روايات

الفصل السادس والستون

ردت: “ولا حاجة، شكرًا.”
الاتوبيس زمّر، والكل قام يرجع مكانه. سيف استنى لحد ما الكل ركب، وهمس كانت واقفة جنبه ساكتة لحد ما الاتوبيس اتحرك. وهي بتطلع، مسك دراعها: “أنا مفيش حاجة مضايقاني عشان تضايقي نفسك ولا تقعدي جنبي ولا تبعتيلي حد كل شوية. الموضوع ببساطة مش طالبة معايا هزار ورقص وسط الطلبة، فشوية وهفك. ما تقلبيش وشك وتعملي حوارات وأفلام في دماغك من لا شيء.”
بصتله كتير بشك، بعدها ردت: “براحتك طبعًا.”
طلعت، وهو وراها. قعدوا مكانهم، والمرادي هي ما اتحركتش من جنبه، بالعكس، غرقت في النوم وهو ريح راسها على كتفه.
آية راحت لهمس لقتها نايمة جنب سيف، فبصت لأخوها بملامح مستغربة: “تصدق إنك رخم؟”
بصلها من غير ما يرد، فقررت تكمل: “نومتها وارتحت؟ قال إيه الستات نكدية!”
رد عليها بغيظ: “ما تروحي تشوفي جوزك، نكدي عليه طيب.”
آية حست بالاستفزاز بس ردت بتحدي: “لا، هروح أدلعه مش أنكد عليه. خليلك إنت النكد.”
نظرته لها كانت كافية تخليها تتراجع بخوف، فبعدت عنه وراحت لسبيدو مكشرة.
سبيدو شافها وضحك: “إيه؟”
ردت بضيق: “غاظني! بقوله قال الستات نكدية، قالي روحي نكدي على جوزك، فقولتله هروح أدلعه خليلك أنت النكد. حسيته هيضر*بني.”
سبيدو ما قدرش يمسك ضحكته: “وما ضر*بكيش بجد؟”
ضحكت معه: “همس نايمة على دراعه، معرفش يقوم.”
سبيدو ضحك أكتر، بعدها قعد مكانه وقال بهزار: “طيب ما تعملي زيها، تعالي على دراعي.”
آية ضيقت عينيها وبصت له باستغراب: “هو حد قالك إني جاية الرحلة دي أنام؟ ده تلاقيه قهرها، علشان كده نامت المسكينة. البت بتجهز للرحلة من إمتى، وآخرتها تنام؟”
سبيدو شدها تقعد جنبه: “اقعدي بقى بدل ما إنتِ واقفة فوق راسي كده.”
قعدت جنبه بغيظ، وبعد شوية علقت بتهكم: “المفروض يعني أحط راسي على كتفك وأنام بقى، ولا إيه؟”
بصلها سبيدو وفتح بوقه كأنه هيرد، لكنه غير رأيه وبص قدامه بدون ما ينطق. آية ابتسمت، وبعد لحظات، سندت على كتفه وهو ابتسم بهدوء من غير ما يعلق.
سيف كان قاعد وهمس نايمة على كتفه، طلع موبيله وفتح الواتساب. يقرأ الرسالة تاني للمرة اللي مش عارف عددها :
“بلاش المحاكمة، وقفنا قصاد بعض بما فيه الكفاية. إنت جرحتني بخيانتك. مكنتش عارفة بمخططات بابا كلها، ولما عرفتها كان بعد ما عرفت بوجود حبيبتك وخيانتك ليا. وأوعى تقول إنها مش خيانة، لأنها خيانة. طالما حطيت خاتم في إيدي وروحت تحب غيري دي اسمها خيانة، حتى لو تعرفها قبلي. أنا ولا ضر*بتك على إيدك ولا جبرتك تيجي تخطبني. جرحتني وحاولت أنتقم منك، آه ممكن أكون تماديت، بس إنت كمان ما سكتش. بلاش نفضح بعض قدام المحكمة والصحافة. لو عايز تظهر فيديوهات بابا، اظهرها. أنا وماما أصلًا فصلنا نفسنا عنه. هتفضحني وهفضحك، فخلينا نوفر الفضايح دي. براحتك، بس مستعدة للمحاكمة.”
بعدها وصلته رسالة تانية: “تذكرة بسيطة لزمان.”
معاها كذا رسالة عبارة عن صور ليهم مع بعض من أيام زمان، الصور اللي لما شافتها همس قبل كده زعلت منه.
سيف قفل الموبايل وهو مضغوط، وعقله بيراجع كل اللي حصل السنة اللي فاتت.
الاتوبيس وصل، وسيف قرر يصحي همس. حركها بهدوء، وهي اتعدلت بتفرك رقبتها من التعب.
سألته وهو بيدلك رقبتها: “فكيت ولا لسه؟”
ابتسم في وشها: “أنا مش عارف ليه مصرة اني قافل؟ انا عادي يا روحي؟”
اتنهدت باإحباط، لكنها قررت تستسلم: “براحتك يا سيف، براحتك.”
نزلوا وبدأ التسكين، وكل واحد راح الشاليه بتاعه. سيف وصل همس للشاليه بتاعهم، وبعدها خرج يطمن على أخته ويتأكد إن الكل دخل أوضته واستقر. وهو واقف بره شافه سبيدو، وقفه: “إيه؟ هتفك إمتى؟”
سيف رد ببرود: “فاكك أهو.”
سبيدو مط شفايفه: “If you say so. أنا هروح أشوف البونية غيرت هدومها ولا… ” وقفه قبل ما يمشي: “أوعي تكون أختك بتلبس بكيني والليلة الحمضانة دي؟”
سيف ضحك: “بقولك إيه، مش بقت مراتك؟ تعامل إنت.”
سبيدو بغيظ: “والله لو…”
قاطعه سيف: “إياك تحلف عليها، فاهم؟”
سبيدو باستنكار: “ده مش حلفان عليها. (كمل بهزار) ده توعد.” ضحكوا الاتنين، وبعدها سبيدو بجدية: “مش هتقول مالك بقى؟ بقى الشبر ونص دي مزعلاك للدرجة دي؟ ده حتى الرحلة دي كلها وجرتنا كلنا علشانك، إيه بقى؟”
سيف نفخ بضيق: “الشبر ونص ملهاش دعوة.” بصله بشوية استغراب: “بعدين إيه شبر ونص دي؟”
سكتوا شوية، وبعدها سيف طلع موبيله وفتح الرسالة، وإداها لسبيدو. سبيدو قرأها وبصله: “إيه يعني؟ مش فاهم؟ حنيت لها يعني ولا إيه؟”
سيف باستنكار: “حنيت إيه يا فصيح إنت؟”
سبيدو: “ما هو مش فاهم! طيب مالك؟ مالها الرسالة؟ خايفة وبتستعطفك، فإيه بقى؟”
سيف سكت شوية وبعدها اتكلم: “أنا فعلًا خنتها. مش يمكن كل اللي حصل ده أنا اللي اتسببت فيه؟ كانت دكتورة وناجحة، شوف دلوقتي وصلت لإيه.”
سبيدو باستغراب: “هو إنت اللي قولت لأبوها تعال اعرض بنتك ؟إنت اللي قولتله اطمع في شركة غيرك؟ إنت اللي قولتله حط بنتك وسط خططك القذرة واعرضها للبيع؟ إيه يا سيف؟ وبعدين يا سيدي حتى لو خنتها، هو كل واحد بيخون واحدة بتروح #؟ سيف، إنت ظروفك كانت كده، ما تعمدتش تخونها ولا تعمدت تخبي عليها. كل دي أمور كانت خارجة عن إرادتنا كلنا، مش إنت لوحدك. بعدين مش هي كانت معجبة بنادر أخو همس؟ ولا دي نسيتها؟ وبعدها اتخانقت معاه لما خطب ملك؟ طيب محاولتها #همس؟ وبعدها الفيديو اللي صورته يوم فرحك؟ إيه؟ عايز حد يفكرك بكل مصايبها؟”
سيف كان بالفعل مفكر في جانب واحد، ونسي كل الباقي. كان محتاج حد يفكره بكل المصايب دي.
سبيدو كمل: “شذى مش مظلومة يا سيف. هي ظلمت نفسها، وأبوها قبلها ظلمها، مش إنت. عارف تبقى ظلمتها إمتى؟ لو كنت قولتلها بحبك ومش هقدر أعيش من غيرك وأوهمتها إنك بتحبها وعايز تتجوزها بجد. ده إنت حتى ما روحتش مرة واحدة بيتها تزورها إلا وإنت مجبر، ولا أخدتها مرة عزمتها على عشا، ولا جبتلها هدية واحدة. وبالرغم من كل ده هي كانت مكملة. شيل من دماغك قصة ظلمتها، وحط في دماغك البونية اللي فوق دي، اللي مجرد إنك سكتت دنيتها كلها ظلمت في وشها. دي أولى تسعدها.”
سيف ابتسم بتقدير لصاحبه: “أنا أصلًا مش عارف إزاي وافقتها نيجي الرحلة دي كلنا كده. ربنا يسترها.”
سبيدو: “أنا هروح أشوف البونية دي، لتلبسلي مايوه. أقسم…”
سيف بصله بتحذير، فقطع سبيدو كلامه: “من غير حلفان! هطلع أشوفها وأجيبلها بدلة غطس حلوة تلعب بيها.”
سيف: “الله معك.”

سبيدو خبط على باب أوضة آية، فتحتله هوليا بابتسامة: “آية هتنزل ولا لسه يا لولي؟”
فتح الباب بتردد ولحظة وطلعت آية لابسة مايوه قصير بحمالات وظهره مكشوف. اتصدم في الأول لكنه بسرعة تمالك نفسه وعلق بابتسامة: “مش هتلبسي ولا إيه؟ هتنزلي كده ولا هنفضل هنا؟”
آية استغربت وشكله خلاها مش فاهمة هو بيستعبط ولا مش فاهم، فحطت طرحة خفيفة فوقه وتحدته: “أنا جاهزة كده.”
بصلها لفترة قبل ما يرد بهدوء: “ادخلي البسي حاجة علشان ننزل، انجزي.”
آية بعناد: “ما أنا لابسة.”
بلهجة صارمة: “ياريت تخلصي بسرعة. عارف سيف كويس، عمره ما هيقبل إنك تنزلي كده.”
حست بغضب واضح إنها مش عارفة تضحك عليه، فربعت إيديها بغيظ: “ما تسيبني أضحك عليك! إيه الرخامة دي؟”
سبيدو ضحك وقرب منها، رفع وشها: “حبيبتي الغضبانة دي. أضحكي عليا في حاجة تتصدق شوية، مش دي. وبعدين، أنا لسه هعرفك امبارح؟ يا بنتي، أخوكِ صاحبي من سنين. عارفه، وعارف طباعه، وعارف يقبل إيه ويرفض إيه. أضحكي عليا في حاجة تانية. يلا، ادخلي جهزي نفسك.”

سيف دخل الشاليه واستغرب إنه فاضي. دور عليها، ملقاش حد، لكن لمح ورقة على التسريحة مكتوب فيها: (نزلت البحر مع هند وملك).
غير هدومه ونزل يدور عليها. الطلبة اتلموا عليه عايزينه يلعب معاهم بس وقفهم : الأقي همس الاول وبعدها نشوف حكاية اللعب والمسابقات دي .
شاف هالة وسألها: “شوفتيها؟”
هالة بصت حواليها: “كانت ماشية على البحر من شوية.”
بص ناحية البحر واتحرك يشوفها فين ، سأل هند و ملك اللي قاعدين مع خاطر وفاتن بس محدش كان عارف مكانها بالتحديد. مايا شافته بيدور: “هربت منك ولا إيه يا دكتور؟”
تجاهلها، لكنها علت صوتها: “كانت قاعدة على آخر الجسر الخشب ده تحت المظلة. شوفت بقى أنا بحبك إزاي؟ ما بيهونش عليا تدوخ وإنت بتدور عليها.”
بصلها بتهكم: “لا، فيكِ الخير.”
راح ناحية الجسر، وكان في حد قاعد آخره. لما قرب شافها قاعدة على السلم ووشها للبحر. قعد جنبها: “عارفة بقالي قد إيه بدور عليكِ؟”
ردت بدون ما تبصله: “عارف بقالي قد إيه منتظراك؟ فعادي يعني.”
احترم صمتها شوية وبعدين سألها بهدوء: “مالك؟ قفلتي ليه كده؟”
صمتت فترة وبعدين علقّت: “إيه؟ دلوقتي فتحت وعايز تتكلم؟”
باس كتفها بمحبة: “همستي، ما تقفليش يا روحي. أنا بس مكنتش طالبة معايا.”
قاطعت كلامه بحدة: “وأنا كمان مش طالبة معايا.”
استغرب: “مش طالبة معاكِ إيه بالضبط؟”
بصت له بعناد: “نفس اللي مكنش طالب معاك من شوية. مكنتش عايز تتكلم؟ عايز تبقى لوحدك؟ مش طايق حد؟ الكوكتيل ده بالظبط مسيطر عليا دلوقتي.”
قرب منها وحط دراعه حواليها، ضمها لحضنه رغم مقاومتها. كل محاولتها إنها تبعده انتهت لما دفنت وشها أكتر في حضنه. بحب علق: “أنا آسف لو كنت غبي معاكِ شوية. حقك عليا. مكنتش متعمد أضايقك، بس غصب عني. اتنرفزت وقفلت شوية. بس روحي، أنا ما تأخرتش. كنت بطمن على الكل إنهم استقروا في أوضهم.”
رفعت وشها وبنبرة جدية: “ينفع تقولي إيه اللي مضايقك؟ ولا ده سر من أسرارك الكتير اللي هتفضل تأجلها؟”
حيرته كانت واضحة. شذى والرسائل اللي وصلته مش عارف يقولها ولا يبطل يفكر فيهم. همس لاحظت حيرته، فبعدت نفسها عنه: “ما تقولش خلاص. مش محتاجة كل الحيرة دي.”
بصلها بحب: “ليه مش فاهمة إني لو بخبي حاجة، فده علشانك انتِ؟ مش عايز أضايقك بأمور ملهاش لازمة. مش عايزك تزعلي ولا تشيلي هموم معايا. مشاكل الشغل والبيت والأعداء حوالينا مش عايزك تدخلي فيها. كفاية أوي اللي اتحملتيه معايا من يوم ما عرفتك.”
بصتله بحدة، مستنكرة تفكيره: “إيه نوع الزواج اللي فيه الزوج يشيل كل الهموم والمشاكل ويبعد مراته عنها؟ أنا مراتك يا سيف، شريكتك، الشريك حتى في البيزنس بيشارك في الخسارة والمكسب. عمري ما شفت شراكة في المكسب بس، وإلا يبقى استغلال. مراتك يعني معاك في الحلوة والمرة. كلامك وتفكيرك دول ما ينفعوش. ما ينفعش تشاركني الضحك والحب والرحلات وتجنبني مشاكلك كلها. كده مبقتش زوجة، كده بقيت حاجة تانية، وأقل وصف لها إني عشيقة. العشيقة الراجل بيهرب لها شوية يقضي معاها وقت حلو بعيد عن مشاكله، وأنا مش عايزة أكون كده.”
استغرب من كلامها: “يعني علشان عايز أسعدك ومش عايز أشيلك هم أبقى غلطان يا همس؟”
أكدت بسرعة: “طبعًا غلطان. تخيل لو عندي مشاكل في الجامعة أو متخانقة مع أصحابي ومخنوقة، وأرجع البيت وأقولك مفيش حاجة، وسيبني لحد ما أروق وبعدها أقولك إن مشاكلي ملكش دعوة بيها. هيكون إحساسك إيه؟”

انت في الصفحة 2 من 6 صفحات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
0

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل