
عز بص للاتنين، وسيف عاند عليه، وسبيدو محرج من عز. همس لاحظت حركاتهم، فتكلمت: “بص يا عمي، سبيدو إبني كان…”
قاطعها سيف بتريقة: “سبيدو إبنك؟”
سبيدو ضربه في كتفه: “أنا موافق، اسكت إنت، اتفضلي يا أمي.”
كلهم ضحكوا، وهمس كملت تمثيل الدور وبصت لسبيدو: “مش هنقول سبيدو بقى في الموقف الجاد ده، هنقول سعد، تمام؟”
سبيدو بتأكيد: “تمام، اتفضلي.”
همس تقمصت الدور وبصت لعز: “إبني سعد كان حابب يطلب إيد كريمتكم آية الصياد، وحضرتك سيد العارفين الشباب وتهورهم، وكان عايز يتهور ويكتب عليها الليلة. فقولت إيه حضرتك؟”
عز بص لها بذهول، بعدها بص لإبنه: “هي بتتكلم بجد؟”
سيف بضحك: “هو حضرتك لازم تحدد الجد ده على أي جزئية في كلامها؟”
عز بجدية: “كله يا سيف، كتب كتاب إيه الليلة وأي ليلة أصلًا؟ إنتو مش قولتوا مسافرين علشان تقابلوا نايف وزايد بخصوص الوكالة؟”
سيف رد بسرعة: “آه طبعًا، هو يقصد قبل السفر.”
سبيدو بص لسيف باستغراب، معقول سيف مش معرف حد سبب سفرهم الحقيقي؟
عز بص للاتنين: “ليه؟ ما بعد ما تيجوا نقعد ونتكلم براحتنا.”
سبيدو انتبه لعز: “يا عمي، هو كل الحكاية إن كتر المشاكل دي بتخلي الواحد عايز يغتنم كل لحظة يقدر يفرحها.”
عز ربت على كتفه: “هتفرح إن شاء الله، تيجوا من السفر ونتكلم واللي ربنا رايده هيكون. هسيبكم أنا.”
سيف وقفه: “حضرتك مروح؟”
عز أكد: “آه، عايز حاجة؟”
همس مسكت دراعه تمنعه، بس ابتسم بأسف: “تاخد همس معاك؟”
عز بص لها: “يلا يا همس، حصليني على مكتبي.”
همس بصت لسيف بغيظ، وقبل ما تتكلم، سبيدو علق: “هشوف بدر وارجعلك، كنت عايزه في حاجة؟”
تابعوه لحد ما خرج، فهمس اتكلمت: “خليني معاك.”
سيف مسك وشها: “روح قلبي، مش هينفع، محتاج أرتب شوية حاجات هنا قبل ما أمشي. ساعتين بإذن الله وهجيلك. روحي ارتاحيهم، تمام؟”
حسن اتصل بخالد صاحبه وبشّره برجوع إيان، وخالد مكنش مصدق من الفرحة. نادى على فايزة بصوته كله وقالها: “إيان رجع.”
اتصل بإبنه وبلغه، وبص لمراته: “تعالي نشوفه يلا.”
فايزة طلعت تلبس بس عدت على نور بنتها: “إبنك رجع.”
نور وقفت مصدومة: “بجد رجع؟ هو فين؟”
فايزة: “هنروح نشوفه عند أبوه.”
نور بدأت تطلع هدومها: “هروح أجيبه.”
فايزة مسكت دراعها: “تجيبي مين؟ انسي، إنتِ متخيلة مؤمن يديهولك تاني؟ تبقي بتحلمي.”
نور زعقت: “عايزة أشوف إبني.”
خالد كان طالع يغير هدومه وسمعها، فدخل عندهم: “إبنك اللي رجعته أمل، اللي إنتِ مش طايقاها، وكنتِ عوزة تخطفي إبنها دورت عليه لحد ما رجعته لحضنه، لأنها اعتبرته إبنها.”
نور صرخت: “دي علشان تستعطف القلوب وتكسبهم في صفها، حرباية.”
خالد ضرب كف بكف: “حرباية علشان رجعت إبنك؟ يلا يا فايزة، يا همشي من غيرك.”
فايزة قبل ما تخرج: “هتيجي معانا وتشوفي إبنك، أهلُا بيكِ، مش هتيجي، خليكِ هنا.”
سابتها ونزلت، وهي بعد تفكير قامت تلبس علشان تشوف إبنها، وبعدين تفكر الخطوة الجاية إيه.
سبيدو دخل لبدر، سلم عليه وطمنه على موضوع إيان، بعدها علق بهزار: “كنت عايز استشارتك في حاجة خاصة يا بدر.”
بدر ابتسم: “طبعًا، اتفضل على طول.”
سبيدو وضح: “الأول دي حاجة خارجة عن شغل المصنع وسيف، يعني حاجة خاصة بيا أنا.”
بدر: “قول على طول يا سبيدو من غير مقدمات كتير.”
سبيدو قام من مكانه، حط فلاشة في كمبيوتر بدر واستأذنه يشغلها: “شوف يا سيدي، الملف ده فيه حاجات تخص المعرض. أنا واخد توكيل العربيات دي، فعايزك، معلش، تتعب وتقولي الأفضل. أجيبها كلها قطع غيار هنا وأصنعها هنا ودي تكلفة الموضوع، ولا أجيبها جاهزة وأريح دماغي؟ الملف فيه كل التفاصيل. اللي عندي عايزين يطبقوا المثل بتاع شرا العبد ولا تربيته، وأنا صراحة من أنصار تربيته، لأني لما بربيه ببقى مالكه. المهم، تقدر تفيدني بموضوع دراسة الجدوى والحركات بتاعتكم دي؟”
بدر سمعه بتركيز واهتمام، بعدها علق بابتسامة: “طبعًا، إنت مش منتظر رد مني دلوقتي؟”
سبيدو اتعدل، وبعد خطوة عن مكتبه: “لا، لا طبعًا، خد وقتك. أصل كده كده أنا مسافر مع سيف النهاردة.”
بدر مط شفايفه: “آه عارف، مع إني ضد سفركم ده. أنتم هنا على أرضكم، مركز قوتكم، لكن هناك محدش عارف إيه ممكن يحصل.”
سبيدو مكنش عارف بدر يعرف إيه بالضبط، فمحبش يوضح أي حاجة: “يا عم رب هنا رب هناك، سيبها على الله.”
بدر بجدية: “لا بجد يا سبيدو. سيف هو عمود عيلته، وجوده مهم للكيان ده كله. مخاطرته بنفسه أنا ضدها قلبًا وقالبًا، إنكم تروحوا وكر الأفاعي علشان تعرفوا الأفعى الكبيرة؟ أنا ضد ده.”
سبيدو ربت على كتفه وحب يطمنه: “عارف مكانة سيف هنا، بس ما تقلقش. عندي اللي يساعدنا وهعرف أأمنه هناك زي هنا بالظبط.”
بدر بشك: “قصدك من خلال الدارك ويب؟”
سبيدو ابتسم: “يعني. المهم، العبد لله عنده رجالته في كل حتة في العالم، فاطمن. هرجع لسيف وإنت براحتك في الملفات دي، ولو احتجت أي حاجة…” كتب رقم على ورقة من على مكتبه: “ده رقم المساعد بتاعي، وهسيبله أوامر يجاوبك في أي تفاصيل، تمام؟”
ساب بدر وخرج، ويدوب خطوتين قابل آية كانت رايحة مكتب أخوها، بس وقفت قصاده: “إنت بجد مسافر مع سيف؟ ليه؟ هتعملوا إيه بالظبط؟ قصة وكلاء الشركة دي مش داخلة دماغي، فقولي ليه؟”
سبيدو رجع خطوة لورا: “بِتّ إنتِ بتقرريني ولا إيه؟ لا لسه بدري عليكِ تعملي الخطوة دي. عندك أخوكِ، تدخلي زي الشاطرة تسأليه، مش تمسكي فيّ أنا.”
آية قربت منه وبصت في عينيه: “أخويا مش هيقولي، بس إنت المفروض إنك…” ترددت قبل ما تقولها، فسألها: “إني إيه؟”
ابتسمت بحرج: “إنك حبيبي.”
عينيهم اتقابلت في نظرة طويلة، وهي كملت: “المفروض تقولي إنتو رايحين ليه؟ بعدين أنا خايفة عليك، أقصد عليكم إنتو الاتنين. طمني علشان خاطري، سبيدو، مسافرين ليه بجد؟”
سبيدو جواه إحساس غريب لأول مرة يعيشه بجد: “المفروض إني أضعف وأجاوبك، صح؟”
بيكلمها بهمس، وهي ردت بنفس الطريقة: “آه، مش هتضعف؟”
سبيدو جواه حاجات كتير عايز يقولها، بس مرة واحدة رجع لورا بهزار: “هضعف يا حيلتها، بس لا، اسألي أخوكِ برضه.”
كشرت بتمثيل: “رخم. المهم تجيب أخويا وترجع بسرعة، مفهوم ولا دي كمان صعبة؟”
ابتسم وشاور على عينيه: “ده من عيني.”
بادلته ابتسامته: “دراعك أخباره إيه؟ لسه بيوجعك؟”
أول مرة يحس بحد خايف عليه وبيهتم بيه: “تصدقي إني نسيته أصلًا؟ المهم، كويس. شكله بشع، بس كويس.”
ابتسمت بتعاطف: “هيخف إن شاء الله. سبيدو، بجد حاول ما تتأخرش في سفريتك دي.”
قرب خطوة منها: “ليه؟”
بصت له بحب واضح: “علشان… يعني أقصد إني…”
سكتت، فهو كمل عنها: “حاولت بس ما نفعش.”
استغربت: “حاولت إيه؟”
اتنهد: “أخد خطوة جدية، بس المشكلة بتاعت الجامعة، فقولت بعدها. اختفى إيان، فقولت نلاقيه وبعدها. النهاردة رجع إيان، طلع السفر. بس قولت لأخوكِ نكتب النهاردة، بس رفض.”
آية كانت بتسمعه مبتسمة، بس أول ما قال “نكتب” برقت عينيها: “نكتب إيه؟ والنهاردة إيه؟ إنت بتهزر؟”
كشر بغيظ: “نكتب إيه؟ إنتِ اللي بتقولي نكتب إيه؟ نكتب ABC؟ قال نكتب إيه، قال. على العموم، يا أختي، أبوكِ وأخوكِ رفضوا.”
آية بجدية: “إنت بتتكلم بجد ولا بتهزر؟”
سبيدو استغرب: “واهزر ليه في حاجة زي دي؟ ادخلي حتى اسألي أخوكِ البارد.”
هنا سمعوا صوت وراهم: “أنا قولتلك إيه؟”
ونكمل
بقلم : الشيماء محمد أحمد
شيموووو