
مكرم خرج موبيله: “إنت بتهزر، أكيد إنت بتهزر. مش هتقدر تاخد الأسهم.”
سيف ابتسم، وتابعه وهو خارج يزعق في موبيله: “يعني إيه اتباعت؟ يعني إيه؟”
خرج مكرم من المدرج، وقطع الصمت صوت همس باستغراب: “أنا قبلت اعتذاره.”
سيف نظر إليها: “وأنا ما قبلتوش.”
همس باستغراب: “أنا قبلته. هو غلط فيّ واعتذر وأنا قبلت اعتذاره. خلص الموضوع لهنا.”
سيف بغضب بصلها: “لا يا حبيبتي، هو مغلطش فيكِ. هو غلط في همس الصياد، مرات رجل الأعمال سيف الصياد، واتحداني أنا. فهنا إنتِ بره الموضوع أصلًا. ورجل الأعمال ده ما بيسامحش وما بيغفرش، وما بيرجعش في كلمة قالها، والغلطة الأولى هي الأخيرة عنده. فلما قولتله إني هدمره مكنتش بهدد ولا بهزر. ودلوقتي، يا تقعدي مكانك يا تشوفي هتعملي إيه علشان عايز ألحق آخر ربع ساعة.”
همس سكتت لأنها فعلًا لازم ما تنساش ابدًا انها همس الصياد مش بس همس خاطر .
سيف قبل ما يكمل شرح علق بابتسامة: قبل ما أنسى، عايز مشروع بمناسبة آخر شيت. كل واحد فيكم يقدم فكرة جديدة من منظوره، ويقول لنا إزاي ممكن نستفيد منها في الحياة العملية. وروني إبداعاتكم.
محمد عبدالمقصود، زميل همس، سأل:
والنتيجة؟ يعني أقصد الدرجات عليه إيه؟
سيف رد بابتسامة:
طموحك ضئيل يا باشمهندس.
خلفاوي، بهزار وهو بيدعك إيديه:
إيه؟ هناخد مكافأة مالية؟
سيف ضحك:
انت أضأل منه. في مثل جميل أوي بيقول:
Don’t give me a fish, but teach me how to fish.
(لا تعطيني سمكة ولكن علمني كيف أصطاد).
خلفاوي بحيرة:
يعني إيه؟
سيف وقف في النص وعلّى صوته:
يعني أكتر عشر أفكار هتعجبني شخصيًا هياخد أصحابها شهر تدريب في مجموعة الصياد، ومش بس كده، هختار أكتر خمسة متفوقين منهم يتعيّنوا بشكل رسمي في المجموعة. أعتقد حلمك ممكن يتحقق، عرض مش هيتكرر.
هبة سألت:
يعني هتاخد الخمسة الأوائل؟
سيف رد:
حد جاب سيرة الأوائل دلوقتي؟ الـProject اللي هتقدموه هعرف من خلاله المهندس اللي قدامي ذكي ومبدع ولا مجرد مهندس بيحفظ كلمتين ويذاكر ويمتحن. عايز المبدعين، اللي عندهم دايمًا أفكار جديدة وبيطوروا مهاراتهم وإمكانياتهم. اللي يقدم لشغله زي ما بياخد. وطبعًا في ناس ممكن تجيب أفكار من مهندسين بره، بس أحب أطمنكم إني هعرف، فبلاش، لأنك مش هتستفيد. الموضوع ملوش علاقة بالدرجات، فاللي مش عايز يقدمه براحته عادي.
مي سألت بفضول:
حضرتك هتعرف إزاي إن الفكرة مش بتاعته؟ ما هو أكيد هيخليه يشرحها؟
سيف رد بابتسامة:
من خلال أسئلتي ومناقشتي معاكم. في تركات كده يحطها مهندس مش طالب. دي لعبتي يعني، ما تقلقيش نفسك، هعرف.
واحد من الطلبة، بهزار:
المفروض حضرتك تقول أربعة بس، لأن أكيد باشمهندسة همس هي أول واحدة، حتى من غير ما تقدّم الـProject.
سيف ضحك ومعظم الطلبة ضحكوا:
ده بجد تفكيرك ده؟
الطالب رد:
يعني هي مرات حضرتك، فأكيد.
قاطعه سيف مبتسم:
أكيد إيه؟ يا ذكي يا جهبز. محتاج لسبب أعيّن مراتي في شركتي؟ يعني هي متجوزة صاحب المجموعة نفسه، فلو حبت تعين نفسها في أي منصب في المجموعة هعيّنها! تقوم تقولي خمسة أوائل؟ بجد؟
همس بصتله بعيون كلها حب وابتسمت.
سيف بص على الساعة ولقى فاضل كام دقيقة :
بما إن وقت المحاضرة خلاص، تعالوا نتكلم شوية. بس قبل ما نتكلم، المحاضرة خلصت، فاللي عايز يتفضل براحته عادي، إحنا هندردش.
ما حدش قام، فابتسم وقعد على طرف المكتب اللي في النص :
الدفعة دي ليها مكانة كبيرة عندي. إنتم أول دفعة أدرّس لها، ده غير إن أغلبكم ممتازين، فكلكم مميزين عندي. بس في حاجة مهمة عايز أتناقش معاكم فيها. طبعًا زي ما هو معروف، أنا حبيت طالبة منكم واتجوزتها. وزي ما إنتم برضه عارفين، في مشاكل بتحصل سواء مع طلبة هنا أو مع دكاترة أو أعداء بيزنس ليّا بره. فدلوقتي خلينا هنا فيكم إنتم كطلبة، مين عنده مشكلة معايا أو مع همس إني اتجوزتها؟ وإيه هي المشكلة دي؟ هل مثلًا هديها درجات زيادة؟
عبدالمقصود، بهزار:
ده أكيد.
سيف بصله بجدية:
ماشي معاك، درجات إيه اللي هديها لها؟ اقف واتكلم معايا، وهتتكلم بلسان معظم زمايلك. اتكلموا معايا وناقشوني.
عبدالمقصود بص لهمس:
سوري يا همس، بس هتكلم بلسان الطلبة اللي ما يعرفوكيش.
همس وافقته، فهو بص لسيف :
يعني أي شيت بتطلبه هي هتاخد درجاته.
سيف بهدوء:
في كام مادة؟ يعني أنا بديكم كام مادة؟
عبدالمقصود رد:
ماشي، مادتك بس. لكن…
قاطعه سيف:
لكن إيه؟ هكلم باقي الدكاترة وأقول لهم: والنبي مراتي، إدوها كام درجة؟
عبدالمقصود معلقش واتحرج
سيف بهدوء:
درجات الشيتات في حالة لو مش فاهمين، بنستعملها لو عايزين نرفع طالب. يعني مثلًا واحد محتاج درجتين وينجح، خمس درجات حد أقصى هيخدهم من الشيتات اللي بتتسلم. غير كده، ليكم عندي امتحانين ميدترم وامتحانين نهائي: نص السنة وآخر السنة. مالكش عندي غيرهم. والامتحانات دي مش أنا اللي هحطها، الكلية هتختار حد يحطها، لأن في حد قرابة درجة أولى في الدفعة. فهمس زيكم بالظبط، هتمتحن زيكم، والدرجات اللي هتجيبها هي اللي هتحدد مستواها وترتيبها، مش أنا.
سيف أكمل بابتسامة:
ومعلومة صغيرة حابب أوضحها للي ما يعرفش، بمجرد ما بقى عندي مشاعر واضحة وصريحة ناحية همس السنة اللي فاتت، ما حطيتش أي امتحان ليكم.
الكل بص لبعض واتكلم بصوت منخفض، فسيف كمل:
أيوة، طلبت من دكتور ممدوح يحط بنفسه أي امتحان. حتى الكويزات الصغيرة كنت بطلبها منه، علشان محدش فيكم يحس للحظة إنها مميزة عنكم. طبعًا هي مميزة بحاجات تانية…
(أضافها بهزار وكلهم ضحكوا.)
سيف كمل وهو بيبص لعبدالمقصود:
بس الدرجات؟ لأ. تمام يا عبدالمقصود؟ ما بديش همس درجات زيادة. بس طبيعي، أي دكتور جامعي أو أي مهنة بشكل عام، لو واحد معاه مراته، فأكيد بيميزها وبيتعامل معاها بشكل خاص مختلف عن الباقيين. فهي هتكون مميزة بحاجة واحدة بس.
عبدالمقصود، بهزار وبصوت واطي:
كلنا عارفينها.
سيف رد عليه بهزار:
ما أقصدش اللي في دماغك يا واطي.
الكل ضحك جامد، وهمس بصتله وبتضحك من قلبها.
هبة بفضول بعد ما الكل سكت:
إيه هي الحاجة الواحدة؟ إيه؟ هاه؟
سيف ابتسم:
الحاجة دي هي إنها مسموح لها في أي وقت تيجي تسأل أي سؤال أو تطلب أشرح مسألة. وللأسف في أي مادة، مش مادتي بس.
(الطلبة ضحكوا، وهمس ضحكت أكتر لما بدأ يقلدها.)
سيف كمل وهو بيضحك:
طبعًا سيادتها بتستغلني اسوأ استغلال. وللأسف أكتر إنها مش بتختار أبدًا وقت مناسب. هو الوقت المناسب ده شيء نسبي بالنسبالها، مش بيفرق معاها صبح، ظهر، فجر، نايم، صاحي، باكل… هو في أي وقت المهم انه مناسب لها هي .
(الكل ضحك، وهمس كانت ميتة من الضحك.)
سيف كمل وهو بيقلدها:
أنا ممكن أكون نايم، والساعة ٣ الفجر، ألاقي حد بيخبط في كتفي. في ظهري، مش مهم، دي شكليات. وتقول لي: “سيف، قوم! إنت حلّيت دي إزاي؟ ولو مش مادتي؟ سيف، قوم شوف الدكتور ده حل المسألة بطريقة غريبة، أكيد غلطان. قوم!”
الطلبة ضحكوا أكتر، وسيف كمل بهزار:
أنا بفتح عيني، مش شايف قدامي. هو في حد صحاني؟ بس إيه؟ ألاقي كتاب في وشي وصوت بيقول: “سيف، شوف!” أقسم بالله، في أوقات بيكون هاين عليا أمسك الكتاب وأ…
همس قاطعته بضحك:
وإيه؟
سيف بهزار:
أشرحلك طبعًا، يا روحي.
الكل ضحك بشكل هستيري، وسيف كمل بضحك:
هو أنا أقدر ما أشرحش ولا أقول لأ؟
واحد من الطلبة علق بهزار:
هتنام في الصالة.
سيف ضحك جامد ورد عليه بهزار:
الحمد لله، معنديش صالة. عندي سويت، وأكيد مش هطلع برا السويت. ده إنتم مصيبة!
(الضحك هدي شوية، وسيف كمل بجديّة وهو بيبصلهم.)
سيف:
المهم اللي عايز أقوله، إن همس معظم وقتها بتذاكر، بتسألني في كل المواد. والدي مهندس، بتسأله. أختي مهندسة، بتسألها. وكلنا بنساعدها. فلو هي في الأربع سنين اللي فاتت كانت بتطلع الأولى بمجهودها هي بس، فما بالك بمجهود ٣ مهندسين أكبر منها وخبرة عنها بيساعدوها؟ فأنا معنديش شك إنها هتطلع الأولى لأنها بجد تستاهل، مش لأنها حبيبتي ومراتي. تمام؟ حد عنده أي مشكلة؟ ولو حد عنده، اتكلموا معايا.
سيف أكمل بابتسامة:
مكتبي كلكم عارفين مكانه، وهتواجد على قد ما أقدر. لسوء الحظ، في مشاكل في الشغل واخدة وقتي، بس هحاول أيام محاضراتي أفضل شوية في الكلية. اللي مش فاهم حاجة، يسألني. ومش بس أنا معاكم، همس مش هتبخل على أي حد من دفعتها في أي مادة مش مادتي. اسألوها، ولو ما عرفتش، هتسألني وأنا هجاوبها. واعتبروا الواسطة اللي عند همس، هي إنها توصلي أي حاجة عايزينها وأنا مش موجود.
سيف بمداعبة:
استغلوا إن عندكم زميلة مميزة، جوزها بيحبها، فمستعد يعمل أي حاجة لأي حد تبعها. تمام؟ ربنا يوفقكم جميعًا. اتفضلوا.
سيف كان بيجمع حاجته لما موبيله رن، رد بسرعة: “أيوه يا سبيدو.”
“طيب، تمام، حلو أوي.”
“بجد؟”
“طيب احجز تذكرتين النهارده.”
“آه، هنسافر أنا وإنت نخلص الحوار ده، احجز وبلغني بالميعاد بالضبط.”
قفل المكالمة وكان هيخرج بره المدرج، لكن همس وقفته: “هتسافر فين؟ وإمتى؟”
بصلها وهو بيقفل شنطته: “هسافر بيزنس والنهاردة، وأول ما أعرف إمتى تحديدًا هبلغك أكيد. عايزة حاجة؟”
سابها وخارج، لكنها طلعت وراه وقفته قدام عربيته: “إنت بجد هتسيبني وتسافر؟”
بصلها باستغراب وردد: “هسيبك؟ إيه هسيبك دي؟ مسافر شغل يا همس، في إيه؟”
مسكت دراعه بتعلق: “هسافر معاك.”
بصلها بذهول: “ومذاكرتك؟ ودراستك؟ وامتحان الميد تيرم؟ كل ده إيه؟”
ردت برفض: “ماهو أنا ما ينفعش.”
استغرب وبص حواليه يشوف حد متابعهم ولا: “ما ينفعش إيه بالظبط؟”
بصتله بعينين مليانة حب وخوف ورعب: “ما ينفعش أعيش في بلد إنت مش فيها وبيت إنت مش هتيجي آخر الليل تاخدني في حضنك، ما ينفعش تسيبني وتسافر أصلًا.”
أمل صحيت من نومها بدري وقعدت على اللاب تشوف أي حاجة عن إيان بس مفيش. نزلت الشركة مع كريم، وهي في مكتبها همس بعتتلها رسالة.
كريم في مكتبه، الباب اتفتح بعنف، ولِسَّه هيعلق، بس أمل جريت عليه، فاتوتر ووقف: “في إيه؟”
مسكت إيده: “تعال معايا بسرعة، في أخبار عن إيان.”
ونكمل
بقلم : الشيماء محمد أحمد
شيموووو