
همس سابتهم يتكلموا براحتهم طالما فاهمين بعض، ودخلت أوضتها تنتظره بشوق.
آية اتنهدت بحب وشوق لحبيب غاب عن عينها لحظات، لكنها حستهم ساعات. سألت سيف: “تعرف إنه طلب مني أعلمه إزاي يحبني؟ قالي إنه مش رومانسي ومش هيعرف يكون رومانسي، فما انتظرش منه حاجة. واللي عايزاه أطلبه منه. إزاي أطلب منه يحبني؟ أو أقوله حاجة محتاجاها منه؟”
سيف رد بهدوء: “مبدئيًا يا روح قلبي، اللي بينك وبينه يفضل بينك وبينه. مفيش راجل بيتقبل إن مراته تحكي اللي بينهم لأي حد.”
جت تعترض، لكنه كمل: “لا أخ ولا أخت ولا أم. في مواضيع خاصة ما ينفعش نتكلم فيها، دي نصيحة خليها في دماغك. غير كده، سبيدو فعلًا مش شخصية رومانسية.”
آية علقت: “إنت رومانسي؟ صح؟”
ابتسم: “إنتِ بتسأليني ولا بتقري حقيقة؟”
ردت بثقة: “بقول إنك رومانسي.”
اعترض: “أعرف أكون رومانسي، آه، لكن هو غيري. وما ينفعش أبدًا تقارنيه بيا، وإلا هتخسريه. مش بس كده، هتخلينا إحنا الاتنين نخسر بعض، وهتعملي حزازية بينا. سبيدو يا آية غيرنا. إحنا اتربينا في بيت فيه حب، بين أب وأم حبوا بعض وشوفنا حبهم ده وكبرنا عليه، فبالتالي كبرنا شبعانين حب. لكن سبيدو أبوه اتوفى بدري، وأمه سابته واتجوزت وسافرت. عاش لوحده. مهما يقولك إنه متقبل ده وعادي ، هتتفاجئي إنه أبعد ما يكون عن العادي. هو هيفتح قلبه ليكِ، هيدخلك حياته، هيكلمك في أدق تفاصيل حياته. هيكشف نفسه قدامك، هيكون معاكِ مجرد من كل شيء. فلو هتسمعيه وبعدها تتكلمي عنه وتعريه ، حتى لو قدامي أنا صاحبه وانتيمه، ساعتها هتخسريه تمامًا. وهتبقى دي قمة خيانتك له.”
آية سألت باستغراب: “ليه؟ إنت صاحبه وعارف عنه كل حاجة؟”
وضحلها: “ده خصوصًا أنا صاحبه. في حاجات كل إنسان فينا بيخبيها جواه، ممكن يكشفها لشخص واحد بس. الشخص ده هو روحه. ومراتي هي روحي. زي ما بكون عريان في حضنها، أنا مش عريان جسديًا فقط قدام مراتي. أنا روحي وعقلي وكياني كله مكشوف قدامها، بس ده قدامها هي وبس. مش مستعد أكشفه لأي حد تاني، مهما يكون الحد ده مين. لا أبويا، لا أمي، لا أختي. هي وبس. فهمتي عايز أقولك إيه؟ جوزك لما تقربي منه، هتكتشفي كتير عنه. زي ما قولتلك، إنتِ لسه على أول سلمة. احفظيه وحبيه وصونيه. لو عنده عيب، استريه. مش بيقولوا ده ستر وغطا؟ خليكِ الستر والغطا له.”
سرحت في كلامه، لكنه نبهها: “لكن مش معنى كلامي برضه إنه يأذيكِ أو يضايقك أو يغلط في حقك وتخبي عني تحت نفس المسمى. لازم تميزي إيه اللي تقوليه، وإيه اللي تحتفظي بيه لنفسك تمام يا روحي ؟
وافقته بهزة من دماغها وهي بتوزن كلامه بعدها هو علق : أقولك تصبحى على خير علشان أطلع للي هددتني هتنام، ولا إنتِ تلحقيه قبل ما ينام؟ ولا نسيبهم الاتنين يناموا ونكمل سهرتنا أنا وإنتِ؟”
ابتسمت بحرج: “لا، روحلها. نسهر أنا وإنت وقت تاني بدري عن كده.”
ابتسم: “تمام يا روحي، يلا.”
طلعوا لفوق، وقبل ما يدخل، وقف قصادها.فهي باست خده، وقالت بحب: “أنا بحبك أوي يا سيف. وعايزاك تسامحني على كل لحظة غبية خليتك تعيشها أو قلت فيها كلمة غبية ليك. ما تزعلش مني.”
ابتسم واخدها في حضنه: “أنا مش فاكر أصلًا أي حاجة غبية عملتيها. مبروك عليكِ جوازك، ويارب يسعدك دايمًا. إنتِ أقرب حد ليا، ما تنسيش ده.”
آية بهزار: “بعد همس طبعًا؟”
علق بضحك: “ما قولنا نفصل بقى.”
حركت شفايفها بتريقة، فهو مسك إيدها: “هسألك سؤال بنفس مبدئك. بتحبيني أنا أكتر ولا سبيدو؟ لو خيرتك ما بينا، تختاري مين؟”
عينيها وسعت، وبصلته بصدمة. مستحيل تختار بينهم. ضحك: “شوفتي إنه ما ينفعش أصلًا.”
رفع إيدها لشفايفه باسها: “مسكة إيدي أنا دلوقتي ولا هو؟”
سحبت إيدها بحرج، فضحك: “شوفتي إن في حاجات ما ينفعش فيها المقارنة أصلًا. الكلمة، النظرة، الهمسة، اللمسة منه غير. هل ده معناه إنك ما بتحبينيش أنا؟”
سايبها ورايح لأوضته: “تصبحي على خير يا يوكا. ادخلي نامي، ولا سهريه للصبح وبعدها هدديه إياك يتأخر. طيري النوم من عينه.”
بصلها وهو بيفتح الباب: “سلللام.”
دخلت أوضتها ورمت نفسها على السرير بتهالك، مشاعر كتيرة جدًا كانت بتغلي جواها بتحاول تحللهم. فجأة افتكرت موبيلها، فين كان آخر مرة؟ قامت بسرعة نزلت تدور عليه، لقته تحت، جبته وطلعت أوضتها، ولقت كذا مكالمة فائتة منه. اتصلت بيه ورد بسرعة: “انتِ نمتي ولا إيه؟”
ضحكت: “لا، كنت ناسية الموبايل تحت ويدوب افتكرته.”
سألها بلوم: “ما فكرتيش إن ممكن أكلمك فتفتكريه بدري شوية؟”
وضحتله: “كنت بتكلم أنا وسيف ويدوب داخلة أوضتي.”
سألها باهتمام: “اتضايق من حاجة أو علق على أي حاجة؟”
طمنته: “لا يا حبيبي، مفيش حاجة، بس كان بيوصيني عليك.”
استغرب: “يوصيكِ عليا إزاي؟ كنت متخيل إنه هيحذرك ويديك الوصايا الألف.”
آية نفت: “بالعكس. قالي إن جوزك انتِ وهو روح واحدة مقسومة في جسدين، بتنتظر اللحظة اللي تتجمع فيها. فإنتِ هو وهو إنتِ. احفظيه وصونيه واحترمي خصوصياته، لأنه مع الوقت هيكشف نفسه قدامك. صوني اللي كشفه، لأنه اتكشف ليكِ إنتِ وبس، ومش مستعد يشاركه مع حد غيرك.”
سبيدو ابتسم بإعجاب واحترام لسيف: “كلامه صح جدًا، خصوصًا حتة انتظار الأرواح تتلاقى دي. أنا عايز أشوفك دلوقتي، عايز أخدك في حضني تاني، عايزك تفضلي في حضني.”
ردت بحب: “عايز روحك تكمل روحي؟”
أكد: “بالظبط كده.”
غيرت الموضوع: “إنت وصلت البيت؟”
رد: “آه، وصلت، غيرت وفي السرير، كنت بحاول أنام لما ما رديتيش عليا.”
ضحكت وهي بتحاول تقلع فستانها بصعوبة: “وما نمتش ليه؟”
سألها بضحكة وهو سامع صوت معافرتها مع الفستان : “إنتِ غيرتي فستانك ولا لسه؟”
ردت بتذمر: “لسه بغير أهو، ما تخيلتش إن قلعه غبي كده. إيه ده؟ أروح أصحي ماما ولا أسحب همس من سيف؟”
ضحك: “مش كنتِ غيرتي وأنا لسه معاكِ؟ كنت ساعدتك دلوقتي.”
