
دفعتها نحو الباب وفتحته، لتجد عبير نفسها تُدفع داخله دون أن تتمكن من استيعاب ما يجري. قبل أن تُدرك عدم وجود طليقها في الداخل، أُغلق الباب بالمفتاح خلفها، وصوت نجوان يتردد في أذنيها، كخنجر مسموم:
“مافيش خروج يا حلوة. انتِ وقعتي في المصيدة. أرضي الباشا عشان تاخدي نصيبك بدل ما تخسري شرفك ومالك… ليلة سعيدة يا قطة.”
صرخت عبير بقوة، مستغيثة بأخيها الذي ساقها إلى هذا المستنقع. لكن رجب لم يرد. كان قد اسرته نجوان في أحضانها، وهمست له بصوت مفعم بالمكر:
“اصبر، كلها دقايق وهتهدى وترضّي الزبون. وأنا كمان هرضّيك وهديك للكيف اللي بتدور عليه… وأدلّعك بليلة حمرا معايا.”
رجب وضع يديه على أذنيه، محاولًا حجب صـ,ـرخات أخته، التي كانت تُشقّ عنان الهواء، بينما الرجل الثري قبض على خصـ,ـرها، مستغلًا ذهولها وضعفها، وأخذ يُقـ,ـبّل رقبتها بعـ,ـنف، قائلاً:
“أخيرًا… أخيرًا يا قمر. أنا بموت عليك من أول ما شوفتك! حاولت كتير أكلمك، لكنك كنتِ بترفضيني. حتى بعد طـ,ـلاقك، فضلتِ تتهربي. بس خلاص… الليلة دي أنتِ ليا، ولو سمعتِ الكلام هخليكي عشيقتي على طول.”
صرخت عبير برجاء يائس، دموعها تنهمر، وكلماتها تتوسل إليه بشدة:
“أبوس إيدك، بلاش تلمسني. أنا هرجع لجوزي… حلمنا اتحقق خلاص. بلاش تكون السكـ,ــ,ـينة اللي تذبحني زي ما أخويا غدر بيا وقـ,ــ,ـتلني.”
لكن كلماتها زادت من جـ,ـموحه. نظر إليها بعينين اشتعلتا برغبة مختلطة بحقد دفين، حملها عنوة وألقاها على الفـ,ـراش. مزّق ثيابها بشراهة وقال، بنبرة يملؤها الإصرار والجنون:
“أوبس… إيه ده! طلعتِ مـ,ـزه! جـ,ـسمك طلع صـ,ـاروخ… وأنا اللي هدمره الليلة.”
حاولت عبير بكل قوتها الإفلات من قبضته، لكنها شعرت بجسدها يتراخى شيئًا فشيئًا مع سيطرة المخدر الذي وضعته لها نجوان. استسلمت لضعفها وغابت عن الوعي، متـ,ـمنية ألا تستيقظ أبدًا، حتى لا تضطر إلى مواجهة أخيها الذي باع شرفها بثمن بخس، ولا ذلك الرجل الحقير الذي دنس جسدها.
وفي الخارج، ما إن سكت صوتها حتى انفجرت نجوان بضحكة خبيثة وقالت لـرجب، الذي كان مستسلمًا بين أحـ,ـضانها:
“كده أقولك مبروك عليك… تعالَ ورايا، خد مزاجك وليلتك معايا زي ما وعدتك يا وحش.”
قادته إلى غرفتها وأعطته جرعة كبيرة من المخـ,ـدر. قَضَت معه ليلة ساخنة، تُرضي بها نفسها المريضة التي كانت تستمتع بتدنيس شرف فتاة بريئة.
استسلم رجب للكيف والرغبة، وغـ,ـفا منهكًا بعد ليلته معها. لكنه اسـ,ـتيقظ فجأة على صوت أحد رجال نجوان، يهمس لها بقلق:
“البنت شكلها بتموت… لما دخلنا عليها لقيناها بتنزف، والزبون هرب بعد ما خلص عليها وشوه جسمها.”
انتفض رجب كالمجنون ونهض من الفراش، يلبس ثيابه على عجل، ثم دفع الجميع جانبًا وركض نحو الغرفة التي تحتجز فيها أخته. ما إن فتح الباب حتى رأى عبير غارقة في بركة من دمائها.
أخذ يهزها بجنون ويصرخ:
“عبير… ردي عليّا! عبير… أنا عملت فيكِ كده إزاي؟ منها لله الأفعي… منها لله هي السبب!”
جذب الغطاء وغطى جسدها المنتهك، ثم حملها بنفسه وهرع بها إلى المستشفى، يلاحقه شعور مرير بالذنب والخزي.
في المستشفى، تصادف وجود أحد جيران عبير، الذي كان يعمل ممرضًا هناك، فاقترب منه بقلق وسأله:
“إيه اللي حصل لمدام عبير؟ مالها يا أستاذ رجب؟”
ابتلع رجب دموعه وهو يحاول التماسك قائلاً:
“مش عارف… وقعت من على السلم وهي بتمسحه، ولقيتها بتنزف. أرجوك ساعدني، وخليك معايا… متسبنيش.”
تم نقلها بسرعة إلى غرفة العمليات لإنقاذها. وبعد دقائق طويلة خرج الطبيب وقال بحزن:
“للأسف، المدام أجهضت الجنين. كانت في الأسبوع السادس من الحمل. هنعمل كل اللي نقدر عليه عشان نوقف النزيف، لكن هي في حالة خطيرة جدًا. الانتهاك اللي اتعرضت له أثر على الرحم، ومع الضغط العالي حالتها تدهورت.”
اخترقت كلمات الطبيب قلب رجب كالسكاكين، لكنه لم يكن الوحيد الذي شعر بذلك. في اللحظة ذاتها، كان حافظ، زوج عبير السابق، قد وصل إلى المستشفى بعد أن أبلغه جاره بما حدث. وقف خلف الطبيب، يسمع كلماته بألم وغضب.
صرخ بحرقة:
“عبير كانت حامل…يعني كده ضاع حلمنا اللي طلقـ,ـتها علشانه. أنا ندل وجبان… كانت مستحملاني طول عمرها، ولما ربنا رزقنا بالولد اللي كانت بتحلم بيه، أنا اللي كـ,ـسرت قلبها وسبتها. أنا ندل وجبان… عشان كده ربنا حرمني منه.”
جلس حافظ على الأرض وهو يبكي بحرقة، يدعو الله أن ينقذ عبير، التي كانت بين الحياة والموت، بسبب طمع وخيانة أقرب الناس لها.
نهض حافظ فجأة، دنا من رجب الذي كان يقف بذهول وصدمة، عاجزًا عن استيعاب الكارثة التي صنعها بيديه. أمسك به من كتفيه وهزه بقوة، وعيناه مليئتان بالدموع والندم، ثم قال له برجاء:
“سامحني يا رجب… أنا غلطت كتير، بس والله هصلح كل حاجة. ارجوك وافق أرجعها، اوعدك اني هعمل المستحيل عشان تعيش سعيدة وتسامحني.
باذن الله ربنا هيعوضنا بطفل تاني، بس أهم حاجة تعيش وتسامحني.”
قبل أن يكمل حديثه، خرج الطبيب من غرفة العمليات مكفهر الوجه وقال بصوت مثقل بالأسى:
“للأسف… النزيف مش راضي يوقف، وحالتها خطيرة جدًا. هنـ,ـضـ,ـطر نستأصل الرحم لإنقاذ حياتها. محتاج توقيع حد منكم على الإقرار.”
كانت الكلمات كالصاعقة على حافظ، الذي انهار وأمسك بيد الطبيب مستعطفًا:
“أرجوك يا دكتور، حاول مرة كمان… ما تشيلش الرحم، دي أمنية حياتها تكون أم! كده هتحرمها طول عمرها من الأمومة… وأنا السبب. أرجوك، حاول بأي طريقة… أنا مش هقدر أعيش بذنبها وذنب حرمانها من الأمومة.”
هز الطبيب رأسه بأسف عميق وقال بحزم:
“مفيش فرصة، يا أستاذ. الحالة حرجة جدًا، والنزيف لو ما توقفش حالًا، حياتها هتكون في خطر. بعد سقوط الجنين، الأولوية للحفاظ على حياتها. اتفضل امضي بسرعة، ما عندناش وقت.”
مد رجب يده إلى الإقرار بأيدٍ مرتجفة ووقعه دون أن ينظر إليه، ثم قال بصوت مختنق بالدموع:
“أنقذها يا دكتور… أما أنا، فذنبي كبير قوي، وعمري ما هسامح نفسي. أنا اللي كان المفروض أحميها، أصونها… لكن أنا اللي سلمتها للضياع. أرجوك لما تفوق، اطلب منها تسامحني. أنا ما استاهلش أكون أخ لها.”
تركهم وخرج يجري كالمجنون، عاجزًا عن مواجهة حقيقة ما فعله.