
آية بتسمعه بذهول: “إنت بتهرج صح؟”
سبيدو بجدية: “وحياتك أبدًا، ده بجد وحق وحقيق. علميني وهتعلم وحياتك.”
آية بصتله مش عارفة تتكلم: “سيف أول ما بيدخل من بره، نظرة واحدة لهمسته – زي ما بيسميها – بيفهم إن كانت زعلانة، مبسوطة، متضايقة. ده مش بس كده، ده ممكن يكون فاهمها أكتر من نفسها.”
سبيدو بهدوء: “معلومة صغيرة: مفيش راجل في الكون كله بيحب أو بيقبل يتقارن براجل تاني، واعتقد برضه الستات ما بيحبوش يتقارنوا بحد. بعدين، سيف عرف همس سنة كاملة قبل ما يتجوزها، ومروا بألف موقف وتجربة قربتهم من بعض وفهمتهم بعض. مع العِشرة بتفهمي الإنسان اللي قدامك. بعدين، سيف اللي بتقولي بيفهم همس من نظرة، راح خطب واحدة تانية غير همسته علشان نظرة، ولا نسيتي؟ فين فهمه لها؟ مفهمش ليه إنها بتحبه هو، ومفهمش ليه إن التاني ده جار وصديق. مفهمش ليه ساعتها مش بيفهمها أكتر من نفسها؟ ولا فهمه ده كان نتيجة تجارب كتير؟”
آية كشرت لأنها نسيت كل ده. هو برضه عنده حق. سبيدو رفع وشها تواجهه: “مش هوعدك إني أفهمك من نظرة زي سيف، ولا إني مثلًا أبوسك قدام الكل زي ما سيف عمل النهارده. كل راجل له شخصيته وله طريقته. بس أوعدك إني هحبك بكل ما فيا. هتقربي مني خطوة، هخطي عشرة قصادها. هحاول على قد ما أقدر أسعدك. هل وعدي ده يكفيكِ؟”
ابتسمت بحب: “يكفيني. يكفيني يا سعد.”
سألها باستغراب: “إمتى بتقولي سعد وإمتى بتقولي سبيدو؟ مش قادر أحدد.”
ضحكت بخفة: “هغششك حاضر. سعد بقولها لما أبقى بحبك أوي أو متضايقة منك أوي. لكن في العادي هقولك سبيدو.”
ضيق عينيه: “طيب، إنتِ كنتي مبسوطة وبعدها بقيتي متضايقة، فإنتِ قولتي سعد. إنتِ مبسوطة ولا لسه متضايقة؟ أعرف منين أنا دلوقتي؟ ماهو ما تتنقليش من الانبساط للضيق للغلاسة في وقت واحد.”
ضحكت جامد وربتت على كتفه: “دي بقى وظيفتك تعرف تحدد أنا حالتي إيه.”
مط شفايفه بغيظ وبصلها: “تعرفي إنك تشبهي سيف كتير؟ عندك نفس الرخامة بتاعته.”
ضحكت أكتر ورجعت خطوة لورا: “دي حقيقة مش هنكرها. بس الرخامة دي رد فعل طبيعي لغباءك يا حبيبي.”
رفع حاجبه بذهول: “غبائي؟ غباء إيه معلش؟”
اتنهدت: “كنت عايزاك تنزل تاخدني في حضنك وتمشي قبل ما سيف يجي يسحبني من قفايا. بس إنت اخترت الوقت ده تفهمني طبيعتك، وتتكلم كتير أوي أوي. فاتفضل هقولك تصبح على خير، وبكرة نكمل نقاشنا ومحاولتنا في فهم أسرار النفس البشرية لسبيدو وآية.”
وقف قصادها بيحاول يفكر يعمل إيه أو يعقل نفسه. بس هي مراته، يعقل ليه؟ قرب خطوة منها فهي رجعت خطوة لورا وحذرته: “إحنا طولنا أوي وسيف ممكن يطلع.”
عينيه في عنيها: “على فكرة أنا ما بتهددش بسيف. بحترمه وبقدره، بس ما بتهددش بيه. غير إنك ناسية حاجة مهمة أوي.”
سألته بعبث: “اللي هي إيه؟”
ابتسم وهو بيمسك إيدها يشدها عليه: “إنك مراتي. مراااتي. فاهمة ولا أفهمك؟”
ابتسمت: “فهمني.”
ابتسم وباسها، وإيديه سابوا إيدها ومسكوا وشها، يمكن يكتفي منها قبل ما يمشي.
بعدت عن شفايفه وسندت راسها على راسه بتسترد أنفاسها وهمست: “المفروض تمشي.”
همس زيها: “المفروض حاجات كتير مش عارف أفكر فيها.” (بص لعينيها): “هتفق مع سيف بحيث في أقرب وقت نعمل فرحنا، أوك؟ موافقة؟ ولا لسه محتاجة لوقت تعرفيني وتخليني أفهمك أكتر؟”
همست وإيديها حوالين رقبته: “هفهمك أكتر وأنا في حضنك وبين إيديك وفي بيتك.”
ابتسم وضمها أوي لقلبه: “يبقى اتفقنا.”
همس بتسمع سيف وكل كلمة بيقولها بتخليها تفهمه أكتر. استغربت من نفسها، ليه كانت محتاجة منه يشرح وجهة نظره في حب أخته؟ هل خافت يكون بيحب أخته أكتر ما بيحبها؟ زي ما قال قبل كده: “الزوجة تتعوض، لكن الأخت لأ”. هل خافت يكون سمح لنفسه يتمادى معاها طالما هي موافقة، لكنه خاف على أخته من التمادي حتى مع جوزها طالما لسه مش في بيته؟ ليه بتهاجمه بالشكل ده في ليلة زي دي بدل ما تكون في حضنه؟ ليه الخوف المبهم اللي جواها من حاجة لسه هتحصل؟ كل ما يحصل أي حاجة تلاقي نفسها بتهاجمه. في حاجة جواها مش مفهومة، دايمًا خايفة ومش عارفة مصدر الخوف ده إيه؟
انتبهت على صوته ولمسة إيده على خدها: “حبي ليكِ مميز يا همس، أو أنا شايفه مميز. حابب أشوف إن محدش في الكون ده كله بيحب زيي. مش بحب تقارني حبنا بأي حد. أنا وإنتِ مميزين، فخلينا مميزين. إحنا مش زي حد، حبنا مش زي حد، ينفع؟”
شاورت بدمغها بابتسامة فابتسم هو كمان وباسها برقة.
سمعت صوت عربية سبيدو، همست بهدوء: “جوز أختك مشي. انزلها وخدها في حضنك، لأنها حاليًا مفتقدة حضنه وحاسة إنها لوحدها والدنيا كلها فاضية. انزل فكّرها إنها مش لوحدها.”
مرة واحدة أضافت بتهكم: “وما تقولهاش الكلمتين الغبيين اللي قولتهم لي من شوية، بالعكس، فهمها إنك حاسس بيها ومقدر مشاعرها، وعارف مدى احتياجها دلوقتي لحضن جوزها. اقعد معاها شوية.”
بصلها مش عارف إحساسه الحقيقي في اللحظة دي. همس الوحيدة اللي عندها القدرة تخليه في حالة “error”، ما يبقاش فاهم هو مبسوط ولا متضايق. يحضنها ولا يضربها؟ محدش بيقدر يوصله للاحاسيس دي غير همسته بس. يفرح باهتمامها بمشاعر أخته وإحساسها، ولا يديها قلمين على طريقتها وغتاتتها؟
ما نطقش. بعد عنها وخرج لاخته. يدوب مسك أوكرة الباب، وقفته بتحذير: “اقعد شوية صغيرين، هي عايزة تتكلم. ما تفضلش ترغي كتير.”
ما بصلهاش، بس رفع راسه للسما: “يا الله ارحمني وصبرني، مش هقول غير كده، صبرني عليها.”
ضحكت وعلقت تغيظه أكتر: “أنت حر. لو اتأخرت، هنام. ابقى كمل سهرتك لوحدك.”
بصلها وقرر يتحرك ناحيتها، لكنها جريت لجوه الدريسنج وهي بتضحك على نرفزته.
خرج ونزل لأخته، كانت ساندة على الباب. أول ما شافته، مد إيديه ليها فجرت عليه حضنته وهي علقت: “هو أنا ليه اتعلقت بيه كده؟ وإزاي؟ وإمتى؟ امبارح كان عادي. آه، مقربة ومرتاحة معاه، بس مش كده. النهاردة وهو ماشي، قلبي اتخلع معاه. إيه اللي اختلف من امبارح للنهاردة؟”
ابتسم بتفهم لمشاعرها: “اللي اختلف إنك بقيتي مراته، فربنا خلقنا، أو خلق الزوجين، برابطة غريبة بينهم. مجرد ما الواحد بيتجوز، تحسي إن روحه اتقسمت في جسمين. مش عارف يعيش بدون نصه التاني وبيستغرب، ماهو كان عايش عادي. فدي حكمة ربنا:
قال تعالى :
﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾
تحليلي الخاص، أو اللي وصلتله، إن الواحدة ربنا بيخلقها من جوزها، وعلشان كده لما بيلاقوا بعض بيكملوا بعض. كل واحد بيلاقي الحتة الناقصة منه، ولما بتلاقيها، بتستغربي أزاي كنتِ عايشة من غيرها. فهو كمل روحك، ولما بيبعد ما بتعرفيش ترجعي تعيشي تاني بنص روح محتاجة لباقيها.”
بصتله فجأة: “إنت إزاي عشت لما انفصلت عن همس؟”
ابتسم بحزن: “إنتِ كنتِ شايفاني عايش ساعتها يا آية؟”
هزت راسها بالنفي، بعدها علقت: “بس وجع الاحتياج ده هيقل مع الوقت، صح؟ لما اتعود عليه هيبقى عادي يروح ويجي ويبعد عني، صح؟”
ابتسم ونفى: “مين ضحك عليكِ وقالك ده؟ لو الحب صادق وحقيقي، أحب أقولك إنه هيزيد وهيتضاعف وكل يوم هيزيد أكتر. مفهوم إن الحب بيقل وينتهي بالجواز دي فكرة غلط جدًا يا آية. الحب شكله بيختلف، بس بيزيد ويعمق ويتوغل في كل حتة جواكِ، بيسيطر عليكِ. فلو إنتي حاسة إنه وحشك دلوقتي، صدقيني ده ولا حاجة بعد جوازكم بجد. كل مرحلة مشاعرك بتسيطر أكتر وأكتر وتتغلغل جوا روحك لحد ما تبقوا إنتوا الاتنين روح واحدة. والروح الواحدة دي عايزة تفضل في مكان واحد، مش عايزة تكون مقسومة نصين. فكل مرة بتبقوا مع بعض، روحكم واحدة. وكل ما بتبعدوا، روحكم بتتقسم نصين، فبتتوجعوا.”
همس طلعت وراه تشوفه هيتعامل مع آية بغباء ولا بحب زي ما طلبت منه، وسمعت كلامه معاها، كانت مبتسمة بعشق بيزيد له.
آية سألته: “إنت إزاي قولتلي قبل كده إن الواحد ممكن يتجوز عشرة لكن الأخت واحدة؟ إنت مستعد تتجوز غير همس؟”
رد بابتسامة فيها حرج: “أنا قولتلك اللي كنتِ محتاجة تسمعيه وقتها، علشان تحسي إنك مهمة في حياتي. لكن اللي مقولتوش إن فعلًا في ناس ممكن تتجوز أكتر من مرة، وده مش غلط. لكن لما بنتكلم عن العشق، الحب اللي بيوصل لدرجة العشق ده بيحصل مرة واحدة في العمر. لو القلب عشق خلاص موضوعه منتهي، ما ينفعش يحب تاني، وبيكتفي بحبيبه. بدليل إن في ناس بتعيش على ذكرى حبيب العمر كله. ساعتها كنتِ محتاجة تحسي بحب أخوكِ اللي هيفضل موجود العمر كله. لكن العشق ده موضوع تاني، مكنش ينفع أكلمك فيه وقت ما كنتِ بتتخبطي. بس دلوقتي، طالما قلبك موجوع، فانتي وقفتي على أول خطواته. لسه قدامك شوية كتير.”