
نظر أدهم إلى رؤى، ثم قرر أن يقف إلى جانبها، مهما كانت العواقب. “إحنا مش هنهرب.”
وفي تلك اللحظة، أدرك أدهم أن كل ما يحيط بهما كان أكبر من مجرد رسومات على الجدران. كان هناك شيء مظلم، شيء كان يهدد حياتهم جميعًا، ولم يكن بوسعهم الهروب منه.
وشم على جدار الصمت
الفصل الرابع
كانت الأنفاس تتسارع في صدر أدهم، وهو يواجه التهديد الذي بدا وكأنه يزحف نحوهم بخطى ثابتة. كانت رؤى بجانبه، عيونها مشدودة نحو الرجل الغريب الذي اقترب أكثر، ويبدو أنها كانت تتوقع هذا الموقف. أدهم شعر بأن المكان بدأ يضيق، وكأن الحجارة التي يعلوها الغبار بدأت تضغط على قلبه.
“إنتو مش هتخرجوا من هنا سالمين.” قال الرجل الغريب بصوت منخفض، وهو يحدق فيهم بنظرات حادة. كان يبدو عليه اللامبالاة، وكأن الحياة لا تعني له شيئًا.
لكن رؤى لم تكن خائفة، بل كانت في حالة تأهب، وعينيها تمتلئان بالحذر الشديد. رفعت رأسها إلى أدهم، وأعطته إشعارًا غير مباشر بأن يكون مستعدًا.
“لو حاولتم تضرونا، مش هتقدروا تخرجوا من هنا بسهولة.” ردت رؤى بصوت ثابت، لكن في عينيها كان هناك نوع من القلق. كانت تلك المرة الأولى التي يرى فيها أدهم هذه القوة الكامنة داخلها. يبدو أن لديها أسرارًا أكبر من أي شيء يمكن أن يتخيله.
“أنتم لسه مش فاهمين حاجة.” قال الرجل الغريب بنبرة تهديد، ثم نظر إلى رؤى وقال: “أنتِ مش هتقدري تتهربي منا مهما حاولتِ.”
“أنتوا مش هتقدروا توقفونا.” أجابت رؤى، لكن كلماتها كانت محملة بشيء من القوة التي لم يكن يتوقعها أدهم منها.
أدهم شعر بالتوتر يغلف المكان، لكن هناك شيء في كلام رؤى جعله يشعر بأنها تعرف ما تفعله، وأنها كانت مستعدة لما هو أسوأ. لم يكن يعرف ما الذي يجري هنا، لكن كان يشعر أن الأمور تتجه نحو نقطة لا عودة.
ثم أضاف الرجل الغريب، وهو يبتسم ابتسامة خبيثة: “إنتوا مش فكرين أنكم بعيدين عن السيطرة، صح؟ في النهاية، كل واحد فيكم هيبقى جزء من اللعبة اللي إحنا بنلعبها.”
قبل أن يتمكن أدهم من الرد، رؤى اتخذت خطوة للأمام، وكأنها لا تخاف منه. قالت بصوت منخفض لكنها واضح: “أنت مش فاهم حاجة. إحنا مش مجرد ضحايا في لعبتك.”
الرجل الغريب توقف للحظة، وأدرك أنه قد تجاوز الحد في تهديده، فنظر إلى رؤى بنظرة حادة مليئة بالغضب، ثم تراجع خطوة للوراء وقال: “الوقت هيكشف كل حاجة، لو مش النهاردة، بكرة.”
لم يكن أدهم متأكدًا من أي شيء بعد ذلك، لكنه شعر أن الوقت قد حان للتحرك. في تلك اللحظة، كان يتمنى أن يخرج من هذا المأزق بأقل الخسائر الممكنة.
ثم نظر إلى رؤى وقال بحذر: “إنتي مش لوحدك في دا، عايزني أساعدك؟”
رؤى ردت بنظرة ثابتة وقالت: “إنت مش هتقدر تساعدني في دا. دا أكبر من أي حد.”
ولكن، بينما كان أدهم على وشك الانسحاب، شعر بشيء غريب في قلبه، شيء دفعه للاستمرار. كان يعلم أن رؤى بحاجة إلى شخص يقف إلى جانبها، وأنه رغم كل التهديدات، هناك قوة بداخله تدفعه للقتال من أجلها. فكر للحظة، وعينيه تركزان على تلك الجدران التي رسمت عليها، وعرف أن الحقيقة التي كانت رؤى تخفيها ستكشف له قريبًا.
ومع مرور الوقت، بدأ الوضع يزداد تعقيدًا. لم يكن أدهم يتخيل أن حياتهم ستكون على هذا النحو من الخطر، لكن قلبه كان يدفعه للاستمرار. لأنه في أعماقه، كان يعرف أنه مهما كانت التهديدات، فهناك شيء أكبر، شيء أقوى مما يمكن أن يخيفهم.
“لو هنهرب دلوقتي، هنبقى زيهم.” قالت رؤى فجأة، وكأنها فهمت ما يدور في ذهنه. “لو مش هنا علشان تقف معايا، يبقى مالكش مكان في دا.”
أدهم شعر بأن تلك الكلمات قد ضربت في قلبه. لم يعد يفكر في الهروب، بل في المواجهة.
“يبقى نواجههم مع بعض.” قالها أدهم بعزم، وهو ينظر إليها بعينيه المملوءتين بالقوة التي لم يكتشفها بعد.
رؤى ابتسمت ابتسامة هادئة، وكأنها كانت تنتظر منه تلك الإجابة. “إزاي لوحدك؟ إحنا لازم نكون مع بعض علشان نوقفهم.”
لكن كلام الرجل الغريب لم يكن قد انتهى بعد. “انتوا مش هتقدروا تسيطروا على دا كله.” قال بصوت هادئ، “في النهاية، الكل هيرجع للجدار.”
نظرت رؤى إلى الجدار أمامها، وعينيها تلمعان بفهم عميق. “الجدار ده مش النهاية، هو بداية لشيء أكبر.”
أدهم شعر بقلق يتسلل إلى قلبه، لكن لم يكن هناك وقت للتراجع الآن. كان يعلم أن هذه اللحظة ستكون حاسمة، وأنه كان عليه أن يقرر الآن إما أن يقف في الصف مع رؤى أو ينسحب ويترك كل شيء وراءه.
“أنت مش لوحدك في دا.” قال أدهم، وهو يقف إلى جانبها، عاقدًا العزم على أن يواجه المجهول بجانبها.
هزت رؤى رأسها ببطء، ثم نظرت إلى الجدار مرة أخرى، وقالت بصوت منخفض: “اللي ورانا دا أكبر مننا، بس لما نكون مع بعض، نقدر نوقفه.”
وبينما كانت الشمس تغرب خلف الجدران القديمة، شعر أدهم أن كل شيء كان يتغير بشكل غير قابل للإيقاف.
يتبع…