
مؤمن، اللي كان قاعد جنبه بصمت، سأل بصوت هادي لكنه حاسم: “مين مات؟”
كريم بصله بحيرة، فوضح: “سمعتك بتقول إنا لله وإنا إليه راجعون، وسيف رايح المطار. بسأل، مين اللي مات؟”
كريم رد عليه: “جوز أخت مروان اللي كانت مسافرة. رجعت بيه في تابوت، ومروان مش عارف يفرج عنه في المطار، فسيف رايح يساعده.”
مؤمن فضل ساكت، لكن ملامحه كانت مليانة أسى. بعدها بص قدامه، عينه بتدور في الشارع كأنه بيحاول يلمح إبنه في أي مكان: “هو إحنا إمتى حياتنا بقت كده؟ وليه بقت كده؟”
كريم ما ردش، لأنه ببساطة ما كانش عنده إجابة. مؤمن بصله بعد لحظة: “روح المصنع إنت، وأنا هنزل أدور عليه. هسأل في المحلات يمكن حد يكون شافه.”
كريم حاول يجادله شوية، لكنه أصر ينزل من العربية. كان واضح إنه مخنوق، ومحتاج يمشي على رجليه علشان يخفف من اللي جواه.
سيف اتصل بهمس علشان يعرف وصلت فين، وبلغها باللي حصل وطلب منها تكلم هالة وتقرر إذا كانت هتروح لوالدة مروان أو تبلغ أهلها وتشوف هيعملوا إيه.
هالة لما عرفت الخبر اتصدمت، وحاولت تتصل بمروان، لكنه ما قدرش يتكلم معاها. رد بسرعة وقفل على طول. فاضطرت تتصل بأبوها وتبلغه، وهو وعدها إنه هيجي مع أمها علشان يحضروا الجنازة.
وصلوا بالليل، وسيف بعت نصر يستقبلهم وياخدهم للڤيلا. كمان طلب من همس تاخد أبوها وأمها وتروح هناك هي كمان.
خاطر وصل همس للڤيلا، لكنه قرر ياخد فاتن ويروحوا عند هند. لما اعترضت همس، قالها “كفاية هالة وعيلتها عندكم، وممكن حد تاني يجي. يوسعوا مكان لغيرهم، وإحنا نفضل عند هند.”
هالة كانت عايزة تروح لحماتها ومنار، لكنها اتفاجئت برفض أبوها، اللي برر: “أكيد مشغولين أول يوم. بلاش تكوني عبء عليهم بزيارتك.”
همس كانت قاعدة منتظرة سيف يرجع، مستغربة إزاي لسه قادر يقف على رجليه وسط كل اللي بيحصل حواليهم.
هوليا خرجت للجنينة، شافتها وراحت ناحيتها: “منتظرة سيف؟”
ابتسمت همس: “آه، اتأخر. مش عارفة خرجوا من المطار ولا لسه. آخر حاجة عرفتها إن بدر وسبيدو راحوا له.”
هوليا طبطبت عليها بحنية: “طيب، قلقانة عليه ليه؟”
همس ردت بهدوء: “بكرة لازم نروح الجامعة، وهو بقاله يومين ما نامش. مش عارفة صراحة إزاي قادر يواصل. حاسة إني عايزة لما يجي أحبسه، أربطه في السرير، أعمل أي حاجة بحيث ينام كام ساعة ويرتاح.”
هوليا ابتسمت: “هو شاب صغير ولسه عنده تحمل كتير. قوي ما شاء الله، ما تخافيش عليه.”
همس ابتسمت وسكتت، لكن هوليا قررت تمازحها: “ولا هو واحشك كتير وإنتِ مفتقداه، وبتعملي حجة إنك عايزاه ينام، بس الحقيقة إنك عايزاه في حضنك؟”
ضحكت همس: “في دي عندك حق، مقدرش أنكر. مش بقولك عايزة أحبسه؟”
هوليا ضحكت معاها: “بصي، أول ما يجي ويدخل عندك، أنا هقفل بالمفتاح وأضيع المفتاح. إيه رأيك؟”
همس كملت ضحك: “أنا موافقة.”
قعدوا يهزروا كتير، وهوليا نجحت تطلع همس من الحالة اللي كانت فيها.
سيف وصل البيت أخيرًا متأخر جدًا، وكان عز في انتظاره علشان يطمن عليه ويعرف آخر الأخبار. هوليا طلعت تطمن عليه، وشافت عز بيكلمه، فزعقت: “سيب حفيدي يطلع يرتاح يا عز، سيبه يطلع ينام، حرام!”
عز رد عليها وهو بيبص له: “هسيبه يا أمي، بس بطمن عليه وعلى أخباره.”
هوليا نزلت عندهم، ومسكت سيف من دراعه: “اطلع لأوضتك، خد شاور دافي ونام، عندك يوم طويل بكرة.” بصت لعز : “الصبح تعرف منه الأخبار، مش دلوقتي أبدًا. نرحم الرحمة حلوة. اطلع لهمس.”
سيف ابتسم وباس خدها: “يلا تصبحوا على خير.”
كان طالع، لكن هوليا وقفته: “أعملك أكل يا سيف؟ حتى ساندويتش صغير؟”
سيف شكرها وطلع لأوضته.
فتح الباب، لقى همس قاعدة منتظراه. بص لها باستغراب: “صاحية ليه؟”
وقفت مستغربة من سؤاله: “منتظرة جوزي يرجع وأطمن عليه، إيه صاحية ليه دي؟”
باس خدها لأول مرة وهو بيبعد، فهي استغربت: “دي أول مرة تبوسني في خدي وإحنا لوحدنا؟”
ابتسم وبص لها: “محتاج شاور، وتعبان، وهلكان، وقرفان، وكل حاجة ممكن تتخيليها. آخد شاور وبعدها نتكلم، لو قدرت أتكلم أصلًا.”
دخل الحمام، وهي نزلت بسرعة جابت له ساندويتشات خفيفة وعصير علشان لو مقدرش ياكل، يشرب العصير.
سيف أخد شاور سريع وخرج لابس البرنس وبينشف شعره. كانت همس واقفة مرقباه، وحاسه إنه في عالم تاني، دماغه مش معاه.
قربت منه بساندويتش في إيدها : “عايزاك تاكل، ينفع؟”
بص لها كتير قبل ما ياخد منها الساندويتش ويبدأ ياكله بسرعة: “عايزة حاجة تاني مني؟”
استغربت نظرته وسؤاله، فهزت راسها بالنفي. بعدها سألته: “إنت عايز حاجة؟”
بصلها كلها، وبعدها ركز على عينيها: “آه.”
سألته: “إيه؟”
مسك دراعتها الاتنين ورجعها ناحية السرير: “عايزك إنتِ… وسامحيني مقدمًا.”
استغربت وسألته: “أسامحك ليه؟”
زقها وقعها على السرير: “أنا هغتصبك يا همس، بالمعنى الحرفي للكلمة. آسف، مش هكون حنين ولا رومانسي، فسامحيني مقدمًا.”
ما اداهاش فرصة ترد عليه، ونفذ كلامه بالمعنى الحرفي.
مسك هدومها وشقها نصين، وكأنه عنده طاقة مكبوتة عايز يفرغها بأي شكل. حاولت تتكلم أو تعترض لكنه مسك إيديها ورفعهم فوق راسها: “عايزة إيه؟ بتعترضي ليه؟”
بصتله مستغربة: “إنت اللي عايز إيه؟”
منا قولتلك
رددّت بصوت متقطع: “طيب ليه اغتصاب ؟؟؟
شد هدومها غصب عنها: “علشان انا عاوز أفرغ كل اللي جوايا، مش حب. علشان كده قلتلك سامحيني. ممكن تبطلي رغي؟”
همس كانت موجوعه من عنفه.
بص لها للحظه
“قوليلي أطلع بره، وهسيبك وأطلع؟”
بصتله بتردد لكنه كمل: “بس علشان خاطري، أنا محتاج ده النهارده منك. ممكن؟”
ما قدرتش ترفض.
إيديها حاوطت رقبته، وهمست: “أنا ملكك، إعمل اللي إنت عايزه واللي يرضيك.”
عرفت بعدها إنها غلطت لما عطته الضوء الأخضر. عرفت الفرق فعلًا ، لأن اللي كان معاها دلوقتي مش سيف حبيبها اللي تعرفه. ده كان مجرد راجل شهواني. بصتله بعتاب صامت، فما قدرش يواجه نظراتها.
رفع راسه للسقف، مش عايز يبصلها، وغمض عنيه. بدأت صور مايا، شذى، نانيس، وخلود تتكرر قدامه. شافهم كلهم، شاف الألم اللي سببوه لها ولهم، شاف لحظات خذلانها ووجعها.
حاول يغمض عينه أكتر، يطرد الأفكار دي، لكنها ما راحتش. استرخى بجسمه كله عليها، ولف إيديه حوالينها، يضمها ليه أكتر وهو بياخد نفسه بالعافية، أنفاسه عالية وهو منهار، وهي ثابته مكانها، مغمضة عينيها.
رفع شعرها وباس رقبتها، وهمس: “سامحيني يا همس. كنت محتاج ده.”
ما ردتش عليه. برفق لف وشها ناحيته: “اتكلمي، علشان خاطري. قولي أي حاجة. زعقي، اشتميني، بس اتكلمي.”
إيده كانت على خدها، حطت إيدها فوقها، وباست كف إيده بوسة طويلة. بعد لحظة لفت نفسها قصاده، عينيها في عينيه: “أنا كويسة، ما تخافش عليا. مش مرة هتخوفني منك. حاول ترتاح، علشان بكرة يوم طويل. غمض عنيك.”
همس لها: “هيبقى كتير لو قلتلك خديني في حضنك؟”
شدته عليها، ودفن نفسه في حضنها. في أقل من لحظة كان نام وسابها هي بتحاول تحلل اللي حصل بينهم، لأنها عمرها ما تخيلت إنه العاشق ممكن يتحول لشخص عادي. اللي كان معاها من شوية ما كانش سيف حبيبها أبدًا، ده كان مجرد راجل عادي.
يدوب نام كام ساعة وسيف حس بخبط على باب أوضته، لكنه كان مرهق لدرجة إنه مش قادر يقوم. رد بصوت ضعيف ورجع نام، لحد ما همس صحيت على صوت عز بيناديها. خلصت نفسها منه بلطف، لبست الروب وقفلته كويس، وراحت تفتح الباب.
عز كان واقف ووجهه عليه ملامح جدية: “همس، اعذريني يا بنتي، بس مروان اتصل، الدفن خلال ساعة. صحي سيف، لازم يكون معاه. كلنا هنتحرك، فيدوب يصحى وتلبسوا.”
ردت باهتمام: “حاضر يا عمي، هصحيه حالًا.”
قفلت الباب ورجعت على سيف، تحاول تصحيه. حاول يعترض وهو بيغمض عينه تاني: “سيبيني يا همس، ساعة واحدة بس.”
ردت وهي بتقرب منه: “عارفة إنك ملحقتش تنام، بس مروان اتصل، بيقول الدفن خلال ساعة. مش هتروحله؟”
فتح عينيه بصعوبة، بص للسقف بتعب: “لازم أقوم، بس مش قادر. أعمل إيه؟”
تعاطفت معاه وهمست: “لو اعتذرت، هيزعل؟”
رد عليها بتعب واضح: “مش هيزعل. هو شايف اللي أنا فيه، بس ما ينفعش أسيبه لوحده.”
اتعدل في مكانه ومسح وشه، بعدها مسك راسه بتعب: “عايز أي مسكن يا همس.”
قامت جابتله مسكن وكوباية مية. شكرها بعد ما أخدهم، لكنه فجأة مسك إيدها وسأل: “زعلانة مني؟”
نظرت له باستغراب: “هزعل ليه؟”
لمح علامات على رقبتها وكدمات خفيفة على دراعها، فمسح على دراعها بلطف: “أنا آسف بجد يا همس. معرفش كان مالي.”
بعدت نفسها عنه بلطف: “إنت يدوب تلحق تجهز، الكل منتظرنا تحت. مش وقته.”
راح الحمام، لكنه وقف عند الباب : “تحبي أدخل أي حمام بره علشان تلحقي؟”
بصتله باندهاش وقالت بتهكم: “إنت حرفيًا ممكن تاخد خمس دقايق. عقبال ما أجهز وألبس هتكون خلصت، فانجز.”
دخل الحمام، مستغرب نفسه ليه فكر كده. فعلًا، خرج بعد خمس دقايق، وهي كانت داخلة، مسك دراعها للحظة، لكنها بصتله باستغراب فسابها تدخل من غير كلام.
خرجت وهي لابسة، لقت سيف لابس بدلته السودا بالكامل، حتى القميص أسود. كان وسيم جدًا في الأسود الحالك، نظرت له بإعجاب من غير ما تحس. لاحظ نظرتها، فبص لنفسه باستغراب: “في حاجة؟”
كشرت بسرعة، وبدأت تنشف شعرها: “لا، بشوف لبسك. أنا هلبس البدلة دي، أوك؟”
وافقها بعد ما بص لها: “تمام.”
لاحظ إنها بتجهز تسشور شعرها، فبص لساعته : “تنشيف شعرك هيحتاج وقت ما نملكوش. أنا عايزك تكوني جاهزة خلال خمس دقايق.”
ردت بغيظ: “آه، وسلوى تمسكني تقولي قصيدة عن شعري المبلول، وإزاي مش لازم أقولها بعمل إيه مع جوزي؟ صح؟”
رد بجفاف: “همس، مش وقته. انجزي، يا إما همشي أروح لمروان.”
كشرت، لكن سرحت شعرها ولمته بسرعة. لبست هدومها، وجهزت شنطتها، فعلق: “هاتي باور بانك، خليه معاكِ احتياط.”
الباب خبط، سيف فتح، لقى عواطف: “الكل منتظركم تحت.”
نادى: “همس، خلاص؟”
ردت من الداخل: “لحظة يا سيف، هجيب موبايلي.”
عواطف سألته: “مش هتفطر؟ أو تشرب قهوة؟ الناس اللي تحت كلها فطرت.”
فكر للحظة: “اعملي ساندويتش ليا ولهمس، وقهوتي بسرعة.”
عواطف ابتسمت: “مجهزاهم، هنزل أجيبهم.”
رد عليها وهو بيجهز نفسه: “أنا نازل وراكِ. ما تطلعيش.”
دخل لهمس وسألها: “هاه؟”
وقفت قدامه وسألته: “في أي حاجة ناقصاني؟”
بص لها، ولاحظ إنها عجباه بالألوان الغامقة، لكنه تجاهل وعلق: “نظارة سودا.”
فتح درج، إختار لها واحدة: “اتفضلي.”
أخذتها ونزلوا سوا. في الطريق همس لها بابتسامة خفيفة: “ما كنتش متخيل إنك جميلة كده بالأسود.”
ابتسمت غصبًا عنها وردت: “وإنت كمان عاجبني جدًا كده.”
تبادلا نظرات دافئة قبل ما تقاطعهم سلوى بصوتها الحاد: “أخيرًا نزلتوا؟ الكل منتظركم.”
رد عليها سيف بابتسامة: “صباح الخير يا سلوى. نزلنا أهو.”
باس خدها، وبص للكل: “معلش لو اتأخرنا عليكم. بس فعلًا، عدم النوم عامل عمايله. هنتحرك، بس لحظة.” نادى: “عواطف، القهوة بالله عليكِ.”
شاهين، أبو هالة، علق بهدوء: “إن لبدنك عليك حق، يا إبني. افطر الأول.”
سيف رد بامتنان: “تسلم يا عمي، أنا بس محتاج قهوتي.”
طلعت عواطف بصينية فيها ساندويتشات وقهوة، قربت وحطتها قدامه.
عز شجعه: “افطر إنت وهمس بسرعة. الموضوع مش هياخد خمس دقايق.”
كان هيعترض، لكنه فعلًا كان محتاج ياكل علشان يقدر يكمل اليوم.
مسك إيد همس: “تعالي بسرعة.”
همس كانت حاطة طرحة على شعرها، لكنها وقعت جنبها وهي بتاكل. سلوى لمحت العلامات على رقبتها، وظهر عليها الضيق من المشهد.
أكلوا بسرعة، وهمس شالت الصينية تدخلها المطبخ، وسلوى دخلت وراها. سيف لمحها، وكان عايز يدخل وراهم، لكنه تراجع وطلب من جدته تتابع الموقف.
همس دخلت الصينية عند عواطف: “عايزة مية بسرعة يا عواطف، هاتي أي حاجة صغيرة أخدها معايا.”
عواطف جابت لها زجاجة صغيرة تحتفظ بالحرارة وبدأت تملاها. في اللحظة دي، دخلت سلوى ومسكت دراع همس بعصبية: “إنتِ معرفتيش تداري الآثار اللي في رقبتك بأي كونسيلر أو أي حاجة؟ ولا زي الستات اللي بتتفاخر بحاجة زي دي؟”
همس رفعت إيدها للطرحة، لكن اكتشفت إنها مش معاها، وبصت لحماتها وهي بتوضح: “مكنش في وقت، وسيف استعجلني.”
سلوى بغضب واضح: “مكنش في وقت تداري الآثار، لكن كان في وقت لقلة الأدب، صح؟”
همس شدت دراعها بعنف وردت لأول مرة بلهجة قوية زي لهجتها: “اللي بتتكلمي عنه ده جوزي، وحقه ياخده في الوقت اللي على مزاجه وعلى مزاجي. ده شيء ما يخصكيش، لا من قريب ولا من بعيد.”
سلوى بصتلها بذهول: “إنتِ إزاي بتردي عليا كده؟”
في اللحظة دي، هوليا دخلت: “في إيه؟”