
همّ بالحديث لينتفض على صوت أتى من خلفه:
“أيوة هيريحك على الآخر, راحة أبدية إن شاء الله”
ضحكت بقوة وهي ترمق شروق تحذّرها من المتابعة
لتجذبها شروق من يدها وهي تتابع:
“ياللا يادارين اتأخرنا على السينما.. عازماكي على فيلم
عودة البغل” .
انتبهت من أفكارها على صوت مألوف يقول:
“أكيد سرحانة فيا صح؟ اوعي تنكري”
رمقته بدهشة ثم مالبثت أن ابتسمت بمرح وهي تقول:
“لا زاي أقدر أنكر برضه؟ أكيد طبعا سرحانة فيك”
“بجد؟!”
سألها بلهفة لتومئ وهي تقول:”طبعا انت عندك شك
وال ايه؟”
شعر أنها تسخر منه فرمقها بريبة فضحكت وهي تقول:
“هو انت كده على طول؟!”
سألها مبتسما:”كده ازاي؟”
حاولت البحث عن كلمة مناسبة ولكنها لم تجد فرمقته
وكأنها تستعين به وهي تقول:”متهوّر!”
“قصدك مجنون”
قالها غامزا إياها بمرح فلم تملك إلا أن تضحك وهي
تقول:”أنا آسفة.. مش قصدي”
ضحك عاليا وهو يقول:”لا أبدا.. مش أول واحدة تقولي
كده”
لاحظ الضيق الذي اعتراها فتابع بهدوء:
“أمي على طول تقولي إني مجنون, مش جديدة عليا
الكلمة يعني, مش قولتلك هتتفقي معاها اوي”
عادت الابتسامة إلى وجهها وهي تتساءل بداخلها عن سر
الضيق الذي اعتراها عندما لمّح إلى وجود أخرى على
الرغم أنه ليس من حقها الشعور بالضيق أبدا .
أشاحت بوجهها عن عينيه المحدقتين بها بتركيز ليقع
بصرها على (العروسة) كما تدعوها شروق لتجدها واقفة
مع أحدهم وعلى مايبدو أنه (العريس).. ابتسمت بعفوية
وهي تتذكر حديث شروق عنهما لتسمع همسة بجانب
أذنها:”لما بتضحكي بحس إن كل حاجة حوالينا
بتضحك, اوعي تبطّلي تضحكي مهما حصل”
علقت أنفاسها وهي تشعر بقلبها ينبض بقوة فرفعت كفها
لتضعه على قلبها دون شعور لتسمعه وهو يغادر
تاركا إياها بعدما بعثر مشاعرها بعفويته .
****
استيقظ من نومه وحيدا كعادته بالأيام السابقة.. ينام
وحيدا ويستيقظ وحيدا ولا يفهم ما الذي حدث ليغيّرها
هكذا دون سابق إنذار.. هو يحاول التماسك وفهم ما
يعتريها ولكنها لا تمنحه الفرصة أبدا وتتهرب من
الجلوس معه دوما..
زفر بحنق وهو يستلقي مرة أخرى يفكر أن شهر العسل
تحوّل لمطاردة من جانبه وصمت مطبق من جانبها!
شرد بهذا اليوم الذي وافق به على تأجيل الزواج على
الرغم من عقد القران حتى أنه غادر المنزل من أجلها
بعدما آلمه قلبه عليها ومنها .
بعد حديثه مع شقيقه اتجه لغرفتها حتى يخبرها أنه لن
يجبرها على شيء أبدا ولكنه تجمّد مكانه وهو يسمعها
تقول لوالدته بنبرة باكية:
“يعني يا عمتو أنا مش زي أي بنت, نفسها تتخطب لفترة
وخطيبها يدلّعها ويزورها ويخرّجها؟ يجيبلها هدية ويعملها
مفاجأة مرة.. ليه مش قادرين تحسوا بيا؟! يعني عشان أنا
ماليش أهل هتحرم من كل حاجة بتحلم بيها البنات!”
ضمّتها عمتها بحب وهي تقول:”اخص عليكي يا جويرية
يعني احنا مش أهلك؟! نضال نفسه مش دايما تقوليلي
أن هو أبوكي وأمك وأخوكي وكل حاجة عندك!
ايه اللي حصل وخلّاكي تغيّري رأيك كده؟!
قوليلي بصراحة يا جويرية انتي مش عايزة
نضال؟ اوعي تكوني مغصوبة عليه عشان ماتزعلناش
او الكلام العبيط اللي انتي بتقوليه ده! اوعي تكوني
بتحبي اللي اسمه عمرو ده! صارحيني يا جويرية وانا
هعملك كل اللي انتي عايزاه”
“انا عمري ما حبيت غير نضال يا عمتو, وعمري ما اتخيلت
نفسي زوجة لحد غيره.. بس, أنا حاسة ان هو اللي مش
عايزني.. اتجوزني شفقة على حالي وال يمكن عشان
عرف اني بحبه فعطف عليا وقال اتجوزها الأقربون أولى
بالمعروف..”
ضحكت عمتها وهي تقول:”تصدقي اول مرة أعرف إنك
هبلة.. هو فيه حد بيتجوز شفقة يابنتي؟! افهمي ان
الرجالة مخلوقات أنانية جدا يعني لو مابيحبكيش
وعايزك له عمره ما هيتقدملك حتى لو انتي دايبه
في هواه.. نضال بيحبك ومن زمان اوي يا جويرية بس
هو غبي والصراحة انا كمان طلعت غبية اني ماخدتش
بالي من الحب ده.. عشان لو اخدت بالي كنت وعّيته
ولو اني عارفاه غبي وكان هيفضل يآوح برضه ويقول
جويرية بنتي واختي والكلام الاهبل ده..”
ضحكت جويرية لتختفي ضحكتها وهي تراه يدلف
للغرفة دون استئذان وكأن الأيام عادت بهما مرة أخرى
“انا بقول فلنكتفي بهذا القدر يا أمي لاحسن انتي
روّقتيني على الآخر, من فضلك سيبيني مع جويرية
لوحدنا شوية”
نهضت وهي ترمقه بتحذير ترجمه لسانها على الفور
“ماتتأخرش, مش عشان كتبت الكتاب خلاص”
ضحك بخفة وهو يرفع يده باستسلام:”حاضر يا أمي,
ولو اني بدأت أشك انتي أمي وال حماتي”
ابتسمت ترمقهما بحنو وهي تقول:”الاتنين, طول مانت
مريحها هتبقى ابني حبيبي, حاول بقى تزعّلها هتلاقي
الجزء التاني من حموات فاتنات على طول”
هتف بمرح:”لا وعلى ايه؟ الطيب احسن.. عمري مازعلها
ان شاء الله”
خرجت وتركتهما ليلتفت إلى جويرية التي أخفضت
بصرها للأرض وهو يقول بمرح بينما يقترب ليجلس
بجوارها على الفراش:”عمتك عايشة بدور الحما على
الآخر, شكلي هعجّل بجواز عمرو عشان تلاقي
حد تعمل عليه حما غيري”
ابتسمت لكلامه ولكنها لن ترفع بصرها ففلت منه
تنهيدة طويلة قبل أن يهمس لها:”مش مصدق يا جويرية
انك بقيتي خلاص مراتي.. حاسس اني بحلم حلم جميل
اوي ومش عايز أفوق منه أبدا”
توردت وجنتيها فحطت شفتيه على وجنتها القريبة منه
بعفوية وهو يهمس:”اممم لذيذة”
“نضال!”
همست بحشرجة فابتسم لخجلها وهو يقول:”قلب نضال,
برضه بتتكسفي؟ افكرك بقى لما كنتي….”
انتفضت قائلة بغيظ:”خلاص يا نضال, اهو ده عيب اللي