
سيف رد بنفس هدوءه:
نفس الرد. بعد المحاضرة، هجيبها بنفسي.
مكرم قرب منه و بنبرة تحذير:
إنت رجل أعمال، لما تمشي من هنا هترجع للبيزنس بتاعك. لكن هي طالبة، محتاجة تتخرج. وسمعت إنها كان – ابتسم بسخرية – كاااان حلمها تبقى معيدة.
بص لـهمس وأضاف:
مكتب العميد حالًا. متعتمديش عليه، لأنه مش هيكمل هنا كتير.
سيف وقف قدامه وحط إيده على كتفه وهو بيبتسم ببرود:
الظاهر إنك مش بتفهم الكلام من أول مرة. لما أقول بعد المحاضرة، يبقى بعد المحاضرة.
مسك ياقة جاكته و أضاف بصرامة :
لسه ما اتخلقش اللي يخوف سيف الصياد أو مراته. الحبتين دول، روح اعملهم قدام حد على قدك.
رجع يكمل شرح المسألة كأن شيئًا لم يكن، ومكرم مشي بخطوات ثقيلة و قبل ما يخرج:
بكرة هي هتعيط، وإنت أول حد هتلومه لما ما تتخرجش.
سيف ضحك جامد بشكل مفاجئ وقال وهو بيضحك
سوري، بس بجد ضحكتني. يعني متخيل إنها ممكن تترفد وما تتخرجش؟ ده بجد؟ – قاطع ضحكته وأضاف بازدراء – لو ده حصل، تعرف إني ممكن أدخلها هارفارد لو شاورت عليها؟ بلاش هارفارد، هي مش حابة تسافر وعايزة تفضل في مصر. عارف أعمل إيه؟
مكرم سأل بفضول:
هتعمل إيه؟
سيف رد بمنتهى الهدوء:
هشتريلها الجامعة دي بدكاترتها. زي ما قلتلك، اتكلم مع حد قدك.
قفل الباب في وشه وبص للطلبة:
بعد الوصلة السخيفة دي، نكمل اللي فاضل بسرعة.
نور راحت ڤيلا المرشدي علشان تاخد إبنها إيان، والكل واقف يتابعها، خصوصًا ناهد اللي لأول مرة في حياتها تحس بكره شديد تجاه حد، والحد ده للأسف كان أم حفيدها.
نور أخدت إيان، ولا اهتمت بصراخه ولا عياطه، رغم وضوح رفضه يمشي معاها. كل اللي يهمها إنها تاخده وتمشي. طلعت على بيت أهلها، وقعدت معاهم شوية. فجأة سألت أمها:
هي ملك فين دلوقتي هي وجوزها؟
فايزة بصتلها باستغراب:
سافرت شهر العسل مع جوزها، هتكون فين يعني؟
نور ردت بفتور:
ربنا يسعدها. – سكتت شوية وأضافت – سمعتي اللي حصل في بيت المرشدي؟
فايزة سألت بقلق:
إيه اللي حصل؟ حد جراله حاجة؟
نور استغربت اهتمام أمها:
وإنتِ خايفة عليهم أوي كده ليه؟ ما علينا. في واحدة حامل من كريم اللي طالعين بيه السما، ورافعة عليه قضية إثبات نسب.
فايزة شهقت وضربت صدرها:
يا لهوووي! دي مزقوقة عليه من أي داهية؟
نور ردت باستغراب:
مزقوقة؟ ليه؟ هو نبي ولا معصوم سيادته من الغلط؟ كل شوية بيسافر، وبعدين دي مش واحدة أي كلام مزقوقة عليه. دي واحدة من عيلة كبيرة جدًا، ليها اسمها وسمعتها ووزنها، يعني لما تتكلم مش هتتكلم من فراغ. غير إنه اخترع لها برنامج علشان يرجعلها الموبايل بتاعها لما مسحه. يعني مش هتتبلى عليه.
فايزة بصتلها برفض:
لا، اللي بتقوليه ده غلط. كريم أخلاقه مش محل نقاش أصلًا. وبعدين، مين قال إنها علشان غنية مش هتعمل كده؟ هو الأغنياء ما بيغلطوش؟ ما بيحقدوش؟ ما بيجننوش؟ ما إنتِ قدامي أهو، غنية ومن عيلة كبيرة، لكن متخلفة ومجنونة وهديتي بيتك ورايحة ترفعي قضية على أبو إبنك علشان تحرميه منه. هل إنتِ صاحبة حق؟
نور وقفت وشالت إبنها:
بكرة نقعد على الحيطة ونسمع الزيطة، زي ما بيقولوا. أنا مروحة بيتي.
فايزة مسكت دراعها :
خليكِ هنا النهاردة طالما معاكِ إيان.
نور رفضت بإصرار:
لا. عايزة أقعد مع إبني لوحدي. بعد إذنك.
أخدت إيان وراحت شقتها. دخلته أوضته اللي حاطة فيها كل اللعب اللي بيحبها، وقعدت جنبه تحاول تلاعبه علشان يبطل عياط شوية. لكن إيان كان بيعيط بحرقة على كل اللي فقده: أبوه، أمل، ناهد، وجده.
حاولت تهديه، شوية تزعق، وشوية تشيله. لحد ما أخيرًا نام. حطته في سريره وطلعت تجهز أكل ليهم. سابت باب الأوضة موارب علشان تسمعه لو صحى.
سيف خلص المحاضرة وكان بيلم حاجته لما موبيله رن. كان المتصل المحامي، فرد عليه ووشه كله جدية. همس حست أن في حاجات كتير بتحصل حواليها مش فاهمة تفاصيلها.
سمعته بيقول:
إنت فين دلوقتي؟
بعد ما قفل المكالمة، ملامحه كانت كلها ضيق وعصبية. قربت منه همس بقلق، لكنه ابتسم ومد دراعه لها:
يلا يا روحي؟
حاولت تبتسم قدام زمايلها، حطت دراعها في دراعه، وخرجوا مع بعض. وقف جنب عربيته، طلع المفاتيح وناولها لها:
خليهم معاكِ، وانتظريني هنا. يا إما هرجع لعندك، يا أقولك تعاليلي.
همس بصت له بذهول وقربت أكتر:
عميد الكلية عايزني. إنت بجد عايزني أعاديه؟
ابتسم وربت على خدها برقة متنافية مع التوتر اللي هم فيه:
ثقي في جوزك يا روحي. لو معندكيش ثقة فيه، ثقي في سيف الصياد. اطمني تمام. لو حسيت إن وجودك مهم هكلمك وأقولك تعاليلي. أنا فاهم الليلة دي فيها إيه وهتعامل. ما تقلقيش.
همس ردت بخوف:
تفتكر في إيه؟ وعايزنا ليه؟ أنا مرعوبة.
مسك إيدها وضغط عليها بحنية:
بصيلي يا همس.
رفعت عينيها له، فرد بهدوء:
إمتى خونت ثقتك علشان تخافي دلوقتي وإنتِ مراتي؟
ردت برعب واضح:
سيف، ده نائب العميد بنفسه. شوفت قالك إيه عني؟
قال بلامبالاة:
طظ على نفسه. اطمني، مش هسمح لأي حد يأذيكِ بأي شكل. استنيني هنا.
بص لهالة اللي كانت واقفة قريب وناداها. جت بسرعة، فقال لها:
هالة، خليكِ معاها. وياريت تعرفيها هي متجوزة مين، لأحسن باين عليها عندها فقدان ذاكرة مؤقت.
سابهم واتحرك، واتصل بـسبيدو وبلغه باللي حصل، وطلب منه يتواصل مع إمام المحامي يفهم كل التفاصيل. بعدها اتصل بنفسه بإمام:
إنت متأكد من اللي قولته؟
إمام رد بتأكيد:
للأسف أيوة. فيه شكوى اتقدمت عند رئيس الجامعة ضدك وضدها. للأسف، كل حاجة ضدكم. ومن اللي فهمته، فيه أدلة ضدكم والموضوع اتحول للتحقيق في الشئون القانونية.
سيف رد بحدة:
أدلة إيه؟ أنا حبيت همس، آه، بس ما لمستش شعرة منها قبل ما تدخل بيتي. أدلة إيه بقى اللي معاهم؟
إمام حاول يهديه:
أنا معرفش التفاصيل لسه. المهم دلوقتي اطلع إنت والباشمهندسة.
قاطعه بسرعة:
همس لأ. عايزها تفضل بعيدة عن الحوارات دي.
إمام بتفهم:
طيب، خليها بعيدة مؤقتًا لحد ما نفهم أكتر. بس خد بالك، عدم وجودها ممكن يتفسر كإهانة أو عدم احترام؟
سيف كرر بحسم:
همس هتفضل بعيدة، مهما يحصل.
إمام وافق:
طيب، اطلع وكلمني، أو أجي لعندك؟
سيف رفض وقفل المكالمة. وهو ماشي، حس بحد بيخبط فيه. لف ولقى مايا، اللي اعتذرت بسرعة:
سوري يا دكتور. أمال همس فين؟ طلعت للعميد أوريدي؟ – شهقت بتمثيل – أوعى يكون رفدوها.
سيف بص لها باحتقار وهو مكمل طريقه، لكنها جريت وقفّت قدامه:
بيقولوا مصورينكم مع بعض في أوضاع مخلة يا دكتور، قبل ما تبقى مراتك. أنا بس قلقانة عليها؟
رد ببرود وتحكم في انفعالاته:
إيه رأيك توفري قلقك لنفسك؟ أو لخالك. هو مرجعش من امبارح، صح؟ كلمي مامتك واطمني عليها. واسأليها: خالو سامح أخوكِ فين؟ العبي بعيد يا شاطرة.
سابها ومشي، ومايا وقفت مكانها مذهولة. “إزاي عرف إن سامح خالي؟ وهل فعلًا خالي ما رجعش؟”
اتصلت بأمها بسرعة، وسألتها بتوتر:
فيه إيه يا ماما؟ صوتك ماله؟
نيفين ردت بصوت متوتر:
خالك ما رجعش من امبارح، يا مايا. معرفش هو فين.
عينيها وسعت، وحسّت بالرعب. “معقولة سيف حط إيده عليه؟”
أمل دخلت مكتب كريم، وأول ما شافها قام من مكانه بسرعة. مسك إيديها الاتنين بابتسامة، :
كويس إنك جيتي.
أمل بصت له باستغراب:
ليه؟
رد عليها وهو مركز في عينيها:
كنت عايز أوضحلك اللي حصل.
أمل رفعت حاجبها وسألته:
قصدك القبض على أبو ناريمان واتهامه بغسيل الأموال هو وبنته؟ يستاهلوا.
كريم استغرب، و بهزار:
إنتِ إمتى بقيتي شريرة كده؟
جاوبته بنبرة فيها تحذير:
لا، أنا شريرة جدًا لما الموضوع يتعلق ببيتي وجوزي. المهم، سيبك منها. أنا من ساعة ما هي قالت إنها حامل وأنا “بسرّش” في الموضوع.
كريم بحيرة:
بتسريشي في إيه؟
ردت بحزم:
هي عايزة تماطل لحد ما تولد وتعيشنا في قلق طول الفترة دي كلها، صح؟
هز راسه بتأكيد:
صح. وبعدين؟
أمل فتحت موبايلها وورته حاجة:
في تحليل DNA بيتعمل للجنين وهو لسه في بطن مامته. خليها تعمل التحليل ونقفل القصة دي.
كريم مسك موبايلها يبص على الموضوع باهتمام، وبعدين رفع عينيه لها وفرحة واضحة في ملامحه:
بجد في تحليل للجنين؟
حط الموبايل على مكتبه ومسّك إيديها الاتنين بنفس الحماس:
يااااه يا أمل، ما تتخيليش أنا مبسوط دلوقتي قد إيه؟ هنقفل قصة البني آدمة دي ونخلص منها.
أمل ابتسمت بحب وقالت وهي بتحاول تخفف عنه:
بإذن الله يا حبيبي هنقفلها ونضحك عليها بعدين. المتخلفة اللي فاكرة إنه بالساهل كده تتهم حبيبي. قال حامل منك، قال… غبية.
ضمها لقلبه، وابتسامته ما فارقتش وشه. مش مصدق إن الكابوس ده ممكن ينتهي بسهولة زي دي.
سيف خبط على الباب ودخل مكتب العميد محمد السيد حسين. العميد كان قاعد مع دكتور ممدوح والنائب دكتور مكرم شهاب. سلم على محمد وممدوح، لكنه تجاهل مكرم تمامًا.
ممدوح بهزار :
عامل مشاكل ليه دايمًا يا سيف؟