روايات

رواية حين تنبت القلوب البارت الأول والثاني والثالث والرابع بقلم ملك الحريري حصريه وجديده 

رواية حين تنبت القلوب البارت الأول والثاني والثالث والرابع بقلم ملك الحريري حصريه وجديده 

— “ماذا؟ خمس دقائق؟!”

أومأ دون اكتراث:

— “إذا كنتِ قادرة على إثبات قيمتكِ هنا، فهذه فرصتكِ، وإلا… يمكنكِ العودة إلى زراعة الزهور في مشتل عائلتكِ.”

شعرت بحرارة الدماء تغلي في عروقها، لكن بدلاً من أن تغضب، أخذت نفسًا عميقًا ثم نهضت قائلة بثقة:

— “حسنًا، فلنرَ من سيندم على هذا التحدي، سيد حمزة!”

“لكنها لم تكن تعلم أن هذه اللحظة ستكون بداية حرب غير متوقعة… بين زهرٍ يرفض الذبول، وجدارٍ لم يسبق أن اهتز.”

حين تنبت القلوب
البارت الثاني

وقف الجميع في قاعة الاجتماعات، حيث كانت الأضواء الساطعة تنعكس على الطاولة الزجاجية الضخمة، والأجواء مشحونة بهيبةٍ غريبة. جلس حمزة في مقدمة الطاولة، واضعًا يديه أمامه بتقاطع، ينظر إلى ميرا وكأنه ينتظر سقوطها في أول خطوة.

أما ميرا، فكانت تقف أمام شاشة العرض، تحاول أن تخفي التوتر الذي بدأ يتسلل إليها. خمس دقائق فقط؟! كيف يمكنها إقناع هذه المجموعة التي تتعامل مع الأرقام أكثر من الطبيعة؟ لكن ميرا لم تكن من النوع الذي ينسحب بسهولة، وخاصة عندما يكون التحدي وجهاً لوجه مع رجل متعجرف مثل حمزة.

“لا بأس… هذا مجرد مشتل آخر، لكنه مصنوع من بشر بدلاً من الأشجار.”

ابتسمت لنفسها بخفة، ثم استدارت نحو الشاشة قائلة بثقة:

— “قبل أن أبدأ، دعوني أسألكم سؤالًا: ما الفائدة الحقيقية للحدائق في مشروع سكني؟”

ساد الصمت لثوانٍ، ثم أجابت سمر ببرود:

— “ديكور؟ تحسين المظهر العام؟”

أومأت ميرا، ثم ضغطت على جهاز العرض، فظهرت صورة لحائط إسمنتي رمادي.

— “بالضبط… هذا ما يراه معظم الناس، مجرد إضافة جمالية، لكن الحقيقة أعمق من ذلك.”

ضغطت مرة أخرى، فظهرت صورة لمجمع سكني تحيط به مساحات خضراء أنيقة، يركض فيها الأطفال، بينما يجلس الكبار على المقاعد يستمتعون بالهواء الطلق.

— “الحدائق ليست مجرد زينة، بل هي حياة. الدراسات تثبت أن المساحات الخضراء تقلل التوتر، وتحسن الصحة النفسية، وتزيد من قيمة العقارات بنسبة تصل إلى 15%. لذا، إذا كنا نصمم مشروعًا فاخرًا، فالمساحات الخضراء ليست رفاهية، بل استثمار طويل الأمد.”

لاحظت الاهتمام الذي بدأ يظهر على وجوه البعض، لكن حمزة ظل ينظر إليها بجمود.

— “جميل، نظريًا هذا كلام مقنع.” قال ببرود، ثم أضاف: “لكن ماذا عن التنفيذ؟ هل لديكِ خطة عملية أم مجرد كلام نظري؟”

رفعت حاجبها بتحدٍّ وضغطت مجددًا على جهاز العرض، فظهرت خرائط تصميمها للمشروع، مزودة بخطوط توزيع النباتات، أنظمة الري الذكي، ومسارات المشاة المتداخلة مع الطبيعة.

— “هذه خطتي.” قالت بثقة، ثم تابعت: “تصميم يحقق التوازن بين الجمال والوظيفة، باستخدام نباتات محلية لا تحتاج إلى استهلاك مفرط للمياه، ونظام ري حديث يحافظ على الموارد. بكلمات أخرى، مشروع صديق للبيئة… وللميزانية أيضاً.”

ساد الصمت للحظات، ثم بدأ بعض الحاضرين يهمهمون بإعجاب واضح. حتى سمر، التي كانت تستخف بها سابقًا، بدت متفاجئة. أما حمزة، فبقي صامتًا، ينظر إليها بنظرة غامضة، قبل أن يقول:

— “خطة جيدة، لكن…”

توقفت أنفاسها للحظة، فتابع ببطء:

— “لن أقبل بها إلا إذا أثبتتِ أنها قابلة للتطبيق خلال أسبوعين.”

حدقت به ميرا بصدمة:

— “أسبوعين؟ هذا مستحيل! هذه المشاريع تحتاج إلى شهور!”

ابتسم ببرود وهو يستند إلى الطاولة:

— “مشكلة غيري، وليس مشكلتي. إذا كنتِ واثقة مما تقولينه، فلن يكون لديكِ مشكلة في التنفيذ.”

نظرت إليه بحدة، ثم زفرت ببطء وهي تقول:

— “حسنًا، تحدٍ آخر إذن؟ لا بأس… سأثبت لك أن بعض الحدائق يمكنها أن تزدهر حتى وسط الخرسانة.”

ارتفعت زاوية فمه قليلًا، لكنه أخفاها بسرعة وهو يقول:

— “سنرى.”

خرج الجميع من قاعة الاجتماعات، بينما بقيت ميرا واقفة مكانها، تحاول استيعاب ما حدث للتو. أسبوعان فقط؟ هذا جنون! لكنها لن تتراجع. لم تتراجع يومًا أمام أي تحدٍّ، ولن يكون هذا المتعجرف أول من يهزمها.

أخذت نفسًا عميقًا، ثم استدارت لتجد حمزة ما زال جالسًا في مكانه، يتصفح بعض الأوراق بهدوء وكأنه لم يتركها لتواجه إعصارًا بمفردها قبل قليل. لم تستطع كبح نفسها، فاقتربت منه قائلة:

— “أسبوعان فقط؟ أتعتقد أنني ساحرة أم أنك فقط تستمتع بوضع العراقيل أمامي؟”

رفع رأسه ببطء، نظراته باردة كما لو كان يسمع حديثها من وراء جدار زجاجي.

— “إذا كنتِ غير قادرة، يمكنكِ الاعتذار والاستقالة منذ الآن، ولن ألومكِ.”

رفعت حاجبيها بسخرية:

— “لطيف منك، لكنني لا أهرب من التحديات، على عكس البعض.”

ضاقت عيناه قليلًا، ثم نهض ببطء، يضع يديه في جيبي بنطاله الداكن، صوته هادئ لكن يحمل تحذيرًا خفيًا:

— “أنا لا أهرب، ميرا. أنا فقط لا أضيع وقتي على أشياء لا تستحق. فإما أن تثبتي أنكِ تستحقين الفرصة، أو…”

اقترب منها خطوة، حتى شعرت بوجوده قريبًا جدًا، نظراته محايدة لكنها تحمل شيئًا مبهمًا أربكها للحظة.

— “أو ماذا؟” قالت بتحدٍّ، رغم نبضات قلبها التي تسارعت لا إراديًا.

ابتسم ابتسامة جانبية، وقال بصوت منخفض:

— “أو أنكِ ستتمنين لو لم تخطُ قدميكِ هذا المكان.”

كتمت أنفاسها للحظة، ليس خوفًا… بل لأنه كان يتحدث بثقة من يستمتع بإخراج الآخرين من مناطق راحتهم، وكأن وجودها هنا بحد ذاته تحدٍّ له.

لكنه لا يعرفها جيدًا بعد.

— “سنرى من سيندم في النهاية، سيد حمزة.”

❈ ❈ ❈

في اليوم التالي، كانت ميرا في مكتبها، محاطة بالأوراق والتصاميم، وعقلها يعمل بسرعة البرق. كان أمامها طريقان: إما الاستسلام لهذا التحدي المجنون، أو تحويله إلى فرصة تثبت فيها نفسها.

رن هاتفها، فوجدت المتصل ريان، زميلها الذي أبدى تعاطفًا معها منذ يومها الأول.

— “ميرا، كيف حالكِ مع مخططاتكِ المجنونة؟”

زفرت بضيق:

— “أحاول ألا أفقد عقلي، لكن لا تقلق، لن أسمح لهذا الحمزة بالفوز.”

ضحك ريان قائلاً بمكر:

— “إذا كنتِ جادة في تحديه، فأنا معكِ. لديّ بعض الأفكار التي قد تساعدكِ في تسريع التنفيذ.”

أشرق وجهها بالأمل:

— “حقًا؟ هذا رائع! متى يمكننا اللقاء؟”

— “الليلة، سأرسل لكِ الموقع. لكن احذري… سمعتُ أن حمزة لا يحب أن يتدخل أحد في قراراته.”

ابتسمت ميرا بسخرية:

— “ليست مشكلتي، هو من بدأ هذه الحرب.”

لكنها لم تكن تعلم أن هذه “الحرب” ستأخذ منعطفًا لم تتوقعه أبدًا…

❈ ❈ ❈

في تلك الليلة، كانت ميرا جالسة في مقهى هادئ، تنتظر ريان بفارغ الصبر. فتحت دفترها وبدأت في تدوين بعض الملاحظات، حين شعرت بشخص يجلس أمامها. رفعت رأسها بابتسامة، لكنها تجمدت فورًا عندما وجدت أمامها حمزة، يجلس بكل هدوء، ينظر إليها بعينين تحملان شيئًا غامضًا.

— “لم أكن أعلم أنكِ تأخذين استراحات منتصف الليل.” قال بصوت منخفض، لكنه حمل نبرة تحذير خفية.

بلعت ريقها، لكنها حافظت على هدوئها قائلة:

— “ولم أكن أعلم أنكَ تراقب موظفيكِ خارج العمل، هذا شيء جديد.”

مال للأمام قليلاً، واضعًا مرفقيه على الطاولة، صوته أصبح أكثر خطورة:

— “أنا لا أراقب أحدًا، لكنني لا أحب أن تُدار الأمور من وراء ظهري. هل لديكِ تفسير لما تفعلينه هنا؟”

لم تعرف كيف يملك هذه القدرة على جعل كل جملة تبدو وكأنها استجواب رسمي. لكن هذه ليست ميرا التي تستسلم بسهولة.

ابتسمت بثقة وقالت:

انت في الصفحة 2 من 5 صفحات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
0

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل