روايات

الفصل الثاني والخمسون

سلوى شاورت بايدها لرقبة همس: “اتفضلي، المنظر اللي نازلة بيه. أكلمها تداريه، تقولي مالكيش فيه؟”
هوليا قربت وشدت إيد سلوى من على همس بهدوء لكن بحزم: “وهو فعلًا مالكيش فيه. بعدين، مفيش حد في الكون كله له حق يمسكها كده ويكشف رقبتها ويتفرج عليها، إلا لو كان بني آدم حشري بيتدخل فيما لا يعنيه، ولازم يسمع مالا يرضيه.”
سلوى ردت بغضب: “إبني راجع الفجر بعد يومين مقضيهم بره، مسحول حرفيًا، وهينزل بدري يقف اليوم كله في جنازة ودفن. بدل ما تسيبيه يرتاح، تكمل عليه؟ ده حب؟ مش حفيدك وتخافي عليه وعلى صحته اللي بتدمرها؟”
همس حاولت ترد، لكن هوليا سبقتها وقالت بهدوء: “وليه ما تقوليش إن إبنك راجع مسحول وكل اللي كان محتاجه حضن مراته يدفن فيه نفسه وهمومه وأوجاعه؟ ليه افترضتي إن هي اللي عايزاه، مش هو؟ وبعدين، زي ما قولتي، هي عارفة إنه هينزل بدري وراجع متأخر. فطبيعي لو حاجة زي دي حصلت، تبقى رغبته هو مش هي. وبعدين، لو هي السبب، الآثار دي كانت هتبقى عليه هو، مش عليها. معنى إنها عليها وبالشكل ده، إن ده كان احتياج أو غضب أو أي مشاعر هو بيفضيها وبيتعامل معاها عن طريقها.”
وقفت لحظة وبصت لسلوى بحدة: “بس هتفهمي إزاي حاجة زي دي؟ إنتِ بني آدمه باردة، معدومة المشاعر، فأكيد مش هتحسي بالاحتياج لشريك حياتك بالشكل ده.”
بعدها وجهت كلامها لهمس بابتسامة مشجعة: “اطلعي لجوزك، منتظرك. يلا.”
طلعت همس وسابتهم، لقت طرحتها على الكنبة، أخدتها وحطتها على شعرها. هوليا ساعدتها تضبطها وتداري أي آثار على رقبتها، وابتسمت لها بتشجيع: “اطلعي لجوزك يلا، منتظرك مع صاحبتك وأهلها، وأنا وراكم مع عز. يلا حبيبتي.”
همس طلعت، لقت سيف واقف جنب شاهين عند عربيته. أول ما شافها، بص لشاهين: “طيب، اتفضل يا عمي.”
شاهين كان هيركب جنب مراته وبنته لكن سيف اعترض بلطف، لكنه كان حازم: “حضرتك هتفضل هنا، والبنات يقعدوا مع بعض.”
شاهين كان هيجادل، لكن سيف أصر: “يلا يا عمي، علشان ما نتأخرش. اتفضل.”
ركب شاهين مكانه، وهمس وصلت لسيف قبل ما تركب. مسك إيدها بلطف وسألها: “أمي ضايقتك في حاجة؟”
همس ابتسمتله: “ما تشغلش بالك، هوليا تعاملت.”
كانوا قريبين من بعض، فرفع إيدها وباسها: “مش هنفضل هنا كتير. نخلص من الحوارات دي ونرجع بيتنا.”
سلوى طلعت وراها عز وهوليا وآية. سيف بص لهم، وبعدها فتح الباب لهمس علشان تركب جنب آية. قفل الباب واتجه لأبوه: “حضرتك هتسوق ولا نصر؟”
عز رد باختصار: “لا، أنا. يلا، اتحرك وأنا وراك.”
سيف فتح الباب اللي جنب أبوه، وبص لجدته بابتسامة: “روح قلبي، اتفضلي.”
هوليا ابتسمت وقربت منه: “بكاش، بس بحبك.”
مسك إيدها وساعدها تركب، وباس إيدها: “وأنا بموت فيكِ، يا لولي.”
قفل الباب ولبس نظارته، بعدها فتح لسلوى: “اتفضلي.”
سلوى كانت هتتكلم، لكنه قاطعها بلطف حازم: “أيًا كان اللي هتقوليه، مش وقته. حاسس إننا ممكن نتخانق، فبلاش لو سمحتي.”
دخلت مكانها وقعدت جنب آية. اتحركوا ووصلوا لمروان.

الكل كان موجود في الدفن تقريبًا، باستثناء مؤمن اللي ما حضرش.
آية لاحظت سبيدو واقف جنب أخوها ومروان. بالرغم من إنه كان لابس نظارة مخبية عينيه، إلا إنها حست إنه متابعها. مجرد إحساس داخلي.
إمام راح لسيف في العزاء: “ما تنساش معادك إنت والباشمهندسة الساعة ١٢ في مكتب الوزير.”
سيف اتنهد بضيق: “لو مروحتش يحصل إيه؟”
إمام استغرب: “إحنا بنحاول نلم الدنيا مش نثبت إننا فوق القانون يا سيف. لازم تروح.”
سيف وافق وراح لمروان: “الساعة ١١ هضطر أمشي أنا وهمس علشان التحقيق، إنت عارف.”
مروان بصله بتوهان: “عارف طبعًا يا سيف، أصلًا إنت ما سيبتنيش من امبارح. الله يكون في عونك.”

هالة قعدت جنب حماتها وأخت مروان وباقي العيلة.
سيف بعت رسالة لهمس: (شوية وهنمشي علشان الجامعة، اعتذري من هالة).
همس ردت عليه: (تمام.)
راحت همس لهالة، قعدت جنبها وهمست: “أنا شوية وهمشي مع سيف.”
هالة بصت لها بذهول: “هتمشوا بجد؟”
همس وضحت: “هنروح الجامعة، نسيتي؟”
هالة بتذكر: “هو ما ينفعش يتأجل؟”
همس بتأكيد: “ده تحقيق يا هالة، أصلًا أنا مرعوبة، بس بحاول أخبي ده عن سيف.”
هالة مسكت إيدها بحنية: “طول عمرك الأولى، وده معروف. يعني اشمعنى السنة دي اللي تحتاجي لحد ينجحك؟ خليكِ واثقة من نفسك ومن جوزك ومن قدراته.”
سيف قرر يمشي وراح لسبيدو: “أنا ماشي كام ساعة وراجع.”
سبيدو مشي معاه كام خطوة: “حسام عايز يتكلم.”
سيف ابتسم: “سيبه يستوي، وآخر النهار نشوفه. المهم أمي وجدتي وأختي، عينك عليهم لو احتاجوا أي حاجة، تعامل.”
سبيدو غصب عنه ابتسم ونزل نظارته لتحت شوية: “من عنيا، إنت تشاور.”
سيف ضربه على كتفه: “آية أختي لحد ما يصدر قرار آخر، فاهم؟ وتتعامل معاها على الأساس ده، أختي وبس.”
سبيدو رد بهزار: “يعني ما ينفعش أقولها وحـ…”
قاطعه بتحذير: “سبيدو، ما تهزرش.”
سبيدو بجدية: “حاضر، أختك لحين صدور قرارات أخرى. اتفضل بقى.”
في اللحظة دي وصلت همس، حمحمت بصوت خفيف، فبصوا لها. سيف ناولها مفتاح عربيته: “اسبقيني.”
اتحركت وهمس سيف لسبيدو: “لو في حاجة كلمني.”
سابه وراح يلحق همس، لكن سبيدو بصوت عالي: “لو مرجعتش، هجيبلك عيش وحلاوة.”
سيف تجاهله، وهمس سمعت وابتسمت. ركبت العربية، وسيف ركب جنبها. إمام شاور لهم من بعيد علشان يبين إنه وراهم.
همس بصوت مرعوب: “أنا خايفة يا سيف.”
بصلها للحظة وبعدين ركز على الطريق: “أنا سربتلك امتحان؟”
بصت له باستغراب: “لأ طبعًا.”
سألها: “عطيتك درجات ما تستحقيهاش؟”
نفت وهي متوترة.
سيف بهدوء: “طيب، ده اللي مطلوب منك تتكلمي فيه. غير كده، مفيش حاجة تخصهم. فاهمة؟”
همس بتردد: “وعلاقتنا؟ وكل اللي قاله إمام؟ الصورة، نانيس، هايدي، خلود، والرحلة؟”
سيف وقف في إشارة وبص لها: “كل دي خصوصيات، مش من حق الجامعة تحقق فيها. الصورة وسط مدرج، الرحلة كنت فيها مشرف، والباقي سيبيه عليا. السؤال اللي ما يعجبكيش، ما تجاوبيش عليه .”
وصلوا، وهمس قلبها كان هيقف من الرعب. سيف وقفها قصاده: “همس، الرعب اللي إنتِ فيه مضايقني. عايزك تتعاملي على أساس إنك مرات سيف الصياد، مش الطالبة الخايفة اللي قدامي. فاكرة الدكتور اللي قلتيله إنه غلط؟ ولا أنا لما قلتيلي مش هعتذر؟ الشخصية دي أنا محتاجها دلوقتي. ارفعي راسك، هم اللي يخافوا ويترعبوا، مش إنتِ. بعدين أنا معاكِ وجنبك وفي ظهرك، مش هسمح لحد يأذيكِ. ثقي في ده.”
مسك إيدها ودخلوا مع بعض، وإمام معاهم. كان فيه كذا حد موجود للشماتة، لكن سيف وهمس ما اهتموش.
إمام رجع لهم بعد شوية: “هتدخلوا دلوقتي، وأنا هكون معاكم. باشمهندسة، ما تتهزيش، اللي بيحصل ده كله صوري.”
قبل ما يدخلوا، سيف وقفهم فجأة: “إمام، لحظة واحدة.”
أخدها بعيد وسط استغراب الكل، وبص حواليه، وهي بصوت متوتر: “في إيه؟”
سيف رد بتوتر: “سؤال نسيت أسأله.”
همس توترت أكتر: “سؤال إيه؟”
سيف بص حواليه علشان يتأكد إن محدش يسمعهم: “يوم ما طلعتي مكتبي وخليتك كملتي حل الامتحان… مين يعرف بالموضوع ده؟”
همس فتحت عينيها بصدمة وبدأت تفكر، فسيف سألها بحسم وهو ماسك دراعها: “خلود تعرف؟”
ونكمل بكرة توقعاتكم
بقلم / الشيماء محمد أحمد
شيمووو

انت في الصفحة 4 من 4 صفحاتالتالي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
0

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل