روايات

الفصل الستون

ابتسم وداعب وشها بحب: “ولو ما رجعش؟”
أكدت وهي بتلف إيديها حوالين رقبته: “هيرجع، همسته هتوحشه ويرجعلها طبعًا.”
باس خدها، وبعدها اتحرك يغير هدومه. هي راقبته وعلقت بهزار: “الله يرحم أيام ما كنت بتقولي هو أنا نادر بتبوسي خدي؟ المفروض دلوقتي أقولك هو أنا آية بتبوس خدي؟”
بصلها من فوق كتفه وهو بيقلع قميصه: “عندك امتحان الصبح، هاه! فكراه ولا نسيّاه حضرتك؟”
ضحكت وقعدت على كرسي التسريحة: “مش نسيّاه بس أنا ليالي الامتحان دي مش بذاكر فيها على قد كده، بحس إني لو ذاكرت كتير أوي بنسى أصلًا كل حاجة.”
افتكر لما كلمته وقالت له قبل كده إنها ناسية المادة كلها واخدها يخت باسم. قرب بخطوات واثقة منها ورفع دقنها علشان تواجهه: “بتحبي تعملي إيه في ليالي الامتحان غير المذاكرة طيب؟”
وقفت قصاده، عينيهم متعلقين ببعض وبتفكر، فهو ابتسم وتراجع بعيد عنها، شد تيشيرت يلبسه. علقت باستغراب: “ليه؟”
شال هدومه وحاجته بيرتبها في أماكنها، وبص لساعته، وبعدها بصلها: “ليه إيه يا همس؟”
“ليه بعدت عني ولبست التيشيرت؟ وأوعي تقولي علشان امتحاني الصبح؟”
نفى ببساطة: “لا يا قلبي مش علشان امتحانك، أو مش بس علشان امتحانك، بس إنتِ أكيد فهمتيني يا همس.”
استغربت: “فهمت إيه؟”
“فهمتي إن الحاجة اللي إنتِ محتارة فيها باخد القرار عنك علشان ما تحتاريش يا قلبي.”
استغرابها زاد: “أحتار في إيه؟ قصدك إيه يا سيف؟”
أخدها من إيدها وطلعوا، قعدها على السرير وقعد قصادها: “أقصد يا قلبي إنك فكرتي وعقلك بيحسب هناخد وقت قد إيه مع بعض؟ طيب بعدها هاخد شاور في قد إيه؟ ولا هتأجليه للصبح؟ طيب هتصحي بدري هتراجعي ولا تقومي تاخدي الشاور وتستعدي للكلية؟ طيب فاضلك إيه لسه محتاجة تراجعيه؟ طيب هتنامي كام ساعة؟”
كل ما بيتكلم عنيها بتوسع من استغرابها، فهو ابتسم وكمل: “مش دي الأسئلة اللي دارت في دماغك؟”
فضلت بصاله باستغراب لحد ما علقت: “أقطع دراعي إن ما كنت مركب جهاز تصنت جوه دماغي، إنت مهكر عقلي، صح؟”
ابتسم أكتر ومسك دراعاتها الاتنين بحب: “مش حكاية مهكر عقلك، سبق وقلتلك إن اللي بتفكري فيه هو نفسه اللي بفكر فيه، دي نفس الأسئلة اللي دارت في دماغي، ده الموضوع بكل بساطة. المهم، يلا نشيل الأوراق دي ونعمل مراجعة سريعة كده على الليلة دي كلها، اظبطي تايمر نص ساعة.”
اقترحت: “خليها ساعة تفضل معايا فيها.”
حط إيده على خدها: “روحي أنا معاكِ للصبح، مش هبعد ولا هسيبك وأنام، معاكِ.”
مسكت إيده وضمتها بإيدها: “عارفة، بس محتاجة دكتور سيف معايا ساعة.”
وافقها وبينظم الورق: “بس هتفضلي تعارضي وتقوليلي اثبت هسيبك وأنام.”
ضحكت وبتلم أوراقها كلها: “قلبك أبيض يا حبيبي.”
قعدوا مع بعض أكتر من ساعة يراجع معاها الحاجات اللي بيحس إنها مهمة ونقاط الامتحان.
كانت محتاجة تراجع شوية قوانين، فسابها وقام عمل شريحتين توست بالجبنة اللي هي بتحبها وطلع لعندها. ابتسمت: “مين قالك إني جعانة؟”
قعد جنبها: “إحساسي.” (بصتله بشك فهو ضحك) “أنا جعان.”
ضحكت وأكلوا مع بعض. بعدها بصت للورق، بس أخده من إيدها وشاله كله وهي مستغربة، فوضح لها: “أكتر من كده مش حلو، هتحاولي تنامي علشان عقلك يعرف يرتب أفكاره كويس وينظمها، واصحي بدري ساعة اقرئيهم مجرد قراية عابرة، هتلاقي عقلك بيثبت كل اللي قراه وهيسترجعه وقت ما تحتاجيه.”
حاولت تعترض، بس هو رفض تمامًا أي اعتراض وأخدها في حضنه علشان تنام.
طفى النور واسترخوا الاتنين، وبعد فترة من الصمت همست سألته: “نمت؟”
كان بيلعب بشعرها بشرود تام: “لا يا قلبي.”
بصت له تحاول تشوف ملامحه في الظلمة، بس النور خافت جدًا، فسألته: “ليه زعلان من سلوى وعز؟ حتى هوليا حاسة إنك زعلان منها؟”
ما ردش عليها بسرعة لدرجة إنها تخيلته مش هيرد أصلًا، بس نطق: “ماضي قديم بيرجع ويفرض نفسه من تاني على الكل.”
سألته: “سفريتك استفدت منها ولا بس أخدتك مني؟”
ابتسم وشد شعرها بمداعبة: “مفيش حاجة في الكون كله ممكن تاخدني منك على فكرة.” (مسك إيدها حطها فوق قلبه تحس نبضاته وهمس لها) “إنتِ قلبي اللي بين ضلوعي بينبض جوايا، لا يمكن حاجة تاخدني منك.”
سندت عليه لأنها لازم تشوف عينيه أو على الأقل تكون قصاده مباشرة. إيدها على خده والمفروض إن عينيهم متعلقين ببعض: “أنا مهما أقولك إني بحبك لا يمكن أقدر أوصلك بحبك قد إيه. أنا بعشقك، فاهم؟”
مسك إيدها اللي على وشه وباسها: “فاهم لأني زيك، تخطيت الحب من زمان وبعشقك وبعشق كل حاجة وأي حاجة تخصك.”

الصبح في بيت المرشدي الكل بيفطر، وحسن بص لمراته: “أمل فين؟ مش بتفطر معانا ليه؟”
ناهد: “ما بحبش أصحيها بدري لو هي ما صحيتش بنفسها، خليها تنام براحتها.”
مؤمن حمحم قبل ما ييتكلم: “هي مش هنا أصلًا.”
الاتنين بصوا له باستغراب، ناهد ابتسمت براحة، وحسن اتضايق: “انا قولت بلاش تسيب البيت و…”
قاطعته ناهد: “هي مع جوزها، أنا كتير بشك في قدراتك العقلية يا حسن.”
حسن بصلها باستنكار : ليه ؟ علشان خايف عليهم يا ناهد ؟
ناهد دورت وشها بعيد وهي متضايقه منه .
مؤمن قام: “أنا رايح الشركة، هي بسنت بتيجي الساعة كام؟”
ناهد بصت لموبايلها: “على ٩ بالكثير أوي، روح اطمن العيال لو صحيوا، إحنا موجودين.”
سابهم وخرج، وبعدها ناهد بلوم: “هتفضل مخليه بره البيت لامتى؟”
حسن بحيرة: “مش عارف يا ناهد الخطوة الجاية إيه ولا هنعمل إيه؟ أنا ما بقتش قادر أخرج ولا أواجه أي حد، الكل بيسألني إزاي التحليل بيقول إنه حفيدك؟ هو إبنك متجوزها بالسر؟ هو غلط معاها؟ طيب مزور؟ مش عارف أرد ولا عارف أقول إيه! ”
ناهد بعتاب: “قول إن إبنك مفيش زيه في الكون كله في أخلاقه ولا تربيته ولا…”
قاطعها حسن بقهر: “ماشي انا هقول ده ومعنديش شك في ده لكن التحليل اللي عملناه مرة واتنين وقال إنه حفيدك ده نعمل فيه إيه؟ العيل إبن كريم، نعمل إيه هاه؟ نبعت شوية بلطجية يضربوها لحد ما تموت ولا لحد ما تنزل العيل؟ تخيلي أنا فكرت أعملها؟ أنا اللي عمري ما أذيت ولو حيوان أفكر أعمل كده في واحدة؟ أنا مش عارف أفكر يا ناهد، أقسم بالله ما عارف أفكر، قوليلي إزاي عملتها واللي تقوليه مش هناقشك فيه وأقولك آمين؟”
ناهد بصت للطبق بتاعها قدامها وهي ما عندهاش أي إجابات، بس أسئلة متعلقة مالهاش إجابات.

حسن راح الشركة وهناك شاف أمل، اتقابلت نظراتهم في نظرة طويلة بس قطعها ودخل مكتبه من غير ما ينطق حرف.
أمل في مكتبها، وبعد شوية سمعت صوت دوشة، طلعت بسرعة من مكتبها، واتفاجئت بطه أخوها واقف مع مؤمن وبيزعق: “فين كريم؟”
حسن كمان طلع على الصوت واتفاجئ بطه، فاتكلم بهدوء: “في إيه؟ حمد الله على السلامة يا طه، اتفضل مكتبي.”
طه بعصبية: “أنا مش هتفضل في أي مكان، فين كريم؟”
أمل قربت من أخوها: “طه، حمد الله على السلامة، تعال مكتبي أو نروح البيت ونتكلم ولا…”
قاطعها بعصبية: “إنتِ مش هترجعي البيت ده تاني، جوزك فين؟ ومين البنت اللي حامل منه؟ هاه؟ بقى بعد كل ده يخونك؟”
أمل زعقت: “طه، لو سمحت كريم ما…”
قاطعها وهو بيمسك دراعها يشدها: “بلا كريم بلا بتاع، سيادته في واحدة رافعة عليه قضية نسب، فاتفضلي يلا نجيب إبنك ويلا على البيت، مش هتفضلي هنا.”
حسن اتدخل: “طه، ده مش أسلوب نقاش، اتفضل نتكلم بالبيت.”
طه حاول يتكلم بهدوء: “عمي، أنا بحترم حضرتك وبقدرك، بس اعذرني، دي أختي الوحيدة، وإبنك لما دخل بيتنا وعدني يصونها ويحترمها، بس لما تظهر واحدة تتهمه اتهام بشع زي ده، لازم أخد أختي. أنا ما نطقتش غير بعد ما شوفت صور التحاليل اللي اتنشرت وبتقول إن الجنين حفيدك، فلو سمحت ما تطلبش مني أهدى، ولا تطلب مني أسكت، ولا تحاول تمنعني وأنا باخد أختي. أرجوك خلي علاقتنا قايمة على الاحترام وتفضل بالشكل ده.” (بص لأمل): “يلا لو سمحتي، هنروح ناخد إياد ونطلع على البلد.”
مؤمن مسك دراعه: “طه، لو سمحت…”
طه شد دراعه: “لو سمحت إنت يا مؤمن، بلاش تتدخل، بعد إذنكم.”
شد أمل من دراعها واخدها على البيت علشان ياخد ابنها كمان.

سيف أخد همس على الجامعة، كان لابس قميص أزرق وبنطلون جينز .
ركن عربيته وطفاها وبصلها: “هتنزلي؟ ولا تحبي نفضل هنا؟”
كانت بصاله بإعجاب: “تعرف إن الاستايل ده عليك أشيك بكتير من البدل؟”
ابتسم: “عارف بس…”
قاطعته بتفهم: “علشان الشركة والشغل ومنظرك الاجتماعي، عارفة، بس ده ما يمنعش إني أعبر عن إعجابي بيك لما تلبس كده.”
بص لساعته بعدها بصلها: “نخلينا في الإلكترونكس ولا إيه؟ حاسة إنك عايزة تسألي في حاجة؟ ولا تراجعي حاجة؟”
نفت بهدوء بعدها اقترحت: “تعال ننزل نروح المدرج أشوف مكاني فين على الأقل، ينفع ولا مش حابب تدخل معايا؟”
نفى بسرعة: “لا مش حابب ليه؟ يلا بينا يا روحي.”
نزل معاها ومشيت جنبه، مسك إيدها فابتسمت، وكذا حد بيشوفهم يبتسم أو يسلم عليهم. دخلوا المدرج، شافت هالة فشاورتلها والاتنين راحولها. همس سلمت عليها وحضنتها بعدها سيف سلم عليها: “عاملة إيه؟”
اتنهدت: “كويسة.”
سيف: “الحمد لله، ذاكرتي كويس؟”
ابتسمت بمجاملة: “الحمد لله يا دكتور، اطمن أنا بخير.”
همس علقت بحب: “مروان بيحبك على فكرة وما يقدرش يستغنى عنك.”
ابتسمت بحزن، وسيف أكد كلامها: “هو فعلًا بيحبك يا هالة ويتمنى تسامحيه، فخدي وقتك وركزي في مذاكرتك دلوقتي وبعدها سامحيه.”
اتنهدت وبصتلهم الاتنين: “عارفة، اطمنوا، عارفة إنه بيحبني وإنه بس أهبل ومتخلف شويتين.”
سيف ابتسم ومعلقش، فهي بصتله بحرج: “سوري يعني لو بغلط في صاحب حضرتك يا دكتور.”
سيف: “هو يستاهل صراحة، المهم نركز في الامتحان وربنا يوفقكم.”
كان هيتحرك بس همس مسكت دراعه، فهالة انسحبت وقعدت في مكانها. همس: “إنت هتمشي ولا هتنتظرني؟”
سيف بحيرة: “معرفش، إنتِ حابة إيه؟”
ابتسمت بدلع: “لو على اللي حباه هقولك خليك قاعد جنبي وحل معايا الامتحان.”
ابتسم زيها: “كده مبقاش امتحان يا روحي.”
لاحظ إن الكل بيقعد، فبص وراه كان دكتور المادة دخل، دكتور أسامة. فهمس قعدت في مكانها على طرف البينش، فهو وطى وباس راسها: “ربنا يوفقك يا روحي.”
اتحرك يخرج من المدرج، بس الدكتور وقفه: “إنت رايح فين؟”
سيف باستغراب: “رايح مكتبي، خير؟”
مسك دراعه: “تعال، إنت ربنا بعتك ليا لأن اللي هيراقب معايا اعتذر تقريبًا كاوتش العربية عملها معاه ولسه كنت هشوف حد مكانه، فطالما فاضي خليك.”
سيف ابتسم واعترض بهدوء: “بلاش أنا، ياريت أطلع أشوف حد تاني أبعتولك و…”
قاطعه باستغراب : “ليه بلاش إنت؟”
سيف وضح بتردد: “حضرتك عارف إن مراتي هنا؟”
استغرب أكتر: “وفيها إيه إن مراتك هنا؟ هتروح تغششها مثلًا الإجابات؟” (أضاف بهزار): “بعدين إنت مكنتش شاطر أوي في الإلكترونكس.”
سيف أصابته حالة ذهول، والكل ضحك، وهو بص للطلبة، بعدها بص للدكتور وعلق بتهكم: “أنا مكنتش شاطر؟”
أسامة وضح: “كنت بتجنني، ماشي، بتعليلي الضغط ممكن، بتحرق دمي عادي ، يعني حاجات من هذا القبيل.”
سيف تراجع خطوة لورى: “طيب شوف حد غيري مش بيرفع لحضرتك الضغط، باااي.”
أسامة مسك دراعه بسرعة: “خلاص، كنت شاطر، خليك جدع بقى ويلا نوزع الورق، لاحسن هحسب الوقت ده عليهم.”
سيف ابتسم ووافق يفضل معاه وساعده في توزيع الورق، بعدها الكل بدأ يحل. هو أخذ ورقة يشوف الامتحان ويقيمه، وأسامة متابعه، بعدها قرب وسأله: “إيه، الامتحان إيه؟ سهل؟ صعب؟ كويس؟”
سيف بيدرسه، بعدها بصله: “حلو، مش سهل ومش صعب، في نقطة واحدة محدش هيجيبها غير يمكن واحد أو اتنين.”
أسامة علق وهو بيبص ناحية همس: “طبعًا تتمنى إنها تجيبها.”
سيف ابتسم وتتبع نظراته واتكلم بثقة: “هي هتجيبها، هتقفل الامتحان ده بإذن الله.”
بصله بذهول: “وده إيه الغرور ده كله؟”

انت في الصفحة 4 من 5 صفحات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
0

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل