روايات

رواية أوراق الياسمين البارت الخامس بقلم يحيى الحريري حصريه وجديده 

رواية أوراق الياسمين البارت الخامس بقلم يحيى الحريري حصريه وجديده 

كان سؤالًا بسيطًا، لكنه كان يحمل تحدّيًا خفيًا. لم يكن يطلب إجابة عادية، بل كان يريد منها أن تثبت له شيئًا أكبر من مجرد أفكار على ورق.

لكنها لم تكن مستعدة لأن تدعه يوقع بها بهذه السهولة.

ابتسمت بثقة، ثم قالت وهي تتقدم نحوه بخطوات بطيئة:
— “لأنني أعرف الجمهور الذي نستهدفه أكثر منك.”

ارتفع حاجباه قليلًا، وكأنها نجحت في إثارته مجددًا.

— “أنتِ واثقة جدًا من نفسك.”

— “وهذا ما يجعلك تبقي عينيك عليّ طوال الوقت، أليس كذلك؟”

ساد الصمت للحظة، ثم ارتفع همس خفيف بين الحاضرين، بينما كانت حلا تنظر إليه بتحدٍّ واضح.

أما يزن… فقد ابتسم. ابتسامة لم يكن من السهل فهمها، لكنها كانت تحمل معنى واحدًا فقط:

اللعبة أصبحت أكثر إثارة.

ساد صمت مشحون في القاعة بعد رد حلا الجريء، بينما نظر المستثمرون بين بعضهم البعض وكأنهم يدركون أن هذه المعركة ليست مجرد نقاش مهني، بل حرب خفية بين اثنين يرفضان الخضوع.

أما يزن، فقد ظل ينظر إليها، عيناه تحملان مزيجًا من التحدي والدهشة، قبل أن ينحني إلى الخلف على كرسيه ويصفق ببطء.

— “إجابة ذكية… لكن الذكاء وحده لا يكفي في عالم الأعمال.”

رفعت حاجبًا ساخرًا.
— “وهل تعتقد أنني لا أعرف ذلك؟”

ضحك بخفة، ثم التفت إلى المستثمرين قائلاً بنبرة هادئة لكن قاطعة:
— “إذاً، أيها السادة، يبدو أن لدينا مشروعًا واعدًا… فلنبدأ التنفيذ.”

نظر الجميع نحو بعضهم البعض، ثم بدأ التصفيق، وبدأ الاجتماع يُختتم، لكن حلا لم تتحرك. كانت لا تزال تشعر أن هناك شيئًا آخر يخطط له يزن.

وحين همّ الجميع بالمغادرة، وقف يزن واقترب منها ببطء، وكأنه يتعمد أن يتركهم يغادرون أولاً حتى يكون له حديث خاص معها.

— “أنتِ تعرفين أنني لا أترك الأمور للصدفة، أليس كذلك؟”

نظرت إليه بثبات، نبرتها باردة:
— “وأنت تعرف أنني لا أخوض معركة دون أن أكون مستعدة لها.”

ابتسم بخفة، ثم قال بصوت خافت:
— “لكن هذه المعركة… قواعدها ليست كما تتخيلين.”

كادت تسأله عمّا يقصده، لكن قبل أن تنطق، رن هاتفها فجأة.

نظرت إلى الشاشة، فرأت اسم سمير، صديقها وشريكها السابق في المكتبة. قلبها انقبض، شعرت أن هناك شيئًا ما لا يسير كما ينبغي.

ضغطت زر الإجابة بسرعة:
— “سمير؟ ماذا هناك؟”

— “حلا… هناك مشكلة.”

شعرت بقلبها يتوقف للحظة، نظرت سريعًا نحو يزن الذي كان يراقبها بتمعن، وكأنه يعرف تمامًا ما يجري.

— “ما الذي حدث؟”

— “المكتبة… دخلها مجهولون الليلة الماضية، قلبوا كل شيء رأسًا على عقب، والملفات القديمة… اختفت.”

شهقت، شعرت بجسدها يبرد.

— “ماذا تعني باختفت؟!”

— “كل العقود، الأوراق الرسمية، حتى بعض المستندات القديمة التي كنا نحتفظ بها في الخزانة الخلفية… كلها غير موجودة.”

تصلبت في مكانها، عقلها يعمل بسرعة جنونية، ثم رفعت عينيها ببطء نحو يزن، الذي لم يبدُ عليه أي أثر للدهشة.

بل على العكس… بدا وكأنه كان يتوقع حدوث ذلك تمامًا.

— “يزن…” همست، صوتها يحمل مزيجًا من الصدمة والاتهام.

ابتسم ابتسامة جانبية، ثم قال بهدوء:
— “ألم أقل لكِ أن القواعد مختلفة في هذه اللعبة؟”

شعرت بالغضب يتفجر داخلها، لكنها في الوقت نفسه، أدركت شيئًا واحدًا مؤكدًا…

هذه ليست مجرد حرب على مكتبة. هذه حرب على شيء أعمق بكثير… وربما كانت هي الهدف الحقيقي منذ البداية.

يتبع ..أوراق الياسمين

البارت السادس

كانت حلا تمشي بخطى سريعة في الممر الضيق المؤدي إلى مكتبها، وعقلها مشغول بكل ما حدث. كانت تتخيل أن الأمور كانت تسير بطريقة أكثر وضوحًا، لكنها الآن ترى أن كل خطوة قد أخذتها كانت مجرد جزء من خطة أكبر، خطة محكمة كانت تجهل تفاصيلها حتى لحظتها هذه.

أما يزن، فقد اختفى عن الأنظار بعد المكالمة، وتركت وراءه شعورًا غامضًا بالكذب والخداع. وكأنها كانت جزءًا من لعبة خطيرة أدارها بحرفية عالية.

عندما دخلت مكتبها، كانت تجده مظلماً، إلا من ضوء شاشة الكمبيوتر الذي كان يظهر أوراق مكتبتها التي تم العبث بها. ورغم كل ما حدث، لم تستطع التخلص من شعور بالتهديد المستمر الذي يلاحقها.

جلست خلف مكتبها، وفتحت الكمبيوتر، عينيها تبحثان عن أي أثر قد يقودها للحقيقة، لكن ما فاجأها هو رسالة غريبة وصلت على بريدها الإلكتروني، وكانت موقعة باسم مجهول.

“نعم، حلا، أنت في قلب المعركة، ولكن القواعد لن تكون كما تعتقدين. إذا أردتِ النجاة، عليكِ أن تعرفي كيف تحترقين قبل أن تقتربي من النهاية. هذا تحذيرك الأخير.”

قرأت الرسالة مرارًا، وكانت كلماتها أكثر من مجرد تهديد. كانت دعوة للموافقة على لعبة الموت، لعبة تتطلب التضحية بكل شيء.

ارتعشت قليلاً، ولكنها أعادت الثقة إلى نفسها. لن تسمح لهذا المجهول أن يحكم مصيرها.

•••

في تلك اللحظة، رن هاتفها مرة أخرى. كانت هذه المرة من سمير، لكن نبرته هذه المرة كانت مختلفة تمامًا.

— “حلا… يجب أن تسرعي، لقد وصلت الشرطة. يبدو أن القضية أكبر مما كنا نتوقع.”

— “ماذا؟!”

— “المكتبة، الأوراق… هناك شخص آخر وراء كل هذا. ونحن على وشك أن نكتشف من هو.”

ارتجفت يديها، ولكنها أجابت بسرعة:
— “أين؟ سأكون هناك خلال دقائق.”

وضعت الهاتف في حقيبتها، وركضت للخروج من المكتب، بينما كان رأسها يدور بكل الاحتمالات التي كانت تخيم في ذهنها.

•••

وصلت إلى المكتبة، وكان المكان غارقًا في ضوء أضواء الشرطة والأبواق المزعجة التي كانت تعلو في الخارج. كان الجو مشحونًا بالقلق.

في الداخل، كان يزن يقف بهدوء، وعيناه تراقبان المشهد بتسلط، وكأن كل ما يحدث هو جزء من الخطة التي رتبها مسبقًا.

— “يزن!” قالت بصوت منخفض، وقد امتلأ قلبها بالشك.

رفع عينيه إليها بهدوء، ثم أشار لها أن تقترب.

— “يبدو أن الأمور قد وصلت إلى ذروتها، أليس كذلك؟” قال بنبرة هادئة.

— “أنت وراء هذا، أليس كذلك؟” كانت كلماتها حادة، مصحوبة بشعورٍ بالخذلان.

أجاب بهدوء:
— “أنا فقط… جزء من الصورة الأكبر، حلا.”

— “وأنا؟ ما دوري في هذه اللعبة؟ هل كنتِ مجرد قطعة شطرنج بالنسبة لك؟”

ابتسم ببطء، ثم همس:
— “بالضبط. لكنكِ الآن في قلب المعركة. وعليكِ أن تقرري ما إذا كنتِ ستستسلمين للأمر الواقع، أو ستكونين القوة التي تقلب كل شيء رأسًا على عقب.”

•••

انت في الصفحة 2 من 4 صفحات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
0

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل