
بسرعة… اول ما تخلصوا تعالولي على المكتب…”.
أومأ له كلاوس ليأخذ الملف من يده دون التفوه
بأي كلمة فهو معتاد على هذه المهمات بل تعتبر
هذه المهمة سهلة جدا لأنها تحتوي على عدة
معلومات من الممكن الاستعانة بها…. ثم غادر
المكتب يتبعه جاسر دون الالتفات لسيلين و كأنها
غير موجودة…..
بعد أكثر من نصف ساعة….تأففت بملل و هي تقف من
كرسيها حاملة حقيبتها على كتفها متجهة نحو
الباب..لم تكد تخطو خطوتين حتى أوقفها صوته
الذي جعلها تتصنم مكانها :”رايحة فين؟؟
إلتفتت نحوه لتجده يناظرها بعيونه الخضراء
الثاقبة بنظرات عميقة و كأنه يتأمل روحها من الداخل
لترتجف قليلا قبل أن تجيبه بصوت جاهدت كي
يخرج طبيعيا :” عاوز امشي… انا كنت في السفر
عاوز اروح أوتيل عشان أكلم مامي و أنام “.
هز حاجبيه بسخرية رغم أن إجابتها كانت طبيعية
و بسيطة لأي شخص إلا بالنسبة له…
همهم بصوت مسموع :”مممم طيب خلينا نتأكد
من إن كلامك صح و إنك بتقولي الحقيقة و بعدها
روحي لأي مكان إنت عاوزاه….
سيلين بضجر :”انا حسيب رقم هنا و لما إنت
تتأكد ممممم مش عارف إسمه إيه بالعربي….
. “Call me
إبتسم سيف رغما عنه من مظهرها الذي يشبه
كثيرا الأطفال و هي تنفخ وجنتيها دلالة على
ضـ,ـجرها…كيف تكون هذه الصغيرة ذات الملامح
البريئة إبنة عمته…. هي حتى لا تشبهها في شيئ
ولا والدها أيضا…إذن كيف تكونت كتلة الجمال
هذه….
راقبها و هي تحاول فتح الباب لكنها فشلت
لتلتفت نحوه قائلة :”إفتح الباب.. انا عاوز يمشي….
أجابها ببرود :” و عاوزة تمشي ليه؟؟ في حد
مضايقك هنا و إلا إنت خايفة من حاجة “.
سيلين بحدة :” لا مافيش حاجة انا عاوز يروح
دلوقتي… دلوقتي الساعة واحد الساعة واحدة) و انا لازم يلاقي أوتيل عشان انام… انا مش يعرف حاجة
في مصر و مش ينفع يقعد هنا لليل مامي قالتلي إني بنت و الشارع في الليل خطر أخطر من هناك (تقصد إنها متعرفش حد في مصر و لازم تلاقي مكان تنام فيه)..
هكذا تحججت سيلين لكن السبب الحقيقي انها
تكاد تموت جوعا فهي لم تأكل شيئا منذ البارحة
و لم تأكل أيضا في الطائرة بسبب شعورها بتقلصات
في معدتها طوال فترة سفرها…إضافة إلى إحساسها
الشديد بالتعب و رغبتها في الاطمئنان على والدتها
فركت يداها بتوتر و هي تقاوم تساقط دموعها
بسبب إحساسها بالضعف و الانكسار الذي سيطر
عليها….
وحيدة، ضائعة جائعة و متعبة كثيرا إضافة إلى تشردها فهي حاليا تعتبر تائهة بلا مأوى…اسوأ ما قد يحصل لأي إنسان في حياته قد حصل لها في يوم واحد عندما إبتعدت عنها والدتها رغم أنها مازالت
على قيد الحياة فماذا سيحصل لها يا ترى لو
تركتها….
إلتفت للجهة الأخرى لتمسح دمـ,ـوعها ثم عادت
نحو الاريكة لتجلس بهدوء مبتلعة ريقها بصعوبة
بسبب تلك الغصة التي ملأت حلقها…..
أما سيف فقد كان في حاـ,ـلة يرثى لها…أمسك
طرف مكتبه بقوة يمـ,ـنع نفـ,ـسه بصعوبة إلى الذهاب
إليها و طمئنتها فهو طبعا كان يدرس أدق تفاصيلها
و لم يفته ماكنت تشعر من تمزق….
شتم كلاوس و جاسر بداخله عدة مرات لتأخرهما
رغم ان المهلة التي أعطاها إياهما مازالت إلا أنه
يكاد يحترق شوقا حتى يعلم الحقيقة….
حقيقة عمته التي كـ,ـذب عليهم جدهم منذ سنوات
و أخبرهم انها توفيت…أمسك سماعة الهاتف
ليطلب السكرتيرةـ,ـ بأن تهاتف مطعمه المفضل
لارسال وجبة غداء ضخمة تحتوي على جميع
أصناف المؤكولات…
فهو طبعا لا يعلم أي نوع تتناوله…ما إن انهى
مكالمته حتى دلف كلاوس و جاسر و على
وجههما علامات الصدمة…..
وووويتبع