
موبايلك, واللي تقولي طب اديه صورتي! مش فاهمة
ايه قلة الأدب بتاعتهم دي”
قالتها بغضب عارم جعله ينفجر ضاحكا وهو يقول:
“ليه أكونش عمر الشريف وانا مش واخد بالي؟”
رمقته بحب قائلة:”أنت أحلى من 100 عمر الشريف يا
نضال”
بعثر خصلاتها مبتسما وهو يقول:”ده في نظرك انتي
بس يا بنّوتّي, وده كفاية عليا”
على الرغم أنها كانت تتميّز غيظا منه إلا أنها لم تملك
إلا أن تبتسم ليباردها بقبلة على وجنتها وهو يقول:
“ياللا ادخلي غيّري هدومك على ما اجيبلك الغدا”
تساءلت:”امال عمتو فين؟”
“عمتك يا ستي عند طنط عطيات صاحبتها بنتها بتتجوز
عقبالك كده لما تكبري فراحتلها من الصبح وهتيجي
متأخر وأنس هيجيبها في طريقه”
انمحت ابتسامتها تومئ برأسها بهدوء وهي تستدير لتدلف
إلى غرفتها دون كلمة واحدة وكل تفكيرها هل سيراها
نضال يوما؟!
***
كانت عائدة من مدرستها تشعر بالراحة وأخيرا انتهت
الاختبارات وجاءت العطلة, أخيرا ستدخل الجامعة وتصبح
طالبة جامعية, شعرت بالبهجة وكلها أمل أن تدخل
نفس كليته حتى تكون معه..
ارتسمت ابتسامة حالمة على شفتيها وهي تدلف من بوابة
المبنى الذي تقطن به لترتد للخلف بقوة عندما وجدته
أمامها.. هتفت والابتسامة تزيّن محياها:”أسامة! ازيك
عامل ايه؟ فينك مش باين الأيام دي؟”
كانت تنظر له بهيام لم يخفَ على المرافق له الذي رمقها
بسخرية وأسامة يرد عليها بغلظة:”مشغول”
وتركها واقفة تنظر بإثره دون كلمة واحدة فاغرة فاها
من تجاهله الواضح لها لتنتبه لمرافقه الذي همس لها
بعبث:”متزعليش أصله مابيتكشفش على حريم”
تركها وهو يضحك ساخرا منها لتمتلئ عيناها بالدموع
وهي تتبعه بنظرها علّه يرمقها بنظرة اعتذار حتى غاب
عن عينيها وهي لازالت تنتظر لتنتفض على صوت زمجرة
بجانبها اكتشفت أنها لصديقتها تلاها هتافها:
“انتي ازاي سكتيله كده؟ لا حقيقي ازاي؟ لا.. لا..
مش ده السؤال الصح, السؤال هو انتي ليه كلمتيه
اصلا؟!”
ابتلعت ريقها تحاول إزالة الغصة التي شعرت بها من رده
الجاف وتجاهله لها بهذا الشكل وأمام صديقه أيضا
وهي ترد على صديقتها ببراءة كادت تتسبب في نوبة
قلبية للأخرى:”أنا كلمته عادي والله يا شروق زي أي جار
لينا! ايه اللي انا غلطت فيه عشان يعمل معايا كده؟”
رفعت عينيها للسماء تسأل الله أن يلهمها الصبر قبل أن
ترتكب جريمة وتقتل صديقتها وربما تقتل ذاك ال..
أسامة أيضا لتريح البشرية منه.. ثم قالت:
“هو انا هفضل اعلّم فيكي لحد امتى؟ مش قولتلك
ماتبدأيش كلام معاه خالص؟ ولما يجي هو يتكلم بقي
ردي بس.. ولو ان من الافضل ماترديش حتى عليه”
أومأت بهدوء ولم ترد فزفرت شروق بحنق قبل أن تضمها لها
وهي تصعد معها لشقتها وهي تقول:”بصي يا دارين.. اللي زي
أسامة ده لو ادتيه وش هيديكي قفاه ولو طنّشتيه
هتلاقيه بيتلزّق فيكي اسمعي كلامي انا.. أنا بقف ف
المحل مع أبويا وعارفة الأشكال دي كويس.. بطّلي
الحالمية اللي انتي فيها دي وماتتخيليش انه بطل في رواية
من الروايات الهابطة اللي بتقريها ونظام بقى هيقسى
عليكي ويرجع يحب فيكي ويعتذرلك.. يا حبيبتي
الحاجات دي في الروايات بس إنما الواقع حاجة تانية
خالص”
أومأت وهي تقول باقتناع:”عندك حق يا شوشو انا فعلا
لازم ماعبروش خالص لحد مايجي هو يقولي انه بيحبني
ويتذلل ليا كده ووقتها بقى ابقى افرح واتنطط واعمل
كل اللي انا عايزاه”
تجمدت مكانها لبرهة قبل أن تشد شعرها بقوة وهي
تهتف بغيظ:”يا لهوي ياني! هو ده اللي انتي فهمتيه من
كلامي؟! يارب الصبر من عندك يارب.. امشي يابنتي من
قدّامي دلوقتي بدل مارتكب فيكي جريمة امشي” .
***
بعد شهر
كانت عائدة من الخارج بعد أن أحضرت كل الطلبات التي
طلبتها والدتها من أجل حفل ميلادها بالغد..
ابتسمت بسعادة وهي تفكر هل سيحضر أسامة الحفل؟
فهي ستدعوه بكل تأكيد مثله مثل أي جار ظاهريا
ولكن بداخلها لم يهمها سواه.. وعلى الرغم أنه لو حضر
من الممكن أن تُقام مشادة كلامية كالعادة بينه وبين
شروق صديقتها إلا أن هذ لن يوقفها عن دعوته..
وكأنها استحضرته من أفكارها فوجدته أمامها يدلف إلى
المبنى السكني الذي يقطنونه معا فأسرعت إليه وهي
تنوء بحملها متوقعة أنه سيسارع لحمل الأغراض منها إلا
أنه لم يلتفت لها من الأساس.. فنادته بلهفة:”أسامة!”
التفت لها وعلى وجهه يرتسم الضجر وهي كعادتها لم تره
“ازيك عامل ايه؟ نتيجتك ظهرت؟ وعملت ايه؟”
رد بغلظة:”وانتي كل ماتشوفيني تستجوبيني؟
لسه ماظهرتش أي سؤال تاني؟”
وقفت تعدّل من وضع الأغراض بين يديها وهي تحاول
الابتسام بالرغم من إحراجها من رده ثم قالت:
“إن شاء الله ربنا يوفقك.. هو أنا كنت عايزة….”
صمتت بارتباك تبحث عن طريقة تدعوه بها لحفل
مولدها فحثّها بضجر:”عايزة تقولي حاجة يا دارين؟”
ابتسمت له برقة وهي تقول:”أيوة, كنت عايزة اعزمك
على عيد ميلادي بكرة, عاملة حفلة صغيرة وكنت
عايزاك ….”
قاطعها بغضب:”عيد ميلاد ايه وهبل ايه؟ انا ماليش ف
الهبل ده.. مابروحش الحفلات العبيطة دي”
صدمت من طريقته لتزداد صدمتها وهو يقول:
“وبعدين انتي مش شايفة انك كبيرة على الحاجات
دي؟ عيد ميلاد وحفلة.. اكبري بقى ده انتي داخلة
كلية”
تركها مصدومة مكانها ودلف لشقته وأغلق الباب خلفه
لتفيق هي على صوت إغلاق الباب بوجهها لتصعد لشقتها
وقد تبخّر حماسها للحفل ولكل شيء آخر .
***
“يا شروق, هاتي الكرتونة اللي قولتلك شيليها على جنب
امبارح”
“حاضر يا بابا”
خرجت لتعطي والدها ما طلبه ففوجئت ب شامل أمامها!
متى عاد من العمل؟! فشامل جارهم وصديقها منذ الطفولة
يعمل بأحد الفنادق ذات الخمس نجوم بمدينة شرم الشيخ
ويأتي كل فترة بإجازة قصيرة ولم تعد تراه كما اعتادت,
ابتسم لها ابتسامته الدافئة التي تعشقها فابتسمت له
تلقائيا وهي ترحب به:
“ازيك يا شامل؟ حمدالله على السلامة”
“الله يسلمك يا شروق أنتي عاملة ايه؟ ها النتيجة امتى؟
طب إن شاء الله طبعا؟!”
قالها شامل بفخر فازدادت ابتسامتها وهي تقول:
“يارب يا شامل, يسمع من بقّك ربنا”
“أكيد انا واثق فيكي”
انتبه على صوت نحنحة والد شروق فاحمّر وجهه وهو
يلتفت إليه قائلا:”شكرا يا عمي ماتحرمش منك”
ابتسم الوالد بتفهّم قائلا:”تسلم يابني, ربنا يسلّم
طريقك”