
بسرعة مدّت إيديها على درج صغير جنب التلفزيون سحبت مفتاح صغير فتحت الدرج التاني وطلّعت مسدس أسود صغير كان ملك أبوها عمرها ما فكرت تستخدمه بس دلوقتي الوضع مختلف تمامًا.
إيديها كانت بتترعش وهي بتلمس المعدن البارد لكنها غمضت عينيها ثانية وخدت نفس عميق مفيش وقت للخوف.
نظرها جاب ظرف بني صغير مدفون تحت شوية ورق سحبته بسرعة وفتحته باسبورها! سحبته من جوه الظرف وحطته في جيبها قلبها بيدق بسرعة عارفة إن كل ثانية بتفرق وإنها لو فضلت واقفة هنا أكتر من كده… مش هتلحق تهرب!
ضربة جامدة على الباب كأنه هيتكسر!
ملك فزّت عرفت إن الوقت خلص مفيش فرصة تفكير.
فتحت باب البلكونة كانت في الدور الرابع مستحيل تنط بس ممكن تستخدم المواسير الحديد اللي جنب الحيطة.
“بسرعة يا ملك… بسرعة!”
تسلّقت السور الحديدي، قلبها بيرجف من الخوف ونزلت رجلها على المواسير وبدأت تتحرك بحذر.
سمعت صوت الباب وهو بيتحطم صوت رجالي تاني صرخ:
“هربت! انزلوا وراها دلوقتي!!!”
ملك نزلت بسرعة رجليها لمست الأرض وقبل ما تفكر جريت بكل طاقتها ناحية الشارع البرد كان بيلسع في وشها بس ماحستش بحاجة كل اللي في دماغها إنها تهرب… تهرب بأي طريقة!
ملك كانت بتجري بأقصى سرعة،النَفَس مقطوع رجلها بتخبط في الرصيف بس الخوف كان بيديها قوة غير طبيعية.
سمعت صوت خطوات تقيلة بتجري رجال ضخمين ببدل سودة عيونهم كلها شراسة كانوا بيطاردوها كأنهم صقور شافوا فريسة.
ملك لمحت عربية أجرة عند الإشارة بدون تفكير جريت ناحيتها فتحت الباب بسرعة ورمت نفسها جوه العربية.
ملك (بأنفاس متقطعة): “سوق! سوق بسرعة!!!”
السواق بصّلها من المراية كان راجل كبير شكله متردد لكنه اتحرك لما شاف الرجالة اللي وراها.
“إنتي هربانة من مين يا بنتي؟”
ملك (بصوت مرعوب): “رجالة عايزين يقتلوني… لو سمحت وديني أي مكان بعيد عن هنا!”
العربية اتحركت بسرعة، والرجالة وقفوا مكانهم، واحد منهم مسك الموبايل واتكلم بنبرة باردة:
“الفريسة وقعت في الفخ… بلغ الكبار إن اللعبة بدأت.”
ملك كانت قاعدة في الكرسي الخلفي نفسها مقطوع كل ثانية بتبص من الشباك تتأكد إنهم ماشيين وراها ولا لأ.
السواق راجل ستيني بملامح هادية وابتسامة بسيطة بصّلها من المراية وسألها بصوت هادي:
“إنتي كويسة يا بنتي؟ شكلك مش تمام.”
ملك (بصوت متوتر): “أرجوك بس سوق بعيد عن هنا!”
السواق: هتروحي فين!
ملك بسرعه: المطار وديني المطار
التاكسي وقف عند المدخل وملك نزلت بسرعة وهي بتبص حواليها قلبها كان لسه بيدق بعنف لكن أخيرًا وصلت للمرحلة الأخيرة من هروبها.
ملك (بصوت مضطرب وهي بتفتح باب التاكسي):
“شكرًا… شكرًا بجد.”
السواق (بهدوء وهو بيبص لها من المراية):
“ربنا يستر طريقك يا بنتي.”
ملك مقالتش حاجة اكتفت بهزة خفيفة من رأسها قبل ما تجري على بوابة الدخول عارفة إن كل ثانية بتفرق.
ملك كانت بتتنفس بصعوبة العرق بيسيل على جبينها لكن قلبها بدأ يهدى وهي بتشوف ختم الجواز على صفحتها. اللحظة اللي مستنياها بقالها أيام أخيرًا وصلت لمحت بعينها الرجالة اللي كانوا بيطاردوها داخلين الصالة عيونهم بتدور عليها بجنون لكن الأوان كان فات.
موظف الجوازات بابتسامة رسمية: “رحلة سعيده”.
سحبت جوازها بسرعة دخلت ناحية بوابة الطيارة وهي بتحاول تخفي رعشتها أول ما لمست رجلها أرضية الطيارة حست إنها لأول مرة بقالها شهور قادرة تاخد نفس عميق.)
حطت شنطتها على الكرسي جنبها ربطت الحزام وغمضت عينيها وهي بتحاول تصدق إنها فعلًا هربت… بس هل فعلاً هربت؟
(خارج المطار)
الرجالة كانوا واقفين بيتلفتوا حواليهم بغضب واضح واحد فيهم مسك الموبايل وضغط على رقم محفوظ رفعه لأذنه وقال بنبرة حادة:
“باشا… هربت.”
صوت غامض من الطرف التاني ببرود: “ركبت أي طيارة؟”
الراجل وهو بيضغط على سنانه: “مش عارفين… ختمت الجواز قبل ما نوصل… اختفت جوه المطار.”
الصوت من الطرف الآخر بلهجة هادية لكن مخيفة: “يبقى هنعرف… حتى لو كانت آخر طيارة سافرت النهارده… هنعرف راحت فين.”
الراجل بلع ريقه وغمغم بانكسار:حاضر يا باشا…
ملك سندت رأسها على الكرسي وأخيرًا سمحت لنفسها ترتاح… لكن عقلها كان لسه شغال والذكريات بدأت تغزو تفكيرها… صوت المحركات خفت في ودانها وتحولت الأصوات لذكرى بعيدة…)
F
ملك كانت قاعدة على السرير الموبايل في إيدها وعينها معلقة على رسالة وصلت لها… رسالة قلبت حياتها رأسًا على عقب.
فاكرة إنك هربتي؟ الحساب لسه مفتوح… وجه الوقت اللي هتدفعـي فيه الثمن.
جسمها تصلب إيديها بردت وكأن الخوف اخترق عظامها بصت حواليها بسرعة حسّت كأن الحيطان بتضيق عليها هي سابت كل حاجة وهربت إزاي لقوها؟!)