روايات

رواية وميض اللقاء الفصل الاول بقلم الكاتبه آيه شاكر حصريه وجديده 

وبعد قليل
وقفت «رهف» أمام منزل «أمينة»، تحدّق في الواجهة العتيقة التي احتفظت بملامح الزمن.
وأمام المنزل، كانت شجرة الفيكس باسقة بأغصانها المتشابكة، تتمايل بهدوء مع نسمات المساء، بينما تساقطت بعض الأوراق الجافة ببطء، لتلامس الرصيف الذي تشققت أطرافه وكأنه يتنفس ذكريات بعيدة.
تسمرت «رهف» في مكانها، بينما صدى الكلمات في الدفتر لا يزال يتردد في عقلها…
“اللقاء الثاني كان أمام منزل أمينة… بعد أذان المغرب…”
نظرت حولها؛ الشارع خالٍ، صامت لا يعكره سوى أصوات الطيور العائدة إلى أعشاشها، ونسيم خفيف يحمل رائحة أوراق الشجر الذابلة.
بدأت تشعر بوخز الخوف في صدرها، وكادت تستدير لتغادر وقد بدأت تقتنع بأنها مجرد صدفة لكنها… تجمدت في مكانها عندما اخترق الصمت صوت رجولي مألوف.
كان صوته حازمًا، قريبًا جدًا منها، يتحدث عبر هاتفه بنبرة جادة:
-لا يا سما… قلتلك مش هينفع النهاردة… اه… حاضر بس سيبيني دلوقتي عندي شغل، وهكلمك بعدين.
تراجعت خطوة للوراء، وهي تكتم شهقة كادت تفلت منها، زحفت «رهف» بنظراتها لتستقر على وجهه واتسعت عيناها بدهشة.
كان يقف هناك، تمامًا كما وُصف بالدفتر… بجوار شجرة الفيكس، يرتدي قميصًا أبيض وشعره يتمايل بخفة مع نسيم المعادي.
ومن فرط صدمتها لم تستطع أن تُبعد عينيها عنه، لمَ كل شيء يتطابق تمامًا مع ما قرأته؟
كيف يمكن أن تتكرر الأحداث بهذه الدقة؟
أنهى «مالك» مكالمته وأدار رأسه ببطء نحوها، فالتقت نظراتهما للحظة.
كانت عيناه تحملان نظرة حادة، وكأنهما تخترقان أفكارها، ربما يتساءل، من تلك الوقحة التي تُحدق به بهذا الشكل؟
حاولت أن تفر هاربة، لكن قدميها لم تتحركا…
شعرت بوجهها يحمر، وقلبها يخفق بقوة لم تشعر بها من قبل…
تمتمت بصوت خافت مرتعش:
-إزاي… إزاي كل حاجة زي ما مكتوبة؟
اقترب منها «مالك» بخطوات واثقة، وسألها بصوتٍ هادئ:
-لو سمحتِ… تعرفي بيت الدكتور عطاء؟
ارتبكت «رهف» للحظة، وشعرت بحرارة تجتاح وجهها، رفعت يدها المرتعشة ببطء مشيرة نحو المنزل، ونطقت دون أن تشيح نظراتها عنه:
-هناك… البيت الرابع.
رمقها بنظرة إستغراب، وقال بجدية:
-تمام… شكرًا.
استدار مغادرًا وهو يتحدث عبر الهاتف مجددًا، وترك «رهف» لا تزال واقفة في مكانها، تراقبه بصمت…
وعند وصوله إلى البيت، التفت نحوها وأشار للمنزل وكأنه يسألها؛ هل هو هذا؟
أومأت «رهف» برأسها بسرعة، وشعرت بالخجل فأشاحت بصرها وتمتمت بنبرة مرتعشة:
-إيه اللي بيحصل؟… معقول يكون صدفة برده؟ أيوه طبعًا قدرًا يعني، أكيد الدفتر مش هيحكي مستقبلي… لا يعلم الغيب إلا الله.
نظرت إلى شجرة الفيكس مرة أخرى، متسائلة كيف يمكن لورق الدفتر أن يتنبأ بكل هذا؟
ثم عادت ببصرها إلى «مالك» الذي اختفى داخل البيت، شعرت بقلبها ينبض بسرعة، وعقلها لا يتوقف عن التساؤلات.
أخذت نفسًا عميقًا، واستدارت لتغادر، وهي تغمغم:
-أكيد صدفة… أكيد… لا يعلم الغيب إلا الله.
يتبع

انت في الصفحة 2 من 2 صفحاتالتالي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
0

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل