روايات

رواية سوء تفاهم الفصل الاول حتى الفصل التاسع بقلم الكاتبه بتول عبد الرحمن حصريه وجديده 

رواية سوء تفاهم الفصل الاول حتى الفصل التاسع بقلم الكاتبه بتول عبد الرحمن حصريه وجديده 

مراد نزل ودخل المطبخ بخطوات سريعة وعنيفة، عيونه كانت مشتعلة بالغضب، ولما شاف شادية واقفة، مسك دراعها بقوة خليتها تأن من الألم.
“موبايل ليلى جبتيه منين؟” قالها بصوت حاد مليان تهديد.
شادية اتوترت، عينيها دارت في المكان كأنها بتدور على مخرج، وقالت بسرعة “لقيته واقع عل…..”
ماكملتش، لأنه قاطعها بصوت أعلى
“كدابة! ولو مقولتيش الحقيقة، هتبقى دي آخر دقيقة ليكي في البيت ده!”
شادية شهيقها بقى متلخبط، التوتر كان واضح على ملامحها، لكنه ما استناش، سحبها معاه برا المطبخ وهي بتحاول تفلت.
“رحمة! رحمة اللي قالتلي أوصلهولها وأقولها إني لقيته!” قالتها بسرعة كأنها بتتخلص من حمل تقيل، بس ماكانش كفاية تهرب.
مراد وقف فجأة، بصلها بعين ضيقة وهو صوته بقى أهدى بس أخطر “والبرشام؟”
حست بجسمها بيتجمد، لسانها انعقد، بس حاولت تتحكم في نفسها وقالت بتوتر “معرفش برشام إيه!”
مراد قرب منها خطوة، ضغط على أسنانه وقال بلهجة قاطعة
“مش هعيد كلامي مرتين.”
شادية كانت على وشك البكاء، رفعت إيديها بتوتر وقالت بصوت متقطع “بس أنا معرفش إيه البرشام ده، أقسم بالله م اعرف!”
مراد كان خلاص فقد صبره، عينيه كانت سودا وهو بيقول كل كلمة بحدة “اللي طلعتيه لليلى أول امبارح كان برشام إيه؟ ولو كدبتي، أقسم بالله هتقعدي في بيتكوا لحد ما تموتي، ده لو بقى عندك بيت أصلاً!”
شادية بلعت ريقها بصعوبة، حسّت إنها خلاص في آخرها، وقالت بخوف “رحمة! رحمة هي اللي قالتلي أطلعهولها وأديها البرشام ده، وقالتلي أقُولها إنه للصداع، بس والله معرفش حاجة تانية، ده اللي هي قالتهولي!”
مراد بص لها ببرود، كأنها مجرد حاجة مقرفة مش إنسانة، وزقها بعيد عنه باشمئزاز قبل ما يخرج من المطبخ بخطوات سريعة

رحمة عضت شفايفها بغيظ، كل ما تفتكر الرسالة اللي اتبعتت، الدم كان بيفور في عروقها، أكيد مراد هو اللي بعتها، ليلى مستحيل تكتب كلام بالجرأة دي، إحساس القهر كان بياكلها، بس هي مش هتستسلم بسهوله
خدت نفس عميق وهي بتفكر، اللعبة لسه ماخلصتش، ولو ليلى فاكرة إنها كسبت الجولة دي تبقى غلطانة، هتلعب معاها لعبة القط والفار، بس هي اللي هتكون القط، وليلى هتبقى الفار المحبوس في زاوية من غير مهرب، لو اضطرت تآذيها، هتعملها من غير تردد، ولو كان الحل الوحيد هو إنها تموتها… يبقى كده وكده هتخلص منها بأي طريقة.
بسرعة خدت موبايلها، شالت الخط وكسّرته بين صوابعها، ورمته بعيد وهي بتنهج، مفيش دليل دلوقتي، بس هل ده كفاية؟

مراد خرج وهو مغموم، الخطوات كانت تقيلة كأنه شايل جبل على كتافه، بس جواه كان بركان، دلوقتي كل حاجة وضحت، رحمة هي ورا كل ده، بس مش هيسيبها تفلت بسهولة.

فوق، في الأوضة، ليلى كانت واقفة عند الشباك، الهوا البارد بيلعب في خصلاتها، واقفه شايفه مراد وهو واقف تحت وبعدها خرج من البيت، فضلت واقفه مكانها بتفكر هو راح فين وهيعمل ايه؟

عدى حوالي ساعتين وهيا لسه واقفه مكانها، شافته داخل من البوابه وطالع، عينيها كانت متعلقة بالباب، أول ما مراد دخل، حسّت قلبها بيرتاح شوية، كأنها كانت ماسكة نفسها طول الوقت ده ومستنية بس تشوفه عشان تتنفس.
بمجرد ما شافته، قربت منه بلهفة، صوتها كان مليان قلق وهي بتسأله “كنت فين؟”
مراد مردش، بس خطاويه كانت ثابتة وهو بيقرب أكتر، فجأة مد إيده وسحبها في حضنه، ضمّها بقوة كأنه بيحاول يثبت إنها هنا، إنها قدامه
ليلى كانت مذهولة، مستغربة حركته، بس في نفس الوقت، حسّت قد إيه هو متوتر، قد إيه هو مضغوط، وحتى لو مش فاهمة السبب، لقت نفسها بتمد إيديها وبتبادله الضمة، كأنها بتطمنه من غير ما تسأل، بعد عنها ومسك وشها بين ايديه، عينيه كانت مليانة إصرار وهو ماسك وشها بين إيديه، صوته كان هادي، لكنه تقيل، كل كلمة كانت طالعة منه بصدق يخليها تحس بأمان محستش بيه قبل كده.
“ليلى، انتي مهمة أوي عندي، ومهما يحصل، هكون سندك، ومحدش هيقدر يقربلك ولا يأذيكي طول ما أنا موجود.”
نبرته كانت فيها وعد مش مجرد كلام، كأنه بيحط جدار بينها وبين أي خطر.
“واللي يفكر يأذيكي، هيشوف مني وش عمره ما شافه، لو الدنيا كلها يا ليلى وقفت ضدك وصدقوا أي حاجة وحشة عليكي، فأنا لاء، عمري ما هصدق حاجة وحشة عنك، وصدقيني، حقك هيرجعلك.”
عينيها لمعت بدموع كانت حابسة نفسها من الصبح، ولأول مرة من ساعة ما بدأت المشاكل، حست إنها مش لوحدها، وإن في حد فعلاً مستعد يحارب عشانها
مسح دموعها بحنان، إيده كانت دافية على خدها، وصوته كان أهدى من أي مرة قبل كده
“يلا نامي وارتاحي، ولو احتاجتي حاجة، قوليلي وهتكون عندك.”
كانت لسه متأثرة بكلامه، قلبها بيدق بسرعة، لكنها هزت راسها بموافقة من غير ما تتكلم مراد قرب منها أكتر، وكأنه بيطمنها للمرة الأخيرة قبل ما يسيبها، وبعدها اتحرك بعيد وهو بيبص لها بنظرة فيها كل حاجة، حماية، اهتمام، وإحساس مش محتاج كلام.
ليلى راحت للسرير، حست إنها فعلاً تعبانة، مش بس جسدياً، لكن نفسياً كمان، بس كلامه كان زي البلسم على قلبها، لأول مرة من فترة، حسّت إنها في أمان، وإن في حد مستعد يكون درع ليها ضد أي حد يأذيها.

تاني يوم، كانوا كلهم قاعدين على السفرة، الجو كان هادي بس مليان توتر خفي، كل واحد بياكل في صمت، مراد قام بهدوء، راح المطبخ بنفسه، وبعد لحظات رجع وهو شايل طبق شوربة سخنة.
وهو ماشي، قرب من المكان اللي سهام قاعده فيه، وفجأة… الطبق وقع من إيديه، والشوربة اندلقت عليها.
شهقت وهي بتقوم من مكانها، صرخة مكتومة طلعت منها وهي بتحاول تبعد السخونة عن هدومها، رد فعلها مقلش عن ليلى، كل اللي على السفرة بصوا بصدمة، ليلى برقت وهي مش مستوعبة اللي حصل، كانت هتقوم ، لكن قبل ما تتحرك، مراد مسك إيديها وضغط عليها بخفة
بصتله مستغربة، لقت عينيه ثابتة وهادية، كأنه بيقول لها “متتدخليش” فهمت قصده، فرجعت لقعدتها وسكتت.
أم مراد رفعت حواجبها وقالت بحدة “مراد! إيه اللي عملته ده؟!”
رفع كتفه بلا مبالاة وهو بيرد “غلطات بتحصل… مش كده برضو! غصب عني اكيد”
سهام كانت واقفة مكانها، عينيها مليانة غضب وقهر، حسّت بالسخونة لسه على هدومها، بس اللي كان حارقها أكتر هو الإهانة اللي مراد لسه عملها فيها قدام الكل، مسحت طرف هدومها بسرعة، وبصت له بحدة وقالت بصوت مبحوح من الغيظ “إيه يا مراد؟ بتنتقم ولا إيه؟”
مراد رفع عينه لها ببرود، وبكل هدوء قال “غلطات بتحصل يا عمتو، ما إحنا كلنا معرضين للغلط… مش كده برضو ولا ايه؟”
نبرته كانت مليانة سخرية واضحة، وكلامه كان رد صريح على اللي حصل مع ليلى امبارح
سهام شدّت نفس، حاولت تهدي أعصابها، مش هتسمح لحد يهزّها، رفعت راسها وقالت ببرود “تمام، بس متتخيلش إنك أذيتني، انت اللي هتشوف الأذية قريب.”
سهام طلعت أوضتها وهي بتنهج، الإحساس بالسخونة كان حارقها، بس القهر اللي جواها كان أكبر بكتير، دخلت الأوضة بقوة ورمت الإيشارب بتاعها على الكرسي، وفضلت تئن من الألم، ورحمه كانت وراها بتجري بسرعة، مسكتها من دراعها وقالت بقلق ” الوجع مهديش؟!”
سهام زعقت فيها وهي بتحاول تمسح هدومها ” بقا على اخر الزمن يحصل فيا كده؟ الواد بقى قليل الأدب وواقفلي على الوحدة، وأنا مش قادرة أعمله حاجة!”
رحمه بصتلها بحدة وقالت “لا، تقدرّي! بس مش بالعصبية، لازم تفكري بهدوء، لازم تخليه هو اللي يندم، مش إحنا اللي نتوجع!”
سهام قعدت على طرف السرير، خدودها مشتعلة، ونفسها داخل طالع بعصبية، بصت لرحمة وقالت “أنا مش هسكت، ليلى دي لازم تختفي، بأي طريقة!”
رحمة ابتسمت بخبث وقعدت جنبها وقالت بهمس ” هتختفي، بس لازم نهدى كام يوم علشان نعرف نتصرف إزاي كويس المرادي، لازم الأول نخطط كويس اوي”

بعد ما سهام طلعت، الجد ضيّق عيونه وبص لمراد بحدة وقال “غصب عنك؟! من امتى إيدك بقت خفيفة كده؟”
مراد رفع كتفه ببرود وقال “اللي حصل بقى، المهم محدش مات.”
أمه بصت له بقلق وقالت “مراد، متتعاملش معاها بالطريقه دي؟”
مراد مسك كوبايته وشرب منها بهدوء وقال “وأنا قلت حاجة؟ حصل اللي حصل وخلاص.”
ليلى بصتله، كانت فاهمة إنه قصد يرد اللي حصل امبارح، سألته بصوت واطي “ليه عملت كده؟”
مراد مال ناحية ودنها وقال بهمس “رد اعتبار، واللي جاي أكتر.”
عيونها وسعت وهي بتسمع كلماته، حست برعشة خفيفة في قلبها، كان فيه حاجة غريبة في طريقته، مش بس انتقام… لا، ده كان تحذير، وكأنه بيقول لها “أنا مش هسيب حقك، حتى لو اضطريت ألعب بالنار.”

عدى كام يوم، ورحمة وسهام بقوا شبه منعزلين، لا بيتعاملوا مع حد ولا حد بيتعامل معاهم، كأن في خط واضح مرسوم بينهم وبين باقي البيت، مراد كان بيعامل ليلى كأنها ملكة، اهتمامه بيها زاد بشكل ملحوظ، وكل تفصيلة في يومها كانت تحت عينه، أمه كمان كانت بتحاول تعوضها، بتعاملها كأنها صاحبة البيت، وكأنها بنتها مش مجرد زوجة ابنها.

رحمة كانت في أوضتها، رايحه جايه بتوتر، كام يوم وفي حد بيراقبها، نظرات غريبة، خطوات مش مفهومة، مين اللي بيراقبها ده وليه.
راحت ناحية الشباك، فتحت الستارة بحركة عصبية وبصت برا، في حد واقف تحت، ملامحه مش واضحة بسبب الضلمة، لكن شكله ثابت في مكانه، وعينه عليها مباشرة.
بلعت ريقها وهي بتحاول تهدى نفسها، بس عقلها كان شغال بأقصى سرعته… الشخص ده مش صدفة، كل ما تخرج تلاقيه في وشها، كل ما تتحرك تحس بيه وراها، كأنه ظلها.
مقدرتش تستحمل أكتر، نزلت بسرعة، عقلها بيصرخ إنها لازم تفهم في إيه، مين الشخص ده وعايز منها إيه، خرجت من البيت بخطوات مترددة، حاولت تتظاهر إنها ماشية عادي، لكنها كانت حاسة بيه، بيحرك خطوته مع كل حركة منها، كل ما تسرّع يسرّع، كل ما تهدى يهدي.
وصلت لمكان فاضي بعيد عن البيت، وقفت، سمعت صوت خطواته بتقرب، قلبها كان بيضرب بسرعة، ورجليها تقيلة كأنها مربوطة بسلاسل،حست لأول مرة إنها لوحدها تمامًا… لو حصلها حاجة، محدش هيعرف هي فين، حاولت تاخد نفس عميق لكن صدرها كان مقفول بالخوف.
وفجأة، لمحته قدامها، وقف ناحيتها، ابتسم ابتسامة خلت الخوف يزيد في قلبها

مراد كان قاعد مع ليلى وعينيه فيها تساؤل غريب، قال بصوت هادي لكنه واضح “عايز أتكلم معاكي.”
ليلى رفعت عينيها ليه، ركزت في ملامحه، مستنية تكملته.
قال بهدوء لكن كلماته كانت تقيلة عليها “انتي في حد في حياتك؟”
برقت عيونها بدهشة، مش مصدقة إنه بيسألها سؤال زي ده، هي لسه بتستوعب حياتها الجديدة معاه، وهو بيسألها كأنها في موضع اتهام.
شاف تعبيراتها فقال بصوت أخف “حد في حياتك من الأول… وارد إنه يكون في.”
اتلغبطت، مش فاهمة ليه بيسألها السؤال ده، لكن ردت بحدة حاولت تخفي بيها توترها “وانت بتسألني كده ليه؟ انت بقيت جوزي خلاص!”
نبرته فضلت هادية لكنها فيها عمق غريب “لإنك كنتي مجبرة تتجوزيني، يعني دي مش حياتك اللي بتحلمي بيها، أكيد ليكي أحلام تانية، وأنا مش عايز أمنعك عنها.”
حست بكلامه بيهزها، كأنها بتمشي على أرض مش ثابتة، سألته وهي بتحاول تفهم “يعني إيه؟”
نظرته كانت ثابته عليها وهو بيقول “يعني اعتبري نفسك متجوزتنيش، قوليلي عايزة تعيشي حياتك إزاي، وأنا هطلقك وكأن مفيش حاجة حصلت.”
حست إن قلبها وقع، طلاق؟ ليه؟ عينها لمعت بالدموع اللي حاولت تحبسها، قالت بصوت حاولت تثبته “انت عايز تطلقني؟”
رد بهدوء “أنا اللي بسألك.”
قامت من مكانها بسرعة، وقفت قدامه وقالت بصوت متهدج “أنا فعلاً مكنتش بحلم بزوج زيك، ولا بحياة زي دي.”
قلبه ضرب بعنف، حس إنه فقدها، لكنه لسه متعلق بكلمة هتقولها، عينه فضلت على ملامحها، وهي كملت بنفس النبرة بس كان فيها إحساس أعمق “لإنك أحلى من أحلامي، لو كنت حلمت بزوج تاني عمره ما هيبقى زيك، انت أكبر من أحلامي.”
وسعت عينيه بدهشة، وكأنه مش متأكد إذا كان بيسمع صح، قرب منها، رفع وشها بإيديه، خلاها تبصله مباشرة، وسألها بصوت أهدى لكنه محمل بمشاعر كتير “يعني إيه يا ليلى؟ انتي مش عايزة تتطلقي؟”
هزت راسها ببطء بالنفي، وسألته بنفس الطريقة “وانت؟ عايز تطلقني؟ في حد في حياتك؟”
سكت للحظة بيفكر، لكنه هز راسه بسرعة وقال “لاء، محدش في حياتي… غيرك.”
همست بصوت بالكاد مسموع “يعني مش هتطلقني؟”
بص في عينيها مباشرة وقال بحزم “جواب السؤال ده عندك انتي، عمري ما هجبرك على حاجة انتي مش عايزاها.”
بصتله لحظات، كأنها بتتأكد من إحساسها، وبعدين فجأة قربت منه وضغطت كفها على صدره، وبعدها ضمته بحركة مفاجئة، كأنها بتجاوبه من غير كلام، كأنه حمايتها وسندها اللي ملهاش غيره
السكون اللي كان في الأوضة اتحول لهالة دافية من المشاعر، مفيش صوت غير دقات قلبهم اللي كانت أسرع من المعتاد ليلى حسّت بحضنه وكأنه الأمان اللي كانت بتدور عليه طول حياتها، وكأنها أخيرًا وصلت للمكان اللي ينتمي ليها.
مراد بص في عينيها، عينيها اللي كانت بتقول كل حاجة من غير كلام، كان شايف فيها حاجات كتير… خوف، تردد، بس الأهم، كان شايف الحب.
مسح على خدها بإيده، بصوت هادي لكنه مليان مشاعر قال “انتي متأكدة؟”
هزّت راسها بنعم، وهي عينها بتلمع بدموع فرح مش حزن.
مراد ابتسم، ابتسامة دافية كلها حب وراحة، وقرب منها أكتر، بصلها بنظرة حب، اهتمام، امتلاك، لمستهم كانت كأنها أول مرة، كأنها وعد جديد بينهم… وعد بالسعادة، بالأمان، وبداية لحياة جديده

#سوء_تفاهم

ابتسم ابتسامة خلت الخوف يزيد في قلبها، وقال بهدوء
“ممكن أتكلم معاكي شوية؟”
رحمة رفعت عينيها ليه، بتحاول تفسر ملامحه، بس عقلها كان مليان احتمالات مرعبة، الرعب خلى صوتها مهزوز وهي بتقول “عايز إيه؟”
ابتسامته فضلت في مكانها، لكن نبرته كانت جادة وهو بيرد”بصراحة… أنا معجب بيكي، من ساعة ما شوفتك ومش قادر أبطل تفكير فيكي، كنت عايز أتكلم معاكي بس خوفت تفهميني غلط.”
رحمة اتجمدت مكانها، اللحظة دي مكانتش متوقعة، كانت متأكدة إنه بيلاحقها لسبب تاني، كانت متخيلة الأسوأ، بس اللي قاله… وقع عليها بغرابة.
فضلت ساكتة، عقلها شغال، بتحاول تستوعب… هل ده بجد ولا بيهزر؟
رحمة بصتله بتركيز، لسه مش مستوعبة اللي بيقوله، قالت بنبرة مشككة “ده بجد؟ إنت أكيد بتهزر!”
ابتسم بخفة، عينه كانت ثابتة عليها بثقة، وقال “أكيد مش ههزر في حاجة زي دي… قولتي إيه؟”
رحمة زمت شفايفها، حسّت إن الوضع غريب، وقالت بتردد
“قولت إيه في إيه؟”
قرب خطوة صغيرة، كأنه مش عايز يخوفها بس برضه عايز يقرب، وقال بصوت هادي لكنه مصمم “في اللي لسه قايلهولك، ردّك إيه؟”
رحمة ابتسمت بس مش عارفة ترد، كان فعلاً فاجئها، مكنتش متخيلة إن كل المراقبة دي كانت علشان كده، قالت بصراحة
“بصراحة… إنت فاجئتني.”
اتنهد، كأنه كان مستني ردها بفارغ الصبر، وقال
“آسف لو كنت خوفتك… بس كنت خايف تضيعي مني.”
رحمة قلبها دق بسرعة، كلامه كان غريب لكنه لمس حاجة جواها، فضلت ساكتة، مش قادرة تحدد هي حاسة بإيه، لكن في حاجة في الجو بينهما كانت بتقول إن اللقاء ده مش هيكون الأخير.
رحمة أخدت نفس عميق وقالت وهي بتحاول تتحكم في توترها “وأنا مكنتش أعرف إني كنت موجودة أصلاً علشان أضيع!”
ابتسم ابتسامة هادية، كأنه متوقع ردها، وقال “وجودك كان واضح أوي، بس إنتي اللي مش واخدة بالك… أو يمكن مش عايزة تاخدي بالك.”
رحمة عضت شفايفها وهي بتحاول تدرس كلامه، كانت متعودة تكون هي اللي بتلعب بالناس، مش حد يلعب بيها، لكنها حست إن الشخص ده مختلف، مش زي أي حد قابلته قبل كده.

ليلى كانت نايمه في حضن مراد، قلبها بيدق بهدوء على إيقاع أنفاسه المنتظمة، رفعت راسها بهدوء، بصتله… ملامحه وهو نايم كانت أهدى بكتير من شخصيته وهو صاحي، كأنه بيتخلى عن صلابته للحظات بس، قربت منه، لمست خدّه بأطراف صوابعها بخفة، وباسته جنب شفايفه، لمسة سريعة لكنها مليانة مشاعر متلخبطة بين الحب والامتنان والخوف من بكرة.
ضمته أكتر، كأنها خايفة يختفي، كأنها محتاجة تحس إنه موجود بجد مش مجرد حلم هتصحى وتلاقيه راح، كانت عارفة إن بينهم حاجات كتير متعقدة، بس دلوقتي، في اللحظة دي، هو كان أمانها الوحيد، وكانت مستعدة تتمسك بيه مهما حصل
مراد حس بلمستها واتحرك بخفة، بس مفتحش عينيه، كأنه مستمتع باللحظة حتى وهو بين النوم والصحيان، ليلى فضلت حضناه، بتحاول تستمد من وجوده القوة والأمان اللي كانت محتاجاهم وسط كل اللي بيحصل حواليها.
حست بضربات قلبه الهادية، وبطريقته اللي بقت غريبة معاها… بين الحماية والاهتمام، وبين الغموض اللي مش قادرة تفهمه، قربت أكتر، همست بصوت يكاد يكون غير مسموع “مراد… أنت معايا، صح؟ مش هتسيبني؟”
فجأة، صوته جه هادي، لكنه كان واضح
“وأنا سبتك قبل كده؟”
فتحت عينيها على وسعهم، لقت عيونه مفتوحة، نظراته فيها حاجة مش قادرة تفك شفرتها، حاجة بين الحنان والسيطرة، مد إيده ولمس خدها بلطف، صوته كان فيه نبرة دفء “عمري ما هسيبك يا ليلى متخافيش، فاهمة؟”
هزت راسها بإيجاب، بس في قلبها كانت لسه متوترة، فيه حاجات كتير غامضة، فيه ناس حوالين حياتها بيحاولوا يدمروها، ومش عارفة هتقدر تواجه كل ده إزاي، لكنها عرفت حاجة واحدة بس… طول ما مراد جنبها، هي مش هتكون لوحدها
مراد كان عينيه مليانة تساؤل، كان عايز يعرف، عايز يسمع منها بنفسه، فقال بصوت هادي لكنه مليان جدية “ندمانة؟”
ليلى رمشت باستغراب، قربت شوية وهي بتسأله بهمس “أندم على إيه؟”
مراد خد نفس عميق، قرب أكتر وقال بصوت واطي كأنه خايف يسمع الإجابة “على اللي حصل بينّا…”
قبل ما يكمل، ليلى رفعت إيديها بسرعة، لمست شفايفه بأطراف صوابعها تمنعه يتكلم، وهزّت راسها بنفي، عينيها كانت مليانة دفء وهي بتقول بصدق “عُمري… بالعكس يا مراد، حسيت بأمان وأنا معاك، انت أكتر واحد حنين عليّا.”
نظرته ليها تغيّرت، كأن كلامها هداه، كأنها أزاحت عن قلبه حمل تقيل، مسك إيدها اللي على شفايفه، وباسها بحنان، ابتسامة دافية زينت وشه وهو بيتملى منها.
بهدوء، سحبها لحضنه، حضنها كأنها كل العالم، وهي استكانت بين دراعه، مسحت خدها على صدره وسمعت دقات قلبه المنتظمة، دقات كانت بتطمنها إنها مش لوحدها، وإنها في أمان… في حضن مراد.

رحمة دخلت البيت بهدوء، خطواتها كانت حذرة، كأنها خايفة حد يشوفها أو يوقفها ويسألها أسئلة مش مستعدة ترد عليها، كانت عايزة توصل أوضتها من غير ما حد يحس بوجودها، لكن فجأة خبطت في حد، اتراجعت خطوة بسرعة وهي بتحاول تسيطر على أنفاسها المتلاحقة، رفعت عينيها بقلق… ولقت أدهم واقف قدامها، عيونه مسلطة عليها بنظرة فاحصة.
“انت جيت إمتى؟” سألته بسرعة بصوت متوتر، وهيا بتحاول تدارى اضطرابها.
“كنتي فين؟”
نبرة صوته كانت مش مجرد سؤال، كانت تحقيق صريح، وهو مش ناوي يسيبها قبل ما يعرف الحقيقة.
رحمة بلعت ريقها بسرعة وهي بتحاول تفكر في أي رد يخرجها من الموقف، بصتله ببرود مصطنع وقالت “كنت عند صاحبتي”
أدهم ضيق عيونه وهو بيراقب تعابير وشها، كان واضح إنه مش مصدقها بسهولة.
“صاحبتك؟ وفي الوقت ده؟” قالها بنبرة مليانة شك.
رحمة رفعت حاجبها بتحدي وقالت “أيوه، في الوقت ده، هو أنا لازم أستأذنك عشان أخرج؟”
أدهم قرب منها خطوة، صوته كان أهدى لكنه أخطر “لاء، بس لازم تكوني صريحة، لأن شكلك وتصرفاتك بيقولوا إنك بتكدبي
رحمة حاولت تحافظ على هدوئها رغم إن قلبها كان بيدق بسرعة، فركت إيديها في بعض بتوتر قبل ما ترد “بص، أنا مش في مود تحقيقات دلوقتي، ممكن تسيبني أدخل أوضتي؟”
أدهم وقف مكانه لحظة، كأنه بيقيم رد فعلها، لكنه في الآخر زفر بهدوء وقال بجمود “براحتك، بس خلي بالك… خلي بالك”
وبدون ما يقول حاجة تانية، لف وسابها واقفة، طلعت أوضتها بسرعة وقلبها بيدق بقوة، بس مش من الخوف… من الفرحة. قفلت الباب وراها، وسندت عليه وهي بتبتسم لنفسها، قربت من السرير ورمت نفسها عليه، حست بالدفء وهي بتغرق في أفكارها، اخيرا هتتحب زي ما كانت بتتمنى

تاني يوم، سهام كانت مستعدة تنفذ خطتها اللي بتحضر لها من أيام، دخلت أوضة رحمة، شدّت الستارة خلتت نور الشمس يملى المكان، وبصوت حاسم قالت “قومي، يلا بقى!”
رحمة اتقلبت في السرير بضيق، مغمضة عيونها بتعب “ماما… خمس دقايق كمان، مش قادرة.”
شدت الغطا وقالت بحدة “مفيش خمس دقايق! قومي، عرفت هنعمل إيه مع مراد وليلى.”
رحمة فتحت عيونها ببطء، اتعدلت وسألت باهتمام
“إيه؟”

انت في الصفحة 7 من 8 صفحات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
0

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل