
رواية: حين اختفى القمر
الجزء الأخير
مرّت أيام قليلة على القبض على سالم، وانتشرت القصة في الحي بأكمله. الجميع كان يتحدث عن الشاب الغريب الذي عاد ليكشف حقيقة جريمةٍ ظلت مخفية لسنوات.
رُبى، التي كانت السبب في كشف الحقيقة، عادت إلى الورشة لتُكمل عملها، لكن هذه المرة لم تكن وحدها… آدم كان بجانبها، يساعدها بصمت، وكأن القدر جمع بين قلبين تعبا من الألم.
في إحدى الليالي، وبينما كانت رُبى تجلس على مقعد خشبي تنحت قطعة جديدة، اقترب آدم منها بهدوء وقال:
“أنا كنت فاكر إنه بعد ما آخد حق والدي، رح أترك هالمكان… بس اكتشفت إنه في شيء خلاني أبقى.”
نظرت إليه رُبى باستغراب وسألته:
“شو هو؟”
ابتسم آدم بهدوء وقال:
“إنتِ.”
شعرت رُبى بأن قلبها يخفق للمرة الأولى منذ سنوات، لكنها لم تجد كلمات ترد بها.
اقترب آدم أكثر وقال بصوت دافئ:
“رُبى… إنتِ الشخص الوحيد اللي صدّقني لما الكل كان ضدي، وإنتِ اللي وقفت معي لحتى نوصل للحقيقة. أنا ما بدي أرحل… بدي نكمل سوا.”
امتلأت عيناها بالدموع، لكنها هذه المرة دموع الفرح والراحة، دموع الانتصار على الألم والخذلان.
في تلك الليلة، عاد القمر ليضيء سماء الحي، كما عاد آدم ليُكمل حياته في المكان الذي ينتمي إليه، وبجانب الفتاة التي كانت نورًا في ظلامه.
“حين اختفى القمر… عاد ليُضيء من جديد.”
الخاتمة
حين ظن الجميع أن اختفاء آدم كان هروبًا من ماضٍ مؤلم، كانت الحقيقة أعمق من ذلك. اختفى ليواجه ظلال الماضي ويبحث عن العدالة التي حُرم منها لسنوات.
رُبى، الفتاة التي تحدّت المجتمع وأصرّت على تحقيق ذاتها، لم تكن تعلم أن دفاعها عن آدم سيقودها إلى اكتشاف حقيقة غيابه، والأهم من ذلك… اكتشاف مشاعرها التي وُلدت بصمت بين لحظات الألم والبحث عن الحقيقة.
اليوم، الورشة التي كانت شاهدًا على الحزن والوحدة، أصبحت مكانًا مليئًا بالحياة، حيث يجتمع قلبان تعلّما أن العدالة ليست في الانتقام، بل في مواجهة الخوف والتمسك بالأمل.
تحت ضوء القمر الذي عاد ليُضيء بعد غياب، بدأت قصة جديدة… قصة حب ولدت من بين رماد الماضي، وكتبت سطورها بروح الصبر والإصرار.
“حين اختفى القمر… لم يكن ليختفي إلى الأبد، بل عاد ليُضيء درب من آمنوا بالنور وسط الظلام.”
تمت