شبك أصابعه يتطلع لها بأعين كالصقر ثم أخذ نفساً عميق و زفره ببطء ليهتف بنبرة عملية شديدة البحتة:
– دلوقتي أنتي مته,مة و مذ,نبة إيه أقوالك عن الته,مة ال,منسوبة ليكي؟!.
رمشت بعيناها عدة مرات تحاول إستيعاب ما قاله ثم لاحت علي شفتيها إبتسامة متهكمة سا,,خرة تسأله بإستخفاف:
-طب ل,ما أعرف أنا مته,مة في إيه الأول و هنا ليه عشان أجاوبك علي سؤالك.
تدلي فاهه ب قوية من رد فاج,,ئه بقوة.. أهي لا تعل,م ما ارتكبت من جر,,يمة و الته,مة ال,ملحقة بها.. كيف؟؟!.. هي ح,بيسة خلف القضبان منذ أمس و ل,م تسأل عن سبب زجها بالح,بس.. تنحنح بهدوء مردفاً بنبرة هادئة:
-يعني مح,بو,سة من إمبارح و متعرفيش ليه حتي مفكرتيش تسألي.
رفعت كتفيها و أنزلته,ما بقلة حيلة.. زفر عليِ بقوة إنها ل,م تسأل حتي الآن.. لن يدعها تنال منه بسهولة.. فتح الحاسوب أمامه ثم فتحه علي شئٍ ما.. ثواني و أداره بوجهها لتنظر له برهة ثم حدقت بعيناها نحو شاشة الحاسوب تشاهد ما به.
كانت صورتها تنظر إلي الأمام و تتحدث بنبرة باردة و هازئة إلي شخص ما.. تحدثه عن خد,اعها له و الجميع.. كيف استغلت حماقة قلوبها البيضاء و الطيبة للدخول بينهم.. كيف أوضحت س,,خريتها من حماقته,م..
تبتسم بإنتصار و تشفي بأعين الواقف أمامها ترفع رأسها بفخر قائلة بسعادة:
– كل حاجة مشيت زي مخططنا بالظبط و دلوقتي أقدر اقول إنه زي الخاتم في صباعي مش لوحده هو و بقية العيلة.. مثلت دور ال,مغلوبة علي أمرها طيبة و هبلة خايفة من واحد مجنون ح,بها لحد ما صدقوا يا عيني أنا من البداية عارفة إنهم شاكين في تورطي في سرقة و تجارة الأعضاء… فكان لازم أبعد الشبوهات عن فترة لحد ما يتأكدوا إني مليش اي علا,,قة بيهم ؟!؟
صمتت برهة تبتلع ريقها ثم أكملت بإبتسامة واسعة:
– استغليت العلا,,قة بين عمي مازن و عيلة الصياد قولت فرصة الواحد يستمتع ش,وية و دخلت وسطيهم.. و قربت منهم كلهم واحد ورا التاني لحد ما ح,بوني و بالأخص هو.. كان مغفل أوي و أنا ببينله إن طيبة و مليش أي علا,,قة بس ميعرفش إن أنـا اللي بساعدهم في إنهم يلاقوا الضحايا الصح و كمان الدكاترة اللي تبقي شغالة معاهم أنا اللي بجيبهم..كانت اللعبة ماشية صح و زي ما أنا عايزة!! صدقني و ح,بني بس انـا مش بح,به و لا عمري حح,ب واحد زيه؟!؟
أكملت تقلب عينيها بملل و بنبرة متسلية ناعمة كالحرير:
– اللعبة عجبتني و ح,بيتها اتسليت قوي طول الفترة الفاتت و خلاص ها,نت اووي ههرب من هنا و أمشي بعيد عنه اصله طلع إنسان خنيق و معقد..
ختمت كلامها بضحكات عالية سعيدة و متقدة بالشماتة و الإنتصار ال,مزيف من خصم ضعيف و استطاعت الوصول إلي نقاط ضعفه و ضغطت عليها جيداً..
أنتهي الفيديو ال,مصور فكانت ثابتة علي حالها صامدة عيناها تحكي الكثير ووجهها بارد بلامبالاة غريبة تثير الدهشة و التعجب بالنفوس بدرجة كبيرة.. بينما عليِ قام بإدارة جهاز الحاسوب له.. أمعن بعيناه النظر بها ال,مزيد من الأسئلة تدار بعقله.. كيف لمُجر,,م أن يكون بهذا البرود و الهدوء بتعامله هكذا؟! ل,م تدافع عن نفسها لإثبات براءتها.. أخرج زفيراً مطولاً ثم قال بجدية بحتة:
– طبعاً ش,وفتي دليل تورطك ؟! بس مش دا الدليل الوحيد في كمان أدلة كتير تثبت ده..
تريث قليلاً و قام بإخراج عدة اوراق من ملف أسود ووضعها أمامها بهدوء لتخفض زرقاوتيها ناحية الأوراق لتقرأ بعيناه ال,مكتوب بها من تنازلات قصرية لبعض الضحايا لبيع اعضاءهم و آخرون بدون عل,مهم مستغلين حالته,م ال,مادية السيئة !! انهت قراءة ما خُطي بها من توقيع إسمها بخط عريض واضح..
أسبلت بعيناها ببرود بصمت كعادة بالرد و الإجابة.. أمسك عليِ الأوراق ووضعها داخل ملف أسود مرة أخري ؟! هتف علي مجدداً بنبرة قوية بعض الشئ:
– الأدلة ضدك و أكتر من دليل يثبت تورطك و إستغلالك لعجز الفقراء و ضعفهم مادياًّ و نـاس سرقتم أعضاءهم من غير عل,مهم.. و أنتي الوحيدة المُدانة في القضية دي أنصحك تعترفي مين هو البوص يا أرزان.
أعينها محدقة بالفراغ تسمع ثرثرته بصمت بارد.. التفتت برأسها نحو النافذة الزجاجية العازلة بين الغرفتين.. رأته يقف بجسده الفاره القوي ببروده و صلابة مدهشة و مثيرة للعجب!! تلاقت عيناهما معاً رأت نظرة مليئة بالغضب شي,طانية فاقدة للحياة تحتوي علي الكره و الحقد ال,مكنون لها..
عيناه فقدت بريق الح,ب و ل,معان لا يظهر لغيرها.. شظايا الح,ب تحولت إلي حمم بركانية تكاد تنفج,ر بأي وقت بزلزال قوي يهد,م ناطحات السحاب و جبال قا..سية.. ح,ب تحطم قب,ل أن يُشيد أساس الح,ب..
إستطاعت ببراعة أن ته بكل بجاحة و برود تد,ميره بلا أي شفقة و رحمة !!!
يطرح عقله آلاف الأسئلة كيف لقلبه أن يظل نابضاً بالعش,ق لخائنة د,مرت حياته بزلزال مشاعر كاذبة؟؟
دوامة من علامات الاستفهام تحوم في رأسه كإنسياق السحاب مع دوران الأرض؟! استطاعت إها,نته و هو واقف حر طليق يستمع لها…ل,م تكن مجرد إها,نة لح,به و ثقته بل كانت ات متتالية بقوة حد اللعنات..
كور قبضة يده حتي ابيضت مفاصله و صر علي أسنانه كاملة تكاد تتهشم من قوتها.. أمتدت يد ناعمة إلي كتفه تربت عليه بمكر أنثوي… فإتجهت نظرات أرزان نحو صاح,بتها وجدت سل,مي ترمقها بنظرات الانتصار و التشفي بينما آسر ل,م يحيد بعينيه عنها ظلت عيناه آسيرة لعيناها الزرقاء ال,متوهجة بغضب أخفته بل,مح البصر و عادت للبرود و الجمود مرة أخري.
أشاحت بوجهها للأمام نحو علي و قد نالت صد,مة فقدانه للأبد.. نظرت إلي علي بأعين ميتة قائلة بجمود و نبرة خالية من روح و حياة:
– طال,ما أثبتوا إني مجر,,مة و الأدلة معاكم يبقي أنا فعلا مجر,,مة.
قالت هذا و أسندت برأسها علي الطاولة أمامها تغمض عينيها بأل,م يتدفق كالشلالات بقلبها الأحمق لح,ب قا..سي مثله.
تنهد علي بقوة من استسلام مخزي كهذا و هب واقفاً من مكانه ثم التقط حاسوبه و ال,ملف الأسود معه و خرج من الغرفة فاستمعت لصوته يأمر العسك,ري بلهجة آمرة و حادة:
-رجع ال,مته,مة للحجز يا عسك,ري.
ل,م تلبث أن تمر دقيقة و شعرت بصوت أقدامه يتجه نحوها ثم أردف بحدة و صوت غليظ:
– يلا يا مسجونة ..
ظلت علي حالها و كأنها لا تسمع ما يقوله ليقبض علي ذراعها بقوة يجذبها لتقف أرزان و فتحت عيناها ثم تطلعت بزرقاوتيها نحوه بنظرة ل,م يستطع تفسيرها من غموضها..سارت خلف العسك,ري عائدة إلي زنزانة الوحدة و الأل,م.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كان يتابع التحقيق بأعين ثاقبة و متصلبة.. بعد عناء من صديقه لإقناعه بالحيود عن الجلوس و التحقيق معها وافق.. ليس هروب من ال,مواجهة بل يمنعه من التهور و خاصةً حالة الهياج العصبي التي يكبحها داخله بصعوبة.. لا يريده أن يثور بغضب و الجميع أعتاده بارداً صلباً قوياً لا ينهزم.
تابعها بعيناه حركاتها و جمودها و برودها.. منهزمة بدرجة بالغة أشبه بالخاسر في يعل,م نتيجتها قب,ل البداية .. ل,ما لا تدافع عن نفسها و تكذب ما رأته أعين الجميع؟! ل,ما هي صامتة و لا تصر,,خ بصراحةٍ … أنـا بررررريئة؟! أتخد,عهم من جديد بمظهر يثير الشفقة بأعينهم؟!… لا يلدغ ال,مؤمن من عقرب مرتين… و سيبقي حتي ال,ممات صلب قوي لا ينخد,ع بإمرأة.
سيحكم من أصفاد قلبه بقفل ألقي بمفاتحه في مياه البحر تتقاذفه الأمواج بعيداً فيضيع بينهما و تصعب مهمة البحث عنه!!
عند,ما ألتقت عيناه مع زرقاويتيها كاد أن يتوه ببحر عش,قها من جديد.. عادت حينها دقات قلبه تقر,ع كالطبول أكثر و أكثر.. ل,مح بها نظرة غضب عند,ما وضعت سل,مي يدها علي كتفه نير,ان الغيرة ل,معت بعيناها ثم اختفت من جديد وراء ستار البرود و الجمود..
أعترفت بما أكدته الأدلة ببرود صلب يق..سم أن صلابتها بهذا ال,موقف أقوي من صلابته هو طوال السنوات ال,ماضية..
يتذكر نظرة عيناها الأخيرة مليئة بالاستسلام و الغموض و الغضب و الحزن و اللوم و العتاب و الكره يق..سم رؤيته لح,ب بعيناها.. لا يستطيع تفسير هذه النظرة بالأخص؟! ستبقي عالقة بذهنه للأبد..
أفـاق علي صوت سل,مي تهتف بنبرة ناعمة و يدها تضغط برفق علي كتفه قائلة:
-آسر روحت فين أنـا بكل,مك من بدري..
ألتفت بوجهه نحوها يتطلع لها بعينان باردة ثم أنتقلت ليدها ال,موضوعة علي كتفه.. تسائل بجمود سافر:
-بتقولي حاجة يا سل,مي.
أومأت بإبتسامة علي ثغرها ال,مطلي بلون أحمر قاني مؤكدة و أجابت بهمس عاتب:
-أيوة بقولك التحقيق خلص و أنتَ لسه واقف مكانك عينك علي مكان ما مشيت منه.. لسه بتفكر فيها يا آسر بعد ما خد,عتك؟!.. للدرجة دي بتح,بها أوي لييه دي خاينة و كدابة آسر أنتَ بتح,ب مجر,,مة و مش أي مجر,,مة دي السبب في ضياع ناس كتير.. متوقفش عندها و بص حواليك هتلاقي اللي بتح,بك بجد.
عند هذه النقطة أزاح يدها من علي كتفه بقوة لا يقوي علي سماع ال,مزيد من ذبذبات العش,ق التي تلقي علي مسامعه.. رمقها بنظرة حادة و غاضبة قب,ل أن يستدير و يذهب دون رد عليها فتكفي نظراته الغاضبة و تركها و ذهب..
اشتعلت عيناها بغل و حقد إلي متي ستظل واقفة مكانها و لا تدافع عن ح,بها له.. أق..سمت بداخلها أن تنهي هذه ال,مهزلة لن يُصبح لغيرها مهما حدث.. كورت يدها بقوة فغرزت أظافرها بيدها تسحق بأسنانها البيضاء شفتيها السفلية بغضب و اعينها تقدح غل و شرار ثم همست بداخلها بوعيد و حقد:
-مش هتكون لغيري أبداً يا آسر…
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
خرجت من حجرة التحقيق بجسد آلي يسير كالآلة تفعل بها ما تشاء.. نتيجة مخزية وراء ما قالته أثبتت إدانتها للأبد!! قلبها يعتصر من الأل,م تحاول الصمود بقوة غريبة.. تصلبت قد,ميها عند,ما أبصرت عيناها علي والدتها مُني تقف بجوار خالد الصياد و زوجته عش,ق و عمها مازن و أخيها يوسف..إنزوي ما بين حاجبيها بتعجب ل,ما أتي يوسف الصغير و ليس عمار؟!.. لا يهم بالنسبة لها وجود والدتها الأهم..
تقد,مت بعد,م تصديق و ألتمعت عيناها بسعادة و فرح والدتها هنا تراها بعد أشهر من الفراق ستصدقها و تكذب الجميع ستكون هي الدر,ع الحامي لها.. نطقت بسعادة و فرح بهمس يذيب الجليد من حرارة ال,مشاعر و الاشتياق لوالداتها حتي وقفت أمامها:
– أُمـي !!!!!!
تعلقت مني عيناها بإبنتها ته,مس بإسمها بنداء يفطر القلب إلي أشلاء من قوة ضخه السعادة.. هذه بذرتها من أنتجته خلال اعوام عمرها.. أفسدت إبنتها من الدلال حتي صارت طامعة تسير وراء شهوة ال,مال و الحياة تق..سو بخطواتها علي الجميع فالأهم مصلحتها..
بنفس الوقت خرج آسر من الباب الآخر لغرفة التحقيقات فإتسعت عيناه بتعجب يتساءل داخله من هذه ال,مرأة التي لا يتجاوز عمرها الثلاثون عاماً تمسك بأيدي طفل صغير لا يتجاوز عمره العاشرة واقفة مع والديه و ذ,لك الرجل الذي خطي الشيب شعره و لا يزال يحتفظ بو,سامته.. عادت عيناه نحو الصغير يُمعن النظر لها عيناه الزرقاء و بشرته البيضاء و أنف مستقيم حاد و شفتان صغيرة بلون وردي غليظة.. خصلات شعره الكستنائية.. كان صامت و هو ينظر له وجهه البرئ يشبه وجهها.. كان يشبهها إلي حد كبير.. أتي بعقله هذا ال,مثل ال,مماثل ل,ما تراه عيناه البُنية.. فولة و أنق..سمت نصين.. رآها تتقد,م من والدتها بأعين تلتمع فرحاً و سعادة ثم همست بلهفة ع,ذبة “أُمـي” ..
صد,مة شلت أجزاء جسده كأنه تمثال هذه والدتها كيف لا يظهر عليها بوادر تقد,م العُمر إذاً الصغير هو أحد أخويها الاثنان أما هذا الرجل فيبدو أنه مازن عمها تذكره الآن عند,ما أتي إلي القصر معها..
وقف يشاهد ما يحدث بهدوء بينما مُني عند,ما رأت آسر وجدت به شبه كبير من والده خالد الصياد.. عل,مت من حديث الجميع أنه من ألقي القبض علي صغيرتها ال,مجر,,مة.. قارنت بين إبنتها و إبن خالد.. أنجبت بذرة فاسدة تحمل الخراب و