روايات

رواية الغرفة المغلقة بقلم نور الشامي حصريه وجديده وكامله جميع الفصول 

رواية الغرفة المغلقة بقلم نور الشامي حصريه وجديده وكامله جميع الفصول 

تراجعت أفنان خطوة إلى الخلف بصدمه عندما علمت انها ابنتها مثلما اوهمها الياس و قلبها ينبض بجنون، لكنها كانت تعرف أن استسلامها لن يكون حلاً. وفي لحظة خاطفة، وبينما كان الرجل منشغلاً بإغلاق باب الغرفة، التقطت أفنان قطعة حديد صغيرة كانت ملقاة على الأرض… تقدمت نحو الرجل بخطوات حذرة، وقبل أن يدير وجهه إليها، ضـ,ـربته بقوة على رأسه.فـ سقط على الأرض فاقدًا الوعي، وصوت سقوطه جعل الطفلة تستيقظ باكية فركضت أفنان نحو الطفلة، رفعتها بين ذراعيها وهي تحاول تهدئتها. ثم توجهت نحو الباب، فتحت بحذر، وقلبها ينبض بالرهبة من المجهول الذي ينتظرها في الخارج وفي مكان آخر…كان إلياس يراقب تسجيلات الكاميرات مع وليد. عينيه مشتعلة بالغضب والقلق، حتى توقفت الصورة عند لقطة تظهر أفنان تُجر من المستشفى من قبل رجل غريب. التفت إلى وليد قائلاً بصوت يشوبه القلق:

“لازم نلاجيهم بسرعة… قبل ما يكون فات الأوان.. وائل.. جسما بالله العظيم لهجتله

وضع وليد يده على كتف إلياس قائلاً:

هنلاجيهم يا إلياس، مهما حوصل… وائل عايز ينتجم منك علشان اكده خطف البنت الصغيره.. بس ليه خطف افنان مش فاهم

تجمد إلياس في مكانه للحظات، وكأن فكرة خطرت في باله، قبل أن يلتفت إلى وليد قائلاً:

رقيه… رقيه اكيد مش في المستشفي.. يبجي وايل لعب علينا تاني

خرج إلياس مسرعًا، وداخل عقله كان هناك شيء واحد فقط إنقاذ أفنان والطفلة بأي ثمن وبعد فتره كان إلياس على وشك الخروج من البيت،و وجهه يحمل علامات التوتر والقلق. لكنه توقف فجأة عندما رأى باب المنزل يفتح بعنف، ودخلت أفنان وهي تحمل الطفلة بين ذراعيها، تلهث وكأنها كانت تركض بلا توقف…فـ تجمد إلياس في مكانه وعينيه متسعتان من الصدمة. لم يتوقع رؤيتها… وبالتأكيد ليس بهذا الشكل. وقبل أن يتمكن من نطق كلمة، ألقت أفنان الطفلة في حضن نادية، ثم ركضت نحو إلياس.. وألقت ذراعيها حوله بقوة، جسدها يرتجف وهي تهمس بصوت مكسور:

والحمد لله… الحمد لله إني لجيتك! كنت خايفة جووي… كنت فاكرة إني مش هجدر أوصل اهنيه

حاول إلياس أن يتماسك، لكنه شعر بشيء غريب يتحرك بداخله. للحظة نسيت عيناه نظرات أهله المصدومة حولهما، ووجد نفسه يضع يده بحذر على كتفها مرددا:

“أفنان… إنتي بخير؟ حد أذاكي او عملك حاجه… جوليلي خرجتي ازاي

رفعت أفنان وجهها إليه، عيناها الواسعتان تلمعان بالدموع، ولم تفكر كثيرًا قبل أن تقول:

أنا كنت خايفة عليك… وخايفة على بنتنا! اوعدني… اوعدني إنك مش هتسبني تاني بالله عليك يا الياس. الراجل دا كان بيجول انك مش جوزي بس انا مصدجتوش… انا مصظجاك انت.. هو اكيد عدوك مستحيل اصدجه

القت افنان كلماتها التي كان مثل سكين يغرس في صدر الياس الذي حاول أن يحتفظ بتماسكه، خاصة وأن الجميع ينظر إليه بوجوه متسائلة، لكن صوته خرج متقطعًا:

أفنان، اهدي… أنا موجود اهه محدش هيجدر يعملكم اي حاجه تاني

أمسكت افنان يده بشدة، وكأنها تتشبث به بكل قوتها ورددت بصوت منخفض:

أنا آسفة لو كنت زعلتك في أي وجت… بس أنا محتاجالك دلوجتي.. متسبنيش بالله عليك يا الياي

اختلطت مشاعر إلياس بين الحيرة والذنب. كان يعلم أنها تعيش في كذبة كبيرة، لكنه لم يستطع أن يبتعد عنها. فـ ابتلع ريقه بصعوبة، ثم هتف بصوت متوتر:

طيب… تعالي، ندخل جوه. نتكلم بهدوء وترتاحي كمان.. انتي لسه تعبانه

نظرت أفنان إلى الطفلة، ثم إلى نادية التي كانت تحملها واردفت بنبرة أشبه بالرجاء:

هي بخير؟ بنتنا كويسة؟”

كاد إلياس ينفجر من التوتر، لكنه تمالك نفسه وأشار برأسه بالإيجاب مرددا:

أيوة، كويسة. متخافيش.. مرت عمي هتهتم بيها

كانت نادية تنظر إليه بدهشة واضحة، لكنها لم تقل شيئًا، واكتفت بمراقبة المشهد حتي انتبهت الي وليد، الذي كان يقف بجانبها، فتمتمت بصوت خافت:

“إي اللعبة دي يا وليد.. انتوا بتعملوا اي عاد انا مش فاهمه حاجه.. مرت مين وبنت مين؟!

أدار وليد وجهه نحو ناديه واردفت بصوت خافت:

“مش وجته يا حجه… هفهمك كل حاجه بعدين

القي وليد كلماته وذهب وفي مساء يوم جديد كان يقف الياس امام قبر نسمه حيث كانت السماء ملبدة بالغيوم، وكأنها تعكس ما بداخله من حزن وضيق. وقف إلياس أمام القبر.. عيناه مثبتتان على اسمها المنقوش على الحجر البارد. أحكم قبضته على حزمة من الورود البيضاء، وصدره يعلو ويهبط وكأن الهواء نفسه يثقل عليه ثم جلس القرفصاء أمام القبر، ووضع الورود عليه بهدوء، ثم مرر أصابعه على الحروف المنقوشة، صوته يخرج متحشرجًا:

سامحيني يا نسمة… سامحيني إني معرفتش أحميكي، وإني لحد دلوجتي مش جادر أصدج إنك مش موجودة

صمت الياس للحظة، وكأن الكلمات تخونه. أخذ نفسًا عميقًا، ثم تابع بصوت مكسور:

“عارف إنك كنتي أقوى مني بكتير…. كنتي عارفة كل حاجة عني ، حتى الحاجات ال مخبيها جوايا. ودايمًا كنتي معايا… لحد آخر لحظة في حياتك

توقف الياس قليلاً ودمعة ثقيلة انسابت على وجنته ثم تابع بصوت يشوبه الغضب والقهر مرددا :

“رقية… وائل… هما السبب في كل حاجة. جتلوا ضحكتك، جتلوا أحلامنا، جتلوا حتى الأمان ال كنت حاسه معاكي. بس أوعدك يا نسمة… أوعدك إنهم مش هيهربوا من ال عملوه.. جسما بالله لهخليهم يندموا في كل نفس يتنفسوه.. هما لسه مشافوش مني اي حاجه.. كل ال عملته فيهم مش هيجي واحد في الميه من ال هعملوا بعد اكده

القي الياس كلماته ثم أخذ حفنة من التراب بين يديه، وكأنها رابط بينه وبين الماضي الذي فقده، وقال بهمس:

لو تعرفي إني كل يوم بنام وأنا شايل وجعك جوا جلبي… وكل يوم بحاول أصبر نفسي إني هلاجيهم، وهخليهم يدفعوا الثمن. بس الحقيقة… الحقيقة إني تايه، تايه من يوم ما سيبتيني.. انا مبجيتش عارف اعمل اي ولا استحمل كل ال بيوحصل دا… كل حاجع بتروح مني ومش عارف ليه اكده ولا اي ذنبي

انهي الياس كلماته ثم رفع رأسه للسماء، وكأنها تحمل الأجوبة التي يبحث عنها. ثم استدار ليضع يديه على الأرض بجانب القبر وصوته صار أضعف لكنه مليء بالندم وهتف:

انت في الصفحة 8 من 15 صفحات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
0

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل