
رواية اعمي في النور الفصل الثاني بقلم حور طه حصريه وجديده
«البارت2 من اعمي في النور »
_________________________
في أوضة مظلمة، المكان اللي فيه أبوها، كانت مـ,ـيار بتتحرك بخفة، خطواتها تكاد تكون مش مسموعة. قلبها بيدق بسرعة من الخوف، لكنها كانت مصممة إنها تنقذه. قربت منه وهمست بصوت مرعوب:بابا… أنا هنا، جيت أخرجك.
رفع نبيل رأسه بصعوبة، عينيه مرهقين، ولما شاف بنته، رجع له الأمل شويه. هزّ راسه بحذر، خايف ينطق بكلمة.
لكن فجأة، صوت خطوات تقيلة قطع الهدوء، ودقات قلب ميار زادت. التفتت ببطء، ولقت راجل ضخم واقف عند الباب، عينيه مليانة سخرية، بيتقدم بخطوات ثابتة لحد ما وقف قدامها. كان يوسف، بص لها بنظرة جامدة وقال بنبرة هادية، فيها تهديد:كنت عارف إنك هتيجي. علشان كده سبتك تراقبيني وتعرفي المكان.
عيني ميار اتسعت من الذهول، لكنها بسرعة لملمت نفسها وقالت له بتحدي:هاخد أبويا، سواء عجبتك الفكرة ولا لأ.
يوسف ضحك ببرود، وتهكم عليها: تعرفي ايه اللي عاجبني اكتر، اصرارك، بس الأمور مش بالسهولة دي.
ميار وقفت لحظة، بتبص له بتساؤل، كأنها بتحاول تفهم هو عايز إيه. كانت شايفة إنه عدو لازم تحذر منه، لكن في حاجة غريبة في نظرته… اهتمام غير متوقع.
يوسف ركز نظره عليها وقال بنبرة هادية:هو انتي فاكرة فعلا إنك هتعرفي تهربي بسهولة كده؟
تجاهلت كلامه، عينيها بتتنقل بينه وبين أبوها المقيد، حاولت تتماسك وتبان قوية، وقالت بثبات، رغم ارتعاشة خفيفة في صوتها:مش هسيبه هنا، وهعمل أي حاجة علشان أخرج بيه.
ملامح يوسف اتغيرت للحظة، كأن في حاجة صحيت جواه، حاجة كان ناسيها. سكت لبـ,ـرهة وهمس لنفسه:بجد مش خايفة؟
وقفت ميار بثبات وردت بتحدي:الخوف مالوش معنى لما الموضوع يتعلق بإنقاذ اللي بتحبهم.
يوسف ابتسم نص ابتسامة، وقال بنبرة أهدى شوية:عجباني شجاعتك،بس للاسف مش كفايه عشان تخرجك انت وابوك من المكان ده..
في اللحظة دي، دخل واحد من العصابة وقال باستغراب:إزاي البنت دي دخلت هنا؟
يوسف بص لها بنظرة استخفاف ورد عليه:كانت بتحاول تنقذ أبوها، بس دلوقتي هتتربط جنبه.
نبيل حاول يتكلم، بص ليوسف بخوف وقال:سيب بنتي في حالها، أنا اللي معاكم، اعملوا فيا اللي إنتوا عاوزينه، بس خليها تمشي.
يوسف نظر له بنظرة قاسية وقال:كان لازم تفكر في بنتك قبل ما تاخد الفلوس ومتقدرش تسددها.
بعدين التفت للرجل اللي دخل وقال:اربطها جنب أبوها.
الراجل قرب من ميار علشان يربطها، لكنها فاجأته بمسكه سريعة ليده ودفعت جسمه بكل قوتها على الحيطة. يوسف بص لها بانبهار وقال بلهجة معجبة:ده إنتي طلعتِ شرسة بجد!
ميار وقفت قدامه بتحدي وقالت: انا قلت لك هاخد ابويا وامشي من هنا…
يوسف قرب منها، وبدأت بينهم مواجهة، كل واحد فيهم بيحاول يتفادى ضـ ـربات التاني. بعد عدة محاولات، قدر يوسف يتفوق عليها، مسكها من ذراعيها بقوة وشـ ـدها لحضنه وقال بهدوء:إنتي لسه صغيرة على الحاجات دي.
ربطها جنب أبوها وخرجوا من الأوضة، وهي بتتفرج عليهم بعينين مليانة غضب وألم.
بعد ما خرج يوسف والرجال، حاول نبيل يهدّي ميار اللي كانت مربوطة جنبه، عينيها مليانة غضب ودموع مكبوتة. بص لها نبيل بصوت هادي لكنه مليان قلق:يا بنتي… أنا آسف، ماكنتش عايزك تتورطي معايا.
ميار بنبرة حزينة ومتوجعة:إزاي تعمل كده يا بابا؟ إزاي توصل نفسك لناس زيهم؟ أنا اتبهدلت علشان أوصل لك هنا، ومش هسيبك مهما حصل!
نبيل تنهد ونزل راسه بحزن:عارف يا ميار، أنا غلطت… كنت فاكر إني هعرف أسدد، بس الدنيا لفت بيا. كنت عايز أوفر لك حياة كويسة… بس ماقدرتش.
ميار بلهجة مصممة:هنخرج من هنا يا بابا، صدقني. مش هسيبهم يلمسوك،.
نبيل بتنهيدة مليانة ندم:بس هما مش هيسيبونا يا ميار… يوسف ده مش سهل، وبيعمل اللي في دماغه.
ميار بعيون مليانة تحدي:يوسف ده فاكرني هخاف منه؟ اللي عملته فيه كان البداية، لسه قدامي كتير أقدر أعمله. وأنا لحد ما نطلع من هنا، مش هسكت.
نبيل حاول يشجعها رغم قلقه:إنتي أشجع مني يا ميار… بس أوعي تتسرعي، الناس دي مابتعرفش الرحمة.
ميار بابتسامة مليانة عزم:خليك مطمئن يا بابا، طول ما أنا هنا معاك، مفيش حاجة هتحصل لنا. دول فاكرين إنهم يقدروا يكسـ ـرونا، بس إحنا أقوى منهم.
نبيل جلس على الأرض، عينيه مليانين خوف وإحباط، بينما ميار قاعدة قدامه، بتفكر في خطة للخروج. نبيل قال بتوتر:إزاي بس هنخرج من هنا وإحنا مربطين كده؟
ميار ابتسمت بثقة، فكت قيودها بحركة سريعة وذكية، رفعت يديها قدام والدها بابتسامة واثقة:كنا مربطين، لكن دلوقتي إحنا أحرار.
نبيل حدّق فيها بدهشة:إزاي عملتي كده؟
ميار، بفخر:اتعلمت شوية حيل من الشغل وقررت أستخدمها. دلوقتي نقدر نتحرك.
ميار انحنت وساعدت والدها في فك قيوده. نبيل شكرها وقال بامتنان:أنا مش مصدق. إنتِ بجد شجاعة، بس لازم نكون حذرين. يوسف ورجاله ممكن يرجعوا في أي لحظة.
ميار بحماس:معايا خطة. أول حاجة نخرج من هنا، وبعدين نفكر في طريقة نواجههم.
نبيل بتردد: بس هم متوقعيننا، ممكن يكون في فخ.
ميار أخذت نفسًا عميقًا: أنا عارفة، بس لو قعدنا هنا، هنكون في خطـ ـر أكبر. لازم نتحرك ونلاقي مكان آمن.
نبيل بنبرة فيها نجاح: طيب، أنا معاكِ. لكن لازم نكون حذرين. إنتي عارفة إني مش عايز أضيعك.
ميار بتحدٍ: مهما كان التحدي، هنتخطاه سوا. أنا هحميك يا بابا.
نبيل شعر بالفخر وقال: وأنا واثق أنك هتقدري. ربنا يحميكِ يا بنتي… طول عمري فخور بيكي، بس النهاردة زاد فخري أكتر.
ميار مسحت دموعها وحاولت تتحكم في نفسها وقالت بصوت كله ثقة: خلينا نهدى دلوقتي، وأول ما نلاقي فرصة، هنخرج من هنا مع بعض، ومش هنسيب لهم أي أثر.
نبيل بابتسامة مليانة فخر وحب وهو بيشوفها بتفك الحبل بكل سهولة: والله يا بنتي طلعتِ شجاعة وأشطر من اللي اتوقعته. عمرك ما قصرتي.
ميار حافظت على صوتها واطي وهي بتتحرك بتركيز عشان ما حدش يسمعهم: أنا هنا علشان أخرجك يا بابا، ومش هستسلم مهما كان. بس خلينا نتحرك بسرعة قبل ما حد فيهم يرجع ويكتشف إننا فكينا نفسنا.
نبيل بدأ يتحرك معاها ببطء، وهو مبهور بثقتها وشجاعتها، لكن ماقدرش يمنع نفسه من القلق: بس يا ميار، الناس دول مش سهلين، ودايما عاملين حساب لأي خطوة ممكن نعملها.
ميار بصت له بعزم وضغطت على إيده عشان تطمنه: إحنا هنبقى أذكى منهم يا بابا، أنا درست المكان أول ما دخلت، ولازم نستغل أي ثغرة.
نبيل بحذر: وأنتي شايفة إننا ممكن نهرب من الباب اللي هناك؟
ميار وهي بتبص على الباب بتحليل: الباب أكيد مراقب، بس في نافذة صغيرة في آخر الممر، نقدر نستغلها لو تحركنا بسرعة وبهدوء. وبعدين نتسلل من ناحية الشباك الخلفي، مفيش حارس هناك.
نبيل بابتسامة تعبر عن فخره بيها: تمام، زي ما تقولي يا بنتي، أنا وراكي.