
سيف مع همس منتظر أخته تدخل وعينه على الباب، وهمس مسكت وشه: “هي هتطير؟ هو إنت هتفضل كده على طول ولا ده علشان إحساس جديد؟”
بصلها بغيظ: “مش عارف بس اتأخرت أوي صح؟ دي مكنتش تصبح على خير وأشوفك بكرة، ماهو هيجي الظهر يتغدى معاها مش هتلحق توحشه ولا يوحشها، هو مش مسافر.”
همس بصتله بذهول وبعد ما كانت إيديها حواليه بعدت عنه، فاستغرب: “مالك بتبصيلي كده ليه؟”
ردت بحنق: “علشان بسمع كلام غريب جدًا منك، ماهو حاجة من الاتنين، يا إنت مش حقاني ومش بتقدر مشاعر حد غير نفسك، يا إنت أشطر ممثل في الكون كله.”
بصلها بذهول وحاول يفتكر هو قال إيه بالظبط، فسألها باستغراب: “ليه كل ده؟ وإيه قصة التمثيل دي؟”
همس مسكت فستانها وعلقت بسخرية: “أنا طالعة أوضتي تصبح على خير. اطلع هات أختك من قفاها، ولا أقولك جرجرها من شعرها، ارميها في أوضتها واقفل عليها بالمفتاح.”
مسك دراعها بشدة: “اقفي كلميني، هنا في إيه لكل ده؟ كل ده علشان قلت اتأخرت؟ هي بقالها نص…”
قاطعته: “إياك يكون ساعتين حتى، الموضوع مش بيتقاس بالوقت، تصبح على…”
قاطعها: “اتكلمي معايا عدل يا همس.”
زقت دراعه بعيد عنها: “إنت أخدتني شقتك يوم كتب كتابنا، قعدنا فيها قد ما قعدنا ووصلتني بيت أبويا وشلتني لحد باب البيت، ولا إنت جتلك غيبوبة؟ إنت كل مرة، ولحد من شوية بس قبل ما ننزل، كنت في حضني، ولما سبيدو قال هيتأخر قلت الحمد لله. إنت إزاي بتكيل بمكيالين؟”
حرك راسه بحيرة: “كل ده برضه ليه؟ مش فاهم عايزة تقولي إيه؟”
أخذت نفس طويل وطولت بالها عليه: “إنت بتستنكر عليها وقفتها معاه وبتقول ماهو جاي بكرة مش مسافر، إحنا لحد الآن بنبعد عن بعض بالعافية، إيه هنسافر؟ لما بتصحى وتنزل شغلك بتاخدني في حضنك وتخرج بالعافية؟ هطير ولا هسافر؟ وأديني مراتك ومعاك. فإنت إزاي بتقول كده؟ يا إما لو ده إحساسك وقناعتك يبقى كنت بتمثل عليا، معيشني في وهم، بتعمل حبتين عليا قبل ما تسيبني وتمشي علشان أفضل هيمانه في حبيبي لحد ما يرجع. ماهو كتير تقولي مشوار ساعتين ولا رايح شوية وجاي وتغيب اليوم كله، فاكيد ده مجرد كلام صح؟ طالما بتستنكر إن يوم كتب كتابهم وأول مرة يكونوا مع بعض مستكتر عليهم نص ساعة يبقى إنت كل حاجة وهم؟”
سيف أخيرًا فهم قصدها: “انتِ إمتى هتفصلي بين مشاعري ناحيتك كحبيبة ومشاعري ناحية أختي الصغيرة؟”
همس بتأكيد: “مش هفصل. أختك مع حبيبها اللي راعى لآخر لحظة صحوبيته معاك واحترمك فوق ما تتخيل، وعمل حساب كل حاجة بينكم وما اتكلمش حرف غير بعد ما كلمك إنت بشكل صريح، وحتى السلام منعه لحد ما يكتب كتابه. فإزاي إنت قلقان عليها معاه؟”
علق باستنكار: “أنا سلمتها له، فمش قلقان عليها معاه، بس…”
قاطعته: “ما بسش. مراته وعايزة تشبع من حضنه قبل ما يمشي لأن الليلادي هتكون أطول ليلة في حياتها، وإنت عارف كويس إحساسها أو إحساسه هيكون إيه بعد ما يمشي.”
علق بإصرار: “هقولك تاني، دي أختي الصغيرة.”
علقت برفض: “يعني إيه؟ ما تحبش جوزها؟”
سيف بغيظ: “يا بنتي بطلي تقارنينا بحد غيرنا، أبوس إيدك. ظروفنا كانت مختلفة، اتحرمنا من بعض كتير فغصب عننا لما بقينا مع بعض كانت مشاعرنا مختلفة. إنتِ متخيلة قد إيه كان صعب إني أشوفك ومش مسموح لي أنطق حرف واحد معاكِ؟ ولا قد إيه كان إحساس مدمر يوم ما عملتي حادثة ومعرفتش حتى أطمن عليكِ؟ همس، مشاعرنا كانت نتيجة عذاب وحرمان كتير عشناه. فاكرة إحساسك كان إيه ساعة السباق اللي عصام كان عايز #فيه؟”
دورت وشها بعيد مش عايزة حتى تفتكر الأيام دي، فهو كمل: “دورتي وشك بعيد ليه؟ أحاسيسنا وحرمانا كان أصعب من إن حد يتحمله، فطبيعي لما تبقي مراتي وفي حضني مش عايزك تبعدي تاني لحظة عني. لكن هما؟ حبوا بعض إمتى للدرجة بتاعتنا دي؟ من كام شهر؟ إيه اللي حصل بينهم؟ اتقابلوا كام مرة؟ وإعجاب اتطور لحب؟ أنا مش بنكر عليها حبها، ولا بنكر عليه، ولا أنا ضد إنه يقرب منها أو يتعامل معاها كزوج. وأنا كمان مش شخص مثالي، فهرجع تاني وأقولك دي أختي الصغيرة، وطبيعي أخاف عليها، وطبيعي أفضل فوق راسها لحد ما تروح بيته. لكن ده مش معناه إني مش مقدر حبها، ولا معناه إني بمثل عليكِ مشاعري.”
سبيدو ركب عربيته وعينيه على آية، شغل العربية المفروض يتحرك بس عينيه ثابتة عليها. آية واقفة عينيها عليه ومن جواها بتصرخ: (انزل خدني في حضنك تاني ولو مرة واحدة قبل ما تمشي. لو بتحبني انزل تاني. سبيدو، علشان خاطري انزل تاني).
مجرد نظرات من غير ما تنطق حرف وهو عينه عليها، عايز يمشي ومش عارف، زي ما يكون في حاجة بتشده ناحيتها. عينيها بتناديه، أو يمكن بيتهيأله. ولو نزل تاني، ممكن تحس إنه متطلب وهيخنقها بحبه. معقول ما صدق إنها حبته، فيتدلق عليها لحد ما يخنقها؟ “امشي وسيبها، وبكرة النهار هيطلع وهتيجي لعندها. الأيام كتير، بلاش تظهر مشاعرك واحتياجك مرة واحدة، بلاش تخليها تخاف منك من أولها. اعقل واتحرك بعربيتك وامشي.”
قلبه اترجاه: (حضن أخير وامشي، بس حضن واحد، وقولها تصبحي على خير وبس. هي لو عايزاك تمشي كانت دخلت، لكن عينيها بتناديك. بلاش تحسسها إنك بتتجاهل إحساسها.)
أخيرًا قرر يسمع لقلبه ونزل من عربيته، وبمجرد ما عملها، زي ما تكون منتظراه، جريت عليه. شالها في حضنه، غمض عينيه بابتسامة ودفن وشه في شعرها. حمد ربنا إنه نزل، لأنها كانت فعلًا منتظراه. همسلها بحب: “مقدرتش أمشي.”
ابتسمت: “مكنتش عايزاك تمشي. قلت لو بتحبني مش هتمشي، وتنزل تاخدني في حضنك. خوفت تمشي وعقلي يقولي ما بيحبكيش كفاية. لو بيحبك كان فهم نظراتك.”
بعد وشه عنها وبص لعينيها: “إنتِ بجد هتفكري كده؟ تعاقبيني على أفكارك اللي جواكِ؟ بدون ما توضحيها ليّا؟”
ابتسمت لذهوله: “آه، المفروض تفهم عينيّ.”
سبيدو بذهول: “وده مين فرضه إن شاء الله؟” (مسك دقنها ورفعها): “أنا بحبك، وكتير، وفوق ما تتخيلي، بس ده مش معناه إني هفهم نظرة عينيكِ وهقرأ أفكارك والحاجات الغريبة دي. آية، أنا هحتاج توجيهك للي إنتِ عايزاه. ما تنتظريش مني أفهم نظراتك دي.”
آية: “إنت فهمت عينيّ ونزلت أخدتني في حضنك؟”
سبيدو: “حبيبتي، دي رغبة جوايا عملتها، مش فهم نظرات أبدًا.”
آية كشرت: “طيب سيبني فاهمة إنك حسيت بيا وسمعت صمتي.”
سبيدو بذهول: “سمعت صمتك إزاي لا مؤاخذة؟ لا يا روحي، مش هينفع أسيبك علشان بعدها ما تتصدميش وتقوليلي إنت مش بتفهمني وحوار الاهتمام ما بيطلبش والموال ده. الاهتمام بيطلب عندي. حوار إننا نتجوز وأرجع البيت ألاقي بوز مترين، والمفروض أفهم بقى إيه اللي مزعلك وأقعد أضرب أخماس بأسداس؟ انسي يا روحي القصة دي. تعاملي معايا معاملة طالب كيجي. عارفاهم دول؟ أول ما بيدخلوا المدرسة بيعلموهم يمسكوا القلم، مش بيدوله كتاب يقوله اتفضل اقرأ لأنه مش هيعرف. أنا معايا شهادة معاملة أطفال، عامليني على هذا الأساس.”