
سألته بعنيها، وهو جاوبها: “أنا لسه لحد النهاردة نظرة عينيكِ بتجنني وبتثيرني. ولسه لحد اللحظة دي قلبي بيدق بنفس الطريقة لما بنقرب من بعض. أنا مش محتاج أفتكر أول مرة بوستك فيها أو ضميتك فيها، لأني إحساسي لحد الآن مختلفش. نفس اللهفة ونفس الاشتياق ونفس الرغبة بتزيد مش بتقل. ومعلومة تانية صغيرة، أول جوازنا كنا لسه بنتخبط، لسه بنتعرف على بعض، لسه بنتحرج من بعض. دلوقتي كل واحد فينا عارف بالظبط إزاي يسعد شريكه ويرفعه لسابع سما، وإزاي يعيشه ليلة من ليالي ألف ليلة وليلة. فأنا لو هختار، هختار نفس اللحظة دي ونفس الوقت ده، وهقولك افتحي عينيكِ وعيشي معايا اللحظة دي، لأنها أجمل بكتير. وكل لحظة جاية أجمل من اللي قبلها. كل يوم حبي ليكِ بيتضاعف. فمن الليلة اياها لحد الليلة دي كل يوم بيعدي، حبي ليكِ بيزيد. فمتخيلة دلوقتي بقى إيه ووصل لفين؟”
لمست شفايفه برقة مرة بعد مرة، وتحولت بعدها لشلال جارف من المشاعر والأحاسيس اللي سيطرت عليهم الاتنين.
أخيرًا ارتاحت في حضنه ونامت على صدره، وإيده بتلعب في شعرها باسترخاء تام، والنهار بيبدأ ينور بره. رفعت راسها، فبصلها منتظر هتقول ايه: “تفتكر آية نايمه ولا لسا صاحية و بتكلم جوزها؟”
ابتسم: “مش عارف ومش عايز أعرف صراحة.”
ضحكت ورجعت مكانها على صدره. شوية ورفعت وشها تاني، فسألها: “لو اتكلمتي عن آية هسيبك وأنام.”
ضحكت وربعت إيديها فوق صدره وسندت عليه: “لا، مش هتكلم عنها. عايزة أقولك حاجة وما تتعصبش ولا تزعقلي ولا تزعل مني، ينفع؟”
هو انتبه تمامًا: “عملتي إيه يا همس؟”
أكدت: “طيب، قولي مش هتتعصب عليا؟”
بص لعنيها: “همس، أسلوبك بيعصبني، فقولي إيه على طول؟ عملتي إيه؟”
فكت إيديها وحطتهم حوالين رقبته: “في رحلة طالعة السبت والأحد في الكلية، وأنا حجزت فيها.”
استنته شوية يستوعب اللي قالته، فهو علق باستغراب: “طيب، فيها إيه؟ عايزة تطلعي مع أصحابك؟ عادي براحتك.”
كشرت لأنها حسيت إنه مفهمهاش، أو يمكن عمل نفسه مش فاهم قصدها، فوضحت: “أقصد حجزتلنا أنا وانت. نطلع أنا وانت يا حبيبي مع بعض.”
فضل شوية ساكت، وبمنتهى الهدوء رد: “انتِ شايفة إنه ينفع؟ محاكمة شذى و…”
قاطعته بسرعة: “محاكمة شذى قولت الاثنين، وأنا بقولك السبت والأحد. خلينا نروح يا سيف، علشان خاطري، خلينا نروح.”
اتنهد وزفر بضيق: “مش عارف يا همس، بس ده اللي انتِ خايفة إني أتعصب وأتنرفز وأزعل منه؟”
همس أضافت: “ماهو ما حجزتش لنفسنا بس.”
سألها بترقب: “حجزتي لمين تاني يا روحي؟”
همس ببراءة: “هوليا…” (ما اعترضش عليها، فهي كملت) “…آية وسبيدو.” (هنا بصلها) “…وهند وبدر وملك ونادر وطبعًا هالة ومروان.”
انتظرت انف,جاره، لكنه فضل ساكت شوية وبعدها علق: “طيب، هل انتِ متخيلة إنه ينفع أنا ومروان وسبيدو وبدر كلنا مرة واحدة نسيب الشركة؟”
همس بترجي: “خليه ينفع لو سمحت. عارفة إنه صعب، بس أرجوك، خليه ينفع يا سيف.”
اتنهد باستسلام: “مش عارف يا همس. خليني أفكر وأشوف دنيتي إيه. حاولي تنامي دلوقتي. بعد شوية سبيدو وعيلته جايين يتغدوا، فهيكون يوم طويل.”
ملك صحيت بدري علشان نادر في الشغل وهي حابة تجهز الفطار لحماها وحماتها، ومبسوطة إنهم أخيرًا في بيتها. جهزت الفطار وانتظرتهم يصحوا.
فاتن صحيت واتفاجئت إنها صاحية. سلموا على بعض وملك بتوتر: “الفطار جاهز، نادي عمي نفطر مع بعض؟”
فاتن كانت لسه مش مستعدة تفتح لها قلبها: “هاخدله الفطار جوه لو مش يضايقك. ده غير إنه مش بيحب ياكل من إيد أي حد.”
ملك اتصدمت لكن ابتسمت: “طبعًا، اعتبري البيت بيتك.”
فاتن دخلت المطبخ وبتدور على صينية كبيرة. ملك حطت لها الصينية وسابت لها المساحة براحتها. فاتن حطت الأكل ودخلت عند جوزها. خاطر استغرب: “إيه ده؟ مش هنطلع نفطر مع نادر وملك؟”
فاتن بتوتر: “نادر في شغله، ومش هروح أصحي ملك ولا أقولها تعالي افطري. عايز تقوم تخبط عليها في أوضتها، قوم. أنت حر.”
خاطر رجع: “لأ، أصحيها إيه؟ عيب. خليها براحتها تصحى وقت ما تحب. النهارده تلاقيه يوم أجازتها الوحيد وما بتصدق ترتاح فيه.”
ملك حاولت تفطر لكن مقدرتش. شالت الأكل وعملت قهوة لنفسها، أخدتها لأوضتها وقالت تجهز الغدا شوية علشان نادر.
سيف صحي بالعافية على الصلاة، نزل وساب همس نايمة. البيت كله كان صاحي، حتى آية كانت في قمة نشاطها. صبح على الكل وتجاهل تمامًا ميرڤت وبنتها.
ميرڤت علقت: “هي مراتك بتنام لحد إمتى؟ ولا هي مالهاش دور أصلًا في البيت؟”
سيف بص لها بذهول: “أفندم؟ وحضرتك يخصك إيه في مراتي؟ بعدين هي حرة، تنام تصحى براحتها، محدش له فيه.”
حاولت تعترض لكنه قطعها: “خالتو، لو سمحتي، أنا مرضيتش أتصرف مع بنتك امبارح وعديت الموضوع بمزاجي، فبلاش تضغطي عليا. همس بالذات ما بسامحش حد يضايقها، فما بالك بواحدة اتجرأت تدخل أوضتي بدون إذن زي الحرامية وتقطع فستانها؟ تحمد ربنا إني سمحت لها تفضل للصبح هنا وما طردتهاش في نص الليل.”
ميرڤت بغيظ: “دارين حبت تهزر وتعمل مقلب، مش حتة فستان هنعمل عليه القصة دي. بعدين هعوض مراتك عن الفستان طالما زعلان أوي كده.”
سيف قرب منها بعصبية: “فستان إيه اللي بتتكلمي عنه؟ ومقلب إيه وسخافة إيه؟ لا هي صحبتها ولا تعرفها علشان تهزر. اللي عملته ده حقد وغيرة لواحدة شايفاها أجمل وأذكى منها ألف مرة. همس شمس، اللي يقرب منها يتحرق. بعدين الفستان ده هاتيه لبنتك، يمكن تملي عينها شوية وتبطل تبص لحاجة غيرها.”
ميرڤت وقفت: “على فكرة، أنا خالتك. إزاي بتكلمني كده؟”
رد ببساطة: “ما هو حضرتك ما تغلطيش وتتكلمي عن مراتي بأسلوب مش كويس، وتغطي على غلط بنتك. ربي بنتك قبل ما تقفي تتكلمي وتبرري تصرفاتها.”
حاولت تتكلم لكن قاطعها خروج سلوى على صوتهم: “سيف، خلاص لو سمحت. روح الجامع، عز منتظرك في الجنينة.”
سابهم ونزل مع والده لصلاة الجمعة. ميرڤت بصت لسلوى بعتاب: “سمعتي إبنك؟ هي سحراله ولا إيه؟”
سلوى ردت بحسم: “إيه سحراله والكلام البيئة ده؟ مراته وحبيبته. بعدين دارين غلطت باللي عملته، كان المفروض تخلي بنتك تعتذر لهمس مش تبرري غلطها.”
ميرڤت بتكبر: “إنتِ عايزة بنتي تعتذر لدي؟ تطلع مين هي ولا…”
قاطعتها سلوى بصرامة: “تطلع مرات سيف الصياد، واللي يبصلها بنظرة متعجبهاش لا يلومن إلا نفسه. ميرڤت، شيلي همس من دماغك وعقلي بنتك، واحمدي ربنا إن سيف عدّى ليلة امبارح على خير. لمي الدور.”
همس صحيت على صوت حد بيخبط، قامت بالعافية ولبست الروب وسمحت بالدخول، طلعت آية اللي طلبت منها تصحى لأن الضيوف على وصول. همس استعدت بسرعة، ولبست فستان من أجمل ما يكون، واهتمت بمكياجها جدًا قبل ما تنزل تنضم لباقي العيلة.
كلهم بصولها وهي نازلة مبتسمة، وآية علقت: “واو هموس، هتخ*طفي مني الأنظار.”
همس وقفت باهتمام: “خلاص، هطلع أغير وألبس حاجة…”
آية قاطعتها بحب وضحك: “لا يا روحي، بهزر معاكِ. اخط*في الأنظار براحتك، أنا يهمني نظر واحد بس وواثقة إني هخ*طفه من غير مجهود.”
ضحكوا الاتنين وهمس قربت سلمت على الكل وابتسامتها ما فارقتش وشها، حتى ميرفت اللي سلمت باقتضاب عليها.
عواطف قربت لهمس: “تحبي أعملك أي حاجة يا بنتي؟ فطار أو تشربي حاجة؟”
همس ردت بأدب: “لا، شكرًا يا عواطف، سيف هيرجع والغدا أعتقد هيكون بدري، متشكرة يا قلبي.”
انسحبت عواطف، وهمس قربت من آية: “بقولك إيه؟ تطلعي رحلة الساحل يومين؟”
آية بحماس: “مع سبيدو؟ أطلع!”
همس ابتسمت: “معاه أكيد. بصي، أنا وانتِ وسيف وسبيدو، وهنأخد معانا كمان هند وبدر وملك ونادر، وهوليا وهالة المسكينة ومروان. إيه رأيك؟ تبع الكلية عندنا زي المرة اللي فاتت.”
آية افتكرت حازم، فاتضايقت، وهمس فهمت بس مسكت إيدها: “اعملي ذكريات جديدة مع جوزك. قولتي إيه؟ ساعديني أقنع سبيدو وأنا بحاول مع سيف.”
آية بفضول: “امتى طيب؟”
همس بتردد: “بكرة وبعده.”
آية عينيها وسعت: “إيه؟ بتهزري صح؟ لا يمكن يوافقوا.”
همس بغيظ: “يا بنتي بقولك ساعديني، تقفليها انتِ في وشي؟ بعدين أحلى حاجة اللي بتيجي من غير ترتيب دي.”
آية اتنهدت: “ربنا يسهل، هشوف سبيدو. بس قوليلي تفاصيل الرحلة دي فين؟”
همس شرحتلها كل التفاصيل بدقة وآية بتسمع باهتمام لحد ما سمعوا جرس الباب واتفاجؤا بكاميليا داخلة لوحدها.
رحبوا بيها كلهم، وآية نظراتها كانت كلها استفسار. كاميليا وضحت: “نزلوني وراحوا يصلوا، وهيرجعوا مع بعض بعد الصلاة.”
ملك كانت في المطبخ بتجهز الغداء، وخاطر كان نازل للصلاة شافها فابتسم: “صباح الخير يا بنتي.”
ردت بابتسامة خفيفة: “صباح النور يا عمي.”
خاطر علق: “معلش فطرنا من غيرك، ما حبناش نقلق نومك بما إن جوزك بره وقلت أجازتك ترتاحي فيها.”
ملك استغربت وبصت ناحية فاتن اللي كشرت بغيظ من كلام جوزها، فدورت وشها بعيد.
ملك بابتسامة هادية: “ولا يهمك يا عمي، بالهنا والشفا.”
خاطر نزل للجامع، وفاتن دخلت على ملك: “أساعدك في إيه؟”
ملك بابتسامة هادية: “ارتاحي حضرتك، أنا هعمل كل حاجة. أصلًا قربت أخلص.”
فاتن قعدت على كرسي قدام الترابيزة وبدأت تراقبها، لقتها بتغسل الرز فقامت: “أنا هعمل الرز، ينفع؟”
ملك بصتلها وهي مبتسمة: “اتفضلي، براحتك، هغسله بس.”
اشتغلوا مع بعض في صمت مزعج، وكانت كل واحدة بتتكلم على قد الحاجة.
شوية وسمعوا صوت الباب، نادر دخل وابتسم لما شافهم في المطبخ مع بعض، قرب وباس فاتن في خدها: “إزيك يا ست الكل؟”