روايات

رواية أوراق الياسمين البارت الخامس بقلم يحيى الحريري حصريه وجديده 

رواية أوراق الياسمين البارت الخامس بقلم يحيى الحريري حصريه وجديده 

شعرت بارتباك غير مسبوق، كلمات يزن كانت صاعقة ومؤلمة. لكن في عمق قلبها، كانت تعرف أنها في اللحظة الحاسمة. كانت على أعتاب قرار سيتغير به كل شيء.

كان الجو في المكتبة مشحونًا أكثر من أي وقت مضى. الضجيج من الخارج، الذي كان يحمل صدى السيارات وعربات الشرطة، يملأ أذن حلا، لكنها كانت صامتة تمامًا. قلبها كان ينبض بشدة، وعيونها لم تفارق يزن للحظة.

كانت تتساءل داخلها: هل كان كل ما حدث مجرد خدعة؟ هل كانت قطعة في لعبة معقدة، أم كانت بالفعل جزءًا من خطة سرية لا نعرف نحن شيئًا عنها؟

تقدمت نحوه بثبات، رغم أن كل خطوة كانت تشعرها وكأنها تقترب من الهاوية.

— “ماذا تقصد بما قلته، يزن؟ ما هي الصورة الأكبر؟”

تأملها يزن برهة، وكأنّه يحاول أن يقيّم ما إذا كانت قادرة على فهم ما يجري. ثم قال بصوت منخفض:
— “الصورة أكبر بكثير مما تعتقدين. كنتِ في مركز هذه اللعبة منذ البداية، لكنك لم تدركي ذلك إلا الآن.”

أخذ نفسًا عميقًا، ثم تابع:
— “لقد كنتِ جزءًا من الخطة التي بدأت منذ سنوات، حلا. المكتبة، الأوراق، وحتى تلك العقود… كانت مجرد بداية. الهدف الحقيقي أكبر، والأهم، وهو أنكم، أنتم الثلاثة، كنتم جزءًا من حلقة سرية.”

تراجعت قليلاً، لم تستطع استيعاب ما كان يقوله.
— “أنتم؟ ثلاثتنا؟ سمير وأنا وأنت؟”

أومأ برأسه ببطء، ثم قال:
— “نعم. لكن لا تنسي شيئًا، حلا. سمير ليس مجرد صديق لكِ. هو جزء من كل هذا أيضًا. لديه دور مهم في الخطة.”

كانت حلا تشعر وكأنها تهوي في دوامة عميقة، كلمات يزن تقلب كل شيء رأسًا على عقب.

في تلك اللحظة، دخل سمير إلى المكتبة، وكان يبدو عليه الانزعاج الشديد. كانت عيناه تلمعان وكأنهما تحملان سرًا ثقيلًا.

— “حلا، أنتِ في خطر.”

صرخت في وجهه:
— “أخبرني الآن، سمير، هل كنت جزءًا من كل هذا؟ هل كنت تخدعني طوال الوقت؟”

توقف لحظة، ثم نظر إلى يزن، ثم عاد بنظره إليها.
— “حلا، يجب أن نفهم حقيقة واحدة: لا أحد في هذا المكان كان بريئًا. الجميع كان يعرف دورهم في هذه اللعبة. لكن الآن، هناك شيء أكبر يجب أن نركز عليه.”

— “وأين الحقيقة، سمير؟” قالت بصوت مرتجف.

أجاب بحزن:
— “الحقيقة أن هناك قوى أكبر تتحكم في هذا كله، وأنتِ كنتِ مجرد جزء من هذه المعركة الكبرى. المشكلة الآن أنكِ لا تدركين إلى أين سيأخذكِ كل هذا.”

كانت الكلمات مثل الطلقات النارية في قلبها. تفجرت في رأسها تساؤلات لم تجد لها إجابة، وكأنها ضاعت في متاهة من الأكاذيب والمكر.

— “ماذا يعني هذا؟” همست.

قال يزن بصوت هادئ لكن قاطع:
— “تعني أن الألغاز ستتكشف، لكن لا يمكن لأحد أن يوقفنا الآن.”

دق قلبها بشدة، وعينيها تتنقل بين يزن وسمير. كانت في لحظة فاصلة بين اليقين والتشويش، وبين ما كان يجب أن تفعله وما فرض عليها فعله.

فجأة، رن هاتفها مجددًا، وكانت المرة هذه من شخص مجهول.

رفعت السماعة بسرعة، وسمعت صوتًا مشوشًا:
— “حلا، إذا كنتِ تودين النجاة، يجب أن تذهبي الآن. هناك شخص آخر على الطريق، شخص يخطط لاختطافك.”

صرخت في وجه الهاتف:
— “من أنت؟!”

لكن الخط انقطع فجأة، وكأن الصوت قد اختفى.

كان الموقف يتسارع بشكل غير متوقع. الألغاز تتشابك، والحقيقة تتخفى وراء سحب كثيفة من الأسرار.

حلا كانت على وشك اتخاذ قرار حاسم، ولكنها علمت في أعماقها أن الخطوات القادمة ستكون الأصعب.
كانت تقترب من الهاوية، والمفترق الذي أمامها يفرض عليها الاختيار بين أن تصبح جزءًا من اللعبة أو أن تتحدى كل شيء وتنقلب الموازين.

الخاتمه

الضوء في المكتبة أصبح باهتًا، بينما حلا كانت تقف أمام الهاوية التي انتظرتها طوال أحداث الرواية. أعينها تلمع وكأنها تحمل في جفنيها تفاصيل الأحداث التي مرت بها، وسؤال واحد فقط كان يسيطر على تفكيرها: هل ستظل في الظل أم ستواجه الحقيقة؟

بينما كانت تنظر إلى يزن و سمير، تساءلت إن كانت ستسمح لخيبات الأمل والخيانات أن تقود حياتها، أم أنها ستكتشف الحقيقة مهما كانت مؤلمة. قلبها كان مليئًا بالحيرة، لكن بداخلها كان يوجد شيء أقوى من أي مشاعر أخرى: إرادة الانتقام.

— “هل تعرفين، حلا؟” قال يزن بصوت هادئ لكنه مخيف. “الشيء الوحيد الذي لا يمكن لأحد تحمله هو الخيانة، لكن الحقيقة لا بد أن تظهر، وكل شيء كان مخططًا له.”

نظر إليها بحذر، وعيناه تحملان سرًا قديمًا، ثم أضاف:
— “أنتِ الآن في النقطة التي إما أن تكونين جزءًا من النهاية أو البداية.”

حلا أمسكت بيدها قلمًا كان موضوعًا على المكتب، وبسطت يدها أمامه وكأنها تستعد لكتابة نهايتها. ولكن كان هناك شعور آخر يجتاح قلبها، شعور بأن هذه اللحظة هي ما ستحسم مصير الجميع.

أدارت رأسها بسرعة نحو سمير الذي كان يقف ساكنًا خلفها، مبتسمًا بابتسامة غريبة.
— “سمير… أخبرني، هل كنتَ تعرف كل هذا؟ هل كنتَ جزءًا من هذه المؤامرة؟”

ابتسم سمير وهو يقترب منها، ثم قال:
— “كنت جزءًا من كل شيء، حلا. ولكن الآن… أنتِ من يجب أن تختار.”

في تلك اللحظة، شعرت حلا بأن كل شيء قد تراكم على قلبها، كانت تُحارب مشاعرها وعقلها في وقت واحد. كانت تعرف أن الخيار الذي ستتخذه الآن سيكون بمثابة السلاح الذي سيغير كل شيء.

فجأة، رن الهاتف مرة أخرى، وكانت هذه المرة مفاجأة. صوت مألوف ولكن مشوَّش، كان الصوت نفسه الذي تحدث معها في المكالمة السابقة.

— “حلا، لا تلتفتي وراءك. يجب أن تذهبي الآن. أقسم لك، هذا سيكون آخر تحذير.”

قلبها بدأ ينبض بسرعة أكبر، وكانت تتساءل عن من يقف وراء هذه المكالمات، لكن المجهول كان قد ألقى بكل ثقله على قرارها.

— “أنا لست خائفة بعد الآن، سأواجه الحقيقة مهما كانت.” قالت حلا بصوت عالٍ، وهي تواجه يزن و سمير.

ثم التفتت بسرعة وسارعت نحو الباب، لكن قبل أن تخرج، توقفت وأخذت نفسًا عميقًا.

— “إن كان هذا هو مصيرنا، فليكن. سأكتب نهاية هذه القصة بنفسي.”

أغلقت الباب خلفها بعزم لا يقاوم. كان الطريق أمامها مجهولًا، لكنها الآن تعرف ما يجب أن تفعله. الاختيارات لا تتوقف عند نقطة معينة، ولكن كل قرار يجعلنا نقترب أكثر من الحقيقة.

ركضت عبر الممرات، شعور الأدرينالين يتدفق في جسدها، ورأسها مليء بالأسئلة والأجوبة التي قد تظهر أمامها في لحظة واحدة.

انت في الصفحة 3 من 4 صفحات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
0

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل