
بعد قضاء صلاة الفجر
طلبت روح أن تكون بمفردها، و هي تجلس على سجادة الصلاة, رفعت يديها إلى السماء و نظرت إلى الاعلي و قالت بدموع: في كلام كتير نفسي اقولوا بس خايفة، يكون ده اعتراض على قدرك ، أنا متأكدة أن رب الخير لا يأتي إلا بالخير، و على يقين أنك رحيم بعبادك ، أنا بس تعبانة و طول عمري و أنا مش اشتكي لبشر، يارب يارب أنا تعبت من الحزن و الدموع، تعبت من اللي يحصل معي، ليه يحصل في حمزة كده بعد ما قلبي اتعلق بي ، قلبي مش قادر يتحمل اني اشوفه كده، هو انا عملت ذنب كبير علشان كده حصل كل ده معي، ليه حمزة ساب كل البنات و عمل معي أنا كده و ليه لما حبته بعد عني أنا عملت ايه لكل ده، يارب بحقك حبيبك سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم اشفي حمزة و اشفي كل مريض، يارب الساعات تعدي على خير.
و انهارت من البكاء.
تجلس لمياء أمام غرفة العناية المركزة ودموعها لا تنتهي
قالت رغدة بدم بدموع: أن شاء الله بقوم بالسلامة.
صرخت بوجع: يارب ، يارب ، أحنا السبب في كل ده ، أحنا السبب أن ابني طلع معندوش دين و لا أخلاق ، طول الوقت كل يهمنا الفلوس ، الفلوس و بس،لما روح ظهرت في حياته اتغير و من اول يوم حبه، و بعد ما هي قبلت بي كزوج ملحقش يفرح بيها ، ليه كده يارب.
رغدة بدموع: يا طنط ليه من الشيطان بلاش تقولي ليه، ربنا له حكمة في كل حاجة و اكيد الخير احنا مش شايفين دلوقتي، عندك حادثة روح جريمة بشعة بس الخير اللي كان فيه انكم رجعتوا إلى ربنا، أن شاء الله خير.
في المسجد
يجلس كل من طه و محمود و عمار يقرأون القرآن الكريم
كان طه لا يستطيع القراءة من المصحف بشكل واضح بسب الدموع
اغلق محمود المصحف و قال: صدق الله العظيم ، صدقني قلبي يقول أنه بخير.
قال بحزن شديد: يارب ، حقك عليا يا ابني ، أنا اللي ضيعتك، أنا اللي دمر حياتك حقك عليا
محمود بحزن: هيكون بخير لازم يكون بخير
كان يفكر في روح إذا حدث لحمزة مكروه لم تتحمل.
مر خمس ساعات و الجميع يجلس أمام العناية بقلق.
و فجأة كان الأطباء و الممرضين يركضون تجاه غرفة حمزة.
سأل الجميع بفزع في آن واحد : في ايه
دخل الأطباء و أغلقوا الباب في وجههم و الجميع يموت في الدقيقة الف مرة…
بعد وقت خرج الطبيب و قال بحزن: للاسف حمزة داخل في غيبوبة.
قالت روح بتوتر: غيبوبة يعني يفوق منه أمت
قال الطبيب: على حسب ، ممكن يوم أو أسبوع أو شهر أو حتي سنة أو العمر كله.
صرخ طه بغضب: أنا ممكن أسفر ابني برة طالما هنا مش عارفين تعالجوا
قال الطبيب بهدوء: حضرتك اللي يحصل هنا و هو اللي يحصل برة ، الحالة حرجة
قالت بصرخة خوف: قصدك ممكن ابني يموت.
صرخت روح بصوت عالي جدا: لا ده مش يحصل ، هو قالي مش اسيبك ، قال ارجع لكي على طول، هو ليه بيعمل معي كده.
اقتربت منها رغدة و قالت: اهدي يا حبيبتي.
أخذ عمار و الدكتور و ذهب معه إلى مكتبه ليفهم الحالة و كان جواب الدكتور صادم: للاسف يا دكتور عمار احتمال كبير حمزة مش يقوم منه، الحالة خطر و كل التحاليل تقول إن حمزة الغيبوبة تكول معه.
قال بصدمة و حزن: ازاي
أعطى الدكتور كل التحاليل الخاصة لحمزة، و كانت الصدمة مسيطرة على عمار ، و يفكر ماذا تفعل روح لو حدث مكروه لحمزة؟
ركضت روح إلى عمار ،و سألت: عمار الدكتور قال ايه.
أجاب بهدوء: بخير قال كويس ، اهم حاجة الدعاء يا روح الدعاء يغير الأقدار.
قالت بدموع: يارب ، يارب.
بعد ساعات و هما يجلسون بلا حركة
قال محمود: روح انتي قاعدة من امبارح هنا يلا يا حبيبتي و تعالي الصبح
قالت بدموع: مش اتحرك من مكاني غير و حمزة معي.
قال طه: يا حبيبتي لازم ترتاحي
جلست على الأرض بجوار الباب وضعت رأسها على الحائط و قالت بدموع: راحتي هنا جنب حبيبي.
جلست رغدة أمامها و قالت بحزن: يا حبيبتي بلاش تعملي في نفسك كده.
أكملت لمياء: تعال نرجع البيت و أن شاء الله نكون هنا من الصبح.
ليكمل عمار بهدوء: القعدة مش تفيد بحاجة.
أغمضت عيونها و قالت بتعب: لو سمحتم مش عايزة اتكلم أن مش اتحرك من هنا الا و حمزة معي.
قال محمود: بس.
قاطعة الحديث رغدة و قالت: خلاص يا بابا أنا أفضل معها.
قالت بنفي : مش عايزة حد.
قال طه: أنا قاعد
قالت : لمياء و أنا كمان مش اسيب ابني.
قالت روح: امشي انتي يا رغدة
أومأت رأسها اعتراضا و قالت: لا مش اسيبك.
قالت : أنا كويسة امشي بقا مش اقدر اتكلم ، امشي علشان بابا يرتاح و يأخذ العلاج.
بعد جدل طويل ذهب محمود و عمار و رغدة.
تجلس على الأريكة و على الأرض روح التي رفضت التحرك من مكانها و تتخيل أن هكذا تكون قريبة من حمزة.
و يقف طه أمام العناية، محاولة أن يرى طيف ابنه و يحدث نفسه: سبحان الله ، معقول حمزة نايم كده ، اللي كان لسة صوت كلامه يهزر الأرض دلوقتي مش حاسس بحاجة، يارب تقوم منه يا حمزة.
كانت لمياء تدور في ذهنها ذكريات طفولة حمزة و كأنها تشاهد صوت و صوره ، و تبسم تارة و تبكي تارة.
أما هي ليس أحد مثلها ، بالتأكيد وجع طه و لمياء لا يقارن بأحد فهما أب و أم.
لكن هي منذ الحادثة و جهلت طريقة السعادة، كلما بحث عنها و حاولت الوصول اليه، تجد أمامها الحزن.
كانت تقرر بين نفسها أنه سوف ينتهي كل شيء بعد التخلص من مثلث الشر.
قررت الذهاب الى طبيبة نفسية لأجل العلاج.
قررت بداية حياة طبيعية مع حمزة مثل أي زوج و زوجة.
لكن هيأت هيأت ، دائما تاتي الرياح بما لا تشتهي السفن.
اليوم هو رقد في الدخل و هي تبكي في الخارج.
أخذت نفس عميق و قالت بدموع: يارب ، يارب ،يارب ، أنت عالم بقلبي ، مش عارفه اقول ايه ، معنديش غير يارب ، يارب.
كانت تبكي بشدة وضعت يدها على فمها حتي تمنع صوت بكائه
كان كل من الثلاث في عالم آخر.
الشئ المرتبط هو التضرع إلى الله.
مر أسبوع و لم يتغير شئ في حالة حمزة
و لم يغادر طه أو لمياء أو روح المستشفى.
وصلت ريم مع كريم و الاولاد .
في غرفة المرافقة
تجلس روح مع اخواتها
قالت ريم بحزن: لازم تكوني قوية يا روح ، علشان خاطر حمزة و كمان أبوه و امه
قالت بدموع: مش قادرة ، مش قادرة يا ريم الاسبوع اللي عدى ده كأنه سنين مش عارفه اعمل ، وحشني اوي.
قالت ريم : ده أمر الله و مفيش في أيدينا حاجة غير الدعاء.
صرخت بصوت عالي: يارب يارب و الله مليش غيرك ، اقف جنبي فرح قلبي الحزين بشفاء حمزة، يارب يارب يارب.
اخذتها ريم في حضنها و انهاروا معا من البكاء.
في غرفة الدكتور.
سأل رغدة بصدمة: اكيد في حل يا دكتور
أجاب الدكتور: حضرتك دكتورة، و اكيد عارفة الحالات دي اخرتها ايه.
عمار: بلاش نفكر كده، لآخر نفس نحاول لكن حضرتك متسرعة في فكرة شيل الأجهزة.
صرخ الدكتور: حمزة ميت اصلا ، أجهزة الجسم شغالة بسب الأجهزة الصناعية يبقي الاحسن ليه الموت
قالت باعتراض: لا لا ، ربنا قادر على كل شيء ، عندي يقين حمزة يقوم ، لو سمحت يا دكتور خلي روح تدخل عنده اكيد هو يحس بيها.
أجاب : تمام
في غرفة حمزة
تدلف روح و هي دقات قلبها عالية جداً ، تنظر إليه و كلما اقتربت منه تريد دقات القلب.
أمسكت يديه و قبلتها و قالت بدموع: ازيك يا حبيبي ، عامل ايه ، وحشتني اوي، على فكرة أنا زعلانة منك ليه تعمل معي كده، مش وعدتني كل حاجه تكون تمام و بخير، ليه بعدت عني.
و قالت بصرخة: ليه انت اللي تقرر كل حاجة في حياتي ، قررت تسرق مني اغلى ما املك، قررت تتغير و تظهر لي قد ايه انك بتحبني، فأنا وقعت في حبك، قولتلك بلاش نكمل في الخطة ، بس انت قولت لازم، و دلوقتي قررت تبعد عني و تنام و تسبيني لوحدي و أنا خايفة، أنا بجد خايفة و مش عارفة اعيش من غيرك، ارجع يا ارجع يا حمزة ارجع ، ارجع كفاية فراق و جرح و حزن و دموع ،ليه الفرحة مش مكتوبة عليا، ليه ، ليه، قوم علشان أنا بحبك اوي ، قوم علشان ابوك وامك مش قادرين على الوجع، عارف كريم و ريم و الاولاد هنا، مني تسأل عليك و محمود قال فين عمو حمزة علشان نجيب ايس كريم ، قوم يا حمزة علشان أنا خايفة ابقي لوحدي.
دلفت الممرضة و قالت: مدام روح كفاية كده.
قالت : ليه سبيني شوية.
قالت الممرضة: حضرتك ده وقت التغير
قالت بغيرة: أنا مراته اعمل كده، أنا اختي دكتورة و عندي خبرة في مجال التمريض
قالت بابتسامة: حاضر يا مدام.
مرت ايام و اسابيع و شهور و الآن مر عامين كاملين
و الجميع فقد امل شفاء حمزة الا روح.
أصبح الجميع يأتي و يذهب إلى المستشفى الا هي لم تغادر منذ دخول حمزة ، اصبحت غرفة المستشفى هي غرفتها.
طه بناء على طلب روح يهتم بالشركات لأجل حمزة
في غرفة الطبيب
قال الدكتور بحزن: انا عارف أنه صعب بس مفيش أقدم في حالة ابنك لازم نفصل الأجهزة و نريحه من العذب
قالت لمياء بدموع: مفيش أمل.
قال الطبيب: للاسف
قاله: لله الامر من قبل و بعد، مش نقدر نحضر اللحظة دي .
كانت تقضي صلاة العصر في الغرفة الخاصة بها
جاءت الممرضة تهرول و قالت: مدام روح الدكتور قرر فصل الأجهزة عن استاذ حمزة.
ركضت سريعا الى غرفة العناية ، صرخت بصوت عالي: انتوا تعملوا ايه، اطلعوا برة ، ابعدوا عنه
صرخ الطبيب: أخرجوا برة حالا.
مسكتها الممرضات و يحاولوا أن تغادر الغرفة، صرخت : ابعدوا عني ، حمزة ، حمزة اقوم، حمزة اقوم.
دفعت يد الممرضات و ذهبت الى قدمه و تحرك في ، و قالت بتوسل: اقوم يا حمزة ، بلاش تعمل في كده اقوم.
صرخ الدكتور بغضب: يا مدام جوزي ميت حرام عليكي.
صرخت : لا اوعي تقول كده .