
رجال العصابة ينحنون برؤوسهم، ويقولون: أوامرك يا ريس، وأتأكد إنه مش هيفلت مننا المرة دي.
رئـ ـيس العصـ ـابة ينظر إليهم بحزم: طبعا أنتم مش مستغنيين عن أرواحكم وأرواح عيالكم علشان تخلوا يوسف يفلت منكم تاني.
الرجال يتجهون للخروج، وكل واحد فيهم يحس بضغط المهمة اللي أمامهم.
*************************
«في شقة يوسف»
****************
كان نبيل وميار يسندانه ويدخلانه، ثم يرقدوه على السرير. ميار، بخوف، تراه غارقًا في دمـ ـه: بابا، هنتصرف إزاي دلوقتي؟ احنا لازم ننقذ يوسف.
نبيل يحاول تهدئتها: اهدي يا حبيبتي، احنا أكيد هننقذه. أنا بعثت رسالة لواحد صاحبي دكتور. وهو جاي على الطريق. اهدي.
بعد قليل، جاء الدكتور إبراهيم، صديق نبيل، وأخرج الرصـ ـاصة وضمد الجـ ـرح، ثم خرج من الغرفة تاركًا ميار بجانب يوسف.
إبراهيم: إنت إزاي تتورط في حاجة زي دي يا نبيل؟
نبيل: إبراهيم، أنت ما تعرفش حاجة. أنا خسرت كل فلوسي وأملاكي. وللأسف، الناس اللي كنت قايل لك إن أنا أخذت منهم فلوس عشان أقوم تجارتي ثاني، دلوقتي بيطردوني لأنهم عايزين فلوسهم لأنها اتضعفت. ويوسف ساعدنا نخرج من المكان اللي كانوا حاجزيننا فيه، كانوا هيمـ ـوتونا أنا وبنتي.
إبراهيم: وأنت فاهم إنك دلوقتي قدرت تخلص منهم؟ هم هيرجعوا يدوروا عليكم ثاني. هتفضل هربان؟ لازم تبلغ البوليس وتحمي نفسك وبنتك.
نبيل: بوليس إيه اللي عايزني أبلغه؟ أنا هتسجن! قبلهم أنا عندي قروض للبنك وضمانات، وللأسف مش هعرف أسددها. يعني لو رحت بلغت هبقى بسلم نفسي.
إبراهيم: طب وإنت ناوي تعمل إيه دلوقتي؟
نبيل: أنا هحاول اتصرف. هاخد بنتي ونهرب بره البلد. وأنا بجد متشكر ليك لأنك أنقذت يوسف.
إبراهيم: احنا أصدقاء. لو احتجت أي حاجة أنا موجود…ثم يخرج إبراهيم.
بعد قليل، يفوق يوسف وينظر لميار: إنتِ كويسة؟
ميار بابتسامة خفيفة: أنا كويسة، طمني عليك.
يوسف بتعب: ما تقلقوش، أنا كويس.
نبيل يدخل: أنا قدرت أتواصل مع واحد صاحبي هيدبر لنا سفرية من على طريق البحر. لازم نسافر ونسيب البلد في أقرب وقت.
يوسف يعتدل في جلسته بتعب: الهروب مش حل يا عمي.
ميار: صح يا بابا، الهروب عمره ما كان حل. احنا لازم نواجه.
نبيل: يا بنتي، كلامكم حلو، لكن هنواجه إيه؟ احنا ما معاناش الفلوس اللي نقدر نسدد بها كل الديون اللي عليا دي. ويوسف بعد ما خان العصابة مش هيتنازلوا إنهم يقـ,ـتلـ ـوه. السفر هو الحل الوحيد لينا دلوقتي.
يوسف يضع يده على كتفه مكان الرصاصة: ما تقلقوش، أنا هتصرف. ديونك أنا هسددها كلها. وموضوعي مع العصابة، أنا أعرف أزاي أحله. مش عايزكم تقلقوا.
ميار تنظر له: وأنت إيه اللي يجبرك إنك تسدد ديون أبويا؟
في تلك اللحظة، يعلن هاتف نبيل عن اتصال ويستأذن منهم ويخرج خارج الغرفة.
يوسف بابتسامة: يمكن بدور على حجة عشان تفضلي في حياتي بعد ما دليتيني عليها. أنا كنت شخص تايه، رجلي كانت كل يوم بتغلس في الوحل، وأنا مش حاسس. كنت أعمى لأني ما قدرتش أشوف الشخص اللي كان بيمـ ـوت جوايا ببطء، لكن إنتِ جيتي، أديتيني الحياة وخليتيني أتنفس من جديد.
ميار شعرت بشيء غريب يجذبها نحو يوسف، نظرتها كانت مليئة بالقلق، لكن في عمق عينيها، كان هناك شيء آخر. شيء يربطهما أكثر مما كانا يدركان.
ميار: يوسف، لو ما كانش الشخص ده جواك، أنا ما كنتش هعرف اخلاقه. فيك أنت كنت بس عايز حد يشيل الغمامة اللي على عينيك، وده اللي أنا عملته. خليتك تشوف بقلبك مش بعينيك.
يوسف: لما كنا في مكان العصـ ـابة، وانتِ انفعلتي وقلتي لي. أنت أعمى في النور…يا يوسف، الكلمة دي هزتني قوي من جوه. خليتيني أتأكد إن الأعمى هو اللي يفقد بصر القلب مش بصر العين. أنا هفضل معاكي يا ميار مهما حصل، مش هسمح لهم يلمسوك لا أنت ولا أبوك. اللي تكون عندها استعداد تضحي بحياتها علشان خاطر أبوها، تستاهل إن خاطر بكل حاجة علشانها، حتى روحي ترخص تحت رجليها.
ميار اقتربت منه أكثر، كأنها تبحث عن الأمان في حضنه: لكن إزاي؟ لو حصل لك حاجة، هيكون عندي الدنيا كلها، بس أنا مش هقدر أعيش. من غيرك مش عارفة، ده حصل إمتى وإزاي بس أنا بقيت حاسة إنك قريب مني قوي. لما شفتك وانت غـ ـرقان في
دمـ ـك، كنت حاسة إن الدنيا كلها بتتسحب من تحت رجلي. كنت خايفة قوي إنني أفقدك.
يوسف تألم قليلا لأنها ضغطت برأسها على كتفه المجروح دون أن تنتبه: ما تقلقيش، أنا مش ممكن أسيبك. أنا ما صدقت لقيتك، بس لو فضلت. ساندة على كتفي كتير، مش هقدر أعدك إني أفضل معاكي كتير.
ميار: أنا آسفة، ما انتبهتش. في حاجة وجعتك.
يوسف بابتسامة يمسح دموعها: ما تقلقيش، أنا كويس.
نظراتهما تلاقت، وكأن الزمن توقف للحظة. كانت هناك شحنة عاطفية في الجو، شعور غير مُفسر يربط بينهما، يجعلهما يتجاهلان كل المخاطر المحيطة بهما.
ميار: يوسف، في حاجة بينا… حاجة أكبر من أي خطـ ـر. أنا بحس إنك مش مجرد حد عادي في حياتي. أنت أكثر من كده.
يوسف ابتسم، وهو يشعر بدفء الكلمات: وأنتِ بالنسبة لي مش بس بنت عجبتني شجاعتها. أنتِ شخص مهم جدا في حياتي.
ميار: مش عارفة إزاي أوصف اللي بحسه، بس أنا عايزة أكون معاك، مهما حصل.
يوسف: هيكون في خطـ ـر، لكن أنا مستعد لمواجهته، معاكِ.
ميار: بس لو قعدت معايا، حاسة إن كل حاجة هتبقى أحسن. وجودك هنا بيديني القوة.
يوسف: ووجودك في حياتي هو السبب اللي يخليني أقاتـ ـل. لازم نكون مع بعض ونخرج من اللي إحنا فيه.
مع تلك الكلمات، انحنى يوسف تجاهها، وميار شعرت بالحرارة التي تنتشر في قلبها. كانت اللحظة مليئة بالعاطفة والخيال، كأنهما في عالم مختلف. كل شيء حولهما تلاشى، وبات التركيز على بعضهما البعض.
ميار: يوسف، أوعدني إنك هتحل كل حاجة وهترجع لي.
يوسف: أوعدك، بس أنا مش عايزك تخافي قوي كده. حبيبك شخص قوي ومش سهل ويقدر يواجه 1000 واحد في لحظة واحدة.
ميار بابتسامة خجل: حبيبي.؟!
يوسف: إيه، هو أنا مش حبيبك؟
ميار: اكتشفت أخيرا إنك حبيبي، مش هسمح لحد يقرب منك ويؤذيك أو ياخدك مني.
كانت لحظة مليئة بالأمل والالتزام، حيث تعهد كل منهما بحماية الآخر، مهما كانت التحديات القادمة.
**************************
يتبع….
_____________
بقلم حور طه
_____________
صلي على الحبيب