شهقت: “نعم؟ ده بعينك.”
بابتسامة: “بعيني ليه؟ بكرة أجيبك بيتي، ولا بعيني ولا أي حاجة. روحي هاتي همس، خلي سيف يعلقك على باب أوضته.”
ضحكت: “ايوه، اتكلمنا شوية. بعدها لقيته بيقولي اقولك تصبحي على خير واطلع للبونية اللي هددتني تنام، ولا هنسهر مع بعض ونسيبهم يناموا؟”
بغيظ: “روحتي قولتيله نسهر مع بعض طبعًا وسيباني؟”
ردت: “أمال بكلمك إزاي؟”
استغرب: “وهو انتِ كده سيبتيه وجيتي؟ أمال لو هتسهري معاه كنتِ هتفضلي لحد امتى؟”
أخيرًا خلصت تغيير الفستان، وراحت سريرها تستريح، واستمر كلامهم وهزارهم لفترة طويلة.
سيف دخل أوضته النور هادي، وهي نايمة في السرير. قرب منها بصدمة: “وحياة أبوكِ ما يحصل، قومي يا بت.”
كانت مغمضة عينيها، بس هو حاسس إنها صاحية وبتشتغله: “يعني نمتي، هاه؟ ماشي يا همستي، براحتك خالص.”
بصلها شوية وهي مغمضة عينيها، غير هدومه ورجع جنبها، وبرضه نايمة. حط إيده على خدها بحب: “نمتي يعني بجد؟ ماشي، بس على العموم أحسن، أنا برضه تعبان ومهدود وعايز أنام. كويس إنها جت منك يا روحي.”
باس خدها ونام.
همس انتظرته يقرب منها أو يتكلم، لكن صمت تام. معقول نام بجد؟ مش هيصحيها؟ إيه الرخم ده؟ أكيد بيشتغلها وهيقوم يرخم عليها. بس ده راجع متأخر وصاحي بدري، واليوم كله بره. ممكن فعلًا يكون نام.
طيب هي مش حاسة بيه ليه؟ هو بعد عنها ولا إيه؟ طبيعي بياخدها في حضنه قبل ما ينام، حتى لو نايمة. هو فين بقى دلوقتي؟ فتحت نص عين بس مش شايفاه. فتحت عينيها الاتنين واتعدلت بسرعة تشوفه فين؟ كان في طرف السرير، مديها ضهره. معقولة بجد نام؟ همست باسمه: “سيف.”
مردش عليها. قربت منه: “إنت نمت بجد؟”
تمتم بصوت نايم: “عايزة حاجة؟”
شهقت: “إنت نمت ده بجد؟” صوتها عالي وخبطته في كتفه: “سييييف.”
زقها مرة واحدة وقلبها تحته واتعدل بسرعة: “إنتِ مش عاملة نفسك نايمة؟ عايزة إيه مني؟”
اتغاظت إنها اتسرعت وكشفت نفسها بسرعة: “هو مين بيعمل مقلب في مين بالظبط؟”
ضحك: “أنا عارفك؟ المهم معلش، اتأخرت مع آية. لو بجد عايزة تنامي، براحتك.”
حطت إيدها على خده بحب وهمست: “النهاردة كتب كتابنا، أنا وإنت، وإحنا لسه داخلين شقتنا هناك. غمض عينيك وارجع للحظة دي ولليوم ده.”
ابتسم وغمض عنيه وافتكر الليلة دي ودخولهم أوضة النوم علشان يطلعوا البلكونة، بس هي همست: “ما تطلعنيش البلكونة، افتح بس الباب خلي ضي القمر يدخل، وخلينا أنا وإنت جوه الأوضة.” بص ناحية السرير وشيلني ونزلني عليه.
كان بيبتسم، فابتسمت وقربت من شفايفه: “افتح عنيك في اللحظة دي، أنا أهو قدامك.”
فتح عنيه، أنفاسهم حارة في وش بعض، عنيهم متعلقين ببعض. كلامهم كان بالهمس: “يعني إحنا لسه كاتبين الكتاب ولسه داخلين هنا. عايز أقولك معلومة صغيرة جدًا يا همس.”