لكن قلبها كان بيدق بسرعة، مش عارفة ليه كلام داليا خلّاها تحس إن في حاجة فعلاً جواها بدأت تكبر…
رن تليفونها فجأة، بصت في الشاشة ولقت اسم يوسف منور قدامها، قلبها ساعتها دق بسرعة غريبة، وحست إنها اتلغبطت لمجرد إنه بيتصل، بسرعة قفلت الصوت عشان داليا ما تاخدش بالها، وحاولت تتعامل عادي
داليا لمحت الحركة وقالت بفضول “مين اللي بيرن؟”
نور ردت بسرعة وهي بتحاول تبان طبيعية “صاحبتي من الكلية.”
داليا بصتلها بمكر وقالت “طب ردي يمكن محتاجة حاجة!”
نور هزت راسها وقالت باستخفاف “مش وقته دلوقتي، هكلمها بعدين.”
داليا ضيقت عينيها وهي بتبصلها بشك، بس في الآخر قالت “ماشي براحتك.”

بعد ما سابت داليا ودخلت أوضتها، قفلت الباب ووقفت لحظة تاخد نفس عميق، بعدها طلعت موبايلها ورنت على يوسف، قلبها كان بيدق بسرعة وهي مستنية يرد.
بعد تالت رنة، صوته جه من الناحية التانية بنبرة هادية “أخيرًا افتكرتي إن ليكي تليفون؟”
ابتسمت بخفة وقالت “كنت مشغولة، معلش.”
” بتذاكري يعني؟!”
” لاء كنت مع داليا، انت في البيت؟!”
يوسف قالها بهدوء ” لاء أنا مش في البيت دلوقتي، وهتأخر شوية.”
نور رفعت حواجبها وقالت “رايح فين؟”
ابتسم بخفة “معلش، تحقيق ولا مكالمة؟”
ضحكت وقالت “لا تحقيق طبعًا، جاوب.”
رد بمزاح “شغل، وده اللي هسمح ليكي تعرفيه.”
اتنهدت وقالت “ماشي يا سي يوسف، مش هضغط عليك.”
فضلوا يتكلموا في مواضيع مختلفة، وعن أي حاجة عشوائية تخطر في بالهم، كل شوية كانت بتضحك على تعليقاته، وهو كان مستمتع بصوتها وهي بتحكي عن يومها بحماس.
بعد ساعة تقريبًا، يوسف قال “إنتي عارفة إننا بنتكلم بقالنا ساعة؟”
نور بصت للساعة بسرعة واتصدمت “معقولة؟! محستش بالوقت.”
ضحك وقال “ولا أنا، نستيني الدنيا”
ابتسمت ” انت عندك شغل صح؟!”
” صح، وحضرتك عندك مذاكره”
” اه عندي للاسف”
يوسف ضحك وقال ” يبقى تروحي تذاكري، تصبحي على خير ”
ردت بصوت هادي “وأنت من أهله.”

كانت قاعدة في الجنينه، حاطة الـ headphones في ودنها وسرحانة مع الأغاني، وفجأة اتخضت لما حسّت بحد شدها منها، بصّت بسرعة لقت يوسف قاعد جنبها، وعينيه مركزة عليها
نور قفلت الأغنية بسرعة وقالت بتوتر “أنا جالي صرع”
يوسف رفع حاجبه وقال “علشان كنتي سرحانة… كنتي سرحانة في مين كده؟!”
بصّت قدامها وقالت بسرعة “مش سرحانة، عادي بسمع ميوزك.”
رد بسخرية خفيفة “وعندك فاينل بكرة؟!”
قالت وهي بتتنهد “بفصل شوية… إيه، مفصلش؟”
ابتسم وقال “افصلي طبعًا يا روحي… بتسمعي إيه كده؟!”
قالتله بحماس بسيط “نانسي عجرم.”
رفع حاجبه وقال “نانسي؟!”
هزت راسها وقالت “آه، بحبها.”
سألها بفضول “وبتسمعي إيه لنانسي؟”
ابتسمت وقالت “ابن الجيران.”
بصّلها باستغراب وضيق عينيه وقال “ابن الجيران؟! إيه ابن الجيران دي؟!”
ضحكت وقالت “اسمع بنفسك.”
لبس السماعة وهي شغّلت الأغنية، وبعد ما خلصت شال السماعة ببطء وبصّلها بنظرة غامضة وقال “ومين ابن الجيران بقى؟!”
نور ضحكت وقالت “أغنية وخلاص، يعني لازم يكون في حد؟!”
يوسف بصّلها بنظرة مش مقتنعه وقال “معرفش… بس واضح إن الأغنية عاجباكي أوي!”
هزّت كتفها وقالت “عادية، يعني بحبها وخلاص.”
قعد ساكت شوية وهو مركز فيها، وبعدين قال بهدوء “ماشي يا نور… بس لو فيه ابن جيران بجد، لازم أعرفه.”
بصّتله بدهشة وقالت “يوسف، أنت بتتكلم جد؟!”
رد بضحكة خفيفة “مش اوي، بس مش هزار أوي برضه!”
نور حسّت بقلبها بيدق بسرعة، بس حاولت تستخبى ورا ضحكتها وقالت “طب يعني… أنا لو سمعت أغنية تانية، هتحللها برضه؟!”
قرب منها شوية وقال بصوت هادي “لو كانت بتوصف حالتك، آه.”
حسّت بحرارة كلماته لفت حوالين قلبها، فحاولت تهرب من الموقف وقالت وهي بتقوم “أنا بقا هدخل أذاكر، خليني مركزة في الامتحان أحسن!”
مشيت وهو فضل قاعد شويه، هبة شافت يوسف قاعد لوحده وراحت قعدت جنبه”
“يوسف! بتعمل إيه هنا لوحدك؟”
رفع راسه وبصلها بابتسامة خفيفة “ولا حاجة، بشم شوية هوا”
” خير، شكلك سرحان”
قال ” لا خير ولا شر، المهم انتي عامله ايه؟!”
هبة ابتسمت بخفة وقالت “الحمد لله، ماشي الحال.”
لحظة صمت مرّت بينهم، وبعدها سألت هبة بصوت هادي “هو أنا فعلاً محدش هيقبل يتجوزني؟”
يوسف استغرب سؤالها وبصلها بتركيز “ليه بتقولي كده؟”
هبة اتنهدت وقالت بنبرة مليانة حيرة “عشان اللي حصل وكده…”
اتعدل في قعدته، قرب منها شوية وقال بحزم “إيه اللي حصل يا هبة؟ أنا مش شايف إن في حاجة حصلت أصلاً.”
هبة بصتله بعيون حزينة وقالت “انت شايف الموضوع سهل… أو يمكن بتعمل إنك شايفه سهل علشاني، بس الحقيقة غير كده… محدش هيقبل يتجوز واحدة…”
سكتت فجأة، مقدرتش تكمل، وكأن الكلام اختفي
يوسف مدّ إيده بهدوء، مسك إيدها بين إيديه وقال بنبرة مليانة دفء وثقة “هبة، انتي أجمل بنت في العالم، وأي حد يتمناكي، اللي حصل ده مش بمزاجك، ومحدش يقدر يلومك عليه، متفكريش بالطريقة دي، وسيبيها على ربنا، هو اللي بيكتب لنا الخير.”
هبة بصتله، عيونها فيها امتنان، بس برضو فيها خوف، مش قادرة تصدق إن ممكن حد يشوفها بالطريقة اللي يوسف شايفها بيها.

يوسف قعد يفكر في هبة، إزاي يقدر يساعدها تتخطى اللي حصل؟ عارف إن اللي مرت بيه مش حاجة سهلة، وإن أي كلام مش هيكون كفاية لوحده، بس برضو، هو مش ناوي يسيبها غرقانة في الأفكار دي، كان محتار يتصرف ازاي
أول حاجة قررها إنه يكون جنبها دايمًا، يديها إحساس بالأمان، يخليها تحس إنها مش لوحدها، عارف إنها ممكن تكون بتضحك قدام الكل، بس جواها وجع هي بس اللي حاساه، بتحاول تتخطي بس هيا لسه عند نقطة الصفر
يوسف قرر إنه مش هيخليها تحس إنها مختلفة أو ناقصة، بالعكس، هيفضل يعاملها كأنها زي ما هي، زي ما كانت دايمًا، عشان تفتكر نفسها الحقيقية، مش الصورة اللي هي رسمتها لنفسها بعد اللي حصل.
وعارف إن الموضوع محتاج صبر، بس هو مستعد.

تاني يوم نور خرجت من امتحانها وهي حاسة إن الامتحان كان فيه شوية صعوبة، بس مش كارثي، وقفت مع واحدة من صاحباتها اللي بدأت تراجع معاها بعض الأسئلة، وكانت نور بتسمع بس من غير ما تركز اوي، لحد ما اتفاجئت بصوت دكتور مروان بيسأل وهو بيبص عليهم
“عملتوا إيه؟! الامتحان كان كويس؟!”
نور هزت راسها بإيماءة خفيفة، أما صاحبتها فردت بسرعة “كان كويس، بس في كذا نقطة جت صعبة.”
مروان بص لنور كأنه مستني يسمع تعليقها، لكنها فضلت ساكتة، استغرب وسألها مباشرة “وإنتِ يا نور؟ عملتِ إيه؟!”
رفعت عينيها له وردت بإيجاز “كان كويس.”
رفع حاجبه وقال بنبرة خفيفة “يعني حليتِ كويس؟”
ردت بهدوء “الحمد لله.”
هز راسه وقال “ركزوا في المادة الجاية، احتمال تيجي تقيلة شوية.”
صاحبتها سألته باهتمام “يعني نركز على حاجات معينة؟!”
مروان رد بثقة “ذاكروا كويس بس، حلّوا كل الأمثلة اللي في الكتاب، والأفكار مش هتخرج منها إن شاء الله.”
شكرته البنت بابتسامة، وهو نقل نظره لنور وسألها بنبرة أخف “متأكدة إن كل حاجة كانت كويسة؟!”
هزت راسها وقالت ” اه، الحمد لله”
“كويس، بالتوفيق في اللي جاي.”
مشي والبنت اللي مع نور بصتلها بفضول وقالت بابتسامة “هو الدكتور مروان دايمًا بيهتم بيكي كده؟!”
نور رفعت حاجبها وقالت بسرعة “إيه؟! لأ طبعًا، هو بس بيسأل زي ما بيسأل الكل.”
صاحبتها ضحكت وقالت “أوكي أوكي، بس أنا ملاحظة إنه بيركز معاكي أكتر من أي حد تاني.”
نور تجاهلت كلامها وحاولت تغير الموضوع

يوسف كان قاعد في مكتبه، بيراجع كل حاجه في الفتره الاخيره، الباب اتفتح ودخل الشخص المسؤول عن توصيل المعلومات الخاصة بعيلة الدمنهوري، يوسف رفع عينه بتركيز، ضهره كان مسنود على الكرسي بارتياح ظاهري، لكنه في الحقيقة كان بيراقب كل حركة قدامه.
الشخص وقف قدامه وقال بصوت هادي لكنه واضح “في حاجة مهمة لازم تعرفها، مروان الدمنهوري ناوي يمسك الشركة مع أبوه، التحركات بدأت فعليًا.”
يوسف عقد حواجبه للحظة، وبعدين فرد ملامحه بهدوء، صوته طلع متزن “يعني رسمي داخل في الإدارة؟”
الشخص هز راسه بإيجاب “أيوه، أشرف بيمهدله الطريق، وبدأ يديله مساحة في القرارات المهمة.”
يوسف لف القلم بين صوابعه، عينه بقت أعمق وهو بيسأل “وأشرف نفسه، إيه خطته؟”
“واضح إنه بيجهزه تدريجيًا، مش عاوز أي خطوة تتاخد بشكل مفاجئ، لكن اللي باين إن مروان عنده طموح إنه ياخد مكانه في أسرع وقت.”
يوسف ابتسم ابتسامة جانبية، ابتسامة فيها معنى مش واضح، وقال ببطء “كل واحد عنده نقطة ضعف، وخصوصًا لما يكون لسه بيثبت نفسه… هلاقي نقطة ضعف مروان.”
رفع عينه للشخص اللي قدامه وقال بحزم
“تابعلي تحركاته، عايز أعرف بيفكر إزاي، وعايز أي حاجة تخصه، جوه الشركة وبره… مفهوم؟”
الشخص أومأ بسرعة وقال “مفهوم، هجبلك كل حاجة في أقرب وقت.”
يوسف سابه يخرج، وعينه فضلت ثابتة على نقطة بعيدة، تفكيره كان شغال بأقصى سرعة، وابتسامته اللي ظهرت بخفة أكدت إن الفكرة اللي في دماغه بدأت تتشكل، وبدأت المواجهه بين يوسف البنا ومروان الدمنهوري

21

#نصيبي_في_الحب

مروان دخل شركة الدمنهوري بخطوات واثقة، هالته كانت مليانة هيبة وثقة، وكل اللي في الاستقبال وقفوا باحترام وهو عدى بينهم، كان لابس بدلة سودا مفصلة عليه بإتقان، ووشه مكنش باين عليه أي مشاعر، لكن عنيه كانت بتلمع بنظرة كلها تصميم.
دخل على السكرتارية، وبمجرد ما شافته قامت بسرعة وقالت باحترام “صباح الخير يا فندم، الأستاذ أشرف مستني حضرتك في مكتبه.”
اكتفى بهزة بسيطة من راسه وكمل طريقه، فتح باب المكتب بثقة ودخل، لقى والده قاعد وبيبصله بنظرة تقييمية.
مروان قفل الباب ووقف قدامه من غير مقدمات وقال ” وفيت بوعدي وجيت اهو”
أشرف سكت لحظة، بصله بنظرة طويلة قبل ما يتنهد ويقول بصوت هادي لكن متوتر “الشركة بتمر بمرحلة صعبة، ولازم حد يسندها.”
مروان رفع حاجبه بسخرية خفيفة وقال
“وإنت شايف إن أنا الشخص المناسب بجد، انت عارف اني مليش في شغل الشركات، دايما بتقول أن محدش يجيب دماغك في الشغل ”
أشرف اتكئ على مكتبه بإيده، واضح إنه مش في موقف يسمح له بالغرور أو العناد، وقال بنبرة اعتراف “اللي حصل خلاني أعيد تفكيري، مروان… أنا مش عايز الشركة تقع.”
مروان قرب منه أكتر، نبرته كانت ثابتة، واثقة، لكن فيها تحذير واضح “أنا ممكن أرجّع الشركة وأوقفها على رجليها، بس لما أخد مكاني بالكامل، مش مساعد، مش مجرد ابن صاحب الشركة… أنا اللي هيديرها فعليًا.”
أشرف حرك أنظاره بعيد، كأنه بيقاوم فكرة تسليم زمام الأمور كلها، لكنه في الآخر عرف إنه مش قدّ المواجهة دي، بعد لحظة صمت، قال بصوت شبه مستسلم “الشركة شركتك، ورّيني هتعمل إيه.”
مروان ابتسم، ابتسامة انتصار خالية من الرحمة، وقال بهدوء “متقلقش، هتشوف كل اللي عمرك ما قدرت تعمله.”
أشرف بصّله بصة طويلة، مزيج من التردد والرهبة، لكنه في النهاية هزّ رأسه باقتناع ضمني، كان عارف إن مروان عنده نظرة مختلفة، قوة مختلفة، والأهم… رغبة في إنه يثبت نفسه حتى لو على حساب أي حد
مروان ما استناش إذن تاني، لفّ حوالين المكتب وقعد على الكرسي الجانبي بثقة، فتح اللاب توب الخاص بيه وقال بدون ما يبص لأشرف “أول حاجة لازم نعملها، إننا نعيد هيكلة الشركة، نحدد الناس اللي فعلاً شغالين، واللي بياخدوا مرتبات على الفاضي.”
أشرف عقد حواجبه وقال بحدة “إنت ناوي تمشي ناس؟! دول بقالهم سنين هنا، فيهم ناس وقفوا معايا من البداية.”
مروان رفع عينه بثبات، وقال بجفاف
“وأنا مش ناوي أشيل حملة عاطفي على كتافي، الشركة محتاجة تبقى أقوى، مش أضعف بسبب المجاملات، أي حد مالوش فايدة… لازم يمشي.”
أشرف فضل ساكت، كان متأكد إن مروان مش بيتكلم من فراغ، لكنه في نفس الوقت مش قادر يتقبل طريقته القاسية بسهولة
مروان كمل، وهو بيكتب ملاحظاته على اللاب توب
“تاني خطوة، هنعمل تعديل في العقود الجديدة، وهنبدأ حملات تسويقية مختلفة، السوق متغير، وإحنا لو ما اتغيرناش، هنخسر أكتر مما خسرنا الفترة اللي فاتت.”
أشرف حط إيده على المكتب، اتنهد وقال “إنت مش ناوي تتراجع عن أي خطوة؟”
مروان ضحك بسخرية خفيفة، قفل اللاب توب وقال “أنا جيت علشان أخد مكاني… مش علشان أتراجع.”
وقف وهو بيظبط كمه، بصّ لوالده بنظرة حادة قبل ما يسيب المكتب ويمشي
أما أشرف، ففضل قاعد مكانه، عارف إن ابنه بدأ اللعب فعلاً، وإن من اللحظة دي… مروان الدمنهوري مش هيكون مجرد اسم، بل قوة حقيقية في عالم الأعمال

يوسف كان قاعد في الجنينه، السما كانت ملبدة بالغيوم كأنها حاسة باللي جواه، كان ماسك اللابتوب، عينيه بتتنقل بين الملفات المفتوحة، بس تركيزه كان في حتة تانية خالص، بعد دقايق من المحاولات الفاشلة للتركيز، قفله بملل واتنهد وهو بيسند راسه على الكرسي.
حاسس إنه مهموم، الحمل اللي على كتافه بقى تقيل، ومهما حاول يرتب الأمور، فيه حاجة دايمًا مش مظبوطة، بس الغريب إنه فجأة لقى نفسه بيفكر في نور
هي عاملة إيه دلوقتي؟ بتذاكر؟ بتتكلم مع داليا زي العادة؟ ولا نايمة؟
ابتسامة خفيفة اترسمت على وشه من غير ما يحس، نور بقت جزء من يومه من غير حتى ما يقصد، وجودها، صوتها، حتى طريقتها في الجدال معاه… كل حاجة فيها بقت عالقة في ذهنه.
هو ليه بقى مهتم كده؟!
عدل قعدته ومسح على وشه كأنه بيطرد الأفكار اللي شاغلة دماغه، بس في الآخر قرر يستسلم لها، مدّ إيده ناحية اللابتوب، لكنه بدل ما يرجع للشغل، سحب تليفونه ورن عليها
بعد كذا رنه ردت عليه بهدوء “ألو؟”
اتعدل في قعدته وقال بصوته الهادي المعتاد “إيه الأخبار؟ بتعملي إيه؟”
نور ردت بنبرة شبه مرهقة “كويسة، كنت بذاكر شوية.”
يوسف ابتسم بخفة وسألها وهو بيتكئ على الكرسي “طب وإيه رأيك تفصلي شوية؟ تعالي ننزل الجنينه، الجو حلو.”
نور سكتت للحظة قبل ما ترد بتردد “دلوقتي؟”
يوسف رفع حاجبه وقال بثقة “أيوة، دلوقتي، مش أنتي اللي بتقولي لازم ناخد بريك وإلا مخنا هيوقف؟”
سمعها وهي بتتنهد، كأنها بتحاول تقنع نفسها قبل ما تقول بصوت هادي “طيب، نازله”
يوسف ابتسم وهو بيقفل التليفون، مكانش فاهم إيه اللي خلاه يطلب منها تنزل، بس اللي هو متأكد منه إنه كان محتاج يشوفها

نور نزلت للجنينة وهي بترجع خصلات شعرها ورا ودنها، كانت لسه حاسة ببقايا الإرهاق من المذاكرة، بس برضه كان عندها فضول تعرف يوسف عايز إيه، أول ما قربت منه، لقيته قاعد على الكرسي مميل راسه لورا وعينيه مغمضة كأنه شارد
وقفت قدامه وقالت بصوت هادي “يوسف!”
فتح عينه وبصلها بابتسامة خفيفة، وبعدها عدّل قعدته وقال وهو بيشاور على الكرسي اللي جنبه “تعالي اقعدي، كنتِ بتذاكري إيه؟”
قعدت قدامه وقالت “سيستم، حاساها تقيلة شوية.”
يوسف ضحك بخفة وقال “دي مش جديدة، كل امتحان بتقولي نفس الكلام.”
نور زفرت بضيق وقالت “ماهو على قد ما بذاكر، على قد ما دايماً بحس إني مش فاهمة حاجة كفاية.”
يوسف اتكأ على الكرسي وقال بنبرة جدية “مشكلتك إنك بتذاكري كتير بس مابتحليش كتير، جربي تحلي أسئلة أكتر وهتشوفي الفرق.”
نور بصت له بتأمل وقالت “إنت بتعمل كده؟”
ضحك وقال بثقة “أكيد، عشان كده دايماً بطلع الأول.”
نور رفعت حاجبها وقالت بمكر “دايماً؟”
يوسف هز راسه بنفس الثقة وقال “طبعاً، ولا عمركِ سمعتي إني كنت التاني؟”
نور ضحكت وقالت وهي بتميل براسها
“طيب يا أذكى واحد في العالم، قولي بقا، نزلتني ليه؟”
يوسف بص قدامه بصمت للحظة، وبعدين قال بهدوء “مكنتش عايز أقعد لوحدي.”
نور اتفاجئت بردو وسألته بنبرة أهدى “حصل حاجة؟”
يوسف لف وشه وبصلها، ابتسم ابتسامة صغيرة وقال “لاء، بس ساعات الواحد بيحتاج حد يقعد معاه… من غير كلام حتى.”
نور بصتله للحظة، وبعدها سكتت
عدى شوية صمت قطعه يوسف وهو بيلعب بطرف القلم اللي في إيده، وبعدين قال بصوت هادي لكنه مشحون بالتفكير
“حاسس إني مقصر ناحية هبة… حاسس إني عايز أخرجها من اللي هي فيه.”
نور فضلت ساكتة، بتسمعه من غير ما تعلق، يوسف بصلها وسألها بجدية “تفتكري ممكن أعمل إيه معاها ينسّيها اللي حصل؟”
نور اتنهدت قبل ما ترد، بصت بعيد وقالت بهدوء “أكيد نصايحي مش هتعجبك… ومعتقدش إنك عايزني أتدخل.”
يوسف رفع راسه وبصلها، ضيق عينه بإحباط وقال بنبرة متضايقة “نور، إنتي لسه فاكرة؟ قلتلك مكنتش قاصد أقولك كده.”
نور ردت بنفس النبرة الهادية، لكنها كانت حاسمة “وأنت طلبت مني كده وخلصنا.”
يوسف اتنرفز، شد نفس عميق وهو بيحاول يسيطر على غضبه، لكنه فقد السيطرة ورفع صوته وهو بيقول “أنا مطلبتش كده! أنا قلت كلام مش قاصده في وقت عصبية، واعتذرتلك، وإنتي برضو مصممة تضايقيني!”
نور بصتله بثبات وقالت ببرود واضح “أنا مش بضايقك، بس بسمع كلامك… مخليّة نصايحي لحد تاني.”
يوسف حرك رجله بعصبية وزق الترابيزة برجله، وقع اللابتوب على الأرض بصوت عالي ،نور اتخضّت، عينها راحت للابتوب للحظة، وبعدها رفعت عيونها له، لكنه كان واقف ومتشنج، غاضب بشكل واضح، خد نفس عميق، وبصلها نظرة أخيرة قبل ما يقول بنبرة جافة وقاطعة “ماشي يا نور… براحتك خالص، خلي الحد التاني ينفعك.”
سابها ومشي، سابها قاعدة وسط الصمت اللي كان تقيل زي الصخر، وهي متجمدة مكانها، بتراقب ضهره وهو بيختفي بعيد عنها.
نور فضلت قاعدة في مكانها بعد ما يوسف مشي، قلبها مقبوض وإحساس غريب بيضغط على صدرها، بصّت للأرض بشرود، وحسّت بندم غريب بيخنقها.
“ليه قلتله كده؟ ليه حسسته إني متعمدة أضايقه؟”
رفعت إيديها وسندت راسها عليهم، أخدت نفس عميق وهي بتحاول تهدى، بس عقلها كان شغال بأقصى طاقته.
“هو كان عايز نصيحتي، وأنا… أنا عملت إيه؟ رديت عليه ببرود وكأني بتجاهله، مع إنه واضح إنه مهموم ومش عارف يتصرف!”
اتكت على الكرسي بضهرها، وغمضت عيونها لحظة، تحاول تستوعب الموقف أكتر، فاكرة كويس نبرة صوته لما قال “خلي الحد التاني ينفعك”… كانت تقيله عليها
“ليه حسيته صدمني بالكلمة دي؟ وليه حاسّة إن اللي حصل ده غلط؟!”
بصت قدامها بتوتر، كانت عايزة تقوم وتلحقه، تعتذر أو حتى تشرح له إنها مكانتش تقصد تعانده
نور قامت بسرعة وهي بتدور بعينيها على اللابتوب اللي وقع لما يوسف زق الترابيزة برجله، قلبها كان مقبوض أكتر وهي بتقرب منه، حست إنها لازم تتأكد إنه سليم، يمكن لأنها حست بالذنب… أو يمكن لأنها عارفة قد إيه يوسف متعلق بشغله.
انحنت ترفعه، نفخت شوية تراب كان عليه، وفتحته بحذر. الشاشة اشتغلت، بس كان فيه شرخ صغير في الركن، اتنهدت بضيق، يوسف أكيد هيزعل لو شافه كده
“أنا السبب في ده… لو مكنتش رديت عليه بالطريقة دي، مكنش هيتعصب، ومكنش حصل كل ده!”
فضلت واقفة للحظة وهي ماسكة اللابتوب، عينها على المكان اللي يوسف اختفى فيه. جزء منها كان عايز يروح له فورًا، تعتذر وتوضح له إنها مكانتش تقصد تتجاهله… بس جزء تاني كان خايف، خايف يصدّها أو يفضل زعلان.
اتنهدت تاني، وضمت اللابتوب لحضنها وهي بتهمس لنفسها
“لازم أتكلم معاه…!”

نور راحت تدور على يوسف، لاقته واقف بعيد، ملامحه كانت متوترة وكان مخنوق، قربت منه بحرص، ندهت عليه بصوت واطي “يوسف…”
لفلها بسرعة، نظراته كانت حادة وقال ببرود “لاء، مش وقت نقاش، خلاص.”
لكنها مستسلمتش، قربت أكتر وقالت بصوت هادي “أنا آسفة.”
كور إيده بغضب وزفر بحدة “امشي يا نور، روحي شوفي وراكي إيه.”
فضلت واقفة قدامه، عنيها بتدور على أي لمحة من اللي كان بينهم
“يوسف، أنا مكنش قصدي أضايقك… بس أنت اللي طلبت مني متدخلش في أي حاجة تخصك.”
زفر بضيق، باصص بعيد عنها كأنه مش عايز يشوفها “أنتِ مصممة على اللي في دماغك، فاتفضلي!”
هزت راسها بإصرار، عنيها مليانة عتاب “لأنك مشوفتش نفسك يومها كنت بتكلمني إزاي، وبتبصلي إزاي… متعرفش أنا حسيت بإيه وقتها، حسستني إني ولا حاجة بالنسبالك.”
سكتت لحظة، وكأنها بتجمع شجاعتها تكمل، وبصوت أوطى قالت “وأنا فعلاً ولا حاجة، وانت وقتها أكدتلي ده، لأن ببساطة… أنا مجرد بنت عادية جداً بالنسبالك، بحاول متخطاش حدودي وأنا مجرد واحده عاديه متطفله”
جت تمشي بس شدها من دراعها وقرب من شفايفها وباسها، باسها باشتياق، باسها بحب، باسها بنهم، حركه مفاجئه وكأنه بيقولها هيا ايه بالنسباله ،نور اتفاجئت، حاولت تبعد بس هو مسمحلهاش وكان حاكمها، ارتخت تماما واتجاوبت معاه وحست انها في دنيا تانيه وعالم تاني
كل حاجة وقفت للحظة… مفيش غير إحساسه اللي حاصرها، نظرته اللي مليانة مشاعر متدفقة، ودفء قربه اللي هز كيانها، كانت حاسّة بقلبها بيدق بسرعة، بجنون، وكأن اللحظة دي أخدت كل عقلها معاها، كانت عايزة تقاوم، تهرب، تقول إن ده غلط… بس مكنتش قادرة، الدفء اللي حاصرها، المشاعر اللي انفجرت جوّاها، والطريقة اللي يوسف ماسكها بيها، كلها حاجات خلتها تنسى العالم حواليها.
فجأة، وكأنها استوعبت، زقت يوسف بعيد عنها، عنيها مليانة ارتباك وصدمتها واضحة، رفعت إيدها لشفايفها وهي مش مصدقة اللي حصل، وهي لسه حاسة بإحساسه عليها.
“إنت…”
كان واقف قدامها، ملامحه مش مفهومة، مزيج غريب بين الغضب، التوتر، والشوق. كان واضح إنه متلخبط زيها تمامًا، يمكن أكتر، خد نفس عميق، كأنه بيحاول يلم شتاته، ومسح على وشه بايده
“أنا… أنا آسف.”
كلمته نزلت على قلبها تقيلة، ليه بيعتذر؟ ليه صوته متوتر كده؟ ليه كل حاجة بينهم دايمًا معقدة؟ حسّت بدموعها على طرف عنيها، مش عارفة حتى ليه بتعيط.
هزّت راسها بسرعة وقالت بصوت مهزوز
“لأ… مش مفروض ده يحصل، أنا مش…”
مكملتش، لفت بسرعة ومشيت، أو بالأصح، جريت بعيد عن المكان، بعيد عن يوسف، بعيد عن الإحساس اللي هي مش قادرة تفهمه ولا تواجهه.
أما يوسف، ففضل واقف في مكانه، عيونه بتلمع وهو بيبص لمكانها، عارف إنه غلط، عارف إنه لغبط الدنيا أكتر، بس الأكيد، إنه مش ندمان.

نور دخلت أوضتها بسرعة وقفلِت الباب وراها، ضهرها اتسند عليه وكأنها فقدت قدرتها على الوقوف، رفعت إيديها وحطتها على شفايفها، المكان اللي يوسف لمسها فيه، ولسه الإحساس باقي.
كانت حاسّة بدقات قلبها بتخبط في صدرها، إحساس غريب، متلخبط، مش قادرة تحدد إذا كانت خايفة، متضايقة، ولا… حاجة تانية مش قادرة تسميها، عقلها بيعيد المشهد من جديد، عيونه، لمسته، الطريقة اللي مسكها بيها، وكأنها كانت ملكه، وكأنها فعلاً حاجة مهمة بالنسباله.
عضّت على شفايفها وغمضت عيونها تحاول توقف دماغها عن التفكير، لكن فجأة لقت دموعها بتنزل، دموع مش عارفة سببها بالظبط، هل لأنها مصدومة؟ ولا لأنها اكتشفت إن مشاعرها تجاه يوسف أعمق بكتير من اللي كانت بتقوله لنفسها؟
قربت من سريرها وقعدت عليه، دموعها بتنزل في صمت، مش عارفة حتى ليه وجعها ده كله، كل اللي كانت متأكدة منه إن اللي حصل مش مجرد لحظة عابرة… لا، ده شيء هيغير كل حاجة.

عدّت أيام ونور حرفيًا كانت مختفية، لا بتظهر قدامه ولا حتى بيشوفها بالصدفة زي الأول، كأنها عاملة حاجز بينه وبينها، كأنها بتتجنب وجوده بأي شكل، يوسف حسّ بيها، حسّ إنها بتتهرب، وده زوّد توتره
في الأول حاول يقنع نفسه إنها صدفة، وأنها اكيد مشغوله، بس مع مرور الأيام، بدأ يستوعب إن ده مش صدفة، دي متعمّدة تختفي، بتهرب
كل مرة يدخل الجنينة، كانت مش موجودة زي ما بتبقى معظم الأوقات، كل مرة يسأل حد عنها، كانت إما في اوضتها بتذاكر أو في كليتها بتمتحن، وكل مرة يبعتلها رسالة مكانتش بتشوفها اصىلا ولا بترد على اتصالاته، يوسف حسّ بفراغ غريب، كأن في حاجة ناقصة، حاجة اختفت من يوم ما نور قررت تبعد.
وفي يوم، وهو راجع من شغله، معدّي في الطرقه لمحها من بعيد، كانت واقفة مع هبة بتتكلم، ضحكت ضحكة خفيفة، لكنه لاحظ إنها مش ضحكتها العادية، كانت مجاملة أكتر منها طبيعية، وقف للحظة، يفكر، هل يروحلها؟ ولا يسيبها في بُعدها؟ لكنه عارف نفسه… وعارف إنه مش هيسكت على الوضع ده أكتر.

نور أول ما شافت يوسف، قلبها اتقبض تلقائي، حست بتوتر غريب، كأنها مش قادرة تواجهه بعد كل اللي حصل، بسرعة استأذنت من هبة بحجة إنها تعبانة وراحت أوضتها، قفلت الباب ووقفت وراه تحاول تلم أفكارها
يوسف من بعيد كان متضايق، كان متأكد إنها هربت منه تاني، وإنها مش ناوية تديه فرصة حتى يوضّح أي حاجة، زفر بضيق،
فضل واقف في مكانه لحظات، يفكر… هل يسيبها على راحتها؟ ولا يواجهها غصب عنها؟ بس هو مش متعود يستسلم بسهولة، مش متعود يسيب حاجة توجعه ويفضل ساكت
بخطوات ثابتة، اتحرك ناحية أوضتها، وقف قدام الباب، رفع إيده… وخبط.

نور كانت واقفة ورا الباب، قلبها بيدق بسرعة أول ما سمعت الباب بيخبط، خدت نفس عميق وهي بتحاول تهدي رعشة إيديها، لكن مكانها كان ثابت، مش قادرة تتحرك
يوسف خبط تاني، المرة دي بصوت أوضح، وقال بنبرة هادية لكن فيها إصرار “نور… افتحي.”
فضلت ساكتة، عقلها بيحاول يلاقي أي مخرج، لكن مفيش، يوسف واقف بره ومش هيمشي.
عدت ثواني وهو لسه واقف مستني، ولما فقد صبره قال بصوت أهدى بس حاسم “مش هفضل واقف كده طول اليوم، افتحي الباب يا نور.”
لحظة تردد، وبعدها إيديها اتحركت لوحدها، فتحت الباب ببطء، وعينيها كانت هربانة منه، مش قادرة تبصله.
اول ما فتحت دخل وقفل الباب، وقف قدامها، عيونه بتدور في ملامحها كأنه بيدور على إجابة، بصوته كان أهدى لكنه واضح “هربتي ليه؟”
نور عضت شفايفها بتوتر، مكنتش عارفة ترد تقول إيه، الحقيقة كانت واضحة بس مش قادرة تواجهها، مش قادرة تواجهه هو
كرر سؤاله بهدوء “هربتي ليه يا نور؟”
رفعت عينيها أخيرًا وبصتله، كان فيه حاجات كتير جواها، خوف، قلق، توتر… ومشاعر تانية مش قادرة حتى تسميها قالت بصوت واطي “مكنتش هعرف أبص في وشك.”
رفع حواجبه وقال “ليه؟ علشان اللي حصل؟”
اتوترت أكتر، قلبها بيدق بسرعة، وقالت وهي بتحاول تبعد الموضوع عنها “يوسف… أنا مش عايزة اتكلم”
قرب منها خطوة، وكان صوته فيه إصرار أكتر “لا، هنتكلم، انتي مختفية بقالك أيام، مش بتردي عليا، مش عايزة حتى تبصي في وشي، ده معناه حاجة واحدة… انك خايفة من اللي حصل، صح؟”
اتنهدت وحاولت تحافظ على هدوئها، لكن صوتها طلع مهزوز وهي بتقول “أنا مش خايفة… بس—”
قاطعها بسرعة، عيونه كانت مثبتة عليها وكأنه شايف كل حاجة بتحاول تخبيها “بس إيه يا نور؟”
اتوترت أكتر، دموعها لمعت في عنيها، وقالت بصوت واطي “مش قادرة أفهم، مش قادرة أستوعب اللي حصل… ومش عارفة ده معناه إيه!”
يوسف سكت لحظة، وبعدها قال بهدوء “معناه إن اللي بينا مش عادي، وإنت عارفة ده كويس.”
قالت بتوتر “يعني إيه؟”
قرب منها بخطوات هادية، مسك إيديها اللي كانت متلجة من التوتر، وضغط عليها برفق، وكأنه بيحاول يطمنها، وقال بصوت ثابت وواضح “يعني حب… اللي حصل ده مش بيدل غير على حاجة واحدة، وهي الحب.”
شهقت بهدوء وهي بتحاول تستوعب كلماته، عيونها كانت مليانة اضطراب، قلبها بيخبط في صدرها، مش قادرة تستوعب اللي سمعته، حاولت تسحب إيديها، لكنه ماسكها بإصرار ممزوج بحنان.
قالت بصوت مهزوز “يوسف… إنت بتقول إيه؟”
بصلها بعمق، كأنه شايف جوة قلبها أكتر منها، وقال بنبرة مفيهاش تردد “أنا بقول الحقيقة، نور… إحنا الاتنين عارفين ده، مهما حاولتي تهربي، مش هتقدري تغيّري اللي بينا.”
نزلت عيونها للأرض، مش قادرة تواجه نظرته اللي كلها يقين، عقلها كان مشوش، بس قلبها كان بيرفرف بخوف… وخجل.
رفع وشها وبص لعينيها، عيونه مكنش فيها غير الصدق، وضغط على إيديها أكتر، وقال بصوت دافي لكنه حاسم “أنا بحبك يا نور.”

22

#نصيبي_في_الحب

“أنا بحبك يا نور ”
شهقت بهدوء، قلبها بيخبط بعنف في صدرها، وكأن كلماته نزلت عليها زي الصاعقة، عينيها لمعت بدموع مش قادرة تمنعها، وشفايفها اترعشت وهي بتحاول تستوعب اللي يوسف قاله، الحب؟ هو قالها بصريح العبارة… يوسف بيحبها.
حاولت تبعد إيديها تاني، لكن إيده كانت لسه مسكاها بإصرار، لمسة دافية وسط العاصفة اللي شغالة جواها، همست بصوت متلخبط، كأنها بتحاول ترفض اللي بيحصل “يوسف… أنت مش فاهم…”
رفع حواجبه وسألها بهدوء، كأنه واثق إنها بتحاول تهرب “مش فاهم إيه يا نور؟”
اتكتمت، عقلها مشوش، مش قادرة تلاقي كلمات مناسبة، كل حاجة حصلت بسرعة، ومشاعرها كانت متداخلة بطريقة تخوفها. حاولت تاخد خطوة لورا، لكنه قرب أكتر، صوته كان مليان يقين وهو بيقول “بصيلي في عيني وقوليلي إن كلامي غلط… قوليلي إن اللي بينا مجرد وهم، وإنك محسيتش باللي أنا حسيته.”
نور عضت شفايفها، عيونها هربت منه، لكنها عارفة إنها لو بصتله، كل دفاعاتها هتنهار، يوسف كان مستني، صبره واضح، لكنه في نفس الوقت مكنش ناوي يسيبها تهرب أكتر، اتنفست بعمق، وأخيرًا رفعت عينيها، دموعها كانت على وشك النزول وهي بتهمس “أنا… أنا مش عارفة.”
ابتسم ابتسامة خفيفة، كأن ردها أكدله حاجة كان واثق منها، وقال بصوت دافي “وأنا هساعدك تعرفي.”
حست برعشة في قلبها، بتوليفة من الخوف والتوتر… لكن الأمان كان هناك برضه، في طريقته في الكلام، في لمسة إيده، في عيونه اللي كانت بتوعدها بحاجة عمرها ما توقعتها.
سكت لحظة قبل ما يهمس “بس قبل أي حاجة… بطلي هروب يا نور.”
نور حسّت بكلماته كأنها لمسة خفيفة على قلبها، لكنها تقيلة جدًا على روحها، يوسف مش ناوي يسيبلها فرصة تهرب، مش ناوي يسمح لها تنكر اللي جواها… والمشكلة إنها مش متأكدة هي عايزة تهرب فعلًا ولا لأ
شهقت نفس مهزوز وهي بتحاول تهدي العاصفة اللي شغالة جواها، عقلها بيقول حاجة، وقلبها بيقول حاجة تانية خالص “يوسف… مش بالبساطة دي.”
نظرته متهزّتش، بالعكس، زاد فيها الإصرار “بالعكس، هي بسيطة جدًا… إما بتحبيني أو لأ.”
كانت عايزة تصرخ وتقوله إنها بتموت فيه، مش بس بتحبه، كانت عايزة تقوله إن تأثيره عليها بيخليها عايزة تشوفه طول الوقت، تسمع صوته، تبقى جنبه بدون سبب… بس صوتها اتحبس، مش قادرة تنطق، مش قادرة تعترف حتى لنفسها باللي بيحصل جواها.
يوسف كان عارف، كان شايف كل حاجة في عيونها المرتبكة، في رعشة إيديها، في الطريقة اللي كانت بتحاول تبعد بيها نظرها عنه ومش قادرة، ملامحه كانت هادية، لكنه كان أقرب ليها من أي وقت فات.
قرب منها، لمسته كانت دافية وهو بيرفع إيده بهدوء، وبدون مقدمات، طبع قبلة خفيفة على خدها، لمسة سريعة لكنها زلزلتها من جوا، شهقت بصوت مكتوم، همس بصوت عميق مليان يقين “تصبحي على خير”
قبل ما تقدر ترد، كان خرج من الأوضة، قفل الباب وراه بهدوء، سابها واقفة في مكانها، أنفاسها متلاحقة
فضلت واقفة في مكانها، قلبها بيدق بجنون، وإيديها لسه على خدها كأنها بتحاول تحتفظ بحرارة لمسته أطول وقت ممكن، كانت عايزة تصرخ، تضحك، تعيط… كل المشاعر امتزجت جوّاها بشكل مخيف، يوسف مش بس اعترف بحبه، لكنه لمسها بلطف، بنعومة، كأنه بيطمنها إنه هنا… وإنه مش ناوي يبعد.
قعدت على السرير، دموع فرح مالية عينيها، وهي بتسترجع كلماته في عقلها. كل تفصيلة في اللحظة اللي فاتت محفورة جواها، نبرة صوته، نظرته، لمسته… وقبلته على خدها، يوسف كان هنا، وكان بيحبها.
رفعت راسها للسقف وهي بتحاول تهدي مشاعرها، بس مفيش فايدة، قلبها كان سبقها بمراحل، ابتسمت لنفسها، ابتسامة حقيقية مكنتش تعرف إنه واحشها بالشكل ده، شهقت نفس عميق وهي بتهمس لنفسها “أنا بحبه… مش بس بحبه، أنا بموووت فيه.”
لكن السؤال الحقيقي كان… هل عندها الشجاعة إنها تقولهاله؟

تاني يوم مروان كان قاعد في مكتبه في الشركة، عينيه بتجري بسرعة على الأوراق والجداول المالية قدامه، كل الأرقام بتقول إن الشركة ماشية كويس، الإنتاج مستقر، والمشاريع مربحة، فإيه اللي مقلق والده بالشكل ده؟ هو شايف إنه عبقري في الإدارة، قراراته دايمًا في محلها، وكل خطوة بيخدها مدروسة، فإيه اللي ممكن يكون غلط؟
شد الجرس واستدعى أحد المديرين عشان يفهم إذا كان فيه مشكلة حقيقية ولا مجرد قلق مالوش داعي.
دخل المدير بسرعة، ملامحه كانت متوترة، ومروان لاحظ ده على طول، سأله عن الوضع وايه اللي مقلق والده كده
المدير بلع ريقه وقال بحذر “السيستم اتهكر، وكل البيانات بقت مكشوفة، كل الملفات السرية، الصفقات، الحسابات… كلها معرضة للخطر، لو حد سرب المعلومات دي، الشركة ممكن تنهار بالكامل.”
الصدمة ضربت مروان للحظة، لكنه أخفاها بسرعة، اتقوست حواجبه وهو بيقول بحدة “وعملتوا إيه عشان تصلحوا الموضوع؟”
المدير رد بصوت مهزوز “إحنا شغالين على الموضوع، بس محتاجين وقت عشان نغير كل المعلومات دي ونحط حماية أقوى… بس المشكلة إن كل حاجة كانت مكشوفة لمدة ساعات، ومش عارفين مين قدر يوصل لإيه.”
مروان ضرب بإيده على المكتب، غضبه كان واضح، لكنه حاول يسيطر على أعصابه، خد نفس عميق قبل ما يسأل “مين اللي ورا ده؟”
المدير هز راسه وقال “لسه مش عارفين، بس الاختراق كان محترف جدًا، وكأن حد كان متابع كل حاجة جوه الشركة ومستني اللحظة المناسبة.”
عرف أن قدامه مهمه صعبه بس لازم يكون قدها

يوسف كان قاعد في مكتبه، عينيه متسمرة على الملف اللي السكرتيرة لسه حطاه قدامه، بص ليها بإشارة خفيفة تفهم منها إنها تقدر تخرج، وبمجرد ما الباب اتقفل، فتح الملف وبدأ يقرأ
مروان الدمنهوري.
العيلة، الشركات، الاستثمارات… كلها معلومات عادية متوقعة، لكنه ما اهتمش بيها قد ما ركز على حاجة تانية.
دكتور في الجامعة.
ابتسامة ساخرة شقت وشه، مروان ده مش مجرد رجل أعمال زي باقي المنافسين، بالعكس، واضح إنه مش مهتم بالشغل العائلي أصلًا، عين يوسف نزلت بسرعة على باقي البيانات، بيدور على أي ثغرة، أي نقطة ضعف يقدر يدخل منها.
مش متجوز.
مش متورط في مشاكل مالية.
مالهوش في إدارة الشركات، بس ليه سمعة كويسة كدكتور.
يوسف قفل الملف للحظة، عقله بيشتغل بسرعة… ده معناه إن مروان مش غاوي سلطة ولا فلوس، لكنه أكيد عنده حاجة تهمه… بس إيه؟
رجع يفتح الملف تاني، عينيه جريت بسرعة لحد ما وقف عند سطر معين.
دكتور في كلية الهندسة الخاصة في الإسكندرية.
اتجمد لحظة
كلية هندسة… في إسكندرية؟
رفّع عينه عن الورق، عقله كان بيربط الخيوط ببعضها، والإجابة ضربته فجأة… دي نفس كلية نور.
يوسف شد نفسه في الكرسي، عينيه لمعت بحدة وهو بيستوعب المعلومة دي… مروان مش بس أي شخص عادي، لا، ده في نفس كلية نور، في دايرتها، بيشوفها علطول تقريبا لو هو الدكتور بتاعها، حس بضيق غريب شدّ صدره، إحساس خانق مالوش تفسير واضح، بس الفكرة لوحدها كانت كفاية إنها تولّع فيه، فرك صوابعه وهو بيحاول يهدى، لازم يفكر بعقل، مش بعاطفة.

الأيام كانت بتعدي، ونور غرقانة وسط امتحاناتها، بتحاول تركز وتخلص، لكن عقلها كان دايمًا بيهرب في اتجاه معين… يوسف.
أما يوسف، فكان سايبها براحتها، مش عايز يضغط عليها، بس برضو مش قادر يبطل يفكر فيها، كان قاعد في أوضته، مسك موبايله واتصل بيها، فضل مستني الرد، لكن مفيش… مردتش
اتضايق، وبعتلها رسالة، بس هي مشافتهاش، ورن عليها كذا مرة لحد ما أخيرًا سمع صوتها.
قال بسرعة، صوته فيه نبرة ضيق واضحة “مبترديش ليه؟”
نور ردت ببرود، كأنها بتحاول تتظاهر إنها مش حاسة بأي حاجة ” واديني رديت ”
يوسف سكت لحظة، ملامحه كانت جامدة وهو بيقول “نور، في إيه؟ انتي متضايقة مني بجد، ولا بتحاولي تصديني؟”
اتلغبطت من كلامه، مش متوقعة إنه يواجهها كده، قالت بسرعة “لا لا مش كده… أنا بس مشغولة.”
رفع حاجبه، وقال بنبرة مفيهاش أي تصديق “وانتي على طول مشغولة، ولا بتهربي؟”
نور قعدت ساكتة، مش عارفة ترد، قلبها دق بسرعة، مش عايزة تعترف إنه فهمها، لكن هو فعلًا فهم.
سمع صوتها بعد لحظات من التردد “طيب… وعايز إيه؟”
يوسف قالها بثقة، وكأن الجواب بديهي بالنسباله “عايزك.”
نور شهقت بخفة، مبهوتة من جرأته، وقالت بسرعة “نعم؟”
ابتسم ابتسامة هادية، وقال بصوته العميق اللي كان مليان ثقة “أنا نازل الجنينة شوية، المكان اللي بنقعد فيه دايمًا… هستناكي.”
نور قالت بتصميم، كأنها بتحاول تهرب “مش هنزل.”
رد بحسم وهو بيحسم الجدل “مستنيكي يا نور.”
حاولت تتحجج “عندي امتحان، خلاص فاضلي مادتين وأخلص.”
قال بهدوء، كأنه كان متوقع ردها “عارف، انزلي نص ساعة… مش هعطلك.”
قفل معاها قبل ما تلاقي حجة تانية، ونزل يستناها
قعد مستنيها فترة، كان هيرن عليها تاني، لكن فجأة شافها قدامه، واقفة بعيد شوية، عيونها مليانة تردد، لكنها نزلت.

يوسف رفع عينه أول ما لمحها، ابتسامة خفيفة سحبت طرف شفايفه وهو شايفها واقفة بتردد، كأنها بتقاوم نفسها، لكنها في الآخر نزلت… وجت.
نور أخدت نفس عميق، مش عارفة ليه قلبها بيدق بالسرعة دي، ليه يوسف ليه تأثير غريب عليها؟ قربت منه بخطوات هادية، لكنها كانت حاسة كل خطوة تقيلة، كأنها ماشية على أرض مش ثابتة.
يوسف كان مستني، عيونه ثابتة عليها، أول ما وقفت قدامه، قال بصوته الهادي الواثق “عرفت إنك هتنزلي في الآخر.”
نور عضت شفايفها، رفعت عيونها وبصتله وهي بتقول “لو مش هتعطلني… قولي عايز إيه؟”
ابتسم بخفة وقال ببساطة”عايز أشوفك.”
اتوترت أكتر، حسّت إن الإجابة دي ملهاش رد عندها، بس حاولت تبعد عن تأثيره، وقالت بسرعة “يوسف، بجد… مش وقته”
رفع حاجبه وقال بهدوء، كأنه بيتحداها تكذب مشاعرها “مش وقته، ولا مش عايزة تواجهي اللي بينا؟”
نور سكتت، بصت بعيد، حست إن قلبها هيخرج من مكانه، بس يوسف كان قريب… قريب بزيادة.
مد إيده بهدوء وسحب إيديها، مسكها بلطف، مش غصب، لكن بثبات، حط إيديها على قلبه وقال بصوت هادي لكنه مليان مشاعر “شوفي قلبي بينبض إزاي، وبيدق كل ما يشوفك، أنا سلمتهولك يا نور، قلبي ملكك للأبد، عمره ما دق ولا هيدق لحد غيرك.”
نور حسّت بحرارة لمسته، بصتله بعينين متلغبطة، كانت عايزة تقوله إنها حاسة بنفس الإحساس، وإن قلبها بينبض باسمه من زمان، بس لسانها ماكانش راضي ينطق، كلماتها كانت محبوسة، كأن في حاجة بتمنعها من الاعتراف.
يوسف لاحظ شرودها، ابتسم ابتسامة خفيفة وكأنه عارف كل حاجة بتدور في دماغها، وقال بنبرة واثقة “مش مهم تقولي يا نور، أنا عارف كل كلمة انتي عايزة تقوليها… عارف إن قلبك بينبض باسمي من زمان.”
شهقت نور بصدمة، عينيها وسعت، ازاي عرف؟ ازاي سمعها وهي حتى ما نطقتش؟ حسّت إن يوسف بقى فاهمها أكتر منها، وكأن قلبها بيتكلم معاه من غير ما تحتاج تنطق.
يوسف قرب أكتر، صوته بقى أهدى لكن أعمق “أيوه سمعتك… سمعتك عشان أنا عارفك كويس أوي.”
حست برعشة خفيفة في قلبها، بعاصفة من المشاعر جوّاها مش عارفة تسيطر عليها، لكن جوّا العاصفة دي، كان فيه يقين واحد… يوسف فاهمها، وبيبصلها بطريقة تخليها متأكدة إنها عمرها ما هتقدر تهرب منه
نور حست إن قلبها ممكن يقف من كتر التوتر، عيونها لمعت وهي حاسة إن يوسف شايفها بوضوح يخوفها… يخوفها لأنها مش قادرة تخبي عنه أي حاجة.
إيده كانت لسه على إيدها، نبضات قلبه تحت صوابعها كانت قوية، سريعة، متوافقة مع نبضها هي، كأنهم روح واحدة… كأنهم واحد.
حاولت تسحب إيدها لكنها معرفتش، يوسف كان ماسكها بإصرار، مش بالقوة، لكن بالثقة، قال بصوت هادي لكنه عميق “مش هتهربي المرة دي يا نور.”
رفعت عيونها ليه، همست بصوت مرتجف “يوسف… أنا…”
قاطعها بابتسامة دافية وقال “عارف، مش محتاج تقولي حاجة، نظرتك بتقول كل حاجة.”
شهقت بهدوء، قلبها كان بيخبط بجنون، كأنها خلاص فقدت سيطرتها عليه، يوسف قرب أكتر، وشه بقى على بعد أنفاس منها، وقال بصوت خافت، مليان حب “نور، لو كنتي مش حاسه بأي حاجة ناحيتي… قوليها، وأنا همشي، مش هضغط عليكي.”
نور اتجمدت في مكانها، عرفت إنها قدام لحظة حاسمة… لحظة ممكن تغير كل حاجة، حاولت تنطق، تقول أي حاجة، لكن مفيش كلام خرج منها.
كانت خايفه لو سكتت يوسف يفهم انها مش عايزاه، يوسف موجود اهو قدامها، كله بتاعها، ممكن تقوله انها بتحبه وأنها عايزاه هيا كمان، بصتله وشافت نظرته اللي مليانه حب
يوسف قرر ميضغطش عليها خاصة أنها متلغبطه جدا، غير الموضوع وسألها بهدوء “إيه أخبار الامتحانات؟”
نور رفعت عينيها له، شافته بيتكلم بنبرة هادية، لكنها عرفت إنه بيحاول يلهيها عن اللي كانوا بيتكلموا فيه من شوية، ردت بصوت واطي وهي بتبص بعيد “الحمد لله.”
فضل يتكلم معاها شوية، بيحاول يخفف عنها، ولما حاس إنها بدأت تهدى، سألها فجأة ” عندكوا دكتور اسمه مروان؟”
نور استغربت، هو ليه بيسأل؟ رفعت حواجبها باندهاش، لكنها هزت رأسها بإيجاب وقالت “آه، في دكتور عندنا اسمه مروان… ليه؟!”
يوسف قال بسرعة وبنبرة عادية، كأنه مش مهتم “بسأل عادي، متركزيش.”
قالت ” بتسأل عادي ليه برضو، ايه السبب، مهتم ليه؟!”
قالها بابتسامة جانبية غامضة “قولتلك، بسأل عادي، متكبريش الموضوع.”
نور رفعت حاجبها بشك، كانت حاسة إنه مش مجرد سؤال عابر، يوسف عمره ما بيسأل عن حاجة من غير سبب، وعينيه كان فيها حاجة مختلفة، كأن في حاجة هو عارفها ومش ناوي يقولها.
قالت بإصرار وهي بتبص له بتركيز “لا، مش هسيب الموضوع، إنت عرفت دكتور مروان منين وليه مهتم تسأل عنه؟”
يوسف سكت لحظة، كان باين عليه إنه مش ناوي يجاوب بسهولة، وبعدها قال بصوت هادي لكنه واضح “مجرد صدفة، بتأكد من حاجه في دماغي”
نور قفلت الموضوع على مضض، لكنها فضلت حاسة إن وراه حاجة، يوسف مش من النوع اللي يسأل لمجرد الفضول، لكنه كان واضح إنه مش ناوي يقول أي حاجة أكتر.
عدى شوية صمت بينهم، وكل واحد كان مستغرق في أفكاره، لحد ما نور فجأة قالت بصوت هادي لكنه واثق “وديها لدكتور نفسي.”
يوسف استغرب، ضيق عينيه وهو بيبصلها، وسألها باستفهام حقيقي “هي مين؟”
نور ردت بثقة، كأنها متأكدة من اللي بتقوله “هبة… كنت بتقول إنك مقصر معاها ومش عارف إزاي تخرجها من مودها، وسألتني عن اقتراحي، ده جوابي”
يوسف سكت لحظة وهو بيستوعب كلامها، قالها بنبرة فيها تحدي خفيف “قولتي رأيك يعني؟”
نور رفعت عينيها ليه وقالت بهدوء، لكن نظرتها كانت مليانة حاجات كتير “الموضوع بقى مختلف… انت دلوقتي…”
سكتت، مش عارفة تكمل إزاي، وكأنها بتحاول تلاقي الكلمات المناسبة، لكن يوسف مكنش من النوع اللي بيستنى، قرب منها خطوة وسألها بصوت أهدى، لكنه عميق “أنا دلوقتي إيه؟”
نور رفعت عينيها ليه، وفيها تردد واضح، لكنها في الآخر قررت تقولها، قررت تعترف بالحقيقة اللي بقت واضحة “بقيت حد تاني بالنسبالي.”
رفع حواجبه، ابتسامة خفيفة ظهرت على زاوية شفايفه، وسألها وهو بيحاول يفهم أكتر “يعني؟”
نور خدت نفس عميق، وكأنها بتجمع شجاعتها، بعدين وقفت قدامه، عينيها كانت فيها لمعة مميزة وهي بتقول بصوت دافي وحقيقي “بقيت جزء مهم أوي من حياتي… تصبح على خير”
لفت ومشيت، وسابته واقف مكانه، عينيه متعلقة بيها، وكأنها لسه سايبة أثر كلماتها جواه… أثر مش هيعرف يتجاهله أبدًا.

يوسف كان قاعد في أوضته، عيونه متعلقة بالسقف، لكنه مش شايف أي حاجة… دماغه كانت مشغولة بشيء واحد بس…نور.
بقاله فترة بيديها المساحة، مستنيها تاخد وقتها، لكنه مش قادر يبعد أكتر، عايزها معاه، مش مؤقتًا، مش كحد بيدخل حياته ويخرج منها، لا… عايزها دايمًا.
بكرة آخر يوم امتحانات عندها، الفرصة المثالية… الفرصة اللي هيقرر فيها كل حاجة.
عدّل قعدته، خد نفس عميق، وقرر… بكرة لازم يروحلها، ولازم يكون جدي معاها.
مفيش لف ودوران، مفيش تخبط في المشاعر، هو عارف هو عايز إيه، ولازم يسمع منها هي كمان.
بكرة… كل حاجة هتتغير.
ابتسامة خفيفة ظهرت على وشه، إحساس بالرضا عن القرار اللي أخده، وأخيرًا، ولأول مرة من فترة، حس إنه مستعد للخطوة الجاية.

مروان كان قاعد في مكتبه، إيده بتلعب بالقلم بين صوابعه، لكنه مش مركز في أي حاجة قدامه. أفكاره كانت في مكان تاني… معاها.
إزاي حصل كده؟ إمتى بدأ قلبه يتشد لطالبته بالشكل ده؟ هو اللي دايمًا بيرسم حدود واضحة بينه وبين أي حد… دلوقتي بقى محبوس في دوامة مشاعره.
بكرة آخر يوم امتحانات… الفرصة الأخيرة إنه يفهم كل حاجة، لازم يعرف، لازم يواجهها، هل هي كمان حست بنفس اللي حسه؟ ولا هو لوحده؟
شد نفس عميق وحاول يطرد التردد من دماغه، مهما كانت النتيجة، هو لازم يواجه الحقيقة،بكرة… لازم يستغل الفرصة صح.

تاني يوم نور خرجت من الامتحان وهيا حاسه بالرضا، وقفت مع صاحبتها وهيا حاسه بفرحه انها اخيرا خلصت، كانت بتراجع معاها في مكان بعيد شويه عن الزحمه، وسط الضحك والكلام عن الامتحان، صاحبتها فجأة قالت إنها هترجع حالًا، وطلبت منها تستناها شوية، نور وافقت، وقفت مكانها تستنى، لكن فجأة سمعت صوت مألوف بينادي عليها.
رفعت عينيها بسرعة، لقت مروان واقف قدامها، نظراته كان فيها حاجة مختلفة. استغربت وجوده في الوقت ده، ليه مستنيها؟
“خير يا دكتور؟” قالتها بنبرة طبيعية، لكنها حسّت إنه واضح عليه التوتر

في نفس اللحظة، يوسف كان لسه داخل الكلية، إيده ماسكة بوكيه الورد، عيونه بتدور عليها وسط الزحمة، مش شايف أي حد غيرها… بيدور عليها لحد ما شافها واقفه بعيد

مروان كان واقف قدامها، عيونه ثابتة عليها، ملامحه جدية لكن فيها لمحة توتر.
قال بصوت واضح لكنه هادي ” عايز اتكلم معاكي في الموضوع”
نور سمعته بانتباه وهو قال مباشرة من غير لف ودوران ” بصراحه كده انا معجب بيكي يا نور، مش عارف امتى بس بجد انتي لفتتي انتباهي”
نور حسّت كأن الكلمات دي ضربتها فجأة. إيه؟ مروان… دكتورها… بيقول إنه معجب بيها؟ الدم اندفع في عروقها بسرعة، عينيها وسعت وهي بتبصله بعدم تصديق، مش عارفة حتى ترد.
مروان قرب خطوة، مسافة صغيرة بس كانت كافية تحسسها بمدى جدية كلامه.
صوته كان أهدى، لكنه مليان إحساس وهو بيسألها “هل أنا مشاعري من طرف واحد؟”
نور رفعت عينيها بصدمة، وقلبها بيخبط في صدرها بعنف، الهوا كان بيلعب في خصلات شعرها، زي ما لو الدنيا نفسها بتشارك في اللحظة دي، حاولت تتكلم، ترد، بس لسانها كان متلجم.
مروان مدّ إيده بهدوء، وبعد خصلة من على وشها بحركة بطيئة، كأنه بيحاول يخليها تركز معاه بس، عيونه متركزة عليها، صوته طلع هادي لكنه محمل بمشاعر واضحة وهو بيقول “تتجوزيني… يا نور؟”

يتبع

 

 

انت في الصفحة 9 من 9 صفحاتالتالي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
0

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل