
إيدها على خده بتداعبه بهدوء علشان ينام وخلال لحظات كان فعلًا نام وهي بصاله وبالرغم من إنه قدامها وبينها وبينه شوية سنتيمترات الا إنه واحشها، بقاله كتير أو هي احساسها إنه بقاله زمن مقربش منها، ما اخدهاش في حضنه، ما لمسش شفايفها، ليه زعلوا وليه اتخانقوا وإيه اللي مخليه واحشها بالشكل دا؟
قربت نفسها منه أكتر وفكرت يجرى إيه لو هي باسته؟ ماهو جوزها وحبيبها وبالفعل قربت بس تراجعت هو تعبان وكان بيتخانق مع النوم ولو صحته ممكن ما يعرفش ينام تاني، راحته دلوقتي أهم من أي حاجة تانية.
أمل في حضن كريم وغصب عنها أفكارها مع ناريمان ومنظرها وهي خارجة من الباب الخلفي للشركة بتجري لعربيتها، يا ترى بتعمل إيه في الشركة؟ هل بتزور حد؟ هل هي لها يد في الكاميرات اللي سبق واتزرعت قبل كده؟ طيب هل المفروض تقول لكريم إنها شافتها خارجة من الشركة وتقوله طبيعة الكلام اللي بتسمعه منها؟
انتبهت على صوت كريم: “يا أمل خليكي معايا.”
بصت لعنيه: “حبيبي أنا معاك.”
استغرب: “معايا ازاي يا أمل وانتي طول الوقت سرحانة؟ فيكي إيه يا أمل؟ فكري بصوت عالي لو سمحتي.”
أمل ابتسمت وقبل ما تتكلم كريم حذرها: “لو جبتي سيرة ناريمان هسيبلك الأوضة واخرج، أمل خرجيها بره حياتنا شوية، هي مالها استحوذت على حياتنا وأفكارنا كده ليه؟”
أمل اتنهدت لأن لو كريم عرف طبيعة أفكارها مش بعيد يسيبها بجد المرادي، غيرت سيرتها واتكلمت معاه في مواضيع تانية وهزروا وضحكوا كتير.
نادر دخل البيت عند خالد أبوه وكان ظاهر عليه إنه متنرفز فخالد اتوتر: “في إيه يا نادر مالك؟”
نادر بغيظ: “هي نور فين؟ انت تعرف إنها بجد رفعت قضية ضد مؤمن؟”
خالد زعل على حال بنته: “هي قالت إنها هتعملها بس ما تخيلتش صراحة إنها تعملها بجد.”
نور كانت نازلة فنادر وقف في وشها: “انتي ازاي ترفعي قضية بدون ما تعرفينا؟”
نور بتهكم: “يا سلام هتستعبط حضرتك ولا إيه؟ ما قولتلكم عايزة ابني وكلكم اتخليتوا عني وقولتلكم عايزة أرفع قضية حضانة وقولتلكم الف حاجة وطنشتوني.”
نادر حاسس إنه عايز يضربها ومسيطر على أعصابه بالعافية: “يا غبية يا متخلفة محدش فينا اتخلى عنك افهمي، احنا كلنا بنحبك، كلنا معاكي وكلنا حواليكي كل اللي كنا عايزينه ما تهديش بيتك، ما تخسريش راجل زي مؤمن لانك لو لفيتي الدنيا كلها مش هتلاقي زيه، ازاي ده بتسميه تخلي؟”
نور بعدت عنه: “سواء مؤمن راجل كويس أو راجل وحش أنا مبقتش عيزاه فكان المفروض تقفوا جنبي مش ضدي.”
خالد قرب منها: “نور لو شوفتي ابنك وهو بيلعب هيمسك حاجة سخنة مثلًا نازلة من على النار ولا شوفتيه هيقع في حمام السباحة ولا أي حاجة مؤذية له هتعملي إيه؟ هو شايف إنها لعبة وعايز يلعبها وانتي عارفة إنها هتضره وهتأذيه؟ إيه الحل من وجهة نظرك العبقرية؟ تسيبيه يجرب ويأذي نفسه ولا تمنعيه؟ هاه يا نور؟”
نور بصت لابوها بغيظ: “انت تشبيهك غلط، إيان ابني صغير ومش فاهم حاجة فهو ما يعرفش إن الحاجة دي هتأذيه لكن…”
قاطعها ابوها: “لكن انتي عارفة إنها هتأذيه، هو ده بالظبط اللي أنا بعمله معاكي، سواء بقى عيل صغير أو راجل ناضج نظرتك لابنك مش بتتغير مع مرور السنين، بتشوفي حاجة هتأذي ابنك بتعملي كل جهدك علشان تمنعيه فده حب لابنك، عنده سنّه أو عنده خمسين هيفضل برضه اسمه حب مش تخلي.”
نور دورت وشها بعيد: “انت شايف بعدي عن مؤمن أذي، أنا شايفاه راحة نفسية، خلاص مبقتش قادرة اتحمل العيشة معاه وتبعيته لكريم وعيلته، هو شايف ده وضع طبيعي أنا مش شيفاه كده، ولا هو هيتغير ولا نظرتي له هتتغير فمفيش حلول وسط واحنا الاتنين وقعنا من نظر بعض، معدش فاضل بينا غير إيان، وعيزاه في حضني وهو يشوفه وقت ما يحب، لكن اسيبه يربيه مع ابن كريم وابني يطلع تابع لابن كريم زي أبوه ويقنعوهم إنهم اخوات علشان يفضل يخدمه عمره كله فده لا يمكن أقبل بيه.”
نادر ضرب كف بكف: “يا بنتي ليه شيفاه تابع؟ اقسم بالله يا نور بتمنى حد زي مؤمن أو كريم في ظهري، يا بنتي إن يكون ليكي حد في ظهرك تكوني واثقة تمامًا إنه لا يمكن يتخلى عنك ولا يمكن يسيبك تقعي ولا يمكن يبعد ده مالوش ثمن، ما بيتعملش، ده بيكون رزق من ربنا تحمديه عليه.”
نور بصت لموبيلها وبصت لأخوها: “وجهات نظر يا نادر، عندي ميعاد مع المحامي بعد أذنكم.”
نادر وقفها: “لو قولتلك إنّي مش هكون جنبك في المحاكمة دي و…”
قاطعته نور بتهكم: “محدش قالك إنّي محتاجاك روح اتمرمغ في حضنهم يمكن يدخلوك دايرتهم بس لو مش واخد بالك سيف سبقك وقدر يدخل بسهولة عارف ده معناه إيه؟ إنّي أنا وانت معيوبين، العيب فينا احنا، مش بتقول عليا مريضة مش بحب العيلة والتجمعات؟ اعتقد انت كمان زيي مريض بدليل معرفتش تبقى ثالثهم طول السنين اللي فاتت وسيف ظهر في كام شهر اخد مكانك.”
نادر نفخ باستسلام: “مكانتي وسطهم محفوظة وفي المكان اللي أنا عايزه بالظبط، أما سيف اللي بتتكلمي عنه فده صاحب عمرهم من سنين، من وهم عيال صغيرين هو بس سافر كام سنه ورجع لأهله ولاصحابه، نظرتك لكل الناس غريبة ومريضة للأسف يا نور.”
نور اتنهدت باستسلام: “أنا مضطرة انهي النقاش ده علشان مش عايزة اتأخر، بعد أذنكم.”
سابتهم وخرجت وشوية وملك وصلت هي وفايزة كانوا بيشتروا حاجات لملك، دخلوا كان خالد ونادر لسه قاعدين، ملك كانت مبسوطة قعدت قصاد أبوها: “مامت مؤمن خرجت من المستشفى.”
خالد ابتسم: “طيب الحمدلله، نويتوا على امتى؟”
ملك اتنهدت وحطت إيدها على خدها: “مش عارفة يا بابا، كمية النحس اللي ملازمانا أنا ونادر غير طبيعية.”
نادر أخوها: “ليه يا بنتي بتقولي كده؟ تفاءلوا خيرًا تجدوه.”
ملك باحباط: “سيف تعبان وممكن يدخل عمليات.”
نادر بذهول: “سيف تعبان؟ تعبان ماله؟ ماهو كان معانا امبارح وكان شكله كويس، اه مرهق بس مش لدرجة عمليات؟”
ملك شرحتلهم حالته حسب فهمها من نادر جوزها، سكتت بعدها فأبوها طبطب على كتفها: “حددوا ميعاد فرحكم يا ملك مش هننتظر حد تاني، وبعدين اللي فهمته إنه بيتحسن وإن شاء الله مش هيحتاج لعملية، وزي ما أخوكي قال تفاءلوا خيرًا تجدوه.”
ملك قامت تكلم نادر وبعد مكالمة طويلة قرروا يعملوا الفرح آخر الأسبوع الجاي بغض النظر عن ظروف كل اللي حواليهم.
الصبح بدري سيف أخد الحقن تاني وبدأ موال التعب من تاني وأصر إن همس تروح الجامعة بالرغم من اعتراضها، اليوم كان صعب وهمس بتتفرج عليه ومش بايدها حاجة تعملها.
أمل صحيت من النوم فتحت عنيها كانت في حضن جوزها، ابتسمت وفضلت مكانها حاسة بالاكتفاء، مبسوطة، سعيدة، مكتفية بوجودها بين إيديه سامعة نبضات قلبه وأنفاسه الهادية.
لفت نفسها تواجهه وايدها على خده همست باسمه: “كريم.”
باست شفايفه بخفة مرة بعد مرة بعد مرة فابتسم وهمس: “انتي عارفة كام مرة صحيتيني كده من ساعة ما اتجوزنا؟”
ابتسمت: “كام مرة؟”
كريم بتفكير: “مش عارف طبعا بس قليل، المهم بتصحيني ليه؟”
أمل بتداعب وشه بايدها: “لو عايز تنام شوية كمان نام براحتك مش همنعك.”
قربت من وشه وباسته كذا مرة في كل وشه بعدها همست: “نام ما تهتمش بيا.”
كريم ضحك: “ما اهتمش؟ ده على أساس إنّي مصنوع من إيه؟ هاه؟ بس قوليلي.”
بصتله: “أقولك إيه؟”
كريم مسك شعرها بيبعده عن وشها: “حباية الشجاعة والجراءة دي جاية منين؟”
أمل ضحكت: “بتسأل ليه؟”
كريم شدها عليه: “علشان نجيب منها على طول، المهم وات ايفير الصنف ده امشي عليه هاه.”
ضحكوا بعدها شدها وقعها فوقه وباسها بعدت هي شوية: “مش هتنام؟”
كريم جاوبها بدون ما يتكلم.
بعد فترة ناهد بتخبط: “كريم.. هتفطروا يا ابني؟ أبوك ومؤمن تحت لو هتيجي تفطر معاهم.”
كريم رد عليها: “شوية وهنزل محدش ينتظرني – بص لأمل – يجرى إيه لو ينسونا يومين ثلاثة أربعة.”
أمل ضحكت وقامت لبست الروب بتاعها: “خلص الاجتماع وامضي العقد مع الشركة الجديدة وتعال نهرب يومين.”
كريم قام زيها: “ده اللي ناوي عليه بإذن الله.”
استعدوا وجهزوا ونزلوا كان الكل فطر ومشي وفطر هو وهي لوحدهم بعدها أخدها معاه في عربيته، طول الطريق ماسك إيدها واحساس بحاجة جديدة جواه.
أمل حضنت دراعه وسندت على كتفه واتنهدت: “بحبك يا كريم يا مرشدي.”
كريم استغرب حركتها وبصلها باس راسها: “وأنا بعشقك يا أمل يا عبدالله.”
ابتسمت وضمت دراعه واسترخت بهدوء لحد ما وصلوا الشركة وركن عربيته وبصلها: “وصلنا.”
