
الجميع:
“صباح الخير يا دكتور.”
ينظر عاصي إلى قاظم الذي ينظر إلى نوران بذهول، ثم ينظر عاصي إلى ما ينظر إليه قاظم ويقول بغضب:
“اتفضل اتنيل اقعد يا أستاذ.”
قاظم بإحراج: “آسف.”
ثم يذهب باتجاه نوران وهو يقول:
“هاي.”
نوران بغرور:
“هاي.”
قاظم بمعاكسة:
“ممكن أقعد؟”
نوران بلا مبالاة:
“طبعًا اتفضل.”
يقف عاصي وينظر بعينيه إلى الجميع، يبحث عن حنين التي تجلس في آخر مقعد خلف الجميع. يبدأ المحاضرة ويحاول أن يكون صوته عاليًا في الشرح لكي تسمع حنين ما يقول. بعد أن انتهت المحاضرة، يخرج الجميع إلا حنين التي ما زالت تجلس وتكتب كل ما قاله عاصي أثناء الشرح. يذهب إليها عاصي ويقول:
“أنتِ بتكتبي إيه يا آنسة؟”
تقف حنين وتقول بإحراج:
“بكتب شرح حضرتك علشان ما أنساش حاجة، يا دكتور.”
عاصي بدهشة:
“بتكتبي الشرح إزاي؟”
حنين: “عادي، أنا بكتب شرح حضرتك علشان أفضل فاكرة وما أنساش حاجة.”
عاصي باستغراب:
“وانتِ كتبتي الحصة بتاعت إمبارح؟”
حنين: “أيوة، كتبتها.”
عاصي بشك: “طيب ممكن أشوف اللي حضرتك كتبتيه؟”
حنين: “طبعًا، اتفضل.”
يأخذ عاصي السكتش من حنين ولا يصدق أنها نقلت كل شيء قاله أثناء المحاضرة. يعطيها عاصي السكتش وهو يزيد إعجابه بها، بينما يقول باحترام:
“تعرفي، لو ربع البنات والشباب اللي هنا مهتمين بالشرح والمحاضرات زيك يا آنسة، كانوا زمان بقوا من أفضل الطلاب. ربنا يوفقك في حياتك.”
حنين، وهي تتجاهل النظر إلى عاصي:
“يارب أنا والجميع.”
عاصي بضيق ولا يعلم لماذا يزعجه أنها لا تنظر إليه، يردف قائلاً:
“هو حضرتك شايفاني ما أستهلش تبصي لي وأنتِ بتكلميني؟”
حنين: “أنا آسفة يا دكتور، بس أنا بغض البصر مش أكتر.”
عاصي باستفهام:
“ليه؟ هو انتِ راجل علشان تغضي بصرك؟”
حنين، متجنبة النظر إلى عاصي، تقول بهدوء:
“وهو أنا علشان مش راجل ما أغضش بصري؟ ربنا سبحانه وتعالى أمر بغض البصر لمّا قال في آياته الكريمة: (قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)”
ثم تضيف بحزم: “وربنا سبحانه وتعالى كان واضح في حديثه القدسي أن غض البصر أمر وفرض على كل مسلم ومسلمة.”
عاصي بانبهار:
“ياااه، ده انتي حاجة عظيمة بقى.”
حنين بإحراج:
“العظمة لله وحده. بعد إذنك يا دكتور.”
عاصي، وهو يرغب في التحدث إليها أكثر لكنها لم تعطِه الفرصة، يرد قائلاً:
“اتفضلي يا آنسة، إذنك معكِ.”
تذهب حنين من أمام عاصي دون أن تقول شيئًا، بينما ينظر إليها عاصي ولا يستطيع أن يخفض نظره عنها، ويدمدم بالكلمات غير المفهومة:
“يا ترى إيه آخر حكايتك يا حنين؟ فعلاً انتي حاجة مميزة ومن النادر أن حد يحصل عليها. يا رب عوضني بواحدة تكون نص حنين. مش هاطلب زي حنين لأنّي متأكد إن واحدة زي حنين تستاهل الأفضل مني.”
### في الفلا
يقف محمد في المطبخ يقوم بعمله يكح بصوت عالٍ:
“كح كح كح.”
فجأة يأتي أحد ويعطيه كأس من الماء. يأخذ محمد الكأس ويشرب كل ما فيه من الماء، ثم ينظر إلى الشخص الذي أعطاه الكأس وهو يقول بدهشة:
“انتي بتعملي إيه هنا؟”
سلوى بغرور:
“لا، ولا حاجة، بس سمعتك بتكح، قولت أديك ميه بدل ما تموت ولا حاجة.”
فجأة، يضع محمد يده على عنقه وهو يشعر بالاختناق، بينما يقول:
“انتي حطيتِ إيه في الميه؟”
سلوى: “ولا حاجة، بس برشامة علشان أخلص من الصداع.”
محمد بحزن:
“اوعي تفكري إن بموتي حنين مش هاتعرف الحقيقة.”
سلوى بغضب:
“حنين خادمة وهاتفضل خادمة، وبموتك السر هايفضل سر.”
يتبع
سؤال للنقاش
– **مين حنين؟**
– **إيه هو السر اللي خايفة منه سلوى؟**
– **هيحصل إيه لحنين بعد موت جدها؟**
– **نوران عملت إيه علشان تخلي الكل في الجامعة يقرف من حنين؟**
🌹😘😘😘
الرابع
في الجامعة، تسير نوران وهي تضع سماعات الأغاني في أذنيها بينما تتراقص على ألحان الأغاني وتغلق عينيها، ولا تنتبه إلى السيارة التي تأتي خلفها كالصاروخ يسير فوق الأرض. الجميع يحاول أن يجعل نوران تنتبه للسيارة. ومن حسن حظها كان عاصي بالقرب منها ليركض إليها ويسحبها من أمام السيارة قبل أن تحطم عظام جسدها الرقيقة. تفتح نوران عينيها لتجد نفسها تستقر داخل أحضان عاصي وتشعر بشعور لأول مرة في حياتها، إذ اشتعلت نيران العشق داخل قلب هذه المرأة المتسلطة وهي لا تشعر بذلك. كانت نوران تنظر إلى عاصي بشغف وتتأمل تفاصيل جسده وملامح وجهه، بينما أغرقها العشق والشغف في بحر من الأحلام عندما تقابلت عيناها عيني هذا الرجل الذي سيطر على شغفها. تستيقظ نوران من بحر المشاعر التي غرقت بداخله على أصوات الجميع من حولها، بينما حدث ما لم يتوقع أحد حدوثه. يصفع عاصي نوران على وجهها بقوة وهو يقول بغضب سيطر عليه بسبب تصرفات هذه الصغيرة:
_ أنتِ أي غبية، مش بتفهمي ولا عاوزة تموتي؟ أهلك مش علموكي الأدب والاحترام؟ الزفت اللي في ودنك دي ماتتلبسش في مكان عام.
تنظر إليه نوران بشغف جنوني، لتقترب منه دون إنذار أو خجل وتقبله أمام الجميع. يصعق عاصي والجميع من تصرفها الوقح. ليغضب عاصي بشدة من تلك الفتاة التي أهانته أمام الجميع، يقوم بصفعها مرة أخرى بقوة أكبر من الأولى، ناسياً أنها فتاة رقيقة لا تتحمل العنف، فتقع نوران مغمى عليها أمام الجميع. تأتي حنين على الأصوات العالية، لترى عاصي وهو يصفع نوران، لكنها لم ترَ السبب. تذهب تجاه نوران وتقول بغضب بينما تجلس بجوارها على الأرض:
_ أنت إنسان قليل الأدب والاحترام، مش عندك ذرة رجولة! إزاي تتجرأ وترفع إيدك على أنسة وطالبة من اللي أنت بدرس لهم؟ أنا هرفع عليك شكوى وهقدم فيك بلاغ.
يرد كاظم بغيظ وهو ينظر إلى نوران وحنين باحتقار:
_ وأنتِ بقى اللي هاترفعي عليه شكوى وهاتعلميه الأدب؟ وبعدين إيه لزمت الحجاب ولبسك ده إذا كنتِ واحدة مش عندك شرف أصلاً؟
عاصي بغضب:
_ كاظم، أنت اتجننت؟ إزاي تتكلم مع الأنسه بالشكل ده؟
ترد فتاة قائلة:
_ آسف يا دكتور، بس الأستاذ كاظم مع حق، البنت دي مش عندها شرف ولازم تنطرد من الجامعة، دي أشكالها ماينفعش معها الاحترام أصلاً.
حنين بدموع:
_ حرام عليكم، هو أنا عملت لكم إيه علشان تتهموني في شرفي بالشكل ده؟ تعرفوا إيه عني أصلاً علشان تقولوا شريفة ولا من غير شرف؟
يرد كاظم بسخرية:
_ لا يا شيخة، وفري دموع التماسيح دي يا شاطرة، علشان الكل عارف مين انتي، ده انتي حتى بتعلمي العالم إزاي يقضوا ليلة سخنة.
تنظر حنين إلى كاظم بدهشة مما قال، وهي لا تفهم لماذا يقول عنها هذه الكلمات وهو لا يعرفها، ولا أحد يعرف عنها شيء، فقط يمزقون قلبها الصغير بهذه الكلمات التي لا تليق بأخلاقها وشرفها. صفع عاصي قاظم على وجهه وهو يقول بصوت عالٍ:
_ أنت اتجننت على الآخر؟ تعرف إيه عنها أصلاً علشان تتكلم عليها بالشكل ده؟
يرد كاظم بصوت عالٍ وتسيل دمعة من عينيه على وجهه، لم يتخيل أن شقيقه وقدوته في الحياة سوف يصفعه أمام الجميع بهذا الشكل من أجل فتاة لا يعلم عنها شيء:
_ وأنت تعرف إيه عنها يا دكتور علشان ترفع إيدك عليا وتهينني قدام الكل بالشكل ده؟
يشعر عاصي بحجم خطأه ويردف قائلاً بهدوء وهو يضع يده على جبينه:
_ كاظم، أنا آسف، مش قصدي اللي حصل.
يرد كاظم بصوت عالٍ:
_ تعرف إيه عن البنت دي يا دكتور علشان ترفع إيدك عليا بالشكل ده؟
عاصي وهو يحاول أن يصلح خطأه:
_ اهدى يا كاظم، أنا آسف، مش قصدي.
لكن كان الغضب يتحكم بكاظم بالكامل ويرد بصوت عالٍ قائلاً:
_ أقولك أنا أعرف عنها إيه، أعرف إنها بنت ك***لب ماكرة، واحدة وس***خة ما تستاهلش حتى ك***لب يبص لها.
حنين بغضب:
_ وانت مين أساساً علشان تتكلم عليا بالشكل ده؟ وإيه اللي مخليك متأكد أوي كده إني زي ما انت بتقول؟ وبعدين مين أنتم أساساً علشان تتكلموا عليا؟ مافيش حد فيكم يعرف عني حاجة علشان تحكموا عليا بالشكل ده.
ينظر كاظم إلى حنين وهو يقول بفحيح الأفعى:
_ عاوزة تعرفي بجد أنا ليه بقولك عليكي كده ولا انتي تعرفي وبتستعبطي؟
عاصي بضيق:
_ أنا عاوز أعرف إنت ليه بتتكلم بالشكل ده عن الأنسة حنين؟ وانت تعرف عنها إيه علشان تقول كده؟
يطلع كاظم الهاتف وهو يقول بغضب:
_ خد وشوف بنفسك يا دكتور وانت هتعرف كل حاجة، وهتعرف إنها واحدة وس***خة ما تستاهلش.
أخذ عاصي الهاتف من كاظم، وبعد لحظات، نظر إلى حنين بدهشة قائلاً:
_ انتي دي؟ معقولة؟
حنين باستغراب:
_ مش فاهمة، أنا فين؟ وإيه اللي في التلفون ده؟
تذهب باتجاه عاصي وتأخذ منه الهاتف، وتقول بصدمة بعد أن رأت ما في الهاتف:
_ دي مش أنا! مين دي؟ حسبي الله ونعم الوكيل!
—
**في الفلا**
اكتشف الجميع مو***ت محمد، جد حنين. جاء خالد إلى الفلا وترك أعماله عندما اتصل عليه الخادم وأخبره بما حدث. قال خالد بحزن:
_ خير يا دكتور، إيه سبب الوفاة المفاجئة دي؟ الحاج محمد ماكنش بيعاني من حاجة مؤخراً.
يرد الطبيب بأسف قائلاً:
_ للأسف، تعرض لصدمة جامدة، قلبت عنده بنوبة قلبية، وده سبب الوفاة.
خالد بحزن:
_ لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، إنا لله وإنا إليه راجعون. بس إيه اللي صدمه؟
تأتي سلوى من باب الفلا أمام الجميع كما لو كانت في الخارج ولا تعلم شيئاً، تردف قائلة وهي تمسك في يديها الهاتف وتتصنع الدهشة:
_ الحق يا خالد، شوفت اللي حصل؟
يرد خالد بحزن، وهو يفكر أن سلوى تتحدث عن مو***ت الجد محمد:
_ أيوه يا سلوى، عرفت، وسبت الشغل وجيت على طول.
سلوى بمكر، وهي تعلم أن شقيقها لا يفهم ما تنوي قوله، ترد بخبث وهي تتصنع الحزن:
_ طيب، وهتعمل إيه دلوقتي؟ وهنصرف إزاي مع حنين بعد اللي حصل ده؟
خالد بحزن:
_ أنا مش عارف والله هنعمل إيه لما حنين تعرف مو***ت جدها محمد.
سلوى بخبث، وهي تنظر إلى خالد بذهول مصطنع:
_ انت بتقول إيه يا خالد؟ محمد ما***ت؟
خالد بدهشة:
_ أمال انتي بتتكلمي عن إيه؟
سلوى بغضب، وقد حان الوقت لتكمل ما تنوي فعله:
_ أنا بتكلم عن الز***فت حنين وعن اللي عملته والفضيحة اللي حصلت.
خالد باستغراب ودهشة:
_ انتي بتخرفي؟ تقولي إيه؟ وحنين مالها وفضيحة إيه اللي حصلت؟ مش فاهم عليكي.
سلوى دون مقدمة: