
كريم كان في شقة سيف لما جرس الباب ضرب، فكر يتجاهله لكن مع إصرار اللي على الباب قام يفتح. اتفاجأ أو بالأصح اتصدم لما شاف أمل قدامه. وقفوا قصاد بعض شوية وهي سألت: “هتخليني واقفة كده كتير؟”
فتح الباب أكتر بابتسامة: “اتفضلي طبعًا.”
دخلت، بصت حواليها على الشقة، وحست إنها فعلًا شقة عرسان لأن كل حاجة فيها باين إنها جديدة. ابتسمت بحزن، وبعدها بصت لكريم اللي شاورلها تقعد: “اتفضلي اقعدي.”
أمل قعدت، وكريم قعد قصادها. قبل ما يتكلم، هي سألته: “محتاجة أعرف حاجة وعايزاك تجاوبني من غير لف أو دوران.”
استغرب وعلق: “ومن إمتى بلف وأدور حواليكِ؟ اتفضلي اسألي.”
أخدت نفس طويل وسألته: “سفرية باريس، محتاجة أعرف كل حاجة عملتها من ساعة ما مشيت من جنبي لحد ما رجعتلي تاني.”
استغرب وسألها: “ليه سفرية باريس دي بالذات؟”
كشرت بضيق وردت: “ينفع تجاوبني لو سمحت؟ سافرتوا وطلعتوا على شركة مستر أندرسون الصبح، وخلصتوا الاجتماع، بعدها مشيتوا، صح؟”
وافق بحركة من دماغه، فكملت: “وبعدها اختفيت النهار كله وموبايلك كان مقفول، والليل كله مردتش. ينفع تقولي اختفيت ليه؟”
تنهد باستسلام: “النهار كنت بشتري الحاجات اللي رجعت بيها وقتها، الهدايا ليكِ ولإياد وإيان وكل اللي جبته وقتها.”
أمل بتذكر: “تمام، وبعد ما روحت الفندق ليه مكلمتنيش؟ أكيد شحنت موبايلك؟”
رد ببساطة: “تعبت بعدها.”
استغربت ورددت بذهول: “تعبت؟ يعني إيه تعبت؟ تعبت إزاي؟”
استغرب استنكارها: “تعبت يا أمل، جنبي وجعني وتعبت، ملهاش معاني تانية.”
حكالها كل تفاصيل الليلة في المستشفى مع سيف والصبح اللي بعدها، وعلشان كده مردش عليها.
سمعته بهدوء لحد ما خلص، وبعدها علقت بتردد: “يعني لو سألت سيف هيقولي إنكم قضيتوا الليلة دي في المستشفى؟”
بصلها بصدمة: “إنتِ مش مصدقاني؟ محتاجة تسألي أصحابي؟”
هربت من نظراته: “أنا مش فاهمة أي حاجة ولا عارفة أصدق إيه وأكدب إيه. عمري ما شكيت فيك، وعمري ما كذبتك، لكن اللي بيحصل أكبر مني، فاعذرني إني محتاجة أتأكد. سامحني بجد يا كريم، مش بشك فيك، بس يمكن يكون حصل حاجة وإنت في المستشفى مثلًا، مش ممكن؟”
كريم كان هيرد، لكنه تراجع. لسه من شوية بيقول لسيف إنه محتاجها تثور وتغضب بدل صمتها، ودلوقتي زعلان من استفساراتها اللي هي أبسط حقوقها
سألها بهدوء: “طيب ليه السفرية دي بالذات؟ أنا بسافر باستمرار، ودي مش أول سفرية. اشمعنى دي؟”
أمل بحماس: “لو حسبت شهور حمل ناريمان، هتعرف إن الحمل حصل تقريبًا في السفرية دي. غير إنها كلمتني وقالت…” قطعت كلامها بتهكم: “…قال إيه، عايزة تريح ضميرها إن علاقتكم انتهت من فترة، بس اتجدد حبكم في فرنسا.”
فكر شوية وحس إن كلامها منطقي. مسك موبايله، فسألته بترقب: “بتكلم مين؟”
رفع عينه ليها وقال: “هخليكِ تتأكدي لحظة.”
حاولت تمنعه، لكنه رد: “أيوه يا سيف، أخبارك إيه؟
سيف كان لسه داخل أوضة مروان، اللي هيبدأ يتكلم لكنه قاطعه بموبايله اللي رن. سيف رد على كريم وقال لمروان: “لحظة واحدة.”
مروان شاورله على البلكونة: “اتفضل، مش غريب عليك البيت ولا البلكونة.”
سيف طلع البلكونة يرد على مكالمة كريم وقال: “أيوه يا كريم، معاك، اتفضل. محتاج حاجة عندك؟”
كريم رد بسرعة: “لا لا، تسلم يا غالي. بس كام سؤال سريع. فاكر سفريتنا فرنسا ساعة التحدي مع إيليجا؟”
سيف استغرب: “طبعًا فاكرها. خير؟ مالها؟ ولا إيه اللي فكرك بيها؟”
كريم كان فاتح السبيكر عشان أمل تسمع، وسأله: “فاكر تعبي يومها؟”
سيف أجابه: “وهو ده يتنسي؟ إنت وقعت قلبي لما قلتلي إنك عايش بكلية واحدة وممكن تكون تعبت. بعدها طبيت مني وكنت هموت من القلق لحد ما الإسعاف وصلت. بس كل ده ليه؟ فهمني.”
كريم بترجي: “معلش يا سيف، استحملني. بس في المستشفى إيه اللي حصل بالظبط؟”
سيف بحيرة: “يعني إيه إيه حصل؟ فهمني بتتكلم في إيه علشان أعرف أجاوبك يا كريم.”
كريم باختصار: “ناريمان قالت لأمل إن فرنسا جددنا حبنا فيها، فقولت أسألك، في حاجة حصلت ساعتها وأنا مش واخد بالي؟ يعني افتكر معايا تفاصيل اليوم ده من بعد الاجتماع لحد ما رجعنا مصر.”
سيف فكر لحظات: “بعد الاجتماع كل واحد فينا راح اشترى هداياه لحبايبه واتقابلنا آخر النهار وقت تعبك. بعدها طلعنا على المستشفى وقضينا فيها الليلة كاملة، والصبح خرجنا وسافرنا. مفيش تفاصيل أصلًا يا كريم نفتكرها.
أمل شاورت لكريم اللي قفل الصوت وسألته: “عايزة تقولي إيه؟”
أمل سألته: “في المستشفى هو فضل معاك طول الوقت؟”
كريم بغيظ: “يعني إيه سؤالك؟ ولا…”
قاطعت كلامه: “اسأله، وإنت مش في وعيك، هو كان موجود؟ مش قلت أغمى عليك ونقلك المستشفى؟ هل طول الوقت كان معاك ولا سابك ليهم ولحقك على المستشفى؟
كريم حس إنه تسرع في رده بس لقى إن أسئلتها منطقية. فتح الصوت وسأل: “سوري يا سيف، لما طلبتلي الإسعاف، روحت معايا ولا لحقتني على المستشفى؟”
سيف: “روحت معاك طبعًا في الإسعاف.”
كريم بص لأمل، وهي همست: “وطول الليل؟”
كريم سأل سيف، فجاوب: “طول الليل كنت معاك في الأوضة. بس أخدوك تعمل تحاليل وأشعة ورجعوك. وفضلت معاك. يدوب طلعت برا الأوضة شوية كلمت همس وبعدها رجعت تاني ونمت جنبك.”
كريم بحرج: “بعد ما نمت، حد أخدني ولا نومك خفيف ولا إيه؟ سوري لو أسئلتي مستفزة يا سيف.”
سيف بسرعة: “لا أبدًا، ولا مستفزة ولا حاجة. أنا نومي خفيف جدًا، فلو ده حصل كنت هحس بيك. لما الممرضة كانت بتدخل كنت بحس بيها. فإنت تقريبًا كنت قدام عيني طول الوقت إلا لما أخدوك الأشعة. إنت بتفكر إنهم أخدوك وإنت متخدر؟ بس سوري يا كريم، حتى لو ده حصل، آه ممكن يصوروك، لكن هياخدوا عينة منك إزاي؟ أو تعمل علاقة مع واحدة إزاي وإنت نايم؟ لازم تكون واعي، وده مش هيحصل وإنت واعي. فاعتقد يا كريم أنا أرجح إنها لعبت في التحليل نفسه. ولا إيه؟ مش عارف صراحة.”
كريم أنهى المكالمة وبص لأمل: “سمعتيه بنفسك.”
أمل قعدت بإرهاق: “مش عارفة لو إنت منتظر مني أعمل أي حاجة، فأنا مش عارفة.”
كريم قعد جنبها: “كل اللي يهمني إنك تكوني مصدقة إني لا يمكن أخونك، ولا يمكن أكون مع واحدة تانية غيرك. غير كده ما يفرقش معايا. لا الشركة، ولا الشغل، ولا الدنيا كلها تفرق معايا. إنتِ وبس يا أمل اللي تفرقي.”
أمل لفت بصت لعينيه وشافت للمرة المليون صدق كلامه في عينيه. قامت من مكانها وقعدت تحت رجليه على الأرض: “إنت حبيبي وجوزي وسندي ودنيتي كلها. وكلمة واحدة منك كفاية. وزي ما إنت قولت، مفيش حاجة تفرق معايا غيرك إنت وبس يا كريم. ولا الشركة، ولا الشغل، ولا الدنيا كلها تفرق. انت وبس يا كريم اللي تفرق.”
شدها أخدها في حضنه، وهي ضمته أوي لحضنها.
همسلها: “بحبك. بحبك وهفضل لآخر يوم في عمري أقولك بحبك يا أمل.”
غمضت عنيها وهي في حضنه وابتسمت: “وأنا كمان بحبك يا كريم، بحبك يا روح قلب أمل.”
بعدت عنه لكنه شدها قعدها جنبه في حضنه: “هنعمل إيه؟”
أمل طلعت موبيلها وفتحت آخر رسالة، لكن كريم حط إيده على الموبيل: “بلاش نتكلم عنها.”
زقت إيده: “لا يا حبيبي، مش هندفن راسنا في الرمل. شوف الصورة دي.”
أول ما شافها، بصلها بوجع واتنهد: “عايزاني أقولك إيه؟ معرفش صورتها إزاي.”
أمل أخذت موبيله وفتحته وطلعت صورة لهم تشبه وضع صورة ناريمان وحطت الاتنين قدامه: “إيه الفرق بينهم يا كريم؟”
بصلهم الاتنين وبعدين بصلها: “مش فاهم سؤالك. إنتِ حبيبتي، هي عايز أولع فيها.”
ابتسمت لكنها علقت بجدية: “لا، برضه مش ده قصدي.”
فتحت كذا صورة لناريمان وفتحت صورها هي وكريم: “بص يا كريم لنظرتك ليا ونظرتي ليك. الصور دي فيها حب واضح للأعمى، نظراتك ليا، إيديك اللي حواليا، ابتسامتك… فيها حياة.”
فتحت صور ناريمان: “لكن دول… هي بتتحرك وإنت مالكش أي رد فعل. حتى الصورة اللي مفتح فيها وشك خالي من أي تعبيرات.”
سألها باهتمام: “قصدك إيه؟”
وضحت: “إنت فاهم قصدي كويس. الصور دي أو نظرة عينك دي معمولة بالـ AI ده ذكاء صناعي. الصور أه مش ملعوب فيها إلا الصورة دي، عينك فيها معمولة بالذكاء الصناعي. لكن باقي الصور؟ أه، أنت فيها وأه الصور طبيعية، لكن إنت كنت متخدر أو مغمى عليك أو مش في وعيك أساسًا.”
كريم فضل يقارن بين الصور وبعدها بص لها: “النقطة دي عندك حق فيها. صورنا فيها حياة وفيها حب، لكن صور ناريمان ميتة. بس لسه عند نفس السؤال: هنعمل إيه؟ خطوتنا الجاية إيه؟”
أمل بصت له وبدأت تشرح له كل اللي فكرت فيه، وحطوا مع بعض الخطوط العريضة لخطوتهم الجاية.