روايات

رواية سوء تفاهم الفصل الاول حتى الفصل التاسع بقلم الكاتبه بتول عبد الرحمن حصريه وجديده 

رواية سوء تفاهم الفصل الاول حتى الفصل التاسع بقلم الكاتبه بتول عبد الرحمن حصريه وجديده 

في اللحظة دي، مراد دخل، ملامحه كان عليها أثر توتر، لكنه كان بيحاول يبان هادي وهو بيقول بجدية “محدش بقى معاه الصور دي خلاص، اتطمن يا جدي.”
الجد لفّله، عيونه كانت مليانة تفكير عميق قبل ما يرد بصوت تقيل “وهنمحي الصور من ذاكرتهم إزاي؟!”
مراد بصّ لجدّه بثبات وقال بصوت هادي لكنه قاطع “مش مهم تتمحي من ذاكرتهم… هينسوا مع الوقت.”
جدّه ردّ عليه بحدة، غضبه كان واضح في كل حركة من حركاته “بعد إيه؟! هينسوا بعد إيه؟!”
مراد زفر بضيق وقال ببرود “وده يهم في إيه؟!”
صوت الجد كان قاطع وحاسم وهو بيرد
“يهم طبعًا… دي فضيحة!”
مراد خطا خطوة لقدام، وقف قدام جده مباشرة، ملامحه كانت جدية وصوته ثابت وهو بيقول “وانت ناوي على إيه يا جدي؟! إيه اللي في دماغك؟!”
الجد بصله بجمود وقال بدون تردد “لو انت هتتجوزها يبقى الدخلة بلدي.”
صدمة ضربت ليلى بكل قوة، حسّت إن الدنيا سحبت الأرض من تحت رجليها، عينها وسعت بذهول، ولسانها اتربط من الصدمة، قبل ما باباها يقدر يردّ، كان صوت مراد سبق الكل وهو بيقول بحسم وغضب واضح “على جثتي! مستحيل حاجة زي دي تحصل!”
الجد زمّ شفتيه بغضب وقال بحدة “وهنلمّ الفضيحة دي إزاي؟!”
مراد رفع حاجبه باستهزاء، صوته كان فيه تحدي وهو بيرد “إن شاء الله عنها ما اتلمّت! هو أنا اللي هتجوز ولا الناس؟!”
الجد سكت لحظة، كان بيفكر بعمق، عيونه كانت بتلمع بالغضب والتردد قبل ما يقول بجدية “خلاص… مش هتبقى بلدي، بس لازم نسكتهم، وإلا لازم تتجوز سامر!”
مجرد ذكر اسم سامر خلى مراد يتوتر، عيونه اشتعلت غضب وهو بيقول بصوت واطي لكنه حاسم “جهزوا نفسكم… كتب الكتاب في معاده عادي، وأي طريقة تانية غير الدخلة البلدي أو فيها اهانه لليلى، أنا موافق… علشان نسكت الناس زي ما حضرتك بتقول!”
قال كلمته الأخيرة، وبدون أي نظرة زيادة، لفّ ومشي، سايب وراه قنبلة موقوتة…
بمجرد ما مراد خرج، ليلى انسحبت بهدوء على أوضتها، عقلها مشوش ودموعها محبوسة في عينيها، مش قادرة تستوعب اللي بيحصل، الدنيا كلها بقت فوضى حواليها، والكل بدأ فعلاً في تحضيرات كتب الكتاب، ماعدا واحدة بس كانت واقفة بتغلي من جوه… رحمة

كانت قاعده مع امها، والغضب باين على وشهم، ماكنتش مصدقة إن خطتها فشلت، وإن ليلى لسة واقفة على رجليها.
رحمة عضت شفايفها بغيظ وقالت لأمها وهي بتتمتم بحدة “شايفة؟ خطتك مجابتش نتيجة!”
أمها زفرت بضيق وهزت راسها، نبرتها كانت مليانة استياء وهي بتقول
“سامر اللي غبي! البنت كانت قدامه، حد قاله يبقى جبان ويمشي!”
رحمة رفعت حاجبها بسخرية وقالت
“والله لو شوفته مش هسيبه! ده حظها إيه ده؟! كل ما أفكر إنها هتقع، ألاقيها نجت!”
عضت على أسنانها وعيونها كانت بتلمع بنار الانتقام، هي ما بتخسرش، ومستحيل تسيبها تفلت منها بسهولة…

ليلى كانت قاعدة في أوضتها، عقلها مشوش ودموعها بتنزل بهدوء، مش قادرة تستوعب اللي بيحصل حواليها، فجأة الباب خبط بلطف قبل ما يتفتح وتدخل أم مراد بابتسامة ودودة
ليلى بسرعة وقفت باحترام، لكن أم مراد رفعت إيدها بإشارة إنها تقعد وقالت بصوت حنون “اقعدي يا حبيبتي.”
ليلى بلعت ريقها وقعدت جنبها، قلبها مقبوض، لكن الست مدّت إيدها وطبطبت على كتفها بحنان، صوتها كان كله دفء وهي بتقول “متزعليش، أنا عارفة إنك مقهورة ومش مصدقة اللي بيحصل، بس أنا متأكدة إن كل ده خير، جوازك من ابني مراد هيكون أحلى حاجة حصلت في حياتك.”
ليلى كانت بتسمع كلامها، بس عقلها كان مشغول بأفكارها، مكنتش متخيلة نفسها في الموقف ده أبدًا.
أم مراد كملت بابتسامة مطمئنة “اعتبري الموضوع سوء تفاهم بسيط، وصدقيني في الآخر هتكتشفي إنه كان أحلى سوء تفاهم يحصل، متخليش حد يشمت فيكي يا بنتي”
ليلى رفعت إيديها ومسحت دموعها بسرعة، وبصتلها بعيون مترجية وقالت “يعني انتي مصدقاني؟! أنا معرفش حاجة عن الصور اللي كل شوية تتبعت لجدي دي، والله امبارح ك…”
قبل ما تكمل، أم مراد قاطعتها بنبرة حاسمة لكن مليانة طيبة “متبرريش يا ليلى، أنا مصدقاكي من امبارح، بس متكلمتش عشان قرار جدك دخل مزاجي.”
ابتسمت ابتسامة دافية وكملت “مش هلاقي لمراد ابني لا أغلى ولا أحلى منك، ربنا يهنيكي يا حبيبتي.”
حطت إيدها على خد ليلى بحنان وقالت “قومي اغسلي وشك، خدي دش بارد ينعنشِك، واستعدي لليوم، وخليكي متطمنة، مراد عمره ما هيجبرك على حاجة انتي مش عايزاها.”
سابت ليلى تفكر في كلامها وخرجت، وسابتها في دوامة مشاعر متناقضة، بين الخوف، والارتياح، والشك…

ليلى فضلت قاعدة شوية، عقلها مشوش ومشاعرها متلخبطة، كلام أم مراد كان مريح، لكنه في نفس الوقت خلّاها تحس إنها محاصرة، وكأنها بتتدفع في طريق هي مش متأكدة منه.
بعد لحظات، قررت تقوم تاخد دش زي ما نصحتها، يمكن يخفف من التوتر اللي حاساه، المايه البارده ساعدتها تهدى شوية، لكنها لسه مش قادرة تتخيل إنها خلال ساعات هتكون متجوزة مراد، الشخص اللي بالكاد بينهم أي تعامل.
بعد ما خلصت، خرجت من الحمام ولقت الخدامة مستنياها بعلبة فيها فستان أبيض بسيط، أنيق، لكن مش مبهرج، واضح إن كل حاجة كانت متجهزة بسرعة، وده زوّد إحساسها إنها ملهاش رأي في أي حاجة بتحصل.
لبست الفستان بهدوء، والخدامة ساعدتها تلف طرحتها ، كانت حاسة إنها روبوت بيتم تحريكه من غير ما يكون عنده خيار.

مع المغرب، بدأ الضيوف القريبين يتجمعوا في البيت، وكان واضح إن العيلة كلها مستنية اللحظة دي، الرجاله في القاعة الكبيرة، والستات في جناح تاني، وأم مراد كانت قاعدة جنبها، ماسكة إيديها كأنها بتطمنها، رغم إنها هي نفسها كانت متوترة.

رحمة كانت واقفة بعيد، عيونها مليانة غضب مكبوت، مش مستوعبة إزاي ليلى خرجت من المصيبة اللي كانت مجهزاهالها، وإزاي في لحظة، بدل ما تبقى مفضوحة ومنبوذة، بقت عروسة في بيت العيلة،

مراد كان في القاعة، قاعد جنب جده، اللي كان هادي لكن نبرة صوته وهو بيكلم الشيخ كانت حاسمة، مراد نفسه كان هادي ظاهريًا، لكن داخله كان عاصفة، هو اللي اقترح يتجوزها عشان يلم الموضوع، لكن دلوقتي وهو قاعد بيستعد يقول “قبلت”، كان حاسس إنه داخل على مرحلة مش عارف نهايتها إيه، الشيخ بدأ إجراءات كتب الكتاب، ووسط صمت الجميع، مراد نطق بكلمته الأولى “قبلت الزواج من ليلى عبد الرحمن.”
في اللحظة دي، ليلى حسّت إنها فقدت آخر جزء من حريتها

دخلت أوضتها بخطوات مرعوبة بعد اطول ليله عدت عليها، اي بنت بتستنى اليوم ده بس هيا لاء، أول ما دخل وقفل الباب جسمها اتنفض، قلبها كان بيدق بسرعة، وبصتله بعيون مليانة رعب
قرب منها بخطوات هادية بس تقيلة وقال بصوت ثابت “أنتِ عارفة أنتِ هنا دلوقتي ليه، صح؟”
هزت راسها بعنف، حاسة نفسها مخنوقة، الكلام مش قادر يطلع من بوقها، ملامحها كانت بتصرخ، حتى لو صوتها ساكت
لاحظ ارتباكها، فقال بنبرة أهدى شوية “طب قولي الحقيقة، وأنا هصدقك.”
عينيها دمعت، كانت حاسة بالقهر بس لازم تدافع عن نفسها حتى لو عارفة إن محدش هيصدقها، بصوت مرتعش قالت “أنا دكتورة محترمة… إزاي تشكوا فيّا الشك البشع ده؟ ليه بالطريقة دي؟ لو كلكوا شاكين فيّا، كان ممكن تودوني لدكتورة تكشف عليا، بس مش كده… مش بالطريقه دي”
اتنفس ببطء وكأنه كان بيحاول يختار كلماته “أنتِ في المنيا يا ليلى… يعني عمرهم ما هيقتنعوا بالكلام ده وانتي عارفه كده كويس، هنا كلهم تقليديين، وأظن أنتِ عارفة هما مستنيين إيه، صح؟”
رجفة جسمها زادت، حسّت إن الأرض بتضيق حواليها وقالت بصوت مختنق
“طب… ولو مطلعتش زي ما أنتم عايزين؟ لو طلعت فعلًا… ضيّعت شرف العيلة؟ هتقتلونِي؟!”
بصلها شوية، ملامحه كانت متجمدة، وكأنه بيفكر في حاجة مش قادر ينطق بيها وبعدين قال بحسم “عمري ما هسمح بحاجة زي دي تحصل، خلينا نكون متفقين… أنا مصدقك، ومصدق إنك أشرف من الشرف نفسه، وبالرغم من إنهم مستنيين تحت يعرفوا… مش هقرب منك يا ليلى.”
بصتله بعدم فهم، عقلها مش قادر يستوعب كلامه، قالت بصوت مشحون بالضياع “ومين هيسمحلك متقربش؟ أنا دلوقتي بقيت مراتك، حتى لو مش عايزاك، بس مضطرة أنفذ كلامهم… مضطرة أورّيهم دليل شرفي، عمرك ما هتعرف تقف قدامهم.”
بصلها بصه طويلة، كأنه كان بيحاول يحفظ ملامحها، أو يمكن كان بيحاول يلاقي الكلمات الصح قبل ما يقول بصوت هادي لكنه مليان وجع ” محدش هيجبرك تعملي حاجه انتي مش عايزاها، مقدرتش اقف قدام جدي واعترض، بس طول ما احنا هنا ولوحدنا انا مش هحكم عليكي زيهم، انتي في امان”
وقف قدامها، عيونه مليانة حاجة هي مش قادرة تفسرها، يمكن شفقة؟ يمكن غضب؟ يمكن شيء أعمق بكتير من أي حاجة تقدر تفهمها دلوقتي،كمل كلامه بنبرة هادية لكنها قوية “مش عايز أكسرك زيهم، عشان كده مستحيل أبقى قاسي وأقضي عليكي.”
سكتت لحظة، حسّت كأن الدنيا لفت بيها، مش قادرة تفهم قصده، رفعت عيونها ليه وقالت بضعف “يعني إيه؟”
فضلت واقفة في مكانها، عيونها معلقة عليه، بتحاول تفهم اللي بيدور في دماغه، فجأة، اتحرك ناحية الكومود، مسك المنديل الأبيض اللي كان متني فوقه، وعينيه كانت باردة، كأنه حسم أمره خلاص

#سوء_تفاهم

راح ناحية طبق الفواكه، مسك السكينه وبدون أي تردد جرّح كفه بيها
ليلى شهقت ، قربت خطوه ناحيته بس وقفت في آخر لحظة، عقلها كان مشلول من الصدمة، الدم نزل من إيده بسرعة، بس هو كان هادي، حطّ المنديل على الجرح وسابه يشرب الدم.
بصّلها أخيرًا، وقال بصوت ثابت
“هو ده الدليل اللي هما عايزينه، صح؟”
فضلت واقفة مكانها عيونها مثبتة على المنديل اللي بقى أحمر، قلبها بيدق بسرعة وهي مش قادرة تصدق اللي بيحصل، رفعت عيونها له، لقت نظرته ثابتة، هاديه وكأنه مقتنع تمامًا باللي بيعمله
اتكلمت بصوت مهزوز
“مراد…أنت… أنت بتعمل إيه؟!”
مسح عرقه بكفّه التاني وكأنه مش متأثر بالجرح وقال ببساطة
“بديهم اللي مستنيينه”
هزّت راسها بعدم تصديق، صوتها طلع أضعف من قبل
“أنت مجنون؟ ده مش حل!”
“بالنسبالهم ده الحل الوحيد، وأنتِ عارفة كده كويس، دلوقتي محدش هيقرب منك، محدش هيقدر يشكك فيك، ولا حتى يسأل تاني”
دموعها نزلت من غير ما تحس، مش قادرة تستوعب إن الحل الوحيد اللي قدامها كان كذبة… بس كذبة أنقذتها. بصت له نظرة طويلة، مزيج من الامتنان والخوف والضياع، وقالت بصوت مخنوق
“ليه؟ ليه عملت كده؟”
قرب منها خطوة، وبصّ في عيونها مباشرة وقال بهدوء
“لأنك تستحقي حد يصدقك.”
وقفت في مكانها وهي مش قادرة تاخد نفس، عقلها لسه مش مستوعب اللي بيحصل بصتله، لقته بهدوء بدأ يفك أزرار قميصه بعد ما قلع الجاكيت، عيونها وسعت بخوف، خطوة رجعت بها لورا لا إرادياً، اتحرك ناحية البلكونة، فتح بابها، بإيد ثابتة، مسك المنديل المليان دم، وبنظرة سريعة ناحيتها، رفعه ورماه لتحت
لحظة صمت طويلة… بعدها، سمعوا صوت الهتافات والتهليل من تحت، أصوات فرح ورضا، كأن الحرب انتهت، كأن العار اللي كانوا بيستنوه ما جاش
رجع ببُطء، قفل باب البلكونة ووقف قدامها، بصّلها نظرة طويلة، وقال بصوت هادي
“خلاص… الليلة انتهت.”
فضلت واقفة مكانها، أنفاسها متلاحقة، عقلها مش قادر يلاحق اللي حصل، الهتافات اللي جاية من تحت كانت بتزيد، أصوات الفرح، الرضا، والانتصار الوهمي اللي هما مصدقينه.
رفعت عيونها له، لقت ملامحه جامدة، مش بتبين أي إحساس، وكأنه مجرد شاهد على مسرحية سخيفة اضطر يمثلها
بلعت ريقها بصعوبة، وقالت بصوت ضعيف
“كده… خلاص؟”
“آه، خلاص.”
راح ناحية الدولاب واخد هدومه، فجأة، سألته بصوت مهزوز “برضو عايزه اعرف ليه؟ ليه عملت كده؟”
” لاني عمري ما هقرب من واحده مش عايزاني”
أخد باقي هدومه وهيا سألت
” وايه اللي هيحصل دلوقتي؟!”
قعل بهدوء من غير ما يبصلها
“ولا حاجة.”
لفّت وشها ناحية البلكونة، حسّت بغصة وهي فاكرة إزاي المنديل وقع، إزاي صوتهم علي، وكأنهم كانوا مستنيين دليل مش مهم مصدره… المهم يكون موجود.
وهي مستغرقة في أفكارها، سمعت صوته بيكمل، هادي بس حاسم
“إنتي هتنامي هنا، وأنا هنام على الكنبة. وبكرة… نتصرف.”
رفعت عيونها له، لقته خلاص سحب المخدة ورماها على الكنبة، كأنه بيعلن إن الليلة دي انتهت
دخل الحمام وسابها مكانها، قعدت على السرير، حطت وشها بين إيديها وبدأت تعيط بصوت مكتوم، كأنها بتحاول تخبي وجعها حتى عن نفسها. كانت عارفة إن الليلة دي مش هتعدي من غير ما تسيب فيها أثر، حتى لو مفيش حد لمسها، الألم كان جوه…
خرج من الحمام وراح ناحية الكنبه، قعد بيحاول يسترخي لحد ما لقاها بتقرب منه، ركعت على ركبها قدامه، مسكت إيده المجروحة برفق، صوابعها كانت بتترعش وهي بتمر عليها، وكأنها بتحاول تخفف وجعه… أو وجعها هي.
رفعت عيونها ليه، كانت مليانة دموع، وبصوت مخنوق قالت
“طب… لو أنا فعلاً طلعت زي ما هما بيقولوا؟ لو طلعت فعلاً ضيّعت شرف العيلة؟”
الحروف كانت تقيلة وهي بتخرج من بوقها، وكأنها نفسها مش قادرة تصدق إنها بتقول كده، بس كان لازم تعرف… لازم تفهم هو شايفها إزاي.
سكت، بصّلها، عيونه كانت غامضه
” انتي حالا انكرتي ده؟!”
” مش يمكن بكدب”
بصلها بصه طويله قبل ما يقول بنبره واثقه
“لو كنتِ فعلاً زي ما هما بيقولوا… ما كنتيش سألتي السؤال ده أصلاً.”
مكانتش متوقعة الإجابة دي، حاولت تتكلم بس لقت نفسها ساكتة، بتاخد كلامه جواها وتحاول تستوعبه
كمل، نبرته فيها يقين غريب
“المذنِب مش بيدوَّر على تبرير… ولا بيسأل حد لو كان غلط ولا لا، انتي دلوقتي بتسألي لأنك نفسك مش مصدقة اللي حصل، لأنك بريئة، حتى لو الدنيا كلها شكّت فيكي.”
دموعها نزلت أكتر، لكنها المرة دي كانت مختلفة، مش دموع ضعف… كانت دموع حد نفسه يصدق الكلام اللي بيسمعه.
رفعت إيده المجروحة، بصّت فيها للحظة قبل ما تهمس
“بس ده مش هيغيّر حاجة… هما خلاص حكموا عليّا.”
اتنهد، شدّ إيده برفق، بس بدل ما يسحبها بعيد، مسح بيها دموعها وهو بيقول بهدوء
“وأنا حكمي هو اللي يهمك دلوقتي.”
سكت لحظة، وبعدين كمل بنبرة أخف
“وقولتلك… أنا مصدقك.”

رفعت عيونها ليه، لأول مرة من ساعة الليلة الطويلة دي، حسّت إن فيه حد شايفها… حد واخد صفها، حتى وهي نفسها مش عارفة تعمل كده، طلب منها تغير فستانها وتنام، لفتله أيده قبل ما تنفذ كلامه

رحمة كانت واقفة في بلكونة اوضتها سامعه الزغاريد والتهليلات، عينيها مليانة غل، إزاي كل ده يحصل قدامها وهي مش قادرة تعمل حاجة؟ كانت فاكرة إنها حسمت الموضوع وإن ليلى خلاص انتهت، لكن دلوقتي… دلوقتي كل حاجة اتغيرت، عضت شفايفها بقهر، إزاي ليلى تطلع منها سليمة؟ إزاي مراد يتجوزها وكأن مفيش حاجة حصلت؟ معقول اتجوزوا بجد؟ معقول الدم ده دم عذريتها ؟!! دي كانت فرصتها، الفرصة اللي كانت هتدمر بيها ليلى للأبد، وسامر بكل غبائه ضيعها عليها!
رفعت عينيها ناحية البيت اللي بقى فجأة كله فرح، حست بقهر رهيب، وبدون وعي، لقت نفسها بتضغط على إيدها بعصبية وهي بتهمس بحدة “مش هسيبك، حتى لو اتجوزتي، حتى لو الدنيا كلها صدقتك… أنا لسه هنا، ولسه ليا دور!”
وبخطوات سريعة، لفت ودخلت اوضتها، لكن جواها كان بركان، بركان مستعد ينفجر في أي لحظة!

أبو ليلى تحت كان ساكت طول الوقت، عينيه مليانة تفكير وألم، لكن أخيرًا رفع راسه وبص لابون بحدة، وقال بصوت ثابت رغم الحزن اللي فيه “قولتلك ليلى مستحيل أشك في أخلاقها، وبرغم كده، معارضتكش!”
كان قاعد بصمت، بيهز رجله ببطء، كأنه بيحاول يبلع الكلام اللي سمعه، لكن ملامحه كانت متوترة، مش مرتاح.
أبو ليلى كمل بصوت مبحوح لكنه مليان قوة “لإني عارفك، وعارف إنك مهما كان عندك شك، مش هتجبرها على حاجة إلا لو متأكد، بس دلوقتي؟ دلوقتي بقى حقي أسأل… إنت متأكد إنك ظلمتها؟”
عض شفايفه، بص بعيد كأنه مش عايز يواجه كلام ابنه، لكنه مردش.
“مفيش رد، صح؟ لإنك شايف اللي أنا شايفه، ليلى بريئة، وإحنا اتسرعنا، وإنت بالذات اتسرعت!”
رفع الجد عينيه أخيرًا، نبرته كانت هادية لكنها تقيلة “أنا عملت اللي كنت شايفه صح… وعملت اللي يحميها برضو.”
ضحك أبو ليلى بسخرية مريرة وقال
“تحميها؟ تحميها من مين؟ من أهلها؟!” ضرب على صدره بايده بألم وكمل “من أبوها؟ من جدها اللي المفروض يكون سندها؟!”

انت في الصفحة 4 من 8 صفحات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
0

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل