روايات

الفصل السابع والخمسون

بدر نزل من فوق ومعاه هند اللي علقت: “حمدالله على السلامة.”
وقف سلم عليها واعتذر عن تطفله، بس عاتبته بعدها بدر علق بهزار: “زمان أنس أكل دماغك وصدّعك؟”
سيف داعب راس أنس: “لا بالعكس، استمتعت بكلامي معاه. حسيت إني مع حد ناضج.”
أنس ابتسم بحرج: “أنا متشكر أوي يا عمو. كلامي معاك بجد فرق معايا.”
سيف بصدق: “وأنا زيك وأكتر يا أنس.”
انسحب وسابهم. هند سألته: “أمال همس فين؟”
وضح: “في البيت. أنا جيت من الشركة.”
هند اقترحت: “طيب نكلمها تيجي؟ ولا…”
سيف فكر لحظات قبل ما يرفض: “لا، بلاش. وراها مذاكرتها، ولو جت هتضيع وقت كتير. أنا شوية وهمشي.”
هند وقفت: “طيب، هحضر السفرة يكون…”
قاطعها سيف: “أنا هقعد شوية مع بدر وهمشي، فلو سمحتي يا هند ارتاحي.”
هند وضحت: “سيف، أنا هحضر السفرة سواء إنت موجود أو مش موجود. كلنا لسه ما اتغديناش أصلًا. بننتظر بدر.”
سيف بصلها: “بجد؟إنتِ قاعدة لحد دلوقتي من غير غدا منتظراه؟” (بص لبدر بعتاب): “يبقى تروح بدري لو هي بتنتظرك كل ده.”
بدر بص لها: “دايمًا جيبالي الكلام هاه.”
هند ضحكت، بس وضحت: “أنا أه منتظراه نتغدى مع بعض، بس ده ما يمنعش إني اتغديت ثلاث أربع مرات قبل دي.”
سيف ابتسم وبدر علق: “أيوه، لاحسن يفتكرني ظالمك ولا حاجة.”
هزروا شوية، بعدها سيف وقف: “طيب، هسيبكم و…”
بدر قاطعه: “اقعد يا سيف، نتغدى مع بعض.”
سيف: “طيب، علشان بس ما نفضلش نلف وندور حوالين بعض، أنا اتغديت أنا وهمس من بدري. فنتكلم وقت تاني وإنت اتغدى مع عيلتك.”
بدر وقف: “طيب طالما مصر ما تتغداش، تعالى نقعد مع بعض شوية بره في الجنينة.”
حاول سيف يعترض، لكن بدر أصر وطلعوا الاتنين مع بعض، قعدوا شوية في صمت لحد ما بدر قرر يفتح الكلام الأول: “صاحبك المتخلف، قصدك مروان صح؟ عرفت هو ليه فسخ خطوبته؟”
سيف بدأ يتكلم عن مروان وعلاقته بيه، وعن غباؤه واللي حصل، وبدر سمعه بهدوء. بعدها علق: “سيف، اللي فهمته وعرفته إن مروان بيعتبرك أخ، مش مجرد صاحب.”
سيف رد باندفاع: “وأنا كمان بعتبره أخ، وحاولت أتكلم معاه كأخ.”
بدر كمل: “لكن مجرد إن محاولتك فشلت، اتكلمت كمدير وطردته من شغله.”
سيف دافع عن نفسه: “أنا ما طردتوش، هو…”
قاطعه بدر: “هو إيه؟ سيف، كان لازم قبل ما تسأله ليه فسخ خطوبته تعرف أخباره هو. هو بيمر بأزمة ومش عارف يتعامل فيها، فده اللي طلع معاه. بدل ما تحكم وتتخانق، كان المفروض تسمع. إنت نفسك في وقت من الأوقات سيبت حبيبتك بشكل بشع ورحت خطبت غيرها، مش دي كانت أزمة بتمر بيها؟ فليه دلوقتي بتقول عليه متخلف؟ مش يمكن بيمر بظرف زي اللي أجبرك تخطب واحدة غير حبيبتك؟ إزاي قدرت تحكم عليه بالتخلف والهبل؟ وإزاي ساب حبيبته في الوقت اللي إنت بالذات سبق وعشت نفس التجربة؟ ويمكن أسوأ منها كمان.”
سيف كشر لإنه مفكرش بالطريقة دي أبدًا، وحس من جواه بالندم لأنه كان هجومي مع مروان وما حاولش يسمع مشكلته قبل ما يتكلم بغباء معاه.
بدر إداله فرصة يحلل كلامه، بعدها كمل: “بالنسبة لأختك، ليه حاسة إن الكلام معاك صعب؟”
سيف بص للأرض: “لأن المشاكل فوق راسي كتير، مش عارف أفوق منها. بقيت مش طايق أتكلم، ولا قادر أعاتب، ولا قادر أتناقش، ولا قادر أسمع.”
بدر نصحه: “هقولك زي ما دكتور أنس بيقوله، اسمح للي بيحبوك يساعدوك وياخدوا بإيدك. وزع مشاكلك وهمومك علينا، صدقني هنشيلها معاك.”
سيف بعرفان: “إنت أوردي شايل معايا كتير يا بدر. يكفي قعدتك دي معايا دلوقتي، ومراتك وإبنك جوه منتظرين يتغدوا.”
أضاف آخر جملة بهزار، وبدر علق: “صدقني الاتنين أكلوا من بدري، وده بيعتبروه وجبة أوفر، فما تشغلش بالك بيهم. سيف، إنت راجع من بره، واعتقد عندك مشاكل كتير، فمش عايز تاخدها البيت، وخصوصًا إن مراتك داخلة على امتحانات زي ما بتقول. فبتهرب من إنك تروح البيت. نصيحتي ليك، ما تهربش من البيت ولا من مراتك. مش شرط تفضفض لها كل مشاكلك، بس ما تحرمهاش منك، ولا تحرم نفسك منها. وجودها جنبك هيفرق معاك جدًا. إنت راجع من السفر، محتاج ترتاح علشان تقدر ترتب أمورك وأفكارك. محتاج صاحبك، فلازم تسمعه وتساعده لو تقدر تحل مشكلته. محتاج أختك، تاخدها في حضنك مرة وألف، لحد ما تصدق وتقتنع إن أخوها، مهما يحصل، جنبها مش هتخسره أبدًا، مهما يكون حجم غلطها. حبك مش مشروط.”
موبايله رن، كان سبيدو، فاستأذن ورد عليه: “أيوه يا سبيدو.”
سبيدو: “إنت في الشركة ولا فين؟”
سيف: “روحت، عايز حاجة؟”
سبيدو بتردد: “لو قلتلك إني عايز أعزم…”
قاطعه سيف: “لأ، قبل ما تكمل، آخرك مكالمة تليفون تسلم وتقفل.”
سبيدو بغيظ: “ليه لأ؟ طيب خليني آخد خطوة علشان تبطل تقولي لأ.”
سيف ابتسم: “أنا امتى منعتك تاخد خطوة؟ اعتقد أنت عارف أبوها، وعارف رقمه وعنوانه.”
سبيدو بذهول: “تصدق أنا غلطان إني عملتلك إنت اعتبار يا بارد.”
سيف: “متشكر، عايز حاجة تاني؟”
سبيدو: “أنا تحت الشركة، هطلع أسلم، ماليش أنا في قصة الفونات دي.”
سيف حاول يرد، لكن سبيدو كمل: “وحتى لو قلت لأ، برضه هطلع أسلم، لأنك شخص بارد، علشان بس تبقى الأمور واضحة معاك. سلام.”
قفل سيف الموبايل وبص لبدر: “إلا قولي، إيه رأيك في سبيدو؟”
بدر استغرب: “رأيي فيه من جهة إيه؟ هو شخصية ظريفة، بيهزر، جدع جدًا، وصاحب صاحبه. فإيه رأيي من أي جهة؟”
سيف اتنهد: “من جهة عريس لآية.”
بدر ابتسم: “اعتقد إنك موافق عليه بدليل كلامك معاه وسفرك معاه. هو حد بتثق فيه كتير، فليه لأ؟”
سيف بحيرة: “بثق فيه جدًا وبآمنه على حياتي، بس جزء جوايا خايف من ماضيه، وخايف على آية.”
بدر بابتسامة عريضة: “ده خوف طبيعي. خوفك على أختك طبيعي، وأي حد، سواء سبيدو أو غيره، الخوف ده هيكون موجود. هل هو الشخص الصح؟ هل يستاهل أختي فعلًا؟ هل هو مناسب؟ هل هيقدر يسعدها؟ خوفك طبيعي ومعناه إنك بتحب أختك، فاطمن.”

انت في الصفحة 4 من 5 صفحات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
0

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل