روايات

رواية شتات الأرواح الفصل الاول والثاني والثالث وقبل الأخير بقلم سليمان النابلسي حصريه وجديده 

رواية شتات الأرواح الفصل الاول والثاني والثالث وقبل الأخير بقلم سليمان النابلسي حصريه وجديده 

مريم (بصوت منخفض، موجهًا إلى عمر): “أنت متأكد من هذا الطريق؟ أظن أنه لا يوجد أي دليل يشير إلى أننا على الطريق الصحيح.”

عمر (بتنهدة، وهو يراقب الأرض تحت قدميه): “أنا لا أريد أن أضيع وقتنا، مريم. الطريق يبدو طويلًا، لكن لا يوجد خيار آخر. إذا كان هذا هو الطريق الذي يقودنا إلى الأمان، فعلينا أن نثق فيه.”

رغم كلمات عمر المطمئنة، كانت مريم لا تزال تشعر بشيء غريب. كانت تعلم أن هناك أكثر مما يظهر. ربما كان يعرف أكثر مما كان يقول. ربما كان يحمل أسرارًا لا يريد أن يشاركها معها. لكنها لم ترد أن تسأل. كانوا في مرحلة لم يكن بإمكانهم فيها التراجع.

بينما كانوا يمشون عبر تلك الأرض المهجورة، بدأت الأمطار تتساقط بشدة أكثر. كان الصوت الذي يصدره المطر على الصخور وكأنها كانت تهز الأرض نفسها، والماء كان يتسلل إلى أحذيتهم، يحول الأرض إلى مستنقع موحل.

زين كان يسير إلى جانبهم، لم يظهر عليه أي قلق، لكن ملامحه كانت غامضة كما هي عادته. كان يمر بكل تلك المخاطر وكأنها مجرد تفاصيل عابرة. ورغم انشغاله بالمشي، كانت نظراته تحوم حولهم، متيقظًا لكل شيء، كأنه يبحث عن شيء ما في الظلام.

زين (بصوت هادئ، لكنه يحمل معاني عميقة): “الرحلة طويلة، لكننا سنصل إلى هناك في النهاية. أشياء كثيرة كانت على وشك أن تنكشف. ولربما هناك ما لا نعرفه بعد.”

سكت الجميع، لم يعرفوا إذا كان يقصد بهذا حديثه عن مكانهم الجديد أو عن شيء أكبر من ذلك. لكن شعورهم بالضياع كان يزداد مع مرور الوقت. لم يكن لديهم فكرة عن أين هم. فقط كانوا يسيرون خلف الأمل، أمل الوصول إلى مكان آمن.

في تلك اللحظة، ابتعدت مريم عن المجموعة قليلاً، وجلست على صخرة كبيرة قرب الطريق. كانت بحاجة للتنفس. شعرت وكأنها محاصرة بين الماضي الذي لا تستطيع الهروب منه وبين المستقبل الذي يخبئ الكثير من المجهول. تذكرت الأيام التي كانت تشعر فيها بأنها مجرد فتاة بسيطة تبحث عن السلام، لكنها اليوم كانت في صراع مع نفسها ومع الآخرين.

اقترب منها عمر، وجلس بجانبها على الصخرة الكبيرة. لم يتحدث مباشرة، لكنه كان يشعر بما كانت تشعر به. كانت لحظة صمت ثقيلة، وعيناهما يلتقيان للحظة، لكنها لم تدم طويلاً.

عمر (بصوت ناعم، وهو ينظر إلى السماء المظلمة): “كل هذا بدأ بسببنا. نحن من اخترنا المضي قدمًا. أتعلمين؟ حتى الآن، لم أكن أعتقد أن الحياة يمكن أن تتغير بهذا الشكل. كأننا في لعبة، ولا نعرف من يتحكم بها.”

مريم (بحزن في صوتها): “نحن لا نلعب، عمر. نحن نعيش. حياتنا ليست لعبة. ربما نكون قد اختبرناها من قبل، لكننا اليوم نواجه شيئًا مختلفًا. لا أستطيع أن أستمر هكذا، لا أستطيع أن أكون مجرد جزء من لعبة غامضة.”

عمر (بعيون قاسية لكنه محبط): “وأنا أيضًا… ولكن ماذا لو كان الخيار الوحيد هو المضي قدمًا؟ نحن هنا بسبب الناس الذين تركونا، لأننا لم نستطع أن نكون شيئًا آخر.”

مريم (بتنهيدة عميقة): “لكن ماذا بعد؟ هل سيظل هذا هو الخيار الوحيد؟”

كان الصمت يحيط بهما مرة أخرى، لكن هذه المرة كان أكثر ثقلًا. لا كلمات، فقط أفكار تتصارع في ذهن مريم. كانت تريد شيئًا مختلفًا. كانت تحتاج إلى شعور بالأمان، بشيء مستقر وسط هذا التيار العاتي.

بينما كان الوقت يمضي، استطاع الجميع ملاحظة وجود شيء غير طبيعي في الجو. كان هناك شعور بالترقب، وكأن الجميع على وشك مواجهة شيء غير متوقع. كانت الأنفاس أكثر تسارعًا، وكأنهم كانوا في سباق مع الزمن.

فجأة، ارتفعت أصوات في الظلام. كانت أصوات خطوات ثقيلة تقترب بسرعة. أحس الجميع بتغير في الجو. كانوا على وشك أن يواجهوا ما كانوا يخشونه طوال الوقت.

زين (بصرامة، وهو يشير إلى الجميع للتحرك بسرعة): “هناك شيء قادم. عليكم أن تسرعوا.”

بدأ الجميع بالركض، لكن المدى الذي كان يفصلهم عن المجهول كان أكثر من أي وقت مضى. كانوا في وضع لا يسمح لهم بالتوقف.

مريم (بلهفة): “ماذا يحدث؟ من هؤلاء؟”

زين (وهو يركض بسرعة): “ليس لدينا وقت لنتوقف. يمكننا فقط الهروب.”

ولكن في اللحظة التي حاولوا فيها الهروب، كان الأفق قد امتلأ بأضواء ساطعة. كانت السيارات السوداء تقترب بسرعة. كان الأضواء تضيء السماء، وكأنها تخترق الظلام لتكشف لهم عن ما كانوا يهربون منه.

عمر (بصوت حاد، وهو يتحرك بسرعة): “الآن نواجههم. لا مكان للاختباء.”

نزلت السيارة الأولى بشكل مفاجئ أمامهم، وفتح بابها. كانت هناك شخصية غامضة تخرج منها، يواجههم بنظرة قوية مليئة بالتحدي.

الشخص الغامض (بصوت جاف): “لم أظن أنكم ستصلون إلى هنا… ولكن يبدو أنكم لن تجدوا مفرًا.”

القتامة التي كانت تغلف هذا الشخص جعلت الجميع يتوترون، وكان كل شيء يبدو أكثر صعوبة مما كانوا يتخيلون.

زين (مبتهجًا، رغم الموقف الصعب): “أعتقد أننا وصلنا إلى نهاية اللعبة.”

كانوا في لحظة حاسمة. ولكن لا أحد كان يعلم ما الذي سيحدث في النهاية.

شتات الأرواح

البارت قبل الأخير

كان الليل قد بلغ ذروته. العاصفة التي بدأت في الصباح الباكر لم تضعف بل ازداد شراستها، ومعها ازدادت الشكوك في نفوس الجميع. كانت الرياح تعصف بالأشجـ,ـار من حولهم، وتصطـ,ـدم بالمباني المهجورة التي كانوا يختبئون فيها، وكأن السماء نفسها تُحاربهم. لكنهم كانوا في قلب المعركة الآن، وكان عليهم أن يواجهوا الحقيقة التي كانوا يهـ,ـربون منها منذ البداية.

مريم لم تستطع النوم، كانت عيناها تتأملان الظلام الذي يلف كل شيء حولهم. كانت مستعدة لمواجهة ما سيأتي، رغم كل شيء. في داخلها، كان هناك شعور غريب بأنها على وشك أن تكشف سرًا كبيرًا. شيء يخصها، يخصهم جميعًا، شيء سيغير مجرى الأحداث.

زين كان مستلقيًا على السرير في الزاوية، يتأمل السقف وكأنما يختبئ من أفكار لا يريد أن يواجهها. كانت عينيه مليئة بالقلق، لكن لا أحد كان يلاحظ ذلك. حتى عندما يتحدث، يبدو وكأنه يخبئ شيئًا عنهم. لكنه لم يكن وحده في هذا السر، كانت هناك أشياء كثيرة تخبئها العيون من حولهم.

انت في الصفحة 3 من 4 صفحات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
0

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل