روايات

الفصل الحادي والخمسون

آخر الليل عاصم وصل وسناء دخلت عند ناهد، وهو راح لإبنه اللي كان تايه. أخده في حضنه، ومعرفش يواسيه بأي حاجة. حسن أخده وراحوا. ونادر أخد أبوه يروحه وهيرجع لهم تاني. سيف ومروان وسبيدو وكريم فضلوا مع الرجالة.

خالد دخل البيت، ونور وقفت تبص لأبوها اللي نادر ماسك إيده لحد ما قعد.
نور سألتهم: “عرفتوا أي حاجة؟”
محدش فيهم رد عليها. فايزة كانت قاعدة بتعيط بصمت. مروة بصت لجوزها، وهو شاور لها بدماغه لأ: “خلي بابا ياكل أي حاجة وياخد العلاج بتاعه. ماما…”
بصتله: “خليه ياخد علاجه.”
فايزة هزت دماغها وقامت من مكانها تجيب أدويته.
مروة مسكت دراع نادر: “إنت هتروح فين دلوقتي؟”
نادر بص لها: “هرجع لهم. كلهم في الشارع. تالا فين؟”
شاورت على الكنبة وراها: “نايمة أهي جنبي.”
نادر راحلها، قعد جنبها على الأرض، مسك إيدها وباسها ودموعه لمعت. باس إيدها تاني: “ربنا ما يحرمني منك ويرد إيان لأبوه.”
باسها كذا مرة قبل ما يقوم.
نور مسكت دراعه: “خدني معاك يا نادر.”
نادر شد دراعه منها: “أخدك فين؟ إحنا بنلف في الشوارع. أنا مش قادر أفهم إزاي إبنك يبعد عن عينك، هاه؟ إزاي خرج من الشقة؟ حد دخل أخده؟ طيب إنتِ كنتِ فين؟ هو خرج؟ طيب إزاي؟ أنا هتجنن. هتجنن يا نور. إزاي تفرطي في إبنك؟”
نور تراجعت: “كان نايم في أوضته. كان نايم ودخلت المطبخ.”
نادر بص ناحية بنته وبص لأخته: “أنا راجع للرجالة بعد إذنكم.”
سابهم، ومروة دخلت تجيب أي أكل لخالد علشان ياخد أدويته.
فايزة رجعت بالعلاج، ومروة طلعت بصينية صغيرة وحاولت مع خالد ياكل أي حاجة.
نور كانت بتلف حوالين نفسها، بعدها بصتلهم: “أنا هكلم ملك خليها تيجي و…”
قاطعتها فايزة اللي وقفت بغضب: “تيجي ليه هاه؟ هتعملك إيه؟ البنت في شهر عسلها سيبيها تفرح. بطلي تدمري سعادة الناس اللي حواليكِ. تجيلك ليه ملك؟ كنتِ قدمتي لها إيه علشان تجيلك تقف جنبك؟ قسمًا بالله يا نور لو كلمتي ملك ولا عرفتيها أي حاجة لاتبرى منك.”
قعدت جنب خالد بصمت، ونور سابتهم وطلعت أوضتها مش عارفة تعمل إيه.

حسن وصل البيت ودخلوا الثلاثة مع بعض، الكل وقف، وسناء جريت لإبنها وحضنته، مؤمن مقدرش يتماسك أكتر من كده وعيط في حضنها. سناء حضنته وفضلت ساكتة من غير ما تنطق.
ناهد قعدت جنبه وحاولت تقول أي حاجة، بس معرفتش، فضمته ودعت إن ربنا يرجع لهم إيان بالسلامة.
طلعوه أوضته، وسناء فضلت جنبه، نام على رجلها وهي تقرأ قرآن لحد ما نام. ريّحت راسه وفضلت تصلي وتدعي ربنا من غير توقف.

لما الفجر أذن، الكل اتجمع وصلوا الفجر مع بعض. بعدها كريم طلب من الجميع يرجعوا بيوتهم ويرتاحوا ساعتين علشان يقدروا يكملوا يدوروا بعد كده.
كريم وصل بيته، وحسن طلع يقابله هو وعاصم منتظرين أي أخبار، لكن كريم ما كانش عنده حاجة جديدة يبلغهم بيها. طلع لأوضته، لقى أمل في السرير جنب إبنها ماسكة إيده. أول ما حسّت بكريم قامت بسرعة لعنده، بس قبل ما تتكلم، هو رمى نفسه في حضنها وعيط. كانت دي أول مرة تشوفه بالشكل ده مع كل اللي مروا بيه.
كريم وهو في حضنها: “إيان مالوش أثر، مفيش. محدش شافه، محدش لمحه حتى. اتبخر يا أمل. معقول اتخطف؟ طيب اللي خطفه مش هيكلمنا يطلب فلوس؟ يطلب أي حاجة؟ اللي هيطلبه هنعمله بس يتكلم. يتكلم… ولا هو فين؟ مات؟ طيب جثته فين؟”
أمل بعياط: “بعد الشر عليه يا كريم. ألف بعد الشر عليه. هو هيرجع. تلاقي بس حد شافه في الشارع وأخده ومعرفش هو مين. مش ممكن هاه؟”
كريم بص لها بتعلق: “إحنا طول الليل بندور في كل مكان. المنطقة كلها عرفت إن في طفل صغير بندور عليه. ليه محدش شافه؟ ليه ما طلعوش ليه؟”
مكنش عندها إجابة، فسكتت. كريم بص لإبنه اللي كان نايم وقال: “إحنا عمالين نهتم بالشغل والشركة والبيزنس ونسينا نفسنا. نسينا إن في حاجات ملايين الدنيا كلها ما تعوضهاش. ضحكة إيان في البيت وجريه مالهاش تمن. عارفة لو حد خطفه وطلب المجموعة كلها؟ هسلمهاله فدى ظفره بس يرجعه.”
أمل حضنته وهدته: “هيرجع يا كريم. هيرجع يا حبيبي لحضننا من تاني. ربنا كريم وزي ما كرمنا بيه، هيرجعه تاني.”
شدته من الأرض، وساعدته يغير هدومه وقعدته جنب إبنه على السرير. كريم نام جنب إيان، ماسك إيده الصغيرة وباسها. أمل نامت جنب إبنها من الناحية التانية، بحيث إن إياد كان في النص بينهم، والاتنين باصين له.
كريم همس: “لو إيان ما رجعش، مؤمن هينتهي. مش هيرجع منها. هيموت وهيموتنا كلنا معاه.”
أمل مدت إيدها، مسكت إيده: “إرمي حمولك على ربنا، واطلب منه يفرجها من عنده.”

سيف وصل البيت وكان هادئ تمامًا، دخل أوضته مباشرة، لقى همس نايمة. دخل الدريسنج وغيّر هدومه بهدوء، وطلع للسرير. بمجرد ما لمسه، همس صحيت وسألته: “لقيتوه؟”
سيف شدها لحضنه: “لأ… محتاج أنام.”
همس ضمته أكتر، وهو غمض عينيه فسألته قبل ما يروح في النوم : “إنت أكلت أي حاجة من الصبح؟”
سيف تمتم بنعاس: “بعدين… الأكل بعدين. سيبيني أنام… حطي موبايلي على الشحن.”
غرق في النوم في لحظة، وهمس قامت براحة من حضنه، أخدت موبيله وحطته على الكومود على الشحن. رجعت جنبه، بتلمس شعره وهو غرقان في النوم. كانت ملامحه مرهقة، وخطوط التعب واضحة على وشه. حركت إيدها على خده ودقنه، وبدأت تفكر في اليوم الطويل اللي عدى عليهم.
صحيت بعدها وملقتهوش جنبها. بصت على ساعتها، لقت إنه مر حوالي أربع ساعات. معقول يكون خرج؟ قامت بسرعة وخرجت، لقت أمها مستنياها: “تعالي يا همس.”
همس بصت لأمها بحيرة: “سيف فين؟”
أمها ابتسمت بأسف: “نزل من ساعة، بيدوروا على إبن صاحبه.”
رجعت أوضتها، مسكت موبيلها وكلمته. رد عليها وكان واضح من صوته إنه وسط ناس كتير، طمّنها عليه وقفل. لحظات وكلمها تاني: “همس، نسيت أقولك، إمام هيجيلك الساعة 12 البيت. مش أبوكِ وأمك موجودين؟”
همس باستغراب: “أيوة موجودين، بس ليه؟”
سيف: “علشان مطلوبين بكرة في مكتب الوزير. هو هيفهمك كل حاجة. لو في حاجة، كلميني وما تخرجيش من البيت من غير ما تعرفيني.”
قفل معاها. غيرت هدومها وطلعت فطرت مع أبوها وأمها، وبلغتهم بزيارة إمام.

انت في الصفحة 4 من 5 صفحات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
0

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل