
سيف كان في المكتب مع سبيدو لما الأخير قاله:
مايا خالها هو سامح ، وأمها هي اللي مخبياه.
وإن مايا السنتر بتاعها هيتشمع بالشمع الأحمر ويتقفل.
سيف بصله بذهول:
هيتقفل إزاي؟
سبيدو ابتسم بثقة :
مالكش فيه، هو أكل وبحلقة؟ عايزين تدوها قلم، هتاخد القلم. ومش بس كده، أبوها كمان عندي عنه أخبار هتعجبك. اسمع يا سيدي…
فضلوا يتكلموا كتير، وبره البنات كانوا قاعدين مع بعض. سلوى بصت لـآية وسألتها بحدة:
عاجبك فيه إيه؟ هاه؟ إنتِ دايمًا اختياراتك كده؟
قبل ما آية ترد، هوليا ردت عنها:
Peki, Slo? Sen beğenmiyor musun?
(مش عاجبك فيه إيه؟) اللي فهمته إنه ماسك المصنع ومديره، وعنده شغل خاص. يعني ماديًا مرتاح. أخلاقه كويسة، وابنك بيثق فيه جدًا. عايزة إيه تاني؟ شكله؟ ولد وسيم وجذاب وطويل وجسمه رياضي. إيه تاني؟
سلوى بصت لـهوليا بغيظ و بتحفظ:
مش محترم. شوفتي بنفسك همجيته في الكلام، معندوش ذوق وما يفهمش فيه.
همس دافعت عنه :
هو تلقائي، مش بيزوق الكلام. وبعدين، ما تنسيش حضرتك إنه هو اللي حمى سيف وساعده يتخلص من المحلاوي.
سلوى ردت بضيق:
وطبعًا لازم إنتِ بالذات تدافعي عنه. التلقائية اللي بتتكلموا عليها اسمها الحقيقي قلة ذوق. معندكوش رقي في التعامل. بعدين، مين سمحلك تتدخلي وتقولي رأيك في الإنسان اللي هيكون جوز بنتي؟
هوليا زعقت بغضب:
Selva! (سلوى!)
زودتيها كتير. قومي من هون، اتركيني قاعدة مع أحفادي. روحي شوفي جوزك وين، واقعدي معه. هون، مو مرغوب بوجودك.
سلوى وقفت و بغيظ:
حاضر يا حماتي. هقوم. – بصت لـآية وأكدت: – يكون في علمك، البني آدم ده مش هتتجوزيه.
فضلوا يراقبوها لحد ما بعدت. آية مسكت دراع جدتها وسألتها بقلق:
هي ممكن تخلي بابا يرفض؟
هوليا بصتلها بحزم :
سيف هو أهم حد. المفتاح عنده. لو هو موافق، بابا يقتنع. لو بابا وأخوكِ موافقين، selva ما تقدر تمشي كلامها.
آية بصت لـهمس وسألتها:
رأي سيف إيه؟ موافق عليه؟
همس ردت بحيرة:
معرفش، بس بنسبة كبيرة أيوه. لأنه لو رافض كان هيرفض من البداية. مش هيعلقه. وبعدين، حسب ما فهمت من سيف، إن سبيدو بقى شبه دراعه اليمين. الاتنين واقفين في ضهر بعض.
هوليا مسكت دراع كل واحدة منهم و بحماس:
Kalkın, biraz yürüyelim. (تعالوا نتمشى شوية.)
طلعوا للجنينة، وقعدوا على الأرض، يضحكوا بصوت عالي. سيف خرج مع سبيدو، ووقفوا يراقبوهم من بعيد.
سبيدو كان بيبص للبنات، وقال لـسيف:
هنخلص الموضوع ده إمتى؟
سيف رد بدون ما يبصله:
هاتلي سامح متربط. عايز أعرف مين بيساعده وليه لسه له صوت؟
سبيدو بصله بغيظ :إنت بتتكلم في إيه؟
سيف رد بثبات:
بتكلم في الخطوة الجاية.
سبيدو شاور على آية :
وأنا بتكلم في خطوتي أنا. إمتى؟ إنتو مشاكلكم دي مش هتتحل قريبًا.
سيف شبح ابتسامة على وشه :
إنت مش هتتجوز لحد ما أعرف مين ورانا. أوعى تكون متخيل إنك هتتجوز دلوقتي وتقولي شهر عسل وكلام فاضي ده؟
سبيدو بص له بذهول :
لا، مش علشان هي أختك هتتحكم فينا.
سيف مسك ياقة قميصه و بابتسامة ساخرة:
وريني هتعمل إيه من غيري ولا من غير موافقتي.
سبيدو غير الموضوع وقال وهو بيبص للبنات:
بس إنت مقولتليش إن عندك جدة تركية قمر كده.
سيف ضربه بخفة على كتفه :
ما تتلم شوية صاروخ وشوية قمر إيه؟ لسانك ده متبري منك. لعلمك بس، سلوى مش موافقة عليك علشان لسانك ده. فاتلم شوية.
سبيدو بجدية:
بتتكلم جد؟ أمك معترضة؟
همس لمحتهم ونادت:
سيف! ما تيجوا هنا.
سيف بص لـسبيدو :
تعال. جدتي عايزة تتعرف عليك كويس.
راحوا الاتنين وقعدوا معاهم على الأرض. هوليا كانت المسيطرة على القعدة، بتحاول تفهم سبيدو وتدرسه كويس قبل ما يمشي.
في بيت المرشدي، كريم كان قاعد في أوضته على اللاب توب، غرقان في شغله لدرجة إنه ما خدش باله من أمل، اللي كانت واقفة قدامه بعدما طلعت من الدريسنج.
رفع راسه وبصلها، ولحظتها حس إنها زي البدر في ليلة تمامه. فضل باصصلها شوية بانبهار واضح، وبعدها قفل اللاب اللي قدامه، وقام وقف.
هو في مناسبة وأنا ناسيها؟
أمل ضحكت :
هو ما ينفعش الواحدة تلبس وتحط ميكب لجوزها بس؟ لازم مناسبة
كريم مسك إيدها ولفها حوالين نفسها وهو مبتسم:
إنتِ عايزة تقوليلي إن الجمال ده كله ليا أنا بس؟ مفيش فرح؟ ولا عيد ميلاد؟ ولا أي مناسبة كده ولا كده؟ كله عشاني أنا؟
أمل ابتسمت وقربت منه وهمست:
علشانك إنت . بس ينفع تسيب اللاب؟ ولا اللي بتعمله ضروري أوي؟
كريم بص للاب، وبعدين بصلها، وشدها لحضنه وهو بيقول:
أنا كلي ملكك. من إيدك دي لإيدك دي. شاوري، تحبي نعمل إيه الليلادي؟ شاوري وكريم ينفذ.
أمل بصت لعينيه بابتسامة دافية :
مش عايزة غير إننا نشغل مزيكا هادية، ونقعد أنا وإنت بس.
كريم باس إيدها وشغل مزيكا هادية زي ما طلبت، وشدها يرقصوا مع بعض سلو. قضوا الليلة زي ما هي كانت بتحلم، كل حاجة هادية ومثالية.
موبايله رن فجأة، لكنه تجاهل المكالمة تمامًا. كان مصمم إنه ما يخليش أي حاجة تبعده عن اللحظة دي وعن حضن أمل.
في الوقت ده، سيف كان بيحاول يتصل بـكريم، ولما ماردش، اتصل بـمؤمن. مؤمن رد بسرعة، وبلغ سيف بأخبار سبيدو. اتفقوا إنهم يتقابلوا.
اتجمع سيف وسبيدو ومؤمن مع بعض يناقشوا التطورات الأخيرة، أما كريم، فضل مختفي في عالمه مع أمل، ومحدش فيهم عرف يوصله.
سيف رجع البيت عشان ياخد همس، لكنه لقاها نايمة. قرر يطلع يصحيها، لكن هوليا وقفت قدامه:
سيبها، الصبح خلاص هيطلع كمان شوية، الدنيا ما طارتش.
كان هيتكلم، لكنها شدت دراعه بقوة:
اقعد شوية، قولي أختك إمتى تتجوز سبيدو؟ احكيلي عنه كتير، شو قصة الدارك ويب والسباقات؟ سلوى صح ولا بتحب تبالغ كعادتها؟
ابتسم وهو بيبص لها:
اللي يسمعك من شوية يقول إنك ناوية تجوزيهم بكرة!
ردت بابتسامة وهي بتبص حواليها:
كنت بضايق سلوى. طيب سبيدو؟ بعدين اسمه الحقيقي إيه؟
فضل يحكي لها كتير عنه، وعن مواقفه. كل ما تسأل، يجاوب ويفصّل. فجأة لاحظ الوقت اتأخر جدًا، فبص لها وهو بيعدل جلسته:
لولي، أنا ورايا ألف حاجة بكرة ومحتاج أنام. يدوب ألحق أطلع فوق وآخد البونية اللي مستنيناني.
بصت لساعتها وردت بهدوء:
طيب، اطلع نام جنبها. الصبح تمشوا براحتكم. يعني بجد، هتصحيها دلوقتي؟ هيجيلها نوم تاني؟ أكيد لأ.
كان مرهق جدًا، وحس إن كلامها منطقي. فعلًا محتاج يريح. اقتنع وقام، ودخل الأوضة بهدوء. همس كانت غرقانة في النوم، وللحظة حس إنه كان صح إنه ما يصحيهاش.
الصبح، الكل كان متجمع ومتوتر، منتظرين تليفون من سبيدو. هو كان واقف بعربيته قدام سنتر ناريمان، منتظر بهدوء. بعد شوية، سمع صوت سارينات البوليس، فابتسم، وفضل مكانه شوية يراقب.
وأخيرًا، طلع موبايله وبدأ يصور، والبوليس بيخرج كذا شخص، لكن الأهم كانت ناريمان والكلبشات في إيديها. شافته بيصورها، فابتسمت له بغموض. هو من ناحيته رمقها بابتسامة ساخرة، وحدف لها بوسة في الهوا وهو بيشاور لها باي باي. لكن ابتسامتها دي ما ريحتهوش خالص.
رجع بعدها سبيدو للمجموعة اللي كانوا منتظرينه بتوتر واضح. دخل عليهم وهو مبتسم:
إنتو شكلكم عامل كده ليه؟
سيف بصله بحدة :
مش وقت هزار. أنجز، عملت إيه؟
قعد قدامهم براحة، وطلع موبايله حطه على الترابيزة. الكل شاف الفيديو. بعد ما انتهى، كريم علق بقلق:
إنت عارف إن أي محامي هيطلعها بعد نص ساعة؟
سبيدو ابتسم بثقة:
عارف، وهتطلع فعلًا.
مؤمن استغرب وسأل:
أمال إيه بقى؟ بنلعب؟
سيف كمل بصوت مليان قلق:
إنت امبارح طمنتني إنها هي وأبوها.
سبيدو قطع كلامهم وهو بيحاول يهديهم:
اهدوا. المواضيع مش بتتحل بضربة وحدة. أيوه، هتطلع بمحامي، لكن مش هتخلص من اللي وقعت فيه. لا هي ولا أبوها.
بص لـكريم وكمل:
هتطلع بشكل مؤقت بسبب حملها المزعوم وحالتها الصحية. المحامي بتاعها هيطلب الإفراج عنها، والتحقيقات هتفضل شغالة.
كريم رد بنبرة متحفزة:
ابتسامتها في الفيديو مش مريحة.
سبيدو بصله بحيرة :
فعلًا مش عارف مصدر الثقة دي إيه. – سكت شوية، وبص له بتركيز – سوري يا كريم، بس الثقة دي مصدرها إنت. ومش عارف ليه؟
كريم انفعل ورد بنرفزة:
يعني إيه أنا مصدرها؟ هاه؟ على علاقة بيها في السر ولا إيه!
سبيدو هز راسه وهو بيحاول يهدي الموقف:
أنا مش بتهمك بحاجة، أنا بفكر معاكم بصوت عالي. الشيء الوحيد اللي يخليها واثقة بالشكل ده إن معاها ورقة رابحة. إيه هي بقى؟ الله أعلم.
مؤمن قرر يغير الموضوع وسأل:
أبوها، إيه حكايته؟
سبيدو ابتسم بثقة :
هيحصل له نفس اللي حصل لها. إن مكنش النهاردة، فبكرة. ما تقلقوش.
الجو فضل متوتر، وكل واحد فيهم كان بيحاول يربط الخيوط اللي حوالين ناريمان وأبوها، بس لحد دلوقتي الإجابات كانت ناقصة، والتهديدات كانت واضحة أكتر من أي وقت مضى.
همس كانت في الجامعة، لكن عقلها كان في مكان تاني. افتكرت الصبح وهي نازلة مع سيف لما حط في شنطتها فلوس وقال لها تخليهم معاها لأي حاجة تحتاجها. حاولت كتير، لكن مقدرتش تصرف منهم ولا حتى تاخد جنيه واحد. حتى الفلوس اللي سابها في الجاكت بتاعه امبارح، فضلوا مكانهم.
شرودها اتقطع لما موبيلها رن. ردت ولاقت أبوها، خاطر، على الخط. سلمت عليه وعلى مامتها وهند. في آخر المكالمة، قالت لهم إنها ممكن تعدي عليهم لو ظروفها سمحت.
قبل ما تقفل، خاطر ناداها بصوته الحنون:
همس حبيبتي، أنا حطيت فلوس في الفيزا بتاعتك. لو احتجتي تصرفي أو تجيبي أي حاجة، ما تتردديش. وكل شهر هحطلك زيهم ولحد ما أموت.
همس حسّت بحرقة في قلبها، ودموعها لمعت في عينيها:
بابا، أنا بحبك أوي. مش عارفة لو كنت صح ولا غلط، بس مش قادرة آخد ولو مليم من فلوسه. حاولت، بس مش قادرة.
خاطر أخد نفس طويل، وحاول يريحها:
سيف بيحبك يا همس، ما تنسيش ده. وأنا ما عملتش ده علشان أقسيكِ عليه، أنا بس مقدرتش أتحمل حد يوجع بنتي ولا يهينها. وقت ما تحسي إنك صفيتي ناحيته، خليها على جنب. بس أهي معاكِ طول ما إنتِ محتاجاها.
كمل بنبرة مليانة حنية:
خلصي جامعتك واشتغلي يا همس. خلي دايمًا عندك دخل خاص بيكي غير جوزك. خليكِ دايمًا رافعة راسك وقوية، وما تسمحيش لأي حد يهز ثقتك في نفسك أبدًا.
قفل المكالمة، لكن لاحظ نظرات فاتن التهكمية. سألها بهدوء:
مالك؟
فاتن ردت بنبرة معترضة:
مش عاجبني اللي عملته يا خاطر. بتشجعها على الغلط؟ هي غلطت لما صرفت فلوس جوزها من غير إذنه.
خاطر رد بحسم:
عارف إنها غلطت، لكن هما اهانوها وزعلوها، أنا مش هسيب بنتي من غير فلوس وتضطر تدوس على كرامتها علشان تاخد منه. أنا معاها لحد ما تحس بالأمان من تاني وتاخد منه بروح صافية. لكن غير كده، أنا واقف جنب بنتي.
فاتن ما اعترضتش المرة دي. هي كمان كانت متضايقة من الإهانة اللي تعرضت لها بنتها، وحست إنها محتاجة دعمهم في الوقت ده أكتر من أي وقت فات.
الصبح، القبض على هاني الغندور وبنته ناريمان كان حديث السوشيال ميديا. التهمة: غسيل أموال. كريم كان متوتر جدًا فاتصل بـسبيدو:
سؤال واحد.
اتفضل يا كريم باشا.
هم فعلًا شغالين في غسيل الأموال ولا إنت عملت حاجة؟
سبيدو استغرب:
ولنفترض إني عملت حاجة، إيه؟ هتتراجع؟ هتصعب عليك؟
كريم زعق:
مش هتصعب عليا، بس مش لدرجة غسيل أموال يا سبيدو. دي مش أخلاقي.
سبيدو اتنرفز:
قصدك إنها أخلاقي أنا؟ تصدق الواحد بيندم كل مرة يساعدكم فيها.
كريم حاول يهدى واعتذر بسرعة:
آسف بجد، مش ده قصدي خالص. بس محتاج أعرف يا سبيدو، أرجوك.
سبيدو رد بهدوء بعد ما قدر موقفه:
أبوها فعلًا شغال في غسيل الأموال من زمان. معرض العربيات والسنتر واجهة مش أكتر. المدعي العام كان مركز عليه من فترة، لكن كان محتاج أدلة. أنا كل اللي عملته إني ساعدته يفتح عنيه من بعيد لبعيد. تهمة زي دي من غير دليل مش هتثبت. والمفروض تكون عارفني، زي ما أنا عرفتك وصدقتك لما قالت إنها حامل منك.
أنهى المكالمة مع كريم، وبعت رسالة لـسيف اللي كان في محاضرة:
“انت فين؟”
سيف كان بيشرح، وبمجرد ما وصلت الرسالة، بص لـهمس، لكنها كانت مركزة في كشكولها. شاف الرسالة ورد:
“في محاضرة، هخلص وأكلمك.”
رجع يشرح تاني، لكن بعد شوية الباب خبط. دخل نائب عميد الكلية، د. مكرم شهاب، بشكل غير متوقع.
سيف استغرب وقال بابتسامة خفيفة:
د. مكرم، أهلًا وسهلًا. خير؟
مكرم رد بابتسامة فيها شماتة:
ياريت خير، بس ما أعتقدش. العميد عايزك في مكتبه حالًا.
سيف حافظ على هدوءه:
حاضر. هخلص المحاضرة وأروحله.
مكرم بصله باستفزاز و بصوت عالي:
بقولك حالًا يعني حالًا، مش بعد المحاضرة.
سيف رد بهدوء تهكمي:
وحضرتك حالًا ترجع تقول لد. محمد السيد، إن د. سيف الصياد بيقول بعد المحاضرة هيجي.
مكرم اضايق، لكن فضل مبتسم بسماجة، وبص ناحية همس:
الطالبة همس خاطر القاضي؟
همس قلبها وقع وما نطقتش. سيف رد عنها:
مالها هي كمان؟ العميد عايزها في مكتبه حالًا برضه؟
مكرم أكد:
أيوة، حالًا.