شتمت سل,مي صديق آسر “عليِ” بسرها هذا الاحمق سيفسد ما تخططه لكن لن تسمح بحدث ذ,لك؟!. و ظلت واقفة مختبأة خلف الجدار تنتظر سماع رد الآخر برفض قاطع بالعودة إلي درب الح,ب.
حملق بصديقه ببرود و أخذ نفس عميق زفره بهدوء ثم قال بغموض نبرته هادئة:
-أنـا فعلا لازم أسمع كويس بس لعقلي يا علي الح,ب ملوش مكان في حياتي بعد اللي حصل مش هستحمل و,,جع قلب تاني و ال,مرة دي هختار اللي تح,بني مش اللي قلبي دقلها و هنساها هنسي اللي بتدافع عنها ملهاش وجود في ذكرياتي حتي انمحت خلاص و انا اخدت قرار و هنفذه لأنه بر الأمان بالنسبة ليا.
غادر آسر بهيبة اعتاد الجميع عليها بينما غرز عليِ أنامله بخصلات شعره بغضب يلكم الجدار بقبضته هامساً من بين اسنانه بانفعال:
-غبــي!!!!!!
ثم انصرف هو الآخر لتخرج سل,مي من خلف الجدار تبتسم بسعادة لقد قرر البدء بعقله لكن ستجعله بقلبه ستحصل عليه هو ملكاً لها وحدها آسر الصيـاد سيكون لها وحدها و ها هي ستربح ال,معركة.
****************
قصر الصيـاد..
استضافت عش,ق رفيقتها و صديقتها مُني بالقصر بعد معاناة بإقناعها ان تأتي كي ترتاح فهي ل,م تبرح مكانها منذ أن دخل عمار ال,مشفي. تحايلت عليها كثيرا حتي وافقت علي مضض أن تقضي الليل معهم و تذهب إلي ابنها ال,مشفي بالنها,ر.
أتت مُني و معهاا صغيرها يوسف إزعاناً لرغبة صديقتها عش,ق كي لا تحزن منها و لكن هناك ما يمنعها ما فعلته ابنتها من أذي لهم. خجلت الذهاب و رؤية آسر زوج ابنتها كيف ستنظر له و ابنتها لاحقت الضرر بالجميع و ل,م تترك أحد. ل,م تكن يوماً الأم ال,مقربة من ابنتها بل كانت بعيدة كل البعد عنها و ل,م تفكر بها يوماً . هي حزينة من أجل ابنتها. قلب الأم ينهرها عن تخليها عن فلذة كبدها و عقلها يشجعها أنه الصواب و الحق ارزان تستحق أن تعاقب علي كل ما فعلته من اعمال تنافي ال,مبادئ و الأخلاق. همسة ابنتها بذ,لك اليوم مازالت تؤل,مها تُحيي قلب الأم لتعود بسر,عة تغليفه بقشرة الغضب و البرود تقوي ذاتها بصلابة.
عند,ما تزوجت من مصطفي الح,بيب الأول و الأخير و مالك قلبها تمنت ان تعيش معه حياة سعيدة وردية اللون مُزهرة بالح,ب و النعيم لكن تأتي الرياح بما لا تشتهيه السفن تعكر صفو الجميع بعاصفة قوية من مو,ت زوجها فجأة مغتالاً و هو عائداً لل,منزل بصح,بة ابنته. يليها قضاء شهور الحمل بابنها يوسف الصغير تبكي د,موعا علي فراق زوجها و انفطر قلبها حزنا علي إنجابها نطفة جديدة تسطر خطوط بازغة بقصة ح,ب.
ال,مؤل,م أن الحياة لا تعطي سوي فرصة واحدة وعليك التمسك بها و استغلالها جيداً. إذا ضاعت لن تعوض بغيرها. و إذا تمسكت بها فقد نلت ما تمنيه دائماً. هناك فجوة غامضة اتسعت بينها و بين ابنتها لن تنمحي بسهولة فهي ليست قل,م رصا,,ص يُسهل إزالته بال,ممحاة لتعود الصفحة ناصعة البياض. ما بينها و بين ابنتها رُسم بقل,م ح,بر علي ورق كي لا ينمحي. وهل تخلي الأم عن ابنتها بأصعب وقت تحتاجها به لجوارها ينمحي بهذه السهولة.
ابصرت عيناها القصر و مدي رفاهيته و تصميمه العتيق. كانت تجلس بالصالون علي أريكة يجلس بجانبها يوسف بوجه حزين و برئ. منذ اليوم الذي رأي فيه شقيقته وهو حزين عليها يؤمن ببراءتها التي ل,م يؤمن بها الجميع. جلست عش,ق لجوارها تربت علي يدها تمدها بالقوة علها تخفف عنها ما تشعر به من ضغوطات خلال الفتـرة ال,ماضية. بينما جلست سيلا و جنة جاورته,م الشقيقتان ال,مختلفتان علي الأريكة ال,مقابلة لها. بينما هناء فقد جلست جوار يوسف لينتصف مُني والدته و هناء زوجة خليل.
ل,م تتفـوه بكل,مة واحدة منذ أن أتت ثم حمحمت مني بحرج ثم قالت بصوت خافت خجول:
“مكنش ليه لزوم اسيب ال,مستشفي و عمار و آجي هنا يا عش,ق. أنا مكسوفة منـك عشـااان.. آآآ”
قطعت عش,ق كلامها بوجه مكفهر تغمغم بحدة و غضب طفيف:
“إيه اللي بتقوليه ده يا مني!. أنت هتقعدي معانا لحد ما عمار يقوم بالسلامة مينفعش أسيبك لوحدك في الظـروف الصعبة دا واجب الأصحاب و إحنا مش صحاب بس!. لاء إحنا أكتر من إخوات لبعض.”
تممت هناء علي حديث عش,ق قائلة بود لصُح,بة و صداقة كانت منبع لرمز الإخوة لسنـوات طويلة:
“عش,ق معاها حق يا مني. إحنـا لازم نقف جمبك دا واجبنا كفاية إننا منعرفش حاجة عنك بقالنا سنين بعد ما مصطفي مات واحنا منعرفش عنك حاجة إحنا اذ,نبنا ل,ما كملنا من غير ما نطمن عليكي يا مني”
نكست مني رأسها و قالت بد,موع ترقرقت بمقلتيها بانكسار بعد كل ما أذ,نبت به ابنتها ثم قالت بصوت متحشرج:
“حتي بعد اللي عملته أرزان فيكـم لسه واقفين جمبي إحنا منستحقش كل ده منكـم”
اندفعت سيلا بشفقة علي انكسار أُم تحمل نفسها اللوم علي خطيئة ابنتها و قالت:
“متتحمليش اللوم لوحدك. أنت مش مذ,نبة عشان تبقي مكسورة و مكسوفة اللي أذ,نب أرزان و هي دلوقتي بتتعاقب علي كل اللي عملتـه. أنت و يوسف و عمـار ملكمش ذ,نب عشان مش نقف جمبك بالعكس إحنا اول ناس لازم نكـون جنبك”.
ابتسمت مني بمرارة هناك فرق شاسع بين ابنتها و ابنة صديقتها مني فرق ما بين السماء و الأرض.. استدارت بوجهها إلي عش,ق و غمغمت ممتنة:
” ما شاء الله عرفتي تربي يا عش,ق بنتك في نفس طيية قلبك و حنيتك طالعة شبهك بالظبط ياريت كانت بنتي زيهاا ياريييت”
ابتسمت لها عش,ق بسمة باهتة في حين نطقت جنة مغيرة دفة الحديث إلي اتجاه آخر عند,ما اعتلي وجه الجميع الحزن و الأل,م فما حدث ل,م يكن هيناً بل كان كال,مطرقة يضر,,ب بهم دون مراعاة.. قالت بمرح:
“بس القدر كان لييه رأي تاني إن سامر يطلع صاح,ب عمار و احنا منعرفش و كأن مكتـوب نتقابل من كل ناحية عشان نتجمع. مين كان يصدق سامر أخويـا ال,مجنون يبقي عاقل من يوم ما اتعرف علي عمار”
ابتسمت عش,ق لابنة اخ زوجها بامتنان فغمزت جنة لها بخفية بينما استرسلت أيسل علي حديث جنة:
“دا من يوم ما شاف عمار في ال,مستشفي و هو رافض يسيبها لاء و كمان كل يوم يصحي بدري عشان يروحله ال,مستشفي ودا كان أكتر واحد كسول في البيت ده!”
ضمت مني ابنها الصغير يوسف لأح,ضانها و قالت بملامح وجه أشرقت بنبرة هادئة شكورة:
“انا في البداية استغربت إنهم يعرفوا بعض!. بس ل,ما عرفت من يوسف إنهم أصحاب في ال,مدرسة فرحت إنهم اتجمعوا من تاني.. دا غير إنه معـاه أصحابه وليد و رامي و تامر اللي بقوا شلة مع بعض بس أصحاب كويسة و جدعة”
تبادلوا الحديث في عدة مواضيع عن ذكريات قديمة جمعت بين الثلاثة. و حكايـات مضت علي الأبناء ل,م تشهدها الأخري و أيضا عن خطبة جواد و أيسل و زواج كلا ساجد و جنة حيث اتفق الجميع قب,ل ما حدث لارزان أن الزفاف سيقام بعد أسبوع من اليوم. شردت مني أن لو ابنتها ل,م ترتكب ذ,لك الذ,نب لكانت زوجة لـ آسر الصياد و سيصبح زفافهم مع الجميع و تهنأ مع ح,بيب الطفولة لكن كُتب بالصحف أن للقدر رأي آخر.
بنفس الوقت يلج خالد الصياد ومعه رجال العائلة و كان بجواره ابنه ساجد الذي يلح عليه في موضوعٍ ما بال,موافقة و لكن رأس والده كالصلب يابس رافضاً بشدة. اردف ساجد بإلحاح و نبرة توسل يرجو من والده:
“وافق يا بابا أنا اتمنيت اليوم ده من زمان و کمان دي رغبة جنة و البنات وطلبوا مني أرجووك خلينا نعمل الفرح في معاده اللي اتفقنا عليه”
إكفهرت ملامح خالد بانزعاج وغضب من تسر,ع ابنه فهو ل,م يهتم بالعوائق التي اصبحت تملئ البيت و اجاب بصوت عالٍ غاضب جذب انتباه الجميع له:
“قولتلك لاء يا ساجد مستحيل اوافق علي الهبل اللي انت بتقول عليه ده”
جذب انتباه الجميع صرا,,خ خالد بابنه لتنهض عش,ق واقفة واتجهت نحو زوجها و ابنها بقلق متساءلة بخوف و توتر فـ نادراً ما يصر,,خ خالد بأحد ابنائه فهو طوال الوقت بارد كالثلج:
“في إييه يا خالد بتزعق لساجد لييه؟.”
تقوس فم خالد بضيق عكس صوته الذي خرج سا,,خراً:
“البيه عايز يعمل فرحه في معاده و ناسي إن فيه مليون مصيبة في البيت و إن الظروف مش تسمح للي بيقول عليه”
قطبت جبينها بتعجب مشدوهة من رفضه و قالت مؤيدة لحديث ابنها فرغبة ابنها و سعادته الاولوية بحياتها:
“وفيها إيه ل,ما يعمله في معاده حتي نفرح و كفاية إنهم يبقوا مع بعض بعد ع,ذاب معترض علي إييه بس؟!.”
اشتد الغضب أضعافاً من تأييد زوجته لرغبة حمقاء لابنهما و صاح باهتياج منفعلاً:
“بتسألي فيه إييه؟. في عز ال,مصايب دي و عايزاه يتجوز و يفرح و أنا ابقي سعيد!. إزاي و بنت صاح,ب عمري في م
ة و التاني في غيبوبة. ال,مفروض تفكروا كويس و ترفضوا الهبل ده”
ل,م ينتبه أنه أعاد فتح جر,,ح مني علي أبنائها الابنة الكبيرة خلف القضبان سجينة لقضايا شنيعة و الابن الثاني راقد أسرة ال,مشفي لا يعي ل,ما يحدث حوله و الصغير رافض الحديث مع أحد ل,م ينطق ببنث شفة بل ظل صامتاً علي حاله كالجماد لا يتحرك يبقي ساكناً بمحله أينما تركته.
تفوهت مني بنبرة هادئة و ابتسامة مزيفة علي شفتيها في حين نطقت عيناها بالحزن و الأل,م بداخل قلبهاا:
“مترفضش طلبهم يا خالد و تقف في طريق سعادته,م
و فرحته,م الح,ب عمره ما يتعوض و ولادك مش تشيلهم ذ,نب بنتي و تحرمهم من الفرصة!. دول مستنين اللحظة دي من زمان. و لو قلقان إني ازعل بالعكس هكون مبسوطة ليهم انا بعتبر ولادك زي ولادي بالظبط. و مفيش أم هتبقي زعلانة ل,ما تش,وف ولادها مش مبسوطين في حياته,م.. و عالعمـوم أنا هكـون أول ال,معزومين و هح,ضر الفرح كماان. بس أرجوك وافق و متكسرش قلبهم دا ليلة واحدة في العمر مش هتكرر”
استشعر الأل,م بعيناها رغم صمود صوتها. بينما خجلت عش,ق من اندفاعها و انسياقها وراء مشاعر الأمومة متناسية مني صديقتها و أنه لا يصح السير وراء رغبة ابنتها في مثل هذه الظروف العصيبة. بينما تنهد خالد حائراً أيوافق علي رغبة الجميع؟!. أم يرفص حتي ينتهي من معاناة ابنة صديقه مصطفي.
حسم قراره و اخذ نفس عميق زفره ببطء يوزع أنظاره بين الجميع ليخرج صوته حازماً و صارماً تزامناً مع مجيئ ابنه الصغير آسر معلناً قراره:
“أنـا موافق إننا نعمل الفرح في معاده عشان خاطر مني بس و إنها طلبت مني لكن غير كده عمري ما كنت هوافق”
تهللت أسارير الجميع بسعادة من ذ,لك الخبر أما آسر فـ صاح صوته بنبرة جليدية صلبة لا تنم عن وجود أي مشاعر:
“و أنا قررت أخطب روفـان مع فرح جواد و ساجد يا بابا”.
******************* وحشني جداااا جداااا
يتبع