حرك جواد كتفيه لأعلي و أسفل بقلة حيلة يهتف بهدوء:
-دي كانت ر,,غبته يا ساجد انا معرفتش غير من بابا بعد ما سافر و إضطر يخبي عليهم عشان خاف بناته تنها,ر زي ما انت شايف كده.
زفر ساجد بغضب من تلك العقبات التي تنهال علي العائلة بلا توقف او رحمة تصعق الجميع بضر,,بات قوية تؤل,م بلا توقف ..
رفعت أيسل وجهها الأحمر كد,م الغزال من بين راحتي يدها تحدج والدها بنظرات تعاتبه علي إخفاءه هذا السر عنها و ل,م يدعها تشاركه حزنه.. هبت واقفة و سارت نحوه ثم جلست علي ركبتيها تمسك يده بين كفيها فنظر والدها لها بد,موع تلتمع بعينيه..
نطقت بنبرة متحشرجة من البكاء تتلعثم الأحرف علي شفتيها بشهقات متقطعة من بكاؤها الحاد:
-لييه مقولتش يا بابا؟. في اصعب ظروف في حياتك لو مكنتش جمبك هيكون ميين؟!. لييه سبتنا هنا و أنت هناك في بلد تانية بتتأل,م و تعاني من ال,مر,ض.. مفكرتش إحساسي عامل إزاي ل,ما أكتشفت إنك رفضت تشاركنا و,,جعك؟.. طب إحنا مش قد ال,مسئولية للدرجة دي.. أنا كل ما أتخيل إنك كنت بين الحياة و ال,مو,ت لوحدك و احنا هنا عايشين من غيرك أنت ع,ذبتنا باللي عملته ده.
كفكفت د,موعها بظهر يدها و إستدارت برأسها إلي والدتها هناء تغمغم بعتاب و لوم:
-حتي انتي يا ماما مقولتيش لينا أي حاجة عنه.. إحنا مش ولادكم عشان نشيل عنكم تعبكم.. مش من حقنا نقف معاكم في مر,ضكم نردلكم اللي عملتوه معانا زمان.. كنت بتسهروا في تعبنا مستكترين ده علينا إننا نسهرلكم..
بكيت هناء بد,موع مشفقة علي حالة إبنتها بينما ربتت عش,ق علي كتفها بمواساة علي حالها.. بنفس الوقت جاورت روفان شقيقتها بجلوسها علي ركبتيها بد,موع تنساب علي وجهها بإنهيا,ر هي ليست بسيئة إلي هذا الحد كي تفتقر شعور الأل,م و الخوف علي والدها.. تفعل ال,مستحيل و الأسوأ كي تحافظ علي عش,ق طفولتها فليس ذ,نبها أنها أح,بته بجنون..
أمسكت بإحدي كفيه تقب,له بد,موع ليتطلع لها والدها باعين تهطل د,ماءً و ليس د,موعاً فـ قالت بنبرة أل,م حارقة:
– أنا مش زعلانة منك يا بابا بس أنت و,,جعتني ل,ما أكتشف زي الغريب إنك مريض كانسر.. إحنا مش بناتك عشان تحكيلنا طب ما انت أئتمنت رائد و قولتله.. كلهم عارفين إلا إحنا قلبي موجوع عشانك يا بابا.
أمسك خليل يد أيسل و قب,له و فعل ال,مثل مع روفان قب,ل أن يغمغم بهمسات حزينة مشتاقة مبررة ل,ما قاله:
-خبيت عليكم عشان مش عايز أش,وف الد,موع في عيونكم مكنتش هستحمل اش,وفهم و أسكت.. د,موعكم هي تعبي و راحتي في سلامتكم و سعادتكم الفترة اللي فاتت كانت إختبار من ربنا ليا إن أصبر علي الأذي و ال,مر,ض.. بناتي هما تاج راسي و فرحتي و اللي يزعلهم يزعلني و يؤل,مني كل اللي عايزه أش,وفكم فرحانين و مبسوطين في حياتكم أنا آسف سامحوني…
قطعته أيسل بلهفة وهي تحتضنه ببكاء و قلب ملتاع تردف بلهفة خائفة:
-متعتذرش يا بابا أنت حياتنا و مش تستاهل اي حزن انت احسن اب في الدنيا دي.
شدد من إحتضانها و ذراعه الآخر جذب روفان لأح,ضانه بشفاة تبتسم و اعين تذرف د,موع السعادة يقول:
-ربنا يخليكم ليا يا ضي عيني.
اشرقت وجوه الجميع بسعادة عند,ما تصافت قلوب الأب و بناته كانت لوحة فنية لحنان الأب علي ابنائه.. تسللت السعادة إلي قلوب الجميع و إنمحت الد,موع و لكن هلي ستبقي متحجرة بالعيون كثيراً أم ستنساب بند,م بحق بريئة خلف القضبان.
********************
في مكان لأول مرة نذهب له.. فيلا كبيرة و واسعة بيضاء تحيط بها حديقة كبيرة خضراء تشبه الجنة من جمالها و روعة التصميم.. كان رجال الحراسة فيما يسمي البودي جاردز يلتفون حول ال,مكان كالنمل حول قطعة السكر.. ببذ,لة حراسة سوداء و سلا,ح أسود مسد,س يلتف حول خصرهم.. بينما أعينهم مثبتة في الأمام..
بداخل هذا ال,مكان تحديداً ال,مكتب يجلس سامي الذي يكاد يطير فرحاً و سعادة كبيرة لا يصدق أنه سيقابل الذراع الأيمن لزعيم ال,مافيا بمصر “عثمان” ذ,لك الرجل الذي استطاع بمها,رة الفرار من أيدي الشر,طة مراراً و تكراراً دون ان تقبض عليه حتي ليلة القبض علي حامد الفيومي استطاع الهرب..
عقله يخبره أن خلف هذه ال,مقابلة سينتج العديد!!.. بقيت فقط خطوة واحدة كي يري البوص وقتها سيصبح الذراع الأيمن له.. زاغت عيناه بال,مكان الفخم بتلك ال,مكتبة ال,مليئة بالكتب.. و اللوحات الفنية و الأنتيكات و التماثيل الفخمة.. نظر إلي مكتبه الكبير ال,مصمم بإحترافية و فخامة ل,م يهتم بقدر ما إهتم بذ,لك الكرسي خلف ال,مكتب ال,مصنوع كي يجلس عليه ملك ذو سلطة و مال..
شرد بأحلامه يتخيل عند,ما يصبح مكان هذا الرجل و يجلس علي هذا ال,مقعد سيصبح ال,ملك تأكيدا.. عما قريب سينهي عليه و يصبح هو ال,ملك الذراع الأيمن لزعيم ال,مافيا..
خرج من حل,م اليقظة علي صوت فتح الباب ووقع الأقدام تسير بثقة علي الأرضية الرخامية.. إستدار سامي فشاهد عثمان يقترب منه بغرور ليهب واقفاً يردف بسعادة مزيفة و ترحيب مصطنع يمد يده كي يصافحه:
-عثمان بيه أخيراً قابلتك أنا مش مصدق أكيد دا حل,م.
أشار عثمان بيده إلي سامي ان يجلس مكانه وهو يجلس علي كرسيه بعنجهية يغمغم ببرود:
-أقعد يا سامي مش وقت كلام فارغ أنتَ جاي هنا عشان الشغل و بس.
إبتلع سامي إها,نته بغيظ و جلس مكانه بوجه مبتسم مصطنع يتشدق بهدوء:
– اكيد طبعاً اللي يجمعنا الشغل و الصفقات اللي هنشتغل عليها يا عثمان بيه.
إبتسم عثمان بس,,خرية يشعل لفافة تبغ غالية الثمن يحدق به بنظرات مستخفة يردف بنبرة غامضة:
-أكيد اللي يجمعنا كتير أوي أكتر من الصفقات و الشغل.
قطب سامي جبينه بدهشة من غموض هذا الرجل فإمتص عثمان صد,مته يحدثه بعملية و اعين تلتمع خبث و مكر:
-نتكل,م في الشغل ش,وية.. العملية الكبيرة معادها قرب و لازم كل حاجة تبقي جاهزة لأنك دلوقتي بقيت مكان حامد الفيومي اللي ات وهو بيسل,م شحنة ال,مخدرات.. إسمع يا سامي شغلنا مش فيه هزار و لا لعب عيال هنا كل غلطة بتتحاسب عليها بس من حظك إنك قدرت تل,م موضوع البت إياها و لبستها الليلة.
إزدرد سامي ريقه بتوتر من هيبة هذا الرجل فقال ببعض الثقة ال,مصطنعة:
-مش هتلاقي أي غلطات أنا راجلكم يا باشا و العملية هتم من غير غلطات و هتتسل,م من غير ش,وشرة.. أنا مستعد أنفذ كل اللي هتقولوا علييه.
لانت ملامح عثمان خبث و شر يستند بظهره علي الكرسي ينفث دخا,,ن سيجارته ثم قــال بصوت خشن ماكر:
-يبقي إتفقنا يا سامي إسمع بقي عشان الكلام ده برقبتك و حياتك تمن أي غلطــة.
أرهف سامي أذ,نيه يستمع ل,ما يمليه عليه عثمان و أعينه تلتمع طمعا و جشعاً ح,به لل,مال مقابل حياة البشر.. أي دناءة و حقارة يمتلكها هذا الحقير ال,مريض كي يتلاعب بحياته,م دون إستئذان؟؟؟؟؟!.
****************************
نزلتلكم فصل غفران “قيود بلا حدود”..
_غُفــــران _” قيود بلا حدود “.
أميـرة _عمـرو
_نبــض_