بنبرة هادئة:
-هنفضل ساكتين يا جنة!! ، إحنا جينا هنا عشان نتكل,م مع بعض ش,وية.
استنبطت مغزي حديثه الخفي فزفرت بإمتعاض قائلة بإقتضاب:
-لو هنتكل,م في ترتيبات فرحنا معنديش مانع .. بس لو هنتكل,م عنها أنا بنصحك بلاش لأن ال,موضوع ده بيعصبني.
صك علي أسنانه بغيظ من كل,ماتها الخرقاء ال,مقتضبة تتعمد تذكيره بأن تلك السجينة ل,م تعد لها مكان بحياته,م فهم ألقوها خارجاً.. هو أتي بها كي يعل,م ل,ما تغير موقفها ناحية أرزان بهذه السر,عة، قب,ل دقائق من ذ,لگ الحدث الشنيع باليوم ال,مشؤوم كانت تعتبرها بمثابة شقيقة و أكثر ماذا حدث..
غمغم بإصرار ل,معرفة موقفها:
– أيوة يا جنة أنا جبتك هنا عشان أعرف إيه اللي غير موقفك تجاهها؟. كنتي بتعتبريها أختك و صاح,بتك فجأة كده بقيتي تكرهيها متنسيش إنها وقفت جمبك في يوم من الأيام ل,ما كنتي ضعيفة و حزينة عشان فاكراني مش بح,بك و كانت بتزر,ع فيكي الثقة.. الوقتي نسيتيها و خرجتيها من حياتك!! جنة أرزان مكنتش بتفارقك أنتي و سيلا و كانت أقربلكم مننا أكيد هتعرفوها أكتر من أي واحد فينـا.
علي الرغم من أن كل,ماته ل,مست وتر بقلبها إلا أن مشهدها و صورته تعترف بجرائمها تُعرض كفيل,م سينمائي أمام عينيها لتتشدق بإصرار و نبرة جامدة اكتسبتها من الحيـاة:
– لأنها مذ,نبة و خاينة خد,عتنا بكذبها علينا، شعورك إيه ل,ما تلاقي أقرب شخص ليك كذاب و مخادع؟. هتعمل إيه يا ساجد؟. ل,ما تكون حياتك عبارة عن ناس بميت وش بتتلون زي الاية بأي لون ال,مهم تعمل اللي علي كيفها.. طب ل,ما يتخلي عنك أقرب الناس ليك كده من غير ما ترتكب أي سبب!! هنا الفرق أرزان عملت الأبش,ع و في مليون سبب أكرها.. أنا حياتي صعبة جداً ملقتش غير الع,ذاب لحد ما قررت أعيش لنفسي زي ما الكل بيعمل، أمي “ل,مياء ها,نم” سابتنا أنا و سامر بعد وفاة بابا عشان جوزها و مبتسألش عننا حرمتنا من حنان الأم و عطفها علينا كان أول قل,م آخده و أنا صغيرة من الدنيا القا..سية، تاني قل,م كان شديد منك أنتَ يا ساجد ل,ما بعدت عني و عاملتني بق..سوة سنين و أنـا معرفش لييه؟! فكرت كتير إيه اللي عملته خلاه يتغير من ناحيتي فجـأة كده!! ملقتش الإجابة لحد ما عرفت من فترة قصيرة جداً.
صمتت قليلاً تبتلع ريقها ثم استرسلت بنبرة متحشرجة و متأل,مة:
-القل,م التالت كان منها.. ح,بيتها زي أختي و أكتر كمان عاملتها زي سيلا رغم إني معملتش كده مع روفان بس اللي خلاني اعمـل كده إنها كانت ح,بيبة آسر زمان ل,ما كانوا عيال صغيرة كلنا عارفين إنها فيروزة آسر بس سكتنا عشان حالته النفسية اللي حذرنا منها الدكتور، فجاة من غير سابق إنذار تكتشف إنها شي,طانة بجسم إنسـان عايش و ميستاهلش الحياة.. بيتاجر بحياة البشر وهي شريكة معاهم هتعمل إيه ؟. ل,ما أقرب الناس ليك يأذيك بالشكل ده موقفك هيبقي عامل إزااي ؟! انا مش حمل جرو,,ح تانية يا ساجد هعيش إزاي و انا كل يوم بصحي علي قل,م أقوي من اللي قب,له و إن اللي عايش عشانهم شيا,طين و أبالسـة مش بني آد,مين.
كان يراقب ما تقوله بصمت عجيب تواري خلفه الكثير من الغموض و الدهشة!! هذه الجنة ليست ح,بيبته بل فتاة استبدلت بأخري قوية صامدة جامدة لا تهتم بأحد سوي نفسها؟؟؟!
عيناها جامدة خالية من ال,مشاعر و قمسات الوجه تحمل البرود كالثلج.
زفر باقتضاب قب,ل أن يهتف بسؤال غامض يتحاكي خلفه ال,مزيد من الأسئلة و التساؤلات عن كيفية التغير ال,مفاجئ:
-جنـة هتعملي إيه لو وقعت في ش,وية مشاكل بشغلي ممكن تنهي علي مستقب,لي ال,مهني؟. رد فعلك هيكون إييه!؟.
إبتسمت إبتسامتها الساحرة و أمسكت كف يده قائلة بعش,ق:
-عمري ما هتخلي عنك يا ساجد أنتَ روحي و مستحيل أبعد عنك أبداً.
سح,ب يده بجمود ليدسها بسترته و اخرج عدة ورقات مالية وضعها علي الطاولة يغمغم ببرود و هو ينهض واقفاً:
-بس أرزان كانت السبب في رجوعنا لبعض جنة أنتي اتظل,متي زمان كتيير و جربتي إحساس الظل,م بلاش تظل,مي حد بق..سوة تد,مركم ل,ما يبان برئ.
توسعت حدقتيها بصد,مة أيخبرها بطريقة غير مباشرة أنها قا..سية و ظال,مة لا ترحم؟!! هي من ذاقت الظل,م من كؤوس الأح,بة دون مراعاة لقلبها الصغير!!.. يخبرها بكل,مات لعينة من أجل فتاة أخري ظهرت من العد,م و غيرت الكثيير بحياة الجميع..
تردد علي مسامع أذ,نيها جملة قا..سية رنت بها بلا أي رحمة تضر,,ب قلبها بع,ذاب.. “جنة أنتي اتظل,متي زمان كتيير و جربتي إحساس الظل,م بلاش تظل,مي حد بق..سوة تد,مركم ل,ما يبان برئ.”..
أي ع,ذاب عش,ق هذا أيها القدر القا..سي؟؟؟!.
وجدته يطالعها ببرود يغمغم بنزق بصوت اجش ل,م يظهر الح,ب فيه:
-هتفضلي عندك كتير يلا بينا هنمشي.
وقفت جنة بصمت و اتبعته للخارج و مازالت كل,ماته تضر,,ب قلبها بقوة.. تود الصرا,,خ و إخباره أن يرحمها جلادها من ع,ذاب الهوي.. استقلت جواره السيارة بصمت و تحرك بهما عائداً إلي القصر.. يقطع وعداً بداخله ان تعود صغيرته ذات القلب الكبير يبعد متحجرة القلب عن الحياة.. جنته لن تكون سوي ملاك في عال,م البشر..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قصر عائلة الصياد
عاد ساجد و معه جنة بصمت طوال الطريق ل,م تنبت ببنث شفة تعاقبه بصمت علي كل,ماته الجارحة.. ولجا معاً إلي بهو القصر ليجدوا الجميع معاً.. إنزوي ما بين حاجبيه بدهشة عند,ما شاهد بكاء أيسل و شقيقتها روفان هكذا بهستيرية؟؟؟!
كانت الإجابة علي سؤاله عند,ما رأي كلاً من خليل و هناء قد عاد الاثنان من السفرية الطويلة.. تحركا للداخل بخطي تكاد تكون وئيدة !!! ثم وقف لجوار أخيه بصمت.. أما جنة فإقتربت من أيسل بلهفة و قلق أنساها ما قاله ح,بيبها الأحمق منذ ساعة..
جلست جوار الفتيات بدون ان تفهم شئ فنظرت إلي عمتها عش,ق و الجميع علها تفهم شئ لتقع علي خليل و هناء والدي أيسل ل,ما ملامحهم حزينة و أيضاً هناك شحوب بوجهه بطريقة مبالغة يبدو كأنه مريض!!؟.
مال ساجد علي أخيه يهمس له بأذ,نه متساءلاً من إنهيا,رهم ال,مبالغ و ليس فرحته,م بعودة ابيهم و زوجته:
– انا مش فاهم حاجة؟! إيه اللي بيحصل هنا يا جواد و لييه أيسل و اختها بيبكوا؟.
تنهد جواد طويلاً ثم قال بنبرة مستاءة و حزينة يرد علي أخيه:
-عرفوا حقيقة سفر باباهم الشهور اللي فاتت.. عمك خليل كان عنده ورم بال,مخ و كان بيتعالج منه برا من غير ما يعرفوا و لسه عامل جراحة للورم.
إضطربت ملامح ساجد بحزن يغمغم بدهشة و نبرة متهدجة:
– ورم بال,مخ!! من إمتي ده و إزاي محدش فينا يعرف؟. و يخاطر ال,مخاطرة دي يكون لوحده من غير ما يكون جمبه حد!!.. طنط هناء اكيد كانت عايزة حد يواسيها استحملت تش,وفه كده بالع,ذاب ده إزاي؟.