
لتصرخ بعصبية: كل ما اكلمك تمشي من غير ما ترد، بارد اوي.
و دلفت غرفتها دون جلب طعام..
في الاسفل
: اسراء.
قاله محمد و هو يتجه إلى غرفة المكتب، و هي كانت تصعد الدرج.
توقفت عن الصعود و قالت: نعم يا أبوي.
نظر إلى الأعلى و قال: اطلعي قولي لجنا تنزل علشان عايزها.
أومأت رأسها بالموافقة، لتردف حاضر يا أبوي.
صعدت إسراء و أخبرت جنا، التي نفذت الأمر لأنها تريد معرفة ماذا يحدث ؟
تقف أمام غرفة المكتب ، دقت الباب، إذن محمد لها بالدخول، و أشار لها بالجلوس ، تنهد بحزن ثم قال: اسمعني جوزك أنتِ و آدم مش رغبة مني.
كانت تنظر إلى الأسفل بتوتر، لكن عند سماع الجملة رفعت عيونها و سألت: أومال ليه.
: ابوكي الله يرحمه هو اللي عايز.
كان هذا جواب محمد عن سؤالها، حدقت بذهول و عدم فهم و تسأل: مش فاهمة.
تلألأت الدموع في عيونه و هو يتذكر أخيه و قال : ابوكي كلمني يوم الحادثه وانتوا لسه في شرم الشيخ.
سألت مسرعة :قالك ايه.
عاد رأسه إلى الخلف و هو يتذكر آخر حديث بينه و بين اخيه، ياليت كان يعلم أنها الاخيرة، حتي يظل يتحدث معه و لم ينهى المكالمة.
مازالت كلمات أحمد ، ترن في عقله حتي الآن. و يلؤم نفسه أنه لم يجيب من أول مرة، بسبب انشغاله في الحقل، و عندما أجاب تحدث بعتاب صريح: أزيك يا خوي ،عامل ايه،
لسه فاكر أنك ليك اخ.
لياتي الإجابة من الجهة الأخرى و هو صوته مهزوز و كأنه يشعر أنه حان الرحيل: عمري ما أقدر أنسي يا خوي.
شعر بالخوف من نبرة صوت اخيه، لذا قرر تغير مسار الحديث ، قال بابتسامة:
المهم مراتك و بنتك عاملين ايه.
سقطت دمعة من عيونه و قال بحزن واضح: أنا متصل علشان كده خلي بالك من جنا، هى صحيح عصبية وصوته عالي بس طيبه اوي والله.
كان مستغرب طريقة الحديث لكن أجاب حتي يطمن قلب أخيه : هى بنتي زي ياسمين وربنا يفرحك بيها.
لم يعقب على حديث محمد، و كأنه يريد قول شيء ، حتي يريح صدره ، أنا ليا عندك طلب يا خوي.
: من عيني.
قاله محمد الذي كان يسير مجرى الحديث دون أن يفهم.
قال الآخر بصيغة أمر مختلط برجاء: آدم يتجوز جنا.
اتسعت عيونه بصدمة، جنا لا تصلح أن تكون زوجة آدم و لا تحب العيشية في الصعيد، و الاهم هي لا تعرف اولاد عمها، إذا كيف تتم هذه الزيجة.
لذا سال: ازاى جنا مش عارفه ولاد عمها و هى مش تقبل كده.
لا يستطيع حبس دموعه أكثر، لذا، إطلاق سراحها، و قال:
دي وصيه يا خوي ،بنتي أمانه فى رقبتك حتي لو اضطرت تقسي عليها شوية، لكن أنا عارف آدم يحط جنا فى عينه.
نفي الآخر هذا الحديث و صرخ : بعد الشر عليك.
لكن لم يجيب أحمد، أغلق الهاتف بعدما قال ما يريد، و الآن هو فقد أخ و أبن.
إزالة الدمعة التي سقطت من عيونه و قال: عرفتي ليه عايزة الجوازة دي تتم.
كانت و تسمع حديث محمد ، و تذرف الدموع و هي تتذكر أبيها و امها، لتسأل بتعجب ممزوج بدموع: هو ازاي في كده وصية زواج، طول عمري أعرف وصية فلوس أو أرض لكن زواج.
أشار السبابة في وجهها و قال بحزم : جنا وصية الميت لازم تنفذ.
لم تأخذ ثانية في التفكير ، فهذا طلب أحب شخص على قلبها ، إزالة دموعها و قالت: لو بابا عايز كده أنا موافقة.
محمد بهدوء::دي الحقيقه يا جنا.
أجابت بابتسامة :أكيد عارفة.
نهض محمد من مقعده و ذهب اليها، نهضت الأخرى وضع قبلة على جبينها ،ثم ضمها إلى صدره، و قال بحب: أنا بحبك يا بنتي ، أنتِ زي ياسمين، و بنت الغالي.
خرجت من حضنها و انحنت وضعت قبلة على يديه و قالت: ربنا يبارك في صحتك يا عمي.
غادر محمد وجنا خلفه من غرفه المكتب.
كان الجميع يجلس على سفرة الطعام، قال محمد بابتسامة: فرح آدم وجنا بعد الاربعين.
نهضت فاطمة من مقعدها بغضب و قالت اعتراضاً: على آخر الزمان بنت بسمه تكون مرات أبني.
صرخ بصوت عالي و قال: هي بنت بسمة و أحمد الله يرحمهم فاهمة.
لم تجيب ، و صعدت إلى غرفتها و هي تتواعد أن تجعل حياة جنا جحيم.
نهضت ياسمين و ضمت جنا بحب و سعادة و قالت: مبروك يا مرات اخوي.
لم تجيب و ابتسمت ابتسامة بسيطة.
نهض الجميع و بارك لجنا ثم آدم ، الذي تتأكد الجميع أنه سعيد من ملامح وجهه.
: انا حساس أن آدم يحب جنا.