
لارا (بتردد): “جمال التهامي قال لي إنك كنت الشخص الوحيد اللي ضياء كان يثق فيه… وإنك كنت تعرفين كل شيء.”
أخذت سلمى نفسًا عميقًا، ثم نظرت إلى لارا نظرة مليئة بالندم والألم.
سلمى: “ضياء كان يتحرى عن شيء خطير جدًا، وكنت على علم بكل شيء. كان عنده دليل قاطع على فساد كبير في الصحيفة، ولكن…”
توقفت، كأنها غير قادرة على إكمال الجملة.
لارا (بإصرار): “ولكن ماذا؟”
سلمى (وهي تنظر إلى الأرض): “ولكنه لم يكن يعرف من يثق فيه. وكنت أنا جزءًا من هذا التورط… لكنني لم أكن أريد أن أراه يتورط أكثر.”
لارا (بدهشة): “إزاي يعني؟”
سلمى: “ضياء اكتشف أن هناك خيوطًا مرتبطة بأشخاص في الصحيفة… كانوا يتلاعبون بالمعلومات، ويغذون الفساد بأدلة مزورة. وبدلاً من نشر الحقيقة، كانوا يخفونها، وكلما اقترب من إظهارها، زاد الخطر عليه.”
شعرت لارا ببرودة في عظامها، وبدأت تدرك أن كل هذا لم يكن مجرد اختفاء أو حادث. بل كان لعبة أكبر من ذلك بكثير.
لارا (بحزم): “إذا كان عندك دليل، فأنتِ لازم توريه للناس. لا يمكن نخلي كل شيء يضيع.”
لكن سلمى هزّت رأسها بحزن.
سلمى: “أنا كنت لازم أخفي كل شيء. لأنه لو ما اختفى ضياء، كانت هتكون نهايتي أنا كمان.”
صمت طويل ساد المكان. كان الأمر واضحًا الآن، كان ضياء قد اختفى ليحمي سلمى، ولأنه اكتشف شيئًا أكبر من قدرته على التحكم فيه. وكانت هي، بكل ألمها، شاهدة على كل شيء، وحارسة السر.
لارا (بإصرار): “لازم تخرجي كل شيء. الحقائق لازم تطلع للنور.”
لكن سلمى لم تجب، بل نظرت إلى الباب وكأنها تتوقع شيئًا. وفي لحظة مفاجئة، وقع صوت غريب من الخارج… صوت خطوات ثقيلة.
لارا (قلقة): “إيه ده؟!”
سلمى (بلهجة مرعوبة): “جاءوا… جاوا علشان يخلصوا على كل شيء.”
كانت لحظة الخطر قد حانت، ولم يكن أمام لارا وسلمى سوى خيار واحد: الهروب.
الخطوات كانت تقترب بسرعة، وصوتها يملأ المكان وكأنها تتردد في الجدران نفسها. لارا نظرت إلى سلمى، التي كانت تجلس صامتة، عيونها مليئة بالخوف، وكأنها قد توقعت هذه اللحظة منذ سنوات.
لارا (بسرعة): “سلمى، لازم نخرج من هنا دلوقتي!”
لكن قبل أن تتحرك لارا، كان الباب قد انفجر فجأة عن فتحه، ودخل رجلان ضخام الجثة يرتديان ملابس داكنة. كان وجه أحدهم مغطى بوشاح، بينما الآخر كان يضع نظارات شمسية رغم الظلام.
الرجل الأول (بصوت منخفض وقاسي): “ماذا تفعلين هنا، سلمى؟”
سلمى (بترتجف): “أرجوكم، لا تقتربوا… أنا ما عنديش حاجة أقولها.”
لارا (بشجاعة): “ماذا تريدون منها؟ لماذا تهددونها؟”
نظر الرجل الأول إلى لارا ببرود، ثم تحرك ببطء نحوها، في حركة كانت تشي بالقوة التي يمتلكها.
الرجل الأول (بنظرة متفحصة): “وأنتِ؟ من تكونين؟”
لارا (بحزم): “أنا لارا، صحفية… كنت أبحث عن ضياء.”
الرجل الثاني (بتهكم): “ضياء؟ هل تعتقدين أنه سيعود؟”
سكتت لارا للحظة، ثم قالت بصوت محمّل بالغضب:
لارا: “أنا أعرف أنه اختفى بسببكم. وأنتما تعرفان الحقيقة، أليس كذلك؟”
ضحك الرجل الأول بصوت عميق وكأن السؤال كان تافهًا.
الرجل الأول: “نحن لا نتعامل مع المبتدئين مثلك. الحقيقة بالنسبة لكِ مجرد وهم.”
لكن لارا لم تستطع كبح مشاعرها. تذكرت الرسائل التي عثرت عليها، تذكرت ضياء، وتذكرت السر الذي كان يحاول كشفه.
لارا (بغضب): “أنتم السبب في كل هذا! أنتم من جعلتم ضياء يختفي، وأنتم من جعلتموه يموت!”
الرجل الأول (بتهديد): “أنتِ لا تعرفين حجم الأمور التي تتحدثين عنها.”
في تلك اللحظة، حاولت لارا التراجع لكن الرجل الثاني اقترب منها بسرعة، محاولًا الإمساك بها. لكن فجأة، سلمى وقفت وصرخت بصوت عالٍ.
سلمى (بغضب): “كفى! كل شيء على وشك الانكشاف، ولا أحد يستطيع إيقافه الآن!”
تجمّد الجميع للحظة، ثم نظر الرجل الأول إلى سلمى.
الرجل الأول (بصوت حاد): “أنتِ ما زلتِ تظنين أنكِ ستهربين من مصيرك؟”
لكن قبل أن يستطيع أحد الرد، ارتفع صوت محرك سيارة خارج الشقة. ثم دخل رجل ثالث إلى الغرفة، وكان يحمل حقيبة بيده.
الرجل الثالث (بصوت حازم): “كفى هراء! سلمى، كفاكِ خداعًا.”
بينما كان الرجل الثالث يدخل، كانت لارا تتفحصه بعيونٍ حادة. كان يرتدي سترة جلدية، وعيناه كانتا تحملان غموضًا قاتلًا.
لارا (بصوت هادئ): “من أنت؟”
الرجل الثالث (بابتسامة خفيفة): “أنا الشخص الذي يمكن أن يوقف هذه المهزلة.”
كان الجو مشحونًا بالتهديد، وكان الجميع ينتظر الخطوة التالية. لم تستطع لارا أن تفهم حقيقة هذا الرجل، لكن لحظة واحدة جعلتها تشعر بشيء مختلف.
الرجل الثالث (بإصرار): “الوقت ليس في صالحنا، وسأساعدكِ. لكن عليكِ أن تعرفي أن الضغوط التي واجهتها سلمى وضياء كانت جزءًا من شيء أكبر. هذا ليس مجرد فساد عادي.”
نظرت لارا إلى سلمى، التي بدت وكأنها فقدت الأمل، وعرفت في تلك اللحظة أن كل شيء كان أكثر تعقيدًا مما تخيلت.
لارا (بحذر): “ماذا يعني ذلك؟ وما الذي يحدث هنا بالضبط؟”
لكن الرجل الثالث لم يجب على الفور. بل التفت إلى الرجلين الآخرين وقال:
الرجل الثالث (بغضب): “أوقفوا هذا العبث! نحن هنا لإنهاء كل شيء.”
في تلك اللحظة، شعرت لارا أن كل شيء على وشك الانفجار. وأنه مهما كانت الحقيقة، فإنها قد تكون أخطر مما توقعت بكثير.
رسائل بلا عنوان
البارت الأخير
في تلك اللحظة، كان الجو مشحونًا بالكهرباء. وقفت لارا وسط الغرفة، تتنقل بنظراتها بين سلمى، الرجل الثالث، والرجلين الآخرين. كل كلمة جديدة كانت تفتح أمامها أبوابًا من الأسئلة، كل نظرة تكشف جزءًا من اللغز الذي لطالما حاولت فك شفرته.
الرجل الثالث (بإصرار): “سلمى، لا وقت للشرح الآن. نحن بحاجة للذهاب فورًا. الوضع أكبر من أن نتعامل معه بمفردنا.”
سلمى (بالتردد): “لكن ما الذي يعنيه كل هذا؟ لماذا لا يمكنني أن أعيش بسلام بعد كل هذا؟”
الرجل الثالث: “التحقيقات التي بدأها ضياء كانت مفتاحًا لشيء أكبر من مجرد فساد صحفي. هناك قوى تتحكم بكل شيء في الظل، أناس لا يتورعون عن قتـ,ـرل الأبرياء لإخفاء الحقيقة.”
لارا (بصوت منخفض): “هل تعني أن ضياء لم يكن مجرد صحفي؟ هل كان يشك في شيء أكبر من مجرد تحقيقات صحفية؟”
الرجل الثالث (بهدوء): “ضياء كان جزءًا من شبكة معقدة. كان يحقق في جرائم أكبر من مجرد فضيحة صحفية، كان يبحث عن تحركات غير قانونية تربط بين رجال السلطة وكبار رجال الأعمال في العالم. لكنه اكتشف أن أسرارهم قد تكون وراء شبكة دولية من الفساد الذي يمتد لعقود.”
لارا (بتوتر): “وماذا عننا الآن؟ هل ستخبرنا الحقيقة بالكامل؟”
الرجل الأول (بصوت قاسٍ): “الحقيقة قد تكون أسوأ مما تتصورين. ولكن حتى لو تمكنا من كشف بعض الخيوط، فإننا جميعًا نعيش في خطر.”
الرجل الثالث (بشدة): “كل ثانية تمر الآن تقربنا من النهاية. إذا لم نتحرك الآن، سيكون كل شيء قد ضاع.”
مع تلك الكلمات، تقدمت لارا نحو سلمى، وعينها مليئة بالعزم.
لارا: “أنا لن أترككِ الآن. مهما كانت العواقب، سأكمل الطريق معكِ.”
سلمى (بتنهد): “إذا قررتِ البقاء، فاعلمي أن الأمور لن تكون سهلة، وأن كل خطوة قد تكلفكِ حياتكِ.”
لكن لارا كانت قد قررت. لم يكن الوقت للعودة الآن. كانت تمشي في الطريق الذي اختارته بنفسها، الطريق الذي كانت تعلم أنه سيعيد لها جزءًا من الحقيقة، وإن كانت مؤلمة.
الرجل الثالث (بصوت منخفض): “الوقت ليس في صالحنا، هناك الكثير من المراقبة، والأعداء في كل مكان. ولكننا نملك فرصة واحدة فقط لنخرج جميعًا سالمين.”
في تلك اللحظة، جاء صوت أزيز سيارات الشرطة في الخارج، وتزامن مع انفجار الضوء من النوافذ. كانت اللحظة الحاسمة. لا وقت للتردد.
لارا: “إذن، كيف نبدأ؟”
الرجل الثالث (بحزم): “أولاً، نحن بحاجة إلى الوصول إلى الحقيبة التي يمتلكها ضياء. هي تحتوي على كل شيء. بعدها، سنخطط للهروب من المدينة.”
سلمى (بتنفس عميق): “أعتقد أن الوقت قد حان لمعرفة كل شيء، مهما كانت العواقب.”
كان كل شيء على وشك الانهيار. أما لارا، فقد وجدت نفسها الآن في قلب العاصفة، تقف مع سلمى والرجل الثالث، تنتظر تلك اللحظة التي ستغير كل شيء.
الرجل الأول (بغضب): “إن لم تسرعوا، سيكون فات الأوان.”
لكن لارا كانت متأكدة من شيء واحد، وهو أن الحقيقة لا بد أن تظهر في النهاية، مهما كانت التضحيات.
بينما تحركوا بسرعة نحو المكان الذي كانت الحقيبة المخفية فيه، كانت كل خطوة تقربهم من كشف أسرار مدفونة منذ زمن بعيد. كانت لارا تشعر بثقل المسؤولية، وعينها على المستقبل الذي يخبئ لها مصيرًا غامضًا، لكن الأمل كان في قلبها، فالحقيقة كانت أقوى من أي خطر.
وفي اللحظة الأخيرة، عندما اقتربوا من الهدف، شعروا جميعًا أن العالم من حولهم على وشك الانفجار. كانت تلك هي النهاية، ولكنها أيضًا بداية لرحلة جديدة، رحلة كشف حقيقة مرعبة قد تعيد تشكيل كل ما كانوا يعتقدون أنه حقيقي.