اتعدلت وبصتله وبدون مقدمات: “لو عايز فعلًا نخلف تاني أنا موافقة، عايزة أعملك كل حاجة بتتمناها وعايزها.”
كريم مستغرب كل حاجة بتحصل فقرب حط إيده على رقبتها شدها عليه وبيهمس: “عايز اخلف تاني عيل واتنين كمان بس انتي كان عندك حق، اياد محتاج رعاية لسه ودلوقتي بقى إيان كمان فالاتنين مع بعض صعب، هنخلف تاني بإذن الله بس بعد ما يكبروا شوية ويشدوا حيلهم، دلوقتي خلينا بجانب العيال نهتم بينا شوية، ليلة امبارح والنهاردة الصبح كانت حاجة وهم، مختلفة، مميزة، فيها إيه لو كل ايامنا كده؟ أنا عايز اهتمامك ده وعايز حبك ده، عايز اصحى بشفايفك وحضنك، وعايز انام واغرق فيهم، عايز الحب ده، الروتين والشغل والعيال ودوشتهم واخدين كل حاجة، خلينا نهتم بنفسنا بجانب كل ده، مش عايز اشتاقلك بالشكل ده وللدرجة دي.”
أمل مبتسمة وحبها بينبض جوه قلبها: “وده اللي قررته، مش هسمح لحد ولحاجة تفرقنا عن بعض أو تبعدنا، هتفضل حبيبي وروحي ومهما كان في ضغوط حوالينا بس وقت ما ندخل أوضتنا هننسلخ عن الكون بما فيه ومش هيكون في غير كريم وأمل وبس، هنسيب المشاكل بره الأوضة دي، جواها في أمل في حضن كريم – اضافت بهزار – براها نبقى نقطع بعض ونتخانق عادي.”
ضحكوا وهو علق: “اتفقنا، نخلع مشاكلنا وهمومنا بره وجوه الأوضة نحب في بعض وبس، هاتي بوسة بقى تصبيرة لاخر النهار لما نوصل للأوضة تاني.”
ضحكت وبتاخد شنطتها: “وعمي حسن يلمحنا يعلقنا على باب الشركة عبرة لمن لا يعتبر اللي هو احنا يعني.”
ضحك وهو نازل: “ايوه مش بنحرم مهما نتقفش.”
دخلوا الشركة وهم بيهزروا ويضحكوا وكل واحد راح مكتبه بالعافية.
أمل دخلت مكتبها وهي مبسوطة من قرارها، مش هتدي لناريمان أكبر من حجمها ومش هتشغل بالها وأفكارها بيها ومش هتديها الفرصة تبعدها أو تشككها ولو لحظة في جوزها.
بدر أول ما وصل الشركة راح مباشرة لمكتب سيف بس مريم بلغته إنه مش هيجي أصلاً، كان عايز يفرحه بقبوله للوظيفة، قبل ما يتحرك سبيدو وصل ويدوب هيدخل بس بدر وقفه: “سيف مش هنا.”
سبيدو بصله باستغراب: “أمال فين؟ أنا عايزه ضروري، المفروض إننا هنتكلم قبل الاجتماع ونحدد ازاي هنشتغل بعد ما كريم يسلم الروبوت؟”
وقفوا بحيرة بس سبيدو بص لمريم: “هو مش جاي ليه؟ اوعي يكون في الجامعة ولا قاعد جنب قطته؟”
مريم بهدوء: “لا معرفش يا افندم، هو اتصل بلغني إنه مش هيجي لكن مقالش أي تفاصيل، ممكن تسألوا باشمهندسة آية.”
سبيدو خبط بدر في صدره: “تعال نشوف الراجل ده حكايته إيه؟”
راحوا مكتب آية اللي استغربت وجودهم، بدر سألها: “اخبارك إيه باشمهندسة؟ واخبار سيف إيه؟”
ابتسمت بمجاملة: “الحمدلله بخير.”
سبيدو دخل في الحوار: “أخوكي مجاش ليه النهاردة؟”
بصتله مستغربة: “انت مكلمتوش من امتى؟”