روايات

الفصل الثاني والستون

استغرب تفسيرها لصمته: “أنا ولا مش عايز أفتح قلبي ولا الموضوع له علاقة بالثقة.”
“أمال إيه طيب؟ ليه ساكت؟ ليه إنت كتاب مقفول؟”
دافع عن نفسه: “حبيبتي، أنا مش كتاب مقفول، بس مش دايمًا بعرف أقول كل اللي جوايا أو مش بعرف أشارك مشاكلي كلها. في حاجات بكون محتاج لوقت علشان أعرف أتكلم فيها.
“بالنسبة لقصة خلافي مع عيلتي، الموضوع كمان ما يخصنيش، يخص أبويا وأمي، وبالتالي حتى آية نفسها ما تعرفش حاجة. هل هتكلم فيه؟ هل لأ؟ مش عارف.
“أما قصة خلافي مع حاتم فهي قصة سخيفة لحد الآن مش مستوعب هي حصلت ليه وازاي؟ غير كده، والأهم، مش وقته أصلًا الكلام في موضوع زي ده. بس اللي أقدر أقولهولك دلوقتي يا همس إن في أمور لو هخبيها عنك مش هيبقى عدم ثقة فيكِ أو خوف منك. هو ممكن يكون خوف بس مش منك، هيكون عليكِ.
“هخاف حد يأذيكِ ولو بكلمة أو نظرة. فالخوف دايمًا هيكون عليكِ مش منك. فهمتيني؟ موضوع حاتم أوعدك إني هقولهولك بس مش وقته دلوقتي خالص.”

الصبح وصلها الامتحان كعادته وانسحب علشان عنده مراقبة مع طلبة سنة ثالثة على وعد يجيلها أول ما يخلص. حاتم دخل بعدها معاه أستاذ المادة واطمن على توزيع الورق، انضم لهم دكتور ممدوح اللي طلب من حاتم بعدها يسيب اللجنة وهو هيكون موجود بنفسه مع المعيدين وأستاذ المادة. همس بصتله فابتسم لها يمكن علشان يطمنها إنه مكان سيف وهي مش لوحدها.
خلص الامتحان والكل اتجمعوا بيراجعوا مع بعض حوالين همس وهالة وباقي أوائل الدفعة. همس سمعت إجابتهم، وفي مسألة كانت شاكّة فيها اتصدمت لما لقت كل أصحابها الأوائل حالينها بطريقة مختلفة عنها. حسّت إنها مخنوقة وعايزة تعيط، بصت للباب منتظرة سيف يوصل بس قال عنده لجنة تانية فأكيد هياخد وقت.
هالة لاحظت صمتها وخنقتها فقربت منها: “فيكِ إيه؟”
همس هزت دماغها بنفي، لكن هالة أصرت: “همس، إنتِ عملتي إيه في الامتحان؟”
حاولت ما تعيطش وخصوصًا إن كل أصحابها بصوا لها منتظرين إجابتها: “الحمد لله كويس.”
محمد عبدالمقصود سألها: “ماهو الحمد لله، بس إنتِ شكلك متضايقة، غلطتي في حاجة؟”
أخذت نفس طويل علشان ما تعيطش: “تقريبًا في مسألة غلط، حلي مختلف عنكم كلكم.”
أحمد خلف سألها: “أنهي مسألة؟ الرابعة؟ صح؟ هي دي أغبى مسألة في الامتحان كله أصلًا، حليتها كذا مرة ولما طلع نفس الحل سيبتها.”
كلهم اتكلموا عنها، وهي سمعتهم بصمت، وبعدها علقت لما سكتوا: “هي دي فعلًا اللي تقريبًا غلطت فيها.”
حاتم دخل وقف مع الطلبة اللي كلهم بيسألوه، وكان بيجاوبهم بس عينه على همس مستغرب ملامحها. سألهم: “المسألة الرابعة عملتوا فيها إيه؟”
محمد عبدالمقصود بدأ يشرح الحل، وكمل معاه أحمد وكذا طالب أكدوا الحل. كان بيتابع معاهم ويكمل معاهم، وهمس تأكدت إن حلها فعلًا غلط. هنا دموعها نزلت، فهالة مسكت إيدها: “همس خلاص ما تعيطيش، مفيش حاجة مستاهلة.”
همس بصت لها وبعدت شوية عن باقي الطلبة، قعدت على ديسك وراها وطلعت موبيلها وكتبت رسالة: “إنت فين بقى؟ تعال خدني.”

سيف كان خلص بس قابل أستاذ المادة ودكتور ممدوح، فوقف معاهم يطمن على الامتحان وأخد نسخة منه يشوفه. وصلته الرسالة فشافها من بره.
دكتور ممدوح : “ما سيبتش اللجنة علشانك إنت وبس. ولعلمك بقى” (أضاف بهزار) “ابتسمت لها علشان أطمنها.”
سيف ضحك مع ضحك ممدوح وأضاف: “مع احترامي الشديد يا دكتور، بس هو أي ابتسامة والسلام؟ بعدين معلش، متخيل ممكن يكون ردي إيه لما واحد يقولي ابتسمت لمراتك؟”
ممدوح بص له بذهول: “ابتسمت لمراتك إيه؟إنت ليه أخدت الكلام للناحية دي؟ ولد، أنا بعاملها زي بنتي وإنت إبني فـ…”
قاطعه سيف بسرعة لما لقاه اتكلم بجدية يدافع عن نفسه: “دكتور ممدوح، أنا عارف الكلام ده كويس ورديت بهزار، إنت اللي أخدته بجد. وصدقني وجودك النهارده فرق معايا كتير وأكيد برضه فرق مع همس.”
وصلته رسالة تانية منها: “سيف، تعال علشان خاطري.”
شافها برضه من بره. وهنا اتوتر، ودكتور ممدوح لاحظ نظرته للموبايل فابتسم: “طيب روح لها، مش هنعطلك أكتر من كده. اتفضل يا سيدي.”
سابهم وراح لعندها بسرعة يشوف مالها.
حاتم لاحظ إنها كانت بتمسح دموعها فقرب منها: “عملتي إيه يا باشمهندسة؟ غلطتي في إيه؟”
همس مسحت دمعة بسرعة وبصتله: “الحمد لله.”
حاتم بإصرار: “عملتي المسألة الرابعة إزاي؟ زي زمايلك؟”
همس وقفت: “مش بحب أراجع الامتحان، اللي عملته عملته، مراجعتي مش هتقدم ولا تأخر.”
سيف دخل المدرج، لاحظ إن حاتم بيكلم همس وإنها بتعيط، فقرب بسرعة منهم: “في إيه؟”
همس أول ما شافته رمت نفسها في حضنه ودفنت وشها في كتفه. سيف بص لحاتم بنظرة اتهام واضحة، فدافع عن نفسه: “ما تبصليش، أنا لسه داخل بطمن على طلبتي وأشوفهم عملوا إيه في الامتحان.”
سيف بتحذير واضح: “أقسم بالله يا حاتم لحد عندها، ومستعد أعمل اللي لا يمكن يخطر على بالك، فبلاش تدخلها بينا.”
حاتم بصله كتير بنظرة مش قادر يفسرها، بعدها بهدوء: “أنا حابب أقولك معلومة صغيرة يا سيف، همس…”
سيف كان هيقاطعه، لكن حاتم واصل بسرعة: “هي أولى الدفعة وصراحة تستاهل تكون أولة الدفعة. أي دكتور هيدرس لها أو يتعامل معاها هيحترمها ويقدرها، ولا يمكن يبخس حقها. بس…” علّى صوته بتهديد: “هي مش بس أولى الدفعة، هي كمان مراتك، وزي ما بتقولوا في عهود الجواز على الحلوة والمرة، صح؟ فكونها مراتك له مميزاته، أه، لكن له عيوبه وأهمها إنها بمزاجها أو غصب عنها هتشارك عداوات جوزها.”
سيف بصله بثقة: “همس مراتي، أه، بس الغبي اللي يفكر يضايقها هخليه يندم على اليوم اللي عرفني فيه. وهقولك تاني: أعلى ما في خيلك اركبه. هات آخرك يا حاتم، وعايزك تعرف إنك لو لسه موجود هنا في الجامعة، فده علشان أنا سمحتلك تفضل موجود، وعلشان العِشرة القديمة اللي بينا.”
حاتم ابتسم: “وعلشان العِشرة دي أنا خلتها لحد اللحظة دي بره. ومعلومة صغيرة، الامتحان ده غبي، ولا يمكن كنت أحط امتحان بالغباء ده، لأن عدائي معاك إنت بس، مش مع باقي الطلبة. عداءك معايا أثره انعكس على الطلبة كلها، مش بس مراتك.”
سيف لاحظ نظرات الطلبة اللي واقفين، وبص لحاتم: “الامتحان مش غبي. ولو كنت إنت اللي حطيته، كان هيختلف كتير فعلًا، لكن بالسلب مش بالإيجاب. الكلام سهل طالما مش إنت اللي حاطه، صح؟”
حاتم بص للطلبة: “حظ سعيد ليكم كلكم.”
سابهم وخرج.
سيف بص لهمس بعد ما بعد عنها: “عملتي إيه في الامتحان؟ مش شايف فيه أي حاجة تخليكِ تعيطي.”
كان بيكلمها بحدة، فبصت للأرض وردت بهدوء: “عملت اللي عملته خلاص، زي ما بتقول. نشوف المادة الجاية، ينفع نروح؟”
سيف لاحظ أسلوبها، وكان عارف إنه سأل بحدة، فحاول يتكلم بأسلوب أهدى لكنه فشل: “همس، الامتحان كله سهل، مفيهوش غير فكرة واحدة في المسألة الرابعة، غير كده مفيش.”
همس بنرفزة: “وهي المسألة الرابعة اللي غلطت فيها! ينفع نروح بقى ونقفل الحوار ده؟ إذا سمحت عايزة أروح وأشوف مادة بكرة.”
اخدها ومشي بره المدرج وقفوا عند عربيته وفتحلها الباب بس قبل ما تدخل علق بذهول : غلطتي فيها ليه ؟ أنا لما قولت فيها فكرة فده اقصد بيه باقي الطلبة مش إنتِ ، إنتِ لا يمكن تغلطي فيها لاني حليت زيها معاكِ وخليتك حليتي زيها فإزاي غلطتي فهميني ؟
همس مسحت اثار دموعها وبصتله باهتمام : ٱي مسألة تقصد ؟
علق بغيظ : يعني إيه أي مسألة ؟ الرابعة حليت زيها معاكِ
همس عنيها لمعت وبصتله باهتمام : إنت قصدك إنها بتتحل بالطريقة دي ؟ …
بدئت تشرحله الحل فهنا هو اطمن وتابع شرحها و إزاي حلت المسألة لحد ما سكتت فعلق : طيب ولما إنتِ حلاها بتعيطي ليه معلش علشان برضه مش فاهم ؟
همس بفرحة : بجد ده الحل الصح ؟ بس العيال محدش
قاطعها بغيظ : ٱنا مالي ومالهم ؟ إنتِ لحد إمتى هتفضل ثقتك مهزوزة في نفسك ؟ وفيا ؟
استغربت : أنا ثقتي مش مهزوزه
⁃ ادخلي لو سمحتي علشان بس ورايا ميتنج
دخلت وقعدت مكانها وراقبته لحد ما اتحرك بعربيته فكررت تاني : ثقتي مش مهزوزه ولا فيك ولا في نفسي
بصلها بتهكم : ماهو واضح بأمارة دموعك اللي كانت في المدرج وخليتي اللي يسوى واللي ما يسواش يفرح فيكِ ، مش قادر أفهم أنا ليه بتعيطي ؟ سواء غلط ولا صح ليه العياط ؟ علشان تعيينك معيدة ؟ قولتلك لو ده حلمك هحققهولك ، لو مع اسوأ الظروف ما اتعينتيش في الكلية دي شاوري على ٱي كلية تانية هعينك فيها ، يا ستي هستخدم كل معارفي وكل نفوذي واعينك فيها غصب عن أنف الكل ، هلاقي ألف حل غير عياطك اللي لا هيقدم ولا هيأخر بس هيشمت الناس فيكِ .
همس استغربت هجومه ونرفزته وصوته العالي : إنت إيه مشكلتك دلوقتي ؟
زعق بغيظ : مشكلتي في عياطك قدام كلب زي حاتم وقدام باقي دفعتك ، دلوقتي لما سيادتك عيطتي قدام الكل وقولتي للكل انك غلطانه فيها لما يلاقوكِ جايبة الدرجة كاملة متخيله هيقولوا إيه ؟ هاه ؟ هيقولوا لا ٱصلها كانت فاكرة نفسها حالة غلط ؟ ولا هيقولوا تلاقي جوزها اشترى دكتور المادة ولا رشى ٱي حد ؟
همس كشرت لأنها مفكرتش كده ولا يمكن تفكر كده ، بعدين رد فعلها كان طبيعي وده رد فعلها دايمًا في ٱي امتحان بتغلط فيه وساعات بتعيط وتطلع مقفلة المادة لكن محدش بيفكر فيها كده بس ده كان قبل ظهوره هو في حياتها ، علقت بهدوء : مفكرتش بالشكل ده
اجابها بنرفزة ٱكتر : وإيه الجديد ؟ دايمًا ما بتفكريش بالشكل ده ، ٱنا هستغرب لو فكرتي اصلًا
بصتله بصدمة بعدها علقت بغضب مكبوت : طيب اقفل الكلام بقى لهنا علشان حاليًا مش طيقاك
سكت شوية بعدها سألها : حاتم قالك إيه قبل ما آجي لعندك ؟ كان واقف معاكِ وبيتكلم .
بصتله بذهول لوهلة بعدها علقت باستفزاز: قال اللي قاله مالكيش فيه .
دوره هو في الصدمة والذهول : يعني إيه ماليش فيه دي ؟
همس بإصرار : يعني اسكت دلوقتي واقفل الكلام لهنا .
كان وصل البيت و وقف بعربيته وبصلها : ردي على سؤالي الأول بعدها نقفل الكلام .
فتحت الباب : اللي عندي قولته بعد إذنك .
سابته ونزلت شبه جري لجوه كان عز منتظرها بتوتر علشان يطمن عليها ومعاه هوليا وسلوى اللي كانت بتستعد للخروج وفاجئهم دخول همس جري و وراها سيف بيوقفها من دراعها : بكلمك فاقفي وردي عليا بأسلوب أحسن من كده .

انت في الصفحة 5 من 6 صفحات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
0

